الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَكُونُ التَّعْلِيقُ كَتَعْلِيقِ نِكَاحِ الْأَجْنَبِيَّةِ وَكَذَلِكَ نَصَّ فِيمَنْ أَعْتَقَ أَمَتَهُ ثُمَّ قَالَ لَهَا مُتَّصِلًا بِعِتْقِهَا إنْ نَكَحْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ أَنَّهُ يَصِحُّ ; لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَمْلِكُ عَقْدَ النِّكَاحِ عَلَيْهَا قَهْرًا فَلَمْ يَنْقَطِعْ آثَارُ الْمِلْكِ فِيهِ بِالْكُلِّيَّةِ فَلِذَلِكَ انْعَقَدَتْ فِيهِ الصِّفَةُ.
(وَمِنْهَا) تَعْلِيقُ الْعِتْقِ بِالْمِلْكِ وَالْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ صِحَّتُهُ ; لِأَنَّ الْمِلْكَ يُرَادُ لِلْعِتْقِ وَيَكُونُ مَقْصُودًا كَمَا فِي شِرَاءِ ذِي الرَّحِمِ وَغَيْرِهِ وَالْخَلَّالُ وَصَاحِبُهُ لَا يُثْبِتَانِ فِي الْمَذْهَبِ فِي ذَلِكَ خِلَافًا وَابْنُ حَامِدٍ وَالْقَاضِي يَحْكِيَانِ فِي ذَلِكَ رِوَايَتَيْنِ.
(وَمِنْهَا) تَعْلِيقُ النَّذْرِ بِالْمِلْكِ مِثْلُ: إنْ رَزَقَنِي اللَّهُ مَالًا فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِهِ أَوْ بِشَيْءٍ مِنْهُ. فَيَصِحُّ وَنَقَلَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ عَلَيْهِ بِالِاتِّفَاقِ وَقَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ} [التوبة: 75] الْآيَاتِ.
(وَمِنْهَا) تَعْلِيقُ فَسْخِ الْوَكَالَةِ عَلَى وُجُودِهَا أَوْ تَعْلِيقُ الْوَكَالَةِ عَلَى فَسْخِهَا كَالْوَكَالَةِ الدَّوْرِيَّةِ، وَقَدْ ذَكَرَ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ أَنَّ قِيَاسَ الْمَذْهَبِ صِحَّةُ ذَلِكَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَكَالَةَ قَابِلَةٌ لِلتَّعْلِيقِ عِنْدَنَا وَكَذَلِكَ فَسْخُهَا وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ لَا يَصِحُّ ; لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى أَنْ تَصِيرَ الْعُقُودُ الْجَائِزَةُ لَازِمَةً وَذَلِكَ تَغْيِيرٌ لِقَاعِدَةِ الشَّرْعِ وَلَيْسَ مَقْصُودُ الْمُعَلِّقِ إيقَاعُ الْفَسْخِ وَإِنَّمَا قَصْدُهُ الِامْتِنَاعُ مِنْ التَّوْكِيلِ وَحِلُّهُ قَبْلَ وُقُوعِهِ وَالْعُقُودُ لَا تَنْفَسِخُ قَبْلَ انْعِقَادِهَا.
(وَمِنْهَا) تَعَلُّقُ فَسْخِ الْبَيْعِ بِالْإِقَالَةِ عَلَى وُجُودِ الْبَيْعِ أَوْ تَعْلِيقُ فَسْخِ النِّكَاحِ بِالْعَيْبِ عَلَى وُجُودِ النِّكَاحِ وَقَدْ صَرَّحَ الْأَصْحَابُ بِبُطْلَانِ ذَلِكَ مِنْهُمْ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ وَأَبُو الْخَطَّابِ مُعَلِّلِينَ بِأَنَّهُ وَقَعَ الْعَقْدُ قَبْلَ عَقْدِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُعَلِّلُ بِأَنَّ الْفُسُوخَ لَا تَقْبَلُ التَّعْلِيقَ
وَقَدْ صَرَّحَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ كَالْقَاضِي وَأَبِي الْخَطَّابِ وَابْنِ عَقِيلٍ وَصَاحِبِ الْمُغْنِي بِهَذَا الْمَأْخَذِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي مَسْأَلَةِ: إنْ جِئْتنِي بِالثَّمَنِ إلَى كَذَا وَكَذَا وَإِلَّا فَلَا بَيْعَ بَيْنَنَا. أَنَّهُ يَصِحُّ وَيَكُونُ تَعَلُّقًا لِلْفَسْخِ عَلَى شَرْطٍ وَقَدْ صَرَّحَ الْقَاضِي فِي جَوَازِهِ فِي الْبَيْعِ خَاصَّةً فِي خِلَافِهِ وَمِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ مَنْ صَرَّحَ بِهِ فِي فَسْخِ الْإِجَارَةِ أَيْضًا.
(وَمِنْهَا) تَعْلِيقُ فَسْخِ التَّدْبِيرِ بِوُجُودِهِ وَصَرَّحَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ بِامْتِنَاعِهِ فِيمَا إذَا قَالَ لِأَمَتِهِ الْمُدَبِّرَةِ: كُلَّمَا وَلَدْت وَلَدًا فَقَدْ رَجَعْت فِي تَدْبِيرِهِ. فَقَالَ لَا يَكُونُ رُجُوعًا ; لِأَنَّ الرُّجُوعَ إنَّمَا يَصِحُّ فِي تَدْبِيرٍ مَوْجُودٍ هَذَا بَعْدَ مَا خَلَقَ فَكَيْفَ يَكُونُ رُجُوعًا كَمَا لَوْ قَالَ: لِعَبْدِهِ مَتَى دَبَّرْتُك فَقَدْ رَجَعْت. لَمْ يَصِحَّ. هَذَا لَفْظُهُ.
[الْقَاعِدَةُ التَّاسِعَةَ عَشَرَ بَعْدَ الْمِائَةِ إذَا وَجَدَ لَفْظًا عَامًّا قَدْ خُصَّ بَعْضُ أَفْرَادِهِ بِحُكْمٍ مُوَافِقٍ لِلْأَوَّلِ أَوْ مُخَالِفٍ لَهُ]
[الْقَسْم الْأَوَّل أَنْ يَكُونَ الْخَاصُّ وَالْعَامُّ فِي كَلَامٍ وَاحِدٍ مُتَّصِل]
(الْقَاعِدَةُ التَّاسِعَةَ عَشَرَ بَعْدَ الْمِائَةِ) : إذَا وَجَدْنَا لَفْظًا عَامًّا قَدْ خُصَّ بَعْضُ أَفْرَادِهِ بِحُكْمٍ مُوَافِقٍ لِلْأَوَّلِ أَوْ مُخَالِفٍ لَهُ فَهَلْ يَقْضِي بِخُرُوجِ الْخَاصِّ مِنْ الْعَامِّ وَانْفِرَادُهُ بِحُكْمِهِ الْمُخْتَصِّ بِهِ أَوْ يَقْضِي بِدُخُولِهِ فِيهِ فَيَتَعَارَضَانِ مَعَ اخْتِلَافِ الْحُكْمِ
وَيَتَعَدَّدُ سَبَبُ الِاسْتِحْقَاقِ مَعَ إبْقَائِهِ هَذَا عَلَى قِسْمَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ الْخَاصُّ وَالْعَامُّ فِي كَلَامٍ وَاحِدٍ مُتَّصِلٍ فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يُفْرَدُ الْخَاصُّ بِحُكْمِهِ وَلَا يَقْضِي بِدُخُولِهِ فِي الْعَامِّ وَسَوَاءٌ إنْ كَانَ ذَلِكَ الْحُكْمُ مِمَّا يُمْكِنُ الرُّجُوعُ عَنْهُ كَالْوَصَايَا أَوْ لَا يُمْكِنُ كَالْإِقْرَارِ، وَيَتَفَرَّعُ عَلَى ذَلِكَ مَسَائِلُ:
(مِنْهَا) لَوْ قَالَ هَذِهِ الدَّارُ لِزَيْدٍ وَلِي مِنْهَا هَذَا الْبَيْتُ قُبِلَ وَلَمْ يَدْخُلْ الْبَيْتُ فِي الْإِقْرَارِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ، وَيَجِيءُ عَلَى هَذَا اخْتِيَارُ ابْنِ عَقِيلٍ فِي مَسْأَلَةِ: كَانَ لَهُ عَلَيَّ.
وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ فِي الْقَضَاءِ أَنْ لَا يَقْبَلَ هَاهُنَا أَفْرَادَ الْبَيْتِ ; لِأَنَّ مَأْخَذَهُ أَنَّ الْمَعْطُوفَ بِالْوَاوِ جُمْلَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ غَيْرُ مُرْتَبِطَةٍ بِمَا قَبْلَهَا فَهِيَ دَعْوَى مُسْتَقِلَّةٍ كَمَا قَالُوا فِي قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ وَعَلَيْك أَلْفٌ أَنَّهَا تَطْلُقُ بِغَيْرِ عِوَضٍ بِخِلَافِ الِاسْتِثْنَاءِ وَالصِّفَاتِ فَإِنَّهَا مَعَ مَا قَبْلَهَا شَيْءٌ وَاحِدٌ وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ وَأَنَّ الْمَعْطُوفَ بِالْوَاوِ مَعَ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ فِي حُكْمِ الْجُمْلَةِ الْوَاحِدَةِ وَهُوَ الْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ وَأَمَّا أَنْتِ طَالِقٌ وَعَلَيْك أَلْفٌ فَفِيهَا رِوَايَتَانِ وَمَأْخَذُ الْوُقُوعِ بِغَيْرِ عِوَضٍ مَا ذَكَرُوهُ.
(وَمِنْهَا) لَوْ وَصَّى لِزَيْدٍ بِشَيْءٍ وَلِلْمَسَاكِينِ بِشَيْءٍ وَهُوَ مِسْكِينٌ فَإِنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ مَعَ الْمَسَاكِينِ مِنْ نَصِيبِهِمْ شَيْئًا نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ هَانِئٍ وَعَلِيِّ بْنِ سَعِيدٍ وَنَقَلَ الْقَاضِي فِيمَا قَرَأْته بِخَطِّهِ الِاتِّفَاقَ عَلَى أَنَّ زَيْدًا لَا يَسْتَحِقُّ مِنْ وَصِيَّةِ الْمَسَاكِينِ فِي مِثْلِ هَذِهِ الصُّورَةِ وَإِنْ كَانَ مِسْكِينًا مَعَ أَنَّ ابْنَ عَقِيلٍ فِي فُنُونِهِ حَكَى عَنْهُ أَنَّهُ خَرَّجَ وَجْهًا آخَرَ بِمُشَارَكَتِهِمْ إذَا كَانَ مِسْكَيْنَا.
(وَمِنْهَا) لَوْ وَصَّى لِزَيْدٍ بِخَاتَمٍ وَبِفَصِّهِ لِآخَرَ أَوْ وَصَّى لِرَجُلٍ بِعَبْدٍ وَبِمَنَافِعِهِ لِآخَرَ أَوْ لِأَحَدِهِمَا بِالدَّارِ وَلِآخَرَ بِسُكْنَاهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ بِلَفْظٍ لَا يَقْتَضِي انْفِرَادَ كُلِّ وَاحِدٍ بِمَا وَصَّى لَهُ بِهِ صَرِيحًا فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ فِي الشَّافِي: لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا وَصَّى لَهُ بِهِ لَا يُشَارِكُهُ الْآخَرُ فِيهِ وَحَمَلَهُ الشَّيْخُ مَجْدُ الدِّينِ عَلَى أَنَّهُ كَانَ فِي كَلَامٍ وَاحِدٍ مُتَّصِلٍ وَأَخَذَهُ مِنْ مَسْأَلَةِ الْإِقْرَارِ السَّابِقَةِ وَالْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ هَاهُنَا التَّوَقُّفُ.
قَالَ مُهَنَّا: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ رَجُلٍ أَوْصَى بِعَبْدٍ لِرَجُلٍ ثُمَّ أَوْصَى بِهِ لِآخَرَ قَالَ هَذِهِ مُشْكِلَةٌ فَقُلْت لَهُ فَإِنَّ نَاسًا يَقُولُونَ يَكُونُ الْعَبْدُ بَيْنَهُمْ نِصْفَيْنِ قَالَ لَا فَقُلْت لَهُ فَإِنْ أَوْصَى بِدَارٍ لِرَجُلٍ وَأَوْصَى بِغَلَّتِهَا لِآخَرَ فَقَالَ هَذِهِ مِثْلُ تِلْكَ فَقُلْت لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ أَوْصَى بِخَاتَمِهِ لِرَجُلٍ وَأَوْصَى بِالْفَصِّ لِآخَرَ فَقَالَ وَهَذِهِ أَيْضًا مِثْلُ تِلْكَ وَلَمْ يُخْبِرْنِي فِيهِمْ بِشَيْءٍ فَتَوَقَّفَ فِي الْمَسْأَلَةِ وَأَنْكَرَ قَوْلَهُ مَنْ قَالَ بِالِاشْتِرَاكِ فِي الْعَبْدِ إذَا أَوْصَى بِهِ لِاثْنَيْنِ وَجَعَلَ حُكْمَ الْوَصِيَّةِ بِالدَّارِ وَغَلَّتِهَا وَالْخَاتَمِ وَفَصِّهِ حُكْمَ الْوَصِيَّةِ بِعَبْدٍ لِاثْنَيْنِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا اشْتِرَاكَ فِي الْفَصِّ وَالْغَلَّةِ.
وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ يَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُ بِهِ بِخُصُوصِهِ لَكِنَّ هَذَا قَدْ يَكُونُ مَأْخَذُهُ أَنَّ الْوَصِيَّةَ الثَّانِيَةَ