الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمِنْهَا الِاسْتِئْذَانُ فِي الْجِهَادِ.
وَمِنْهَا: الِاسْتِتْبَاعُ فِي الْإِسْلَامِ.
وَمِنْهَا: الِانْفِرَادُ بِالنَّفَقَةِ مَعَ وُجُودِ وَارِثٍ غَيْرِهِ مُوسِرًا كَانَ الْوَارِثُ الَّذِي مَعَهُ أَوْ مُعْسِرًا فَالْمَعْرُوفُ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ سَائِرِ مَنْ تَلْزَمُهُ النَّفَقَةُ، هَلْ يَلْزَمُهُ كَمَالُ النَّفَقَةِ أَوْ بِقَدْرِ إرْثِهِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ أَصَحُّهُمَا لَا يَلْزَمُهُ أَكْثَرُ مِنْ مِقْدَارِ إرْثِهِ مِنْهُ، وَفِي الْإِقْنَاعِ لِابْنِ الزاغوني أَنَّ هَذَا الْخِلَافَ فِي الْجَدِّ وَالْجَدَّةِ خَاصَّةً وَأَنَّ سَائِرَ الْأَقَارِبِ لَا يَلْزَمُ مِنْهُمْ الْغَنِيَّ النَّفَقَةُ إلَّا بِالْحِصَّةِ بِغَيْرِ خِلَافٍ.
[الْقَاعِدَةُ الرَّابِعَةُ وَالْخَمْسُونَ بَعْدَ الْمِائَةِ خُرُوجُ الْبُضْعِ مِنْ الزَّوْجِ هَلْ هُوَ مُتَقَوِّمٌ أَمْ لَا]
خُرُوجُ الْبُضْعِ مِنْ الزَّوْجِ هَلْ هُوَ مُتَقَوِّمٌ أَمْ لَا؟ بِمَعْنَى أَنَّهُ هَلْ يَلْزَمُهُ الْمَخْرَجُ لَهُ قَهْرًا ضَمَانَةٌ لِلزَّوْجِ بِالْمَهْرِ؟ وَفِيهِ قَوْلَانِ فِي الْمَذْهَبِ وَيُذْكَرُ أَنَّ رِوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ، وَأَكْثَرُ الْأَصْحَابِ كَالْقَاضِي وَمَنْ بَعْدَهُ يَقُولُونَ: لَيْسَ بِمُتَقَوِّمٍ، وَخَصُّوا هَذَا الْخِلَافَ بِمَنْ عَدَا الزَّوْجَةِ فَقَالُوا لَا يَضْمَنُ الزَّوْجُ شَيْئًا بِغَيْرِ خِلَافٍ، وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَنَّهُ مُتَقَوِّمٌ عَلَى الزَّوْجَةِ وَغَيْرِهَا، وَحَكَاهُ قَوْلًا فِي الْمَذْهَبِ، وَيَتَخَرَّجُ عَلَى ذَلِكَ مَسَائِلُ: مِنْهَا لَوْ أَفْسَدَ مُفْسِدٌ نِكَاحَ امْرَأَةٍ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا بِرَضَاعٍ أَوْ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ نِصْفُ الْمَهْرِ حَيْثُ يَلْزَمُ الزَّوْجَ نِصْفُ الْمَهْرِ كَمَا إذَا كَانَتْ الْفُرْقَةُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ وَحْدَهُ وَلَهُ مَأْخَذَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ خُرُوجَ الْبُضْعِ مِنْ الزَّوْجِ مُتَقَوِّمٌ فَيَتَقَوَّمُ قَبْلَ الدُّخُولِ بِنِصْفِ الْمَهْرِ الْمُسَمَّى وَفِيهِ وَجْهٌ بِنِصْفِ مَهْرِ الْمِثْلِ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَيْسَ بِمُتَقَوِّمٍ لَكِنْ الْمُفْسِدُ قَرَّرَ هَذَا النِّصْفَ عَلَى الزَّوْجِ إذَا كَانَ بِصَدَدِ أَنْ يَسْقُطَ عَنْهُ بِانْفِسَاخِ النِّكَاحِ بِسَبَبٍ مِنْ جِهَتِهَا.
وَالثَّالِثُ: أَنَّ الْمَهْرَ كُلَّهُ يَسْقُطُ بِالْفُرْقَةِ لَكِنْ يَجِبُ لَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ وُجُوبًا مُبْتَدِئًا بِالْفُرْقَةِ الَّتِي اسْتَقَلَّ بِهَا الْأَجْنَبِيُّ فَلِذَلِكَ لَزِمَهُ ضَمَانُهُ ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ وَفِيهِ بُعْدٌ.
وَأَمَّا حَيْثُ لَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ شَيْءٌ كَمَا إذَا وَطِئَ الْأَبُ أَوْ الِابْنُ زَوْجَتَهُ قَبْلَ الدُّخُولِ بِتَمْكِينِهَا فَهَلْ يَلْزَمُهُ لَهُ نِصْفُ الْمَهْرِ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ مَذْكُورَيْنِ فِي الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ وَهُمَا مُتَنَزِّلَانِ عَلَى أَنَّ الْبُضْعَ هُوَ مُتَقَوِّمٌ أَمْ لَا؟ إذْ لَا غُرْمَ هُنَا عَلَى الزَّوْجِ.
وَنَقَلَ مُهَنَّا عَنْ أَحْمَدَ فِي رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَبَعَثُوا إلَيْهِ ابْنَتَهَا فَدَخَلَ بِهَا وَهُوَ لَا يَعْلَمُ قَالَ حُرِّمَتَا عَلَيْهِ جَمِيعًا قَالَ فَقُلْت لَهُ: مَا عَلَيْهِ فَقَالَ عَلَيْهِ لِهَذِهِ الْمَهْرُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا. قُلْت وَلِلْأُخْرَى مَا عَلَيْهِ قَالَ لَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ.
قُلْت يَرْجِعُ بِالنِّصْفِ الَّذِي غَرِمَ لِابْنَتِهَا قَالَ لَا، وَإِنَّمَا لَمْ يَرْجِعْ هُنَا عِنْدَهُ ; لِأَنَّ فَسَادَ نِكَاحِهِ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ مُبَاشَرَةً فَلِذَلِكَ اسْتَقَرَّ الضَّمَانُ عَلَيْهِ، وَيُخَرَّجُ فِيهِ وَجْهٌ آخَرُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِمَا غَرِمَهُ عَلَى مَنْ غَرَّهُ وَأَمَّا إنْ كَانَ الْإِفْسَادُ بَعْدَ الدُّخُولِ بِإِرْضَاعٍ أَوْ غَيْرِهِ فَفِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ عَلَى الْمُفْسِدِ ضَمَانُ الْمَهْرِ الْمُسْتَقِرِّ عَلَى الزَّوْجِ وَهُوَ مَنْصُوصُ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ خُرُوجَ الْبُضْعِ مُتَقَوِّمٌ، وَكَمَا يَضْمَنُ الْغَارُّ الْمَهْرَ لِمَنْ غَرَّهُ وَإِنْ اسْتَقَرَّ بِالدُّخُولِ بَلْ هُنَا أَوْلَى ; لِأَنَّ الْمَغْرُورَ قَدْ يَكُونُ فَسَخَ النِّكَاحَ بِاخْتِيَارِهِ كَمَا إذَا دُلِّسَ عَلَيْهِ عَيْبٌ أَوْ نَحْوُهُ حَيْثُ لَمْ يَرْضَ بِالْمَهْرِ إلَّا مَعَ السَّلَامَةِ مِنْ الْعُيُوبِ وَهُنَا
الْفَسْخُ بِسَبَبِ الْأَجْنَبِيِّ فَإِنَّهُ هُوَ الْمَانِعُ لِلزَّوْجِ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ فَكَانَ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِالْمَهْرِ أَوْلَى، إذْ الزَّوْجُ يَجِبُ تَمْكِينُهُ مِنْ جِنْسِ الِاسْتِمْتَاعِ وَيَعُودُ إلَيْهِ الْمَهْرُ بِمَنْعِهِ مِنْ جِنْسِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ يَسْتَحِقُّهُ مُقَدَّرًا بِخِلَافِ مَنْفَعَةِ الْإِجَارَةِ فَإِنَّهَا تَتَقَسَّطُ عَلَى الْمُدَّةِ، مَعَ أَنَّ الْإِجَارَةَ تُسْقِطُهَا الْأُجْرَةُ عِنْدَنَا بِمَنْعِ الْمُؤَجِّرِ مِنْ التَّسْلِيمِ الْمُسْتَحَقِّ بِالْعَقْدِ كُلِّهِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُفْسِدِ بِحَالٍ لِاسْتِقْرَارِ الْمَهْرِ عَلَى الزَّوْجِ بِالْوَطْءِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ خُرُوجَهُ غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ وَإِلَيْهِ مَيْلُ ابْنِ أَبِي مُوسَى وَاخْتَارَهُ طَائِفَةٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ.
وَأَمَّا إنْ كَانَ الْمُفْسِدُ لِلنِّكَاحِ هُوَ الزَّوْجَةُ وَحْدَهَا بِالرَّضَاعِ أَوْ غَيْرِهِ فَقَالَ الْأَصْحَابُ.
لَا ضَمَانَ عَلَيْهَا بِغَيْرِ خِلَافٍ، لِئَلَّا يَلْزَمَ اسْتِبَاحَةُ بُضْعِهَا بِغَيْرِ عِوَضٍ، وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَنَّ عَلَيْهَا الضَّمَانُ وَأَخَذَهُ مِنْ مَسْأَلَةِ الْمُهَاجِرَةِ وَامْرَأَةِ الْمَفْقُودِ كَمَا سَيَأْتِي وَكَمَا قَالَ الْأَصْحَابُ فِي الْغَارَةِ أَنَّهُ لَا مَهْرَ لَهَا بَلْ عِنْدَنَا فِي الْإِجَارَةِ أَنَّ غَصْبَ الْمُؤَجِّرِ يُسْقِطُ الْأُجْرَةَ كُلَّهَا بِخِلَافِ غَصْبِ غَيْرِهِ لِاسْتِحْقَاقِ التَّسْلِيمِ عَلَيْهِ، وَأَجَابَ عَمَّا قِيلَ مِنْ اسْتِبَاحَةِ الْبُضْعِ بِدُونِ عِوَضٍ بِأَنَّ الْعِوَضَ وَجَبَ لَهَا بِالْعَقْدِ ثُمَّ وَجَبَ عَلَيْهَا ضَمَانُهُ بِسَبَبٍ آخَرَ فَلَمْ يَخْلُ الْعَقْدُ مِنْ عِوَضٍ، كَمَا يَجِبُ لَهَا بِالْعَقْدِ عَلَى الْبَائِعِ ضَمَانُ مَا تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ بِإِتْلَافِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَلَمْ يَخْلُ الْبَيْعُ مِنْ ثَمَنٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَمِنْهَا: شُهُودُ الطَّلَاقِ إذَا رَجَعُوا قَبْلَ الدُّخُولِ فَإِنَّهُمْ يَغْرَمُونَ نِصْفَ الْمَهْرِ، وَإِنْ رَجَعُوا بَعْدَ الدُّخُولِ فَهَلْ يَغْرَمُونَ الْمَهْرَ كُلَّهُ أَمْ لَا يَغْرَمُونَ شَيْئًا؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، مَأْخَذُهُمَا تَقْوِيمُ الْبُضْعِ وَعَدَمُهُ.
وَعَلَى التَّغْرِيمِ يَغْرَمُونَ الْمَهْرَ الْمُسَمَّى وَقِيلَ مَهْرَ الْمِثْلِ.
وَمِنْهَا: امْرَأَةُ الْمَفْقُودِ إذَا تَزَوَّجَتْ بَعْدَ الْمُدَّةِ الْمُعْتَبَرَةِ ثُمَّ قَدِمَ زَوْجُهَا الْمَفْقُودُ فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ زَوْجَتِهِ وَبَيْنَ الْمَهْرِ، فَإِنْ اخْتَارَ الْمَهْرَ أَخَذَ مِنْ الزَّوْجِ الثَّانِي الْمَهْرَ الَّذِي أَقْبَضَهُ إيَّاهَا أَعْنِي الْأَوَّلَ ; لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي اسْتَحَقَّهُ عَلَى أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ.
وَعَلَى الثَّانِيَة يَأْخُذُ الْمَهْرَ الَّذِي أَعْطَاهَا الثَّانِي، وَبِكُلِّ حَالٍ فَهَلْ يَسْتَقِرُّ ضَمَانُهُ عَلَى الزَّوْجِ الثَّانِي أَمْ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْمَرْأَةِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: يَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهَا ; لِأَنَّ الْفُرْقَةَ جَاءَتْ مِنْهَا فَيَسْتَقِرُّ الضَّمَانُ عَلَيْهَا.
وَالثَّانِي: لَا يَرْجِعُ بِهِ ; لِأَنَّ الْمَرْأَةَ اسْتَحَقَّتْهُ بِالْإِصَابَةِ فَلَا يَجُوزُ أَخْذُهُ مِنْهَا.
وَمِنْهَا: إذَا طَلَّقَ رَجُلٌ امْرَأَةً ثُمَّ رَاجَعَهَا فِي الْعِدَّةِ وَأَشْهَدَ عَلَى الرَّجْعَةِ وَلَمْ تَعْلَمْ الْمَرْأَةُ حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَتَزَوَّجَتْ وَدَخَلَ بِهَا الثَّانِي، وَقُلْنَا عَلَى رِوَايَةٍ: إنَّ الثَّانِي أَحَقُّ بِهَا، فَهَلْ تَضْمَنُ الْمَرْأَةُ لِزَوْجِهَا الْمَهْرَ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، وَاخْتَارَ الْقَاضِي الضَّمَانَ ; لِأَنَّ خُرُوجَ الْبُضْعِ مُتَقَوِّمٌ.
وَمِنْهَا: إذَا أَسْلَمَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ أَهْلِ دَارِ الْحَرْبِ وَهَاجَرَتْ إلَيْنَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا مُسْلِمٌ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فَهَلْ يَلْزَمُهُ أَنْ يَرُدَّ عَلَى زَوْجِهَا الْكَافِرِ مَهْرَهَا الَّذِي أَمْهَرَهَا إيَّاهُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ حَكَاهُمَا ابْنُ أَبِي مُوسَى، وَظَاهِرُ الْقُرْآنِ يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِهِ، لَكِنَّ أَكْثَرَ الْأَصْحَابِ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ ; لِأَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي قِصَّةِ صُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ وَكَانَ الصُّلْحُ قَدْ وَقَعَ عَلَى رَدِّ النِّسَاءِ قَبْلَ تَحْرِيمِهِ، فَلَمَّا حَرُمَ الرَّدُّ بَعْدَ صِحَّةِ اشْتِرَاطٍ وَجَبَ رَدُّ بَدَلِهِ وَهُوَ الْمَهْرُ، وَأَمَّا بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ رَدِّ النِّسَاءِ فَلَا يَصِحُّ اشْتِرَاطُ