الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلَى أَثْنَاءِ الْعَامِ الَّذِي بَعْدَهُ لَمْ يَسْتَحِقَّ مِنْهُ مَنْ تَجَدَّدَ اسْتِحْقَاقُهُ فِي عَامِ الْإِدْرَاكِ وَاسْتَحَقَّ مِنْهُ مَنْ مَاتَ فِي الْعَامِ الَّذِي قَبْلَهُ وَبِنَحْوِ ذَلِكَ أَفْتَى الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله.
وَأَفْتَى الشَّيْخُ شَمْسُ الدِّينِ بْنُ أَبِي عُمَرَ بِأَنَّ الِاعْتِنَاءَ فِي ذَلِكَ بِسَنَةِ المغل دُونَ السَّنَةِ الْهِلَالِيَّةِ فِي جَمَاعَةٍ مُقِرِّينَ فِي نَزِيهٍ حَصَلَ لَهُمْ حَاصِلٌ مِنْ قَرْيَتِهِمْ الْمَوْقُوفَةِ عَلَيْهِمْ يَطْلُبُونَ أَنْ يَأْخُذُوا مَا اسْتَحَقُّوهُ عَنْ الْمَاضِي وَهُوَ مغل سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ مَثَلًا فَهَلْ يَصْرِفُ إلَيْهِمْ النَّاظِرُ بِحِسَابِ سَنَةِ المغل مَعَ أَنَّهُ قَدْ نَزَلَ بَعْدَ هَؤُلَاءِ الْمُتَقَدِّمِينَ جَمَاعَةٌ شَارَكُوا فِي حِسَابِ سَنَةِ المغل فَإِنْ أَخَذَ أُولَئِكَ عَلَى حِسَابِ السَّنَةِ الْهِلَالِيَّةِ لَمْ يَبْقَ لِلْمُتَأَخِّرِينَ إلَّا شَيْءٌ يَسِيرٌ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا يُحْتَسَبُ إلَّا بِسَنَةِ المغل دُونَ الْهِلَالِيَّةِ وَوَافَقَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَفِيَّةِ عَلَى ذَلِكَ.
[الْقَاعِدَةُ الرَّابِعَة وَالثَّمَانُونَ الْحَمْلُ هَلْ لَهُ حُكْمٌ قَبْل انْفِصَالِهِ أَمْ لَا]
[الْأَحْكَامَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِالْحَمْلِ نَوْعَانِ]
[النَّوْع الْأَوَّل مَا يَتَعَلَّقُ بِسَبَبِ الْحَمْلِ بِغَيْرِهِ]
(الْقَاعِدَةُ الرَّابِعَة وَالثَّمَانُونَ) : الْحَمْلُ هَلْ لَهُ حُكْمٌ قَبْل انْفِصَالِهِ أَمْ لَا؟ حَكَى الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُمَا فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَيْنِ قَالُوا وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ لَهُ حُكْمًا وَهَذَا الْكَلَامُ عَلَى إطْلَاقِهِ قَدْ يَسْتَشْكِلُ فَإِنَّ الْحَمْلَ يَتَعَلَّقُ بِهِ أَحْكَامٌ كَثِيرَةٌ ثَابِتَةٌ بِالِاتِّفَاقِ مِثْلُ عَزْلِ الْمِيرَاثِ لَهُ وَصِحَّةِ الْوَصِيَّةِ لَهُ وَوُجُوبِ الْغُرَّةِ بِقَتْلِهِ وَتَأْخِيرِ إقَامَةِ الْحُدُودِ وَاسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ مِنْ أُمِّهِ حَتَّى تَضَعَهُ وَإِبَاحَةِ الْفِطْرِ لَهَا إذَا خَشِيتَ عَلَيْهِ وَوُجُوبِ النَّفَقَةِ لَهَا إذَا كَانَتْ بَائِنًا وَإِبَاحَةِ طَلَاقِهَا وَإِنْ كَانَتْ مَوْطُوءَةً فِي ذَلِكَ الطُّهْرِ قَبْلَ ظُهُورِهِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَحْكَامِ وَلَمْ يُرِيدُوا إدْخَالَ مِثْلِ هَذِهِ الْأَحْكَامِ فِي مَحَلِّ الرِّوَايَتَيْنِ، وَفَصْلُ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْأَحْكَامَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِالْحَمْلِ نَوْعَانِ: أَحَدُهُمَا: مَا يَتَعَلَّقُ بِسَبَبِ الْحَمْلِ بِغَيْرِهِ
فَهَذَا ثَابِتٌ بِالِاتِّفَاقِ لِأَنَّ الْأَحْكَامَ الشَّرْعِيَّةَ تَتَعَلَّقُ عَلَى الْأَسْبَابِ الظَّاهِرَةِ فَإِذَا ظَهَرَتْ أَمَارَةُ الْحَمْلِ كَانَ وُجُودُهُ هُوَ الظَّاهِرُ فَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ أَحْكَامُهُ فِي الظَّاهِرِ فَإِنْ خَرَجَ حَيًّا تَبَيَّنَّا ثُبُوتَ تِلْكَ الْأَحْكَامِ فِي الْبَاطِنِ وَإِنْ بَانَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ حَمْلٌ أَوْ خَرَجَ مَيِّتًا تَبَيَّنَّا فَسَادَ مَا يَتَعَلَّقُ مِنْ الْأَحْكَامِ بِهِ أَوْ بِحَيَاتِهِ كَإِرْثِهِ وَوَصِيَّتِهِ وَهَذِهِ الْأَحْكَامُ كَثِيرَةٌ جِدًّا وَبَعْضُهَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَبَعْضُهَا فِيهِ اخْتِلَافٌ فَمِنْ أَحْكَامِهِ إذَا مَاتَتْ كَافِرَةً وَفِي بَطْنِهَا حَمْلٌ مَحْكُومٌ بِإِسْلَامِهِ لَمْ يُدْفَنْ فِي مَقَابِرِ الْكُفَّارِ لِحُرْمَةِ الْحَمْلِ.
وَمِنْهَا إخْرَاجُ الْفِطْرَةِ عَنْ الْحَمْلِ وَهِيَ مُسْتَحَبَّةٌ وَفِي وُجُوبِهَا طَرِيقَانِ لِلْأَصْحَابِ مِنْهُمْ مَنْ جَزَمَ بِنَفْيِ الْوُجُوبِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَانِ.
وَمِنْهَا: فِطْرُ الْحَامِلِ إذَا خَافَتْ عَلَى جَنِينِهَا مِنْ الصَّوْمِ وَيَجِبُ عَلَيْهَا الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ وَهَلْ الْكَفَّارَةُ مِنْ مَالِهَا أَوْ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَنْ يَلْزَمُهُ نَفَقَةُ
الْحَمْلِ؟ عَلَى احْتِمَالَيْنِ ذَكَرَهُمَا ابْنُ عَقِيلٍ فِي فُنُونِهِ.
وَمِنْهَا: إذَا اشْتَرَى جَارِيَةً فَبَانَتْ حَامِلًا فَنَصَّ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّ الْبَائِعَ إنْ أَقَرَّ بِوَطْئِهَا رُدَّتْ إلَيْهِ لِأَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ لَهُ وَإِنْ أَنْكَرَ فَإِنْ شَاءَ الْمُشْتَرِي رَدَّهَا وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَرُدَّهَا فَأُبْطِلَ الْبَيْعُ مَعَ إقْرَارِ الْبَائِعِ بِالْوَطْءِ بِمُجَرَّدِ تَبَيُّنِ الْحَمْلِ وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: عِنْدِي لَا يَجِبُ الرَّدُّ حَتَّى تَضَعَ مَا تَصِيرُ بِهِ الْأَمَةُ أُمَّ وَلَدٍ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ وَهَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِنَا بِصِحَّةِ الْبَيْعِ قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ فَأَمَّا عَلَى الرِّوَايَةِ فَالْبَيْعُ مِنْ أَصْلِهِ بَاطِلٌ لِعَدَمِ اسْتِبْرَاءِ الْبَائِعِ.
(وَمِنْهَا) لَوْ وَطِئَ الرَّاهِنُ أَمَتَهُ الْمَرْهُونَةَ فَأَحْبَلَهَا خَرَجَتْ مِنْ الرَّهْنِ وَلَزِمَهُ قِيمَتُهَا تَكُونُ رَهْنًا كَذَا قَالَهُ كَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ يَتَأَخَّرُ الضَّمَانُ حَتَّى تَضَعَ فَيَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا يَوْمَ أَحَبَلَهَا.
وَمِنْهَا: إذَا وَطِئَ جَارِيَةً مِنْ الْمَغْنَمِ فَحَمَلَتْ فَإِنَّهَا تُقَوَّمُ عَلَيْهِ فِي الْحَالِ وَتَصِيرُ مُسْتَوْلَدَةً لَهُ، هَذَا هُوَ الْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ وَقَالَ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ لَا تَصِيرُ مُسْتَوْلَدَةً بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْغَنِيمَةَ لَا تُمْلَكُ بِدُونِ الْقِسْمَةِ لَكِنْ يُمْنَعُ مِنْ بَيْعِهَا لِكَوْنِهَا حَامِلًا بِحُرٍّ وَلَا يُؤَخَّرُ قِسْمَتُهَا فَتَعَيَّنَ أَنْ يُحْسَبَ عَلَيْهِ مِنْ نَصِيبِهِ كَذَلِكَ.
وَمِنْهَا: إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ كُنْت حَامِلًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَالْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةٍ أَنَّهُ يَنْظُرُ إلَيْهَا النِّسَاءُ فَإِنْ خَفِيَ عَلَيْهِنَّ فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِتِسْعَةِ أَشْهُرٍ أَوْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ حَنِثَ فَأَوْقَعَ الطَّلَاقَ بِشَهَادَةِ النِّسَاءِ بِالْحَمْلِ أَوْ بِوِلَادَتِهَا لِغَالِبِ مُدَّةِ الْحَمْلِ عِنْدَ خَفَائِهِ وَصَحَّحَ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ مِنْ الْجَامِعِ هَذِهِ الرِّوَايَةَ وَقَالَ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ إنْ وَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْ نِهَايَةِ مُدَّةِ الْحَمْلِ لَمْ تَطْلُقْ وَإِنْ وَلَدَتْ لِدُونِ أَكْثَرِ مُدَّةِ الْحَمْلِ فَإِنْ كَانَ لَمْ يَطَأْهَا بَعْدَ الْيَمِينِ طَلُقَتْ وَإِنْ وَطِئَهَا بَعْدَ الْيَمِينِ فَإِنْ وَلَدَتْ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ أَوَّلِ الْوَطْءِ طَلُقَتْ وَإِنْ وَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْهُ فَوَجْهَانِ أَشْهَرُهُمَا لَا تَطْلُقُ وَجَعَلَهُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ وَجْهًا وَاحِدًا لِاحْتِمَالِ الْعُلُوقِ بِهِ مِنْ الْوَطْءِ الْمُتَجَدِّدِ.
وَالثَّانِي: تَطْلُقُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ لَا تَطْلُقُ حَتَّى تَضَعَهُ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ بِكُلِّ حَالٍ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ وُجُودُهُ عِنْدَ الْيَمِينِ بِدُونِ ذَلِكَ وَالطَّلَاقُ لَا يَقَعُ مَعَ الشَّكِّ وَالِاحْتِمَالِ.
وَمِنْهَا: إذَا كَانَ لِرَجُلٍ زَوْجَةٌ لَهَا وَلَدٌ مِنْ غَيْرِهِ فَمَاتَ وَلَا أَبَ لَهُ وَقَدْ كَانَ تَقَدَّمَ مِنْ الزَّوْجِ وَطْءُ هَذِهِ الزَّوْجَةِ فَإِنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ وَطْئِهَا بَعْدَ مَوْتِ وَلَدِهَا حَتَّى يَتَبَيَّنَ هَلْ هِيَ حَامِلٌ مِنْ وَطْئِهِ الْمُتَقَدِّمِ أَمْ لَا لِأَجْلِ مِيرَاثِ الْحَمْلِ مِنْ أَخِيهِ، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ عَبْدٌ تَحْتَهُ حُرَّةٌ قَدْ وَطِئَهَا وَلَهُ أَخٌ حُرٌّ فَيَمُوتُ أَخُوهُ الْحُرُّ فَإِنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ وَطْءِ زَوْجَتِهِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ هَلْ هِيَ حَامِلٌ أَمْ لَا لِأَجْلِ مِيرَاثِ الْحَمْلِ مِنْ عَمِّهِ ثُمَّ إنْ جَاءَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ حِينِ الْمَوْتِ فَإِنَّهُ يَرِثُ بِلَا إشْكَالٍ وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَلِأَقَلَّ مِنْ أَكْثَرِ مُدَّةِ الْحَمْلِ فَإِنْ كَفَّ الزَّوْجُ عَنْ الْوَطْءِ مِنْ حِينِ الْمَوْتِ وَرِثَ الْحَمْلُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهَا كَانَتْ حَامِلًا قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ