الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَا يَدْفَعُ ضَرَرَ الْمَالِكِ وَلِهَذَا قَالَ أَصْحَابُنَا فِي الْمُسْتَعِيرِ إذَا امْتَنَعَ الْمُعِيرُ مِنْ الضَّمَانِ مُطْلَقًا فَطَلَبَ قِيمَةَ الْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ أُجِيبَ إلَى ذَلِكَ وَإِنْ طَلَبَ الْقَلْعَ وَضَمَانَ النَّقْصِ لَمْ يُجَبْ.
وَمِنْ ذَلِكَ إذَا اشْتَرَى حَيَوَانًا يُؤْكَلُ وَاسْتَثْنَى رَأْسَهُ أَوْ أَطْرَافَهُ فَإِنَّهُ يَصِحُّ، فَإِذَا امْتَنَعَ الْمُشْتَرِي مِنْ الذَّبْحِ لَمْ يَجِبْ وَكَانَ لَهُ قِيمَةُ الْمُسْتَثْنَى نَصَّ عَلَيْهِ.
وَمِنْ ذَلِكَ مَنْ مَلَكَ ثَوْبًا فَصَبَغَهُ ثُمَّ زَالَ عَنْهُ مِلْكُهُ بِفَسْخٍ هَلْ يَمْلِكُ مَنْ عَادَ إلَيْهِ الْمِلْكُ وَيَمْلِكُ الصَّبْغَ بِالْقِيمَةِ أَمْ لَا قَالَ الْأَصْحَابُ فِي بَائِعِ الْمُفْلِسِ إذَا دَفَعَ إلَيْهِ الثَّوْبَ وَفِيهِ صِبْغٌ أَنَّ لَهُ تَمَلُّكَهُ بِالْقِيمَةِ لِأَنَّهُ مُعَدٌّ لِلْبَيْعِ وَلَا بُدَّ فَيَكُونُ الْبَائِعُ أَوْلَى مِنْهُ لِاتِّصَالِهِ بِمِلْكِهِ، وَأَمَّا إنْ رَجَعَ إلَيْهِ بِفَسْخٍ بِعَيْبٍ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ تَمَلُّكَهُ قَهْرًا، وَخَرَّجَ ابْنُ عَقِيلٍ وَجْهًا آخَر أَنَّهُ يَتَمَلَّكُهُ بِالْقِيمَةِ مِنْ مَسْأَلَةِ الْخِرَقِيِّ فِي الصَّدَاقِ حَيْثُ قَالَ لَهُ تَمَلُّكُ الصَّبْغِ بِقِيمَتِهِ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَرُدُّ الْمَبِيعَ عَلَى الْبَائِعِ وَيَأْخُذُ مِنْهُ قِيمَةَ الصَّبْغِ وَهَذَا يُشْعِرُ بِإِجْبَارِ الْبَائِعِ عَلَى دَفْعِ قِيمَتِهِ، وَأَمَّا الْغَاصِبُ إذَا صَبَغَ الثَّوْبَ فَهَلْ لِلْمَالِكِ تَمَلُّكُ الصَّبْغِ بِقِيمَتِهِ قَهْرًا أَمْ لَا؟ فِيهِ وَجْهَانِ وَاخْتَارَ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ عَدَمَهُ وَصَحَّحَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ خِلَافَهُ لِأَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ قَلْعَهُ وَيَمْلِكُهُ عَلَى وَجْهٍ مَضْمُونًا بِخِلَافِ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ فَلَا يَتَخَلَّصُ مِنْ الضَّرَرِ بِدُونِ تَمَلُّكِهِ فَأَمَّا الْآثَارُ الَّتِي يَقَعُ بِهَا الشَّرِكَةُ كَضَرْبِ الْحَدِيدِ مَسَامِيرَ وَنَجْرِ الْخَشَبِ أَبْوَابًا فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ الْغَاصِبِ فَنَصَّ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَكَمِ عَلَى أَنَّ الْمَالِكَ يَدْفَعُ إلَيْهِ قِيمَةَ الزِّيَادَةِ وَيَتَمَلَّكُهُ عَلَيْهِ وَكَذَا قَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى وَالشِّيرَازِيُّ لَكِنَّهُمَا جَعَلَا الْمَرْدُودَ نَفَقَةَ الْعَمَلِ دُونَ الْقِيمَةِ.
[الْقَاعِدَةُ الثَّامِنَةُ وَالسَّبْعُونَ مَنْ أَدْخَلَ النَّقْصَ عَلَى مِلْكِ غَيْرِهِ لِاسْتِصْلَاحِ تَمَلُّكِهِ]
(الْقَاعِدَةُ الثَّامِنَةُ وَالسَّبْعُونَ) : مَنْ أَدْخَلَ النَّقْصَ عَلَى مِلْكِ غَيْرِهِ لِاسْتِصْلَاحِ تَمَلُّكِهِ وَتَخَلُّصِهِ مِنْ مِلْكِ غَيْرِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ دَخَلَ النَّقْصُ عَلَيْهِ بِتَفْرِيطٍ بِاشْتِغَالِ مِلْكِهِ بِمِلْكِ غَيْرِهِ فَالضَّمَانُ عَلَى مَنْ أَدْخَلَ النَّقْصَ، وَإِنْ كَانَ مِنْهُ تَفْرِيطٌ فَلَا ضَمَانَ عَلَى مَنْ أَدْخَلَ النَّقْصَ وَكَذَا إنْ وُجِدَ مِمَّنْ دَخَلَ النَّقْصُ عَلَيْهِ إذْنٌ فِي تَفْرِيغِ مِلْكِهِ مِنْ مِلْكِ غَيْرِهِ حَيْثُ لَا يُجْبَرُ الْآخَرُ عَلَى التَّفْرِيغِ وَإِنْ وُجِدَ مِنْهُ إذْنٌ فِي إشْغَالِ مِلْكِهِ بِمَالِ غَيْرِهِ حَيْثُ لَا يُجْبَرُ الْآخَرُ عَلَى التَّفْرِيغِ فَوَجْهَانِ، وَيُفَرَّعُ عَلَى ذَلِكَ مَسَائِلُ كَثِيرَةٌ مِنْهَا: لَوْ بَاعَ دَارًا فِيهَا نَاقَةٌ لَمْ تَخْرُجْ مِنْ الْبَابِ إلَّا بِهَدْمِهِ فَإِنَّهُ يَهْدِمُ وَيَضْمَنُ لِلْمُشْتَرِي النَّقْصَ.
وَمِنْهَا: لَوْ اشْتَرَى أَرْضًا فِيهَا زَرْعٌ لِلْبَائِعِ فَحَصَدَهُ فَإِنْ لَمْ يَبْقَ لَهُ عُرُوقٌ أَوْ كَانَتْ لَا تَضُرُّ فَلَيْسَ عَلَيْهِ نَقْلُهَا، وَإِنْ كَانَتْ تَضُرُّ عُرُوقُهُ بِالْأَرْضِ كَالْقُطْنِ وَالذُّرَةِ فَعَلَيْهِ النَّقْلُ وَتَسْوِيَةُ الْحَفْرِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي
وَابْنُ عَقِيلٍ.
وَمِنْهَا: لَوْ دَخَلَ حَيَوَانُ غَيْرِهِ دَارِهِ وَتَعَذَّرَ إخْرَاجُهُ بِدُونِ هَدْمِ بَعْضِهَا أَوْ أَدْخَلَتْ بَهِيمَةُ غَيْرِهِ رَأْسَهَا فِي قِدْرِهِ أَوْ وَقَعَ دِينَارُ غَيْرِهِ فِي مِحْبَرَتِهِ وَتَعَذَّرَ إخْرَاجُهُ بِدُونِ الْكَسْرِ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بِتَفْرِيطِ أَحَدٍ فَهُدِمَتْ الدَّارُ وَكُسِرَتْ الْقِدْرُ أَوْ الْمَحْبَرَةُ فَالضَّمَانُ عَلَى صَاحِبِ الْحَيَوَانِ وَالدِّينَارِ.
وَمِنْهَا: لَوْ حَمَلَ السَّيْلُ إلَى أَرْضِهِ غَرْسَ غَيْرِهِ فَنَبَتَ فِيهَا فَقَلَعَهُ مَالِكُهُ فَعَلَيْهِ تَسْوِيَةُ حُفَرِهِ.
وَمِنْهَا: لَوْ اشْتَرَى أَرْضًا فَغَرَسَهَا ثُمَّ أَفْلَسَ وَرَجَعَ فِيهَا الْبَائِعُ وَاخْتَارَ الْمُفْلِسُ وَالْغُرَمَاءُ الْقَلْعَ فَعَلَيْهِمْ تَسْوِيَةُ الْحُفَرِ وَضَمَانُ أَرْشِ النَّقْصِ لِأَنَّهُ نَقْصٌ حَصَلَ بِفُعْلِهِمْ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ لِيُخَلِّصَ مِلْكَهُمْ مِنْهُ.
وَمِنْهَا: لَوْ غَصَبَ فَصِيلًا وَأَدْخَلَهُ دَارِهِ وَكَبِرَ وَتَعَذَّرَ إخْرَاجُهُ بِدُونِ هَدْمِهَا فَإِنَّهَا تُهْدَمُ مِنْ غَيْرِ ضَمَانٍ لِتَفْرِيطِهِ، وَكَذَلِكَ إذَا غَصَبَ غِرَاسًا وَغَرَسَهُ فِي أَرْضِهِ فَإِنَّهُ يَقْلَعُ وَلَا يَضْمَنُ حُفَرَهُ.
وَمِنْهَا: لَوْ غَصَبَ ثَوْبًا فَصَبَغَهُ ثُمَّ طَلَبَ قَلْعَ صِبْغِهِ وَقُلْنَا يَمْلِكُهُ فَعَلَيْهِ نَقْصُ الثَّوْبِ بِذَلِكَ كَمَا لَوْ غَرَسَ الْأَرْضَ الَّتِي غَصَبَهَا ثُمَّ قَلَعَ غَرْسَهُ.
وَمِنْهَا: لَوْ أَعَارَهُ أَرْضًا لِلْغِرَاسِ ثُمَّ أَخَذَ غَرْسَهُ فَإِنْ كَانَ قَدْ شَرَطَ عَلَيْهِ الْقَلْعَ فَلَا يَلْزَمُهُ ضَمَانُ النَّقْصِ بِذَلِكَ وَلَا تَسْوِيَةُ الْحُفَرِ لِأَنَّ الْمَالِكَ رَضِيَ بِذَلِكَ بِاشْتِرَاطِهِ [لَهُ] وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ عَلَيْهِ الْقَلْعَ فَوَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: لَا يَلْزَمُهُ أَيْضًا قَالَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ لِأَنَّ الْإِعَارَةَ مَعَ الْعِلْمِ بِجَوَازِ الْقَلْعِ رِضَاءٌ بِمَا يَنْشَأُ عَنْهُ مِنْ الْحَفْرِ.
وَالثَّانِي: يَلْزَمُهُ ذَلِكَ وَبِهِ جَزَمَ صَاحِبُ الْكَافِي لِأَنَّهُ قَلَعَ بِاخْتِيَارِهِ حَيْثُ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ فَقَدْ أَدْخَلَ النَّقْصَ عَلَى مِلْكِ غَيْرِهِ لِاسْتِصْلَاحِ مَالِهِ وَعَلَى هَذَا فَلَوْ طَلَبَ مِنْهُ الْمَالِكُ الْقَلْعَ وَبَذْلَ أَرْشِ النَّقْصِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُلْزِمَهُ التَّسْوِيَةَ لِأَنَّ الْقَلْعَ بِأَمْرِ الْمَالِكِ مَعَ أَنَّ كَلَامَ ابْنِ عَقِيلٍ وَغَيْرِهِ يُشْعِرُ بِخِلَافِ ذَلِكَ فَأَمَّا الْإِعَارَةُ لِلزَّرْعِ إذَا كَانَ عُرُوقُهُ الثَّابِتَةُ تَضُرُّ بِالْأَرْضِ فَقَدْ يُقَالُ يَجِبُ نَقْلُهَا وَتَسْوِيَةُ الْحُفَرِ لِأَنَّ الزَّرْعَ يُجْبَرُ عَلَى تَفْرِيغِ الْأَرْضِ مِنْهُ بِخِلَافِ الْغَرْسِ وَقَدْ يُقَالُ لَا يَجِبُ لِأَنَّ الْإِذْنَ فِيهِ مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ لَا يُبْقِي رِضًا بِمَا يَنْشَأُ مِنْ قَلْعِهِ الْمُعْتَادِ.
وَمِنْهَا: إذَا أَجَّرَهُ أَرْضًا لِلْغِرَاسِ وَانْقَضَتْ الْمُدَّةُ كَانَ الْقَلْعُ مَشْرُوطًا عِنْدَ انْقِضَائِهَا فَلَا ضَمَانَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَشْرُوطًا فَفِيهِ الْوَجْهَانِ أَيْضًا وَلَمْ يَحْكِ صَاحِبُ الْكَافِي فِي الضَّمَانِ خِلَافًا وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ وَعَلَّلَ بِأَنَّهُ قَلَعَ غَرْسَهُ مِنْ أَرْضِ غَيْرِهِ الَّتِي لَا يَدُلُّهُ عَلَيْهَا بِغَيْرِ أَمْرِهِ، وَجَزَمَ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ بِعَدَمِ الضَّمَانِ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ خِلَافًا وَعَلَّلَ بِأَنَّ الْمَالِكَ دَخَلَ عَلَى ذَلِكَ
وَمِنْهَا: إذَا غَرَسَ الْمُشْتَرِي فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْتَزَعَهَا الشَّفِيعُ فَقَلَعَ الْمُشْتَرِي غَرْسَهُ فَفِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: عَلَيْهِ تَسْوِيَةُ الْحَفْرِ وَضَمَانُ النَّقْصِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ لِأَنَّ قَلْعَهُ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ لِتَخْلِيصِ مِلْكِهِ.
وَالثَّانِي: لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَبِهِ جَزَمَ فِي الْكَافِي مُعَلِّلًا بِانْتِفَاءِ عُدْوَانِهِ مَعَ أَنَّهُ جَزَمَ فِي بَابِ الْعَارِيَّةِ بِخِلَافِهِ وَالْقَاضِي إنَّمَا عَلَّلَهُ بِأَنَّهُ مِلْكُ نَفْسِهِ مِنْ مِلْكِ نَفْسِهِ وَهَذَا إنَّمَا يَكُونُ إذَا قَلَعَ قَبْلَ تَمَلُّكِ الشَّفِيعِ لَا بَعْدَهُ.