الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَقِيلَ لَهُ فَقَدِمَ بَعْضُ مَنْ بِالثَّغْرِ إلَى هُنَا وَخَرَجَ مَنْ هُنَا بَعْضُهُمْ إلَى ثُمَّ وَقَدْ أُبِّرَتْ النَّخْلُ أَلَهُمْ فِيهَا شَيْءٌ؟ قَالَ لَا فَقِيلَ فَإِنْ وُلِدَ لِأَحَدِهِمْ وَلَدٌ بَعْدَ مَا أُبِّرَتْ فَقَالَ وَهَذَا أَيْضًا شَبِيهٌ بِهَذَا كَأَنَّهُ رَأَى مَا كَانَ قَبْلَ التَّأْبِيرِ جَائِزٌ أَوْ كَمَا قَالَ وَهَذَا مُوَافِقٌ لِنَصِّهِ السَّابِقِ فِي أَنَّ تَجَدُّدَ الْمُسْتَحِقِّ لِلْوَقْفِ بَعْدَ التَّأْبِيرِ لَا يَقْتَضِي اسْتِحْقَاقَهُ مِنْهُ وَأَمَّا خُرُوجُ الْخَارِجِ مِنْ الْبَلَدِ فَلَمْ يَشْمَلْهُ جَوَابُهُ وَانْقِطَاعُ حَقّ الْمُسْتَحِقِّ بِمَوْتِهِ أَوْ زَوَالُ صِفَةِ الِاسْتِحْقَاقِ شَبِيهٌ بِانْفِسَاخِ الْعَقْدِ الْمُزِيلِ لِلْمَلِكِ قَهْرًا وَقَدْ سَبَقَ الْخِلَافُ فِيهِ لَا سِيَّمَا عَلَى قَوْلِنَا إنَّ الْوَقْفَ مِلْكٌ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ فَيَصِيرُ مَوْتُهُ كَانْفِسَاخِ مِلْكِهِ فِي الْأَصْلِ فَيَخْرُجُ فِي تَبَعِيَّةِ الطَّلْعِ الْخِلَافُ السَّابِقُ فَإِنْ قِيلَ بِالتَّفْرِيقِ بَيْنَ مَا قَبْلَ التَّأْبِيرِ وَبَعْدَهُ فَلِأَنَّ الطَّلْعَ إذَا لَمْ يُؤَبَّرْ فِي حُكْمِ الْحَمْلِ فِي الْبَطْنِ وَاللَّبَنِ فِي الضَّرْعِ فَلَا يَكُونُ لَهُ حُكْمٌ بِمِلْكٍ وَلَا غَيْرِهِ حَتَّى يَظْهَرَ وَإِنْ سُلِّمَ أَنَّ لَهُ حُكْمًا بِالْمِلْكِ فَالْمُسْتَحِقُّ الْحَادِثُ. لَمَّا شَارَكَ فِي غَيْرِ الْمُؤَبَّرِ مَعَ ظُهُورِهِ عَلَى مِلْكِ الْأَوَّلِ دَلَّ عَلَى أَنَّ مِلْكَهُمْ لَمْ يَسْتَقِرَّ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْمُؤَبَّرِ فَإِنَّ مِلْكَهُمْ اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ فَمَنْ زَالَ اسْتِحْقَاقُهُ قَبْلَ اسْتِقْرَارِ الْمِلْكِ سَقَطَ حَقُّهُ.
[فَصَلِّ الزُّهُورَ الَّتِي تَخْرُجُ مُنْضَمَّة ثُمَّ تَتَفَتَّح كَالْوَرْدِ وَالْيَاسَمِين وَالْبَنَفْسَج والنرجس هَلْ تتبع الْأَصْل]
(فَصْلٌ) هَذَا كُلُّهُ فِي حُكْمِ ثَمَرِ النَّخْلِ فَأَمَّا غَيْرُهُ مِنْ الشَّجَرِ فَمَا كَانَ لَهُ كِمَامٌ تُفَتَّحُ فَيَظْهَرُ ثَمَرُهُ كَالْقُطْنِ فَهُوَ كَالطَّلْعِ وَأَلْحَقَ أَصْحَابُنَا بِهِ الزُّهُورَ الَّتِي تَخْرُجُ مُنْضَمَّةً ثُمَّ تَتَفَتَّحُ كَالْوَرْدِ وَالْيَاسَمِينَ وَالْبَنَفْسَجِ وَالنَّرْجِسِ وَفِيهِ نَظَرٌ: فَإِنَّ هَذَا الْمُنَظَّمَ هُوَ نَفْسُ الثَّمَرَةِ أَوْ قِشْرُهَا الْمُلَازِمُ لَهَا كَقِشْرِ الرُّمَّانِ فَظُهُورُهُ ظُهُورُ الثَّمَرَةِ بِخِلَافِ الطَّلْعِ فَإِنَّهُ وِعَاءٌ لِلثَّمَرَةِ وَكَلَامُ الْخِرَقِيِّ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ حَيْثُ قَالَ وَكَذَلِكَ بَيْعُ الشَّجَرِ إذَا كَانَ فِيهِ ثَمَرٌ بَادٍ وَبُدُوُّ الْوَرْدِ وَنَحْوِهِ ظُهُورُهُ مِنْ شَجَرِهِ وَإِنَّمَا كَانَ مُنْضَمًّا وَلِلْأَصْحَابِ وَجْهَانِ فِي الْوَرَقِ الْمَقْصُودِ كَوَرَقِ التُّوتِ هَلْ يُعْتَبَرُ بِفَتْحِهِ كَالثَّمَرِ أَوْ يَتْبَعُ الْأَصْلَ لِمُجَرَّدِ ظُهُورِهِ وَهَذِهِ فَعَلَيْهِ بِمَعْنَاهُ وَمِنْهُ مَا يَظْهَرُ نُورُهُ ثُمَّ يَتَنَاثَرُ فَيَظْهَرُ ثَمَرُهُ كَالتُّفَّاحِ وَالْمِشْمِشِ فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا إنْ تَنَاثَرَ نَوْرُهُ فَهُوَ لِلْبَائِعِ وَإِلَّا فَلَا وَبِهِ جَزَمَ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ لِأَنَّ ظُهُورَ ثَمَرِهِ يَتَوَقَّفُ عَلَى تَنَاثُرِ نَوْرِهِ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ بِظُهُورِ نَوْرِهِ لِلْبَائِعِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي احْتِمَالًا جَعْلًا لِلنُّورِ كَمَا فِي الطَّلْعِ لِأَنَّ الطَّلْعَ لَيْسَ هُوَ عَيْنَ الثَّمَرَةِ بَلْ هِيَ مُسْتَتِرَةٌ فِيهِ فَتَكْبَرُ فِي جَوْفِهِ وَتَظْهَرُ حَتَّى يَصِيرَ تِلْكَ فِي طَرَفِهَا وَهِيَ قَمْع الرَّطْبَةِ.
وَالثَّالِثُ: لِلْبَائِعِ بِظُهُورِ الثَّمَرَةِ وَإِنْ لَمْ يَتَنَاثَرْ النَّوْرُ كَمَا إذَا كَبِرَ قَبْلَ انْتِثَارِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَاخْتِيَارُ صَاحِبِ الْمُغْنِي وَهُوَ أَصَحُّ، وَقِيَاسُ مَا فِي بَطْنِ الطَّلْعِ عَلَى النَّوْرِ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ النَّوْرَ يَتَنَاثَرُ وَمَا فِي جَوْفِ الطَّلْعِ يَنْمُو وَيَتَزَايَدُ حَتَّى يَصِيرَ ثَمَرًا.
(وَمِنْهُ) مَا يُظْهِرُ ثَمَرَتَهُ مِنْ غَيْرِ نَوْرٍ فَهُوَ لِلْبَائِعِ بِظُهُورِهِ سَوَاءٌ كَانَ لَهُ قِشْرٌ يَبْقَى فِيهِ إلَى أَكْلِهِ كَالرُّمَّانِ وَالْمَوْزِ أَوْ لَهُ قِشْرَانِ كَالْجَوْزِ وَاللَّوْزِ أَوْ لَا قِشْرَ لَهُ بَعِيرُهُ وَالتُّوتِ وَقَالَ الْقَاضِي مَا لَهُ قِشْرَانِ لَا يَكُونُ لِلْبَائِعِ إلَّا بِتَشَقُّقٍ قِشْرِهِ الْأَعْلَى. وَرَدَّهُ صَاحِبُ الْمُغْنِي بِأَنَّ تَشَقُّقَهُ فِي شَجَرِهِ نَادِرٌ وَتَشَقُّقَهُ قَبْلَ كَمَالِهِ يُفْسِدُهُ
بِخِلَافِ الطَّلْعِ وَفِي الْمُبْهِجِ الِاعْتِبَارُ بِانْعِقَادِ لُبِّهِ فَإِنْ لَمْ يَنْعَقِدْ تَبِعَ أَصْلَهُ وَإِلَّا فَلَا، وَأَمَّا الزَّرْعُ الظَّاهِرُ فِي الْأَرْضِ إذَا انْتَقَلَ الْمِلْكُ فِيهَا بِالْمَبِيعِ وَنَحْوِهِ فَهُوَ لِلْبَائِعِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ وَإِنَّمَا هُوَ مُودَعٌ فِيهَا فَأَشْبَهَ الثَّمَرَةَ الْمُؤَبَّرَةَ قَالَ فِي الْمُغْنِي: لَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا وَفِي الْمُبْهِجِ لِلشِّيرَازِيِّ إنْ كَانَ الزَّرْعُ بَدَا صَلَاحُهُ لَمْ يَتْبَعْ وَإِنْ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ عَلَى وَجْهَيْنِ فَإِنْ قُلْنَا لَا يَتْبَعُ أَخَذَ الْبَائِعُ بِقَطْعِهِ إلَّا أَنْ يَسْتَأْجِرَ الْأَرْضَ مِنْ الْمُشْتَرِي إلَى حِينِ إدْرَاكِهِ، وَأَمَّا إذَا بَدَا صَلَاحُهُ فَإِنَّهُ يَبْقَى فِي الْأَرْضِ مِنْ غَيْرِ أُجْرَةٍ إلَى حِينِ حَصَادِهِ، وَهَذَا غَرِيبٌ جِدًّا مُخَالِفٌ [لِمَا] عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ مَعَ أَنَّ كَلَامَ أَحْمَدَ فِي اسْتِحْقَاقِ الْوَقْفِ يَشْهَدُ لَهُ حَيْثُ قَالَ إنْ وُلِدَ مَوْلُودٌ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ الْحَصَادَ اسْتَحَقَّ وَإِلَّا لَمْ يَسْتَحِقَّ لِأَنَّهُ قَدْ انْتَهَى نُمُوُّهُ وَزِيَادَتُهُ بِبُلُوغِهِ لِلْحَصَادِ، وَهَكَذَا قَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى لَكِنَّهُ عَبَّرَ بِالِاسْتِحْصَادِ وَعَدَمِهِ.
وَأَمَّا صَاحِبُ الْمُغْنِي فَقَالَ مَا كَانَ مِنْ الزَّرْعِ لَا يَتْبَعُ الْأَرْضَ فِي الْبَيْعِ فَلَا حَقَّ فِيهِ لِلْمُتَجَدِّدِ لِأَنَّهُ كَالثَّمَرِ الْمُؤَبَّرِ، وَأَمَّا مَا كَانَ يَتْبَعُ فِي الْبَيْعِ وَهُوَ مَا لَمْ يَظْهَرْ مِمَّا يَتَكَرَّرُ حَمْلُهُ مِنْ الرَّطَبَاتِ وَالْخَضْرَاوَاتِ فَيَسْتَحِقُّ فِيهِ الْمُتَجَدِّدُ وَقِيَاسُ الْمَنْصُوصِ فِي الزَّرْعِ أَنْ يَسْتَحِقَّ الْمُتَجَدِّدُ فِي الْوَقْفِ مِنْ الثَّمَرِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهُ وَيَجُوزُ بَيْعُهُ مُطْلَقًا وَلَكِنَّ أَحْمَدَ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا كَمَا تَقَدَّمَ فَاعْتَبَرَ فِي الزَّرْعِ بُلُوغَ الْحَصَادِ وَفِي الثَّمَرِ التَّأْبِيرَ وَنَصُّهُ مَعَ ذَلِكَ فِي اسْتِحْقَاقِ الْمُوصَى لَهُ بِالشَّجَرِ الْمُثْمِرِ الْمَوْجُودِ فِيهِ حَالَ الْوَصِيَّةِ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيقٍ بَيْنَ أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُهُ أَوْ لَا يَبْدُو مُشْكِلٌ، وَأَفْتَى الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ بِأَنَّ الثَّمَرَ إنَّمَا يَسْتَحِقُّهُ مَنْ بَدَا الصَّلَاحُ فِي زَمَنِ اسْتِحْقَاقِهِ حَتَّى لَوْ مَاتَ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ وَقَدْ أُطْلِعَ الثَّمَرُ بِعِلْمِهِ ثُمَّ بَدَا صَلَاحُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ لِلْبَطْنِ الثَّانِي، وَقَالَ فِي شَجَرِ الْجَوْزِ الْمَوْقُوفِ إنَّهُ إنْ أَدْرَكَ أَوَانَ قَطْعِهِ فِي حَيَاةِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ فَهُوَ لَهُ فَإِنْ مَاتَ وَبَقِيَ فِي الْأَرْضِ مُدَّةً حَتَّى زَادَ كَانَتْ الزِّيَادَةُ حَادِثَةً فِي مَنْفَعَةِ الْأَرْضِ الَّتِي لِلْبَطْنِ الثَّانِي، وَمِنْ الْأَصْلِ الَّذِي لِوَرَثَةِ الْأَوَّلِ فَإِمَّا أَنْ تُقَسَّمَ الزِّيَادَةُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ الْقِيمَتَيْنِ وَإِمَّا أَنْ تُعْطَى الْوَرَثَةُ أُجْرَةَ الْأَرْضِ لِلْبَطْنِ الثَّانِي.
وَإِنْ غَرَسَهُ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ مِنْ مَالِ الْوَاقِفِ وَلَمْ يُدْرِكْ إلَّا بَعْدَ انْتِقَالِهِ إلَى الْبَطْنِ الثَّانِي فَهُوَ لَهُمْ وَلَيْسَ لِوَارِثِهِ الْأَوَّلِ فِيهِ شَيْءٌ وَاعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي اسْتِحْقَاقِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ هَهُنَا إنَّمَا هُوَ إذَا كَانَ اسْتِحْقَاقُهُ بِصِفَةٍ مَحْضَةٍ مِثْلَ كَوْنِهِ وَلَدًا أَوْ فَقِيرًا أَوْ نَحْوَهُ، أَمَّا إذَا كَانَ اسْتِحْقَاقُ الْوَقْفِ عِوَضًا عَنْ عَمَلٍ وَكَانَ وَصِيَاحُ كَالْأُجْرَةِ يَبْسُطُ عَلَى جَمِيعِ السَّنَةِ كَالْمُقَاسَمَةِ الْقَائِمَةِ مَقَامَ الْأُجْرَةِ أَوْ إنْ كَانَ اسْتِغْلَالُ الْأَرْضِ لِجِهَةِ الْوَقْفِ مِنْ مَالِهِ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ كُلُّ مَنْ اتَّصَفَ بِصِفَةِ الِاسْتِحْقَاقِ فِي ذَلِكَ الْعَامِ مِنْهُ حَتَّى مَنْ مَاتَ فِي أَثْنَائِهِ اسْتَحَقَّ بِقِسْطِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الزَّرْعُ قَدْ وُجِدَ حَتَّى لَوْ تَأَخَّرَ إدْرَاكُ ذَلِكَ الْعَامِ