الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمِنْهَا لَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ بِمَالٍ لِزَيْدٍ عَلَى عَمْرٍو ثُمَّ رَجَعَا وَقَدْ قَبَضَهُ زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو ثُمَّ وَهَبَهُ لَهُ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُمَا الضَّمَانُ، وَلَوْ كَانَ دَيْنًا فَأَبْرَأَهُ مِنْهُ قَبْلَ قَبْضِهِ ثُمَّ رَجَعَا لَمْ يَلْزَمْهُمَا شَيْءٌ ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ وَلَمْ يُخَرِّجْهُ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْمَسَائِلِ الْأُولَى لِأَنَّ الضَّمَانَ لَزِمَهُمَا بِوُجُوبِ التَّغْرِيمِ وَعَوْدِ الْعَيْنِ إلَى الْغَارِمِ مِنْ الْمَحْكُومِ لَهُ بِهِبَةٍ لَا يُوجِبُ الْبَرَاءَةَ كَمَا لَا يَبْرَأُ الْغَاصِبُ بِمِثْلِ ذَلِكَ فِي الرَّدِّ إلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ لِتَحَمُّلِ مِنَّتِهِ نَعَمْ يَتَخَرَّجُ الْقَوْلُ بِسُقُوطِ الضَّمَانِ هُنَا إذَا قُلْنَا بِبَرَاءَةِ الْغَاصِبِ بِإِعَادَةِ الْمَالِ إلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ هِبَةً لِأَنَّهُمَا اعْتَرَفَا بِأَنَّهُ قَبَضَهُ عُدْوَانًا ثُمَّ رَدَّهُ إلَيْهِ هِبَةً، وَأَمَّا إذَا أَبْرَأَهُ مِنْهُ قَبْلَ الْقَبْضِ فَلَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى شَهَادَتِهِمَا غُرْمٌ فَلِذَلِكَ سَقَطَ عَنْهُمَا الضَّمَانُ.
وَمِنْهَا لَوْ قَضَى الضَّامِنُ الدَّيْنَ ثُمَّ وَهَبَهُ الْغَرِيمُ مَا قَضَاهُ بَعْدَ قَبْضِهِ فَهَلْ يَرْجِعُ عَلَى الْمَضْمُونِ عَنْهُ؟ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ.
وَلِهَذَا قَالُوا لَوْ قَضَى الدَّيْنَ بِنَقِيضِهِ لَمْ يَرْجِعْ إلَّا بِمَا قَضَى وَجَعَلُوهُ كَالْمُقْرِضِ لَا يَرْجِعُ إلَّا بِمَا غَرِمَ لَكِنَّ هَذَا فِي الْإِبْرَاءِ وَالْمُسَامَحَةِ ظَاهِرٌ فَأَمَّا إنْ قَضَى الدَّيْنَ لِكَمَالِهِ ثُمَّ وَهَبَهُ الْغَرِيمُ مِنْهُ فَلَا يَبْعُدُ تَخْرِيجُهُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ.
[الْقَاعِدَةُ الثَّامِنَةُ وَالسِّتُّونَ إيقاع الْعِبَادَاتِ أَوْ الْعُقُودِ أَوْ غَيْرِهِمَا مَعَ الشَّكِّ فِي شَرْطِ صِحَّتِهَا]
(الْقَاعِدَةُ الثَّامِنَةُ وَالسِّتُّونَ) : إيقَاعُ الْعِبَادَاتِ أَوْ الْعُقُودِ أَوْ غَيْرِهِمَا مَعَ الشَّكِّ فِي شَرْطِ صِحَّتِهَا هَلْ يَجْعَلُهَا كَالْمُعَلَّقَةِ عَلَى تَحْقِيقِ ذَلِكَ الشَّرْطِ أَمْ لَا؟ هِيَ نَوْعَانِ:
أَحَدُهُمَا مَا يُشْتَرَطُ فِيهِ النِّيَّةُ الْجَازِمَةُ
فَلَا يَصِحُّ إيقَاعُهُ بِهَذَا التَّرَدُّدِ مَا لَمْ يَكُنْ الشَّكُّ غَلَبَةَ ظَنٍّ تَكْفِي مِثْلَهُ فِي إيقَاعِ الْعِبَادَةِ أَوْ الْعَقْدِ كَغَلَبَةِ الظَّنِّ بِدُخُولِ الْوَقْتِ وَطَهَارَةِ الْمَاءِ وَالثَّوْبِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
وَمِنْ أَمْثِلَةِ ذَلِكَ إذَا صَلَّى يَظُنُّ نَفْسَهُ مُحْدِثًا فَتَبَيَّنَ مُتَطَهِّرًا.
وَمِنْهَا لَوْ شَكَّ هَلْ ابْتَدَأَ [مُدَّةَ] مَسْحِ الْخُفَّيْنِ فِي السَّفَرِ أَوْ الْحَضَرِ فَمَسَحَ يَوْمًا آخَرَ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْحَضَرِ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ ابْتَدَأَهَا فِي السَّفَرِ لَزِمَهُ إعَادَةُ الصَّلَاةِ بِالشَّكِّ وَهَلْ يَلْزَمُهُ إعَادَةُ الْوُضُوءِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: لَا يَلْزَمُهُ وَبِهِ جَزَمَ فِي الْمُغْنِي لِأَنَّ الْوُضُوءَ يَصِحُّ مَعَ الشَّكِّ فِي سَبَبِهِ كَمَنْ شَكَّ فِي الْحَدَثِ فَتَوَضَّأَ يَنْوِي رَفْعَهُ ثُمَّ تَبَيَّنَ مُحْدِثًا.
وَالثَّانِي: يَلْزَمُهُ لِأَنَّ الْمَسْحَ رُخْصَةٌ وَلَمْ تَتَحَقَّقْ إبَاحَتُهَا فَلَمْ يَصِحَّ كَمَنْ قَصَرَ وَهُوَ يَشُكُّ فِي جَوَازِ الْقَصْرِ.
وَمِنْهَا [لَوْ تَوَضَّأَ مِنْ إنَاءٍ مُشْتَبَهٍ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ طَاهِرٌ لَمْ تَصِحَّ طَهَارَتُهُ فِي الْمَشْهُورِ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحُسَيْنِ يَصِحُّ وَهُوَ يَرْجِعُ إلَى أَنَّ الْجَزْمَ بِصِحَّةِ الْوُضُوءِ لَا يُشْتَرَطُ كَمَا سَبَقَ] .
وَمِنْهَا لَوْ تَوَضَّأَ شَاكًّا فِي الْحَدَثِ أَوْ صَلَّى مَعَ غَلَبَةِ ظَنِّهِ بِدُخُولِ الْوَقْتِ وَنَوَى الْفَرْضَ إنْ كَانَ مُحْدِثًا أَوْ الْوَقْتُ قَدْ دَخَلَ وَإِلَّا
فَالتَّجْدِيدُ أَوْ النَّفَلُ، فَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ لِأَنَّ هَذَا حُكْمُهُ وَلَوْ لَمْ يَنْوِهِ، فَإِذَا نَوَاهُ لَمْ يَضُرَّهُ.
وَمِنْهَا لَوْ كَانَ لَهُ مَال حَاضِرٌ وَغَائِبٌ فَأَدَّى زَكَاةً وَنَوَى أَنَّهَا عَنْ الْغَائِبِ إنْ كَانَ سَالِمًا وَإِلَّا فَتَطَوُّعٌ فَبَانَ سَالِمًا أَجْزَأَهُ لِمَا ذَكَرْنَا وَحُكِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يُخْلِصْ النِّيَّةَ عَنْ الْفَرْضِ.
وَيَتَخَرَّجُ مِنْهُ وَجْهٌ فِي الَّتِي قَبْلَهَا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ وَأَوْلَى لِأَنَّ هُنَاكَ لَمْ يَبْنِ عَلَى أَصْلٍ مُسْتَصْحَبٍ وَلَكِنَّهُ بَنَى عَلَى غَلَبَةِ ظَنٍّ بِدُخُولِ الْوَقْتِ وَهُوَ يَكْفِي فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ.
وَمِنْهَا إذَا نَوَى لَيْلَةَ الشَّكِّ إنْ كَانَ غَدًا مِنْ رَمَضَانَ فَهُوَ فَرْضٌ وَإِلَّا فَهُوَ نَفْلٌ.
فَهَلْ يُجْزِئُهُ عَنْ رَمَضَانَ إنْ وَافَقَ؟ يَنْبَنِي عَلَى أَنَّ نِيَّةَ التَّعْيِينِ هَلْ تُشْتَرَطُ لِرَمَضَانَ فَإِنْ قُلْنَا تُشْتَرَطُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ لَمْ يُجْزِئْهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْزِمْ بِالتَّعْيِينِ وَلَمْ يَبْنِ عَلَى أَصْلٍ مُسْتَصْحَبٍ يَجُوزُ الصِّيَامُ فِيهِ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الزَّكَاةِ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ نَوَى لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مِنْ رَمَضَانَ إنْ كَانَ غَدًا مِنْ رَمَضَانَ فَأَنَا صَائِمٌ عَنْهُ وَإِلَّا فَأَنَا مُفْطِرٌ فَإِنَّهُ يَصِحُّ صِيَامُهُ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ لِأَنَّهُ بُنِيَ عَلَى أَصْلٍ لَمْ يَثْبُتْ زَوَالُهُ وَلَا يَقْدَحُ تَرَدُّدَهُ لِأَنَّهُ حُكْمُ صَوْمِهِ مَعَ الْجَزْمِ.
وَالثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ لَا يُجْزِئُهُ لِلتَّرَدُّدِ، وَنَقَلَ صَالِحٌ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ النِّيَّةُ الْمُتَرَدِّدَةُ مَعَ الْغَيْمِ دُونَ الصَّحْوِ لِأَنَّ الصَّوْمَ مَعَ الْغَيْمِ لَا يَخْلُو مِنْ تَرَدُّدٍ يُنَافِي الْجَزْمَ فَإِذَا تَرَدَّدَتْ النِّيَّةُ فَقَدْ نَوَى حُكْمَ الصَّوْمِ فَلَا يَضُرُّهُ بِخِلَافِ حَالَةِ الصَّحْوِ فَإِنَّهُ لَا يَحْتَاجُ فِيهَا إلَى التَّرَدُّدِ.
وَالنَّوْعُ الثَّانِي مَا لَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ جَازِمَةٍ
فَالصَّحِيحُ فِيهِ الصِّحَّةُ وَقَدْ سَبَقَ مِنْ أَمْثِلَتِهِ إذَا نُكِحَتْ امْرَأَةُ الْمَفْقُودِ قَبْلَ أَنْ يَجُوزَ لَهَا النِّكَاحُ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ جَائِزًا فَفِي الصِّحَّةِ وَجْهَانِ.
وَمِنْهَا لَوْ كَانَ عِنْدَ رَجُلٍ دَنَانِيرُ وَدِيعَةً فَصَارَفَهُ عَلَيْهَا وَهُوَ يَجْهَلُ بَقَاءَهَا فَفِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ تَالِفَةً فَتَكُونُ مُصَارَفَةً عَلَيْهَا وَهِيَ فِي الذِّمَّةِ وَلَا حَاضِرَةً فَتَكُونُ مُصَارَفَةً عَلَى عَيْنٍ.
وَالثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَقِيلٍ أَنَّهُ يَصِحُّ لِأَنَّ الْأَصَحَّ بَقَاؤُهَا فَصَارَ كَبَيْعِ الْحَيَوَانِ الْغَائِبِ بِالصِّفَةِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ مَعَ احْتِمَالِ تَلَفِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فَإِنْ كَانَتْ بَاقِيَةً تَقَابَضَا وَصَحَّ الْعَقْدُ وَإِنْ كَانَتْ تَالِفَةً تَبَيَّنَ بُطْلَانُ الْعَقْدِ، وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ صَحِيحٌ إذَا تَلِفَتْ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ فَأَمَّا إنْ تَلِفَتْ تَلَفًا مَضْمُونًا فِي الذِّمَّةِ فَيَنْبَنِي عَلَى تَعْيِينِ النُّقُودِ بِالتَّعْيِينِ فَإِنْ قُلْنَا يَتَعَيَّنُ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ وَإِلَّا صَحَّ وَقَامَتْ الدَّنَانِيرُ الَّتِي فِي الذِّمَّةِ مَقَامَ الْوَدِيعَةِ لَا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يُشْتَرَطُ فِيهِ لِلصَّرْفِ التَّعْيِينُ فَلَا يَصِحُّ عَلَى مَا فِي الذِّمَّةِ.
وَمِنْهَا لَوْ وَكَّلَهُ فِي شِرَاءِ جَارِيَةٍ فَاشْتَرَاهَا لَهُ ثُمَّ جَحَدَ الْمُوَكِّلُ الْوِكَالَةَ فَأَرَادَ الْوَكِيلُ أَنْ يَشْتَرِيَهَا مِنْهُ فَلَمْ يَعْتَرِفْ بِالْمِلْكِ ثُمَّ قَالَ لَهُ إنْ كُنْتُ أَذِنْت لَك فِي شِرَائِهَا فَقَدْ بِعْتُكَهَا فَهَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا؟ عَلَى
وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: لَا يَصِحُّ لِأَنَّ الْبَيْعَ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي وَابْنِ عَقِيلٍ.
وَالثَّانِي: يَصِحُّ ذَكَرَهُ فِي الْكَافِي احْتِمَالًا لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ عَلَى شَرْطٍ وَاقِعٍ يَعْلَمَانِهِ فَلَا يُؤَثِّرُ ذِكْرُهُ فِي الْعَقْدِ كَمَا لَوْ قَالَ بِعْتُك هَذِهِ إنْ كَانَتْ جَارِيَةً وَيَشْهَدُ لَهُ نَصَّ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ بِصِحَّةِ بَيْعِ الْغَائِبِ إنْ كَانَ سَالِمًا فَإِنَّ هَذَا مُقْتَضَى إطْلَاقِ الْعَقْدِ فَلَا يَضُرُّ تَعْلِيقُ الْبَيْعِ [عَلَيْهِ] .
وَمِنْهَا الرَّجْعَةُ فِي عَقْدِ نِكَاحٍ شُكَّ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ فِيهِ قَالَ أَصْحَابُنَا هِيَ رَجْعَةٌ صَحِيحَةٌ رَافِعَةٌ لِلشَّكِّ وَهِيَ الْمَسْأَلَةُ الَّتِي أَفْتَى فِيهَا شَرِيكٌ بِأَنَّهُ يُطَلِّقُ ثُمَّ يُرَاجِعُ وَمَأْخَذُهُ أَنَّ الرَّجْعَةَ مَعَ الشَّكِّ فِي الطَّلَاقِ يُصَيِّرُهَا كَالْمُعَلَّقَةِ عَلَى شَرْطٍ وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا فَلَا يَصِحُّ تَمْثِيلُ قَوْلِهِ بِمَنْ شَكَّ فِي نَجَاسَةِ ثَوْبِهِ فَأَمَرَ بِتَنْجِيسِهِ ثُمَّ يَغْسِلُهُ وَكَذَلِكَ لَمْ يُصِبْ مَنْ أَدْخَلَ قَوْلَهُ فِي أَخْبَارِ الْمُغَفَّلِينَ فَإِنَّ مَأْخَذَهُ فِي ذَلِكَ خَفِيٌّ عَنْهُ فَأَمَّا الرَّجْعَةُ مَعَ الشَّكِّ فِي حُصُولِ الْإِبَاحَةِ بِهَا كَمَنْ طَلَّقَ وَشَكَّ هَلْ طَلَّقَ ثَلَاثًا أَوْ وَاحِدَةً ثُمَّ رَاجَعَ فِي الْعِدَّةِ فَيَصِحُّ عِنْدَ أَكْثَرِ أَصْحَابِنَا هَهُنَا لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ النِّكَاحِ وَقَدْ شَكَّ فِي انْقِطَاعِهِ [وَالرَّجْعَةُ اسْتِيفَاءٌ لَهُ فَصَحَّ مَعَ الشَّكِّ فِي انْقِطَاعِهِ] وَعِنْدَ الْخِرَقِيِّ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ قَدْ تَيَقَّنَ سَبَبَ التَّحْرِيمِ وَهُوَ الطَّلَاقُ فَإِنَّهُ إنْ كَانَ ثَلَاثًا فَقَدْ حَصَلَ التَّحْرِيمُ بِدُونِ زَوْجٍ وَأَصَابَهُ وَإِنْ كَانَ وَاحِدَةً فَقَدْ حَصَلَ بِهِ التَّحْرِيمُ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ بِدُونِ عَقْدٍ جَدِيدٍ فَالرَّجْعَةُ فِي الْعِدَّةِ لَا يَحْصُلُ بِهَا الْحِلُّ إلَّا عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ فَقَطْ فَلَا يَزُولُ الشَّكُّ مُطْلَقًا فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّ تَيَقُّنَ سَبَبِ وُجُودِ التَّحْرِيمِ مَعَ الشَّكِّ فِي وُجُودِ الْمَانِعِ مِنْهُ يَقُومُ مَقَامَ تَحَقُّقِ وُجُودِ الْحُكْمِ مَعَ الشَّكِّ فِي وُجُودِ الْمَانِعِ فَيُسْتَصْحَبُ حُكْمُ [وُجُودِ] السَّبَبِ كَمَا يُعْمَلُ بِالْحُكْمِ وَيُلْغَى الْمَانِعُ الْمَشْكُوكُ فِيهِ كَمَا يُلْغَى مَعَ تَيَقُّنِ وُجُودِ حُكْمِهِ وَقَدْ اسْتَشْكَلَ كَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ كَلَامَ الْخِرَقِيِّ فِي تَعْلِيلِهِ بِأَنَّهُ تَيَقَّنَ التَّحْرِيمَ وَشَكَّ فِي التَّحْلِيلِ فَظَنُّوا أَنَّهُ يَقُولُ بِتَحْرِيمِ الرَّجْعَةِ وَلَيْسَ بِلَازِمٍ لِمَا ذَكَرْنَا
وَمِنْهَا لَوْ حَكَمَ حَاكِمٌ فِي مَسْأَلَةٍ مُخْتَلَفٍ فِيهَا بِمَا يَرَى أَنَّ الْحَقَّ فِي غَيْرِهِ أَثِمَ وَعَصَى بِذَلِكَ وَلَمْ يُنْقَضْ حُكْمُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُخَالِفًا لِنَصٍّ صَرِيحٍ ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى وَقَالَ السَّامِرِيُّ بَلْ يُنْقَضُ حُكْمُهُ لِأَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ الْحُكْمِ مُوَافَقَةُ الِاعْتِقَادِ، وَلِهَذَا لَوْ حَكَمَ بِجَهْلٍ لَنُقِضَ حُكْمُهُ مَعَ أَنَّهُ لَا يَعْتَقِدُ بُطْلَانَ مَا حَكَمَ بِهِ فَإِذَا اعْتَقَدَ بُطْلَانَهُ فَهُوَ بِالرَّدِّ أَوْلَى وَلِلْأَصْحَابِ وَجْهَانِ فِيمَا يُنْقَضُ فِيهِ حُكْمُ الْجَاهِلِ وَالْفَاسِقِ أَحَدُهُمَا تُنْقَضُ جَمِيعَ أَحْكَامِهِ لِفَقْدِ أَهْلِيَّتِهِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي الْخَطَّابِ وَغَيْرِهِ.
وَالثَّانِي: تُنْقَضُ كُلُّهَا إلَّا مَا وَافَقَ الْحَقَّ الْمَنْصُوصُ وَالْمُجْمَعَ عَلَيْهِ وَيُنْقَضُ مَا وَافَقَ الِاجْتِهَادَ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ وَهُوَ اخْتِيَارُ صَاحِبِ الْمُغْنِي وَيُشْبِهُ هَذَا الْقَوْلَ فِي الْوَصِيِّ الْفَاسِقُ إذَا قَسَّمَ الْوَصِيَّةَ فَإِنْ أَعْطَى الْحُقُوقَ لِمُسْتَحِقٍّ مُعَيَّنٍ يَصِحُّ قَبْضُهُ لَمْ يَضْمَنْهُ لِأَنَّهُ يَجِبُ إيصَالُهُ إلَيْهِ وَقَدْ حَصَلَ وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ فَوَجْهَانِ.