الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمِنْهَا الْحُكْمُ بِإِسْلَامِ مَنْ اُتُّهِمَ بِالرِّدَّةِ إذَا أَنْكَرَ وَأَقَرَّ بِالشَّهَادَتَيْنِ فَإِنَّهُ حُكْمٌ صَحِيحٌ وَإِنْ حَصَلَ التَّرَدُّدُ فِي مُسْتَنَدِهِ هَلْ هُوَ الْإِسْلَامُ الْمُسْتَمِرُّ عَلَى مَا يَدَّعِيه أَوْ الْإِسْلَامُ الْمُتَجَدِّدُ عَلَى تَقْدِيرِ صِحَّةِ مَا اُتُّهِمَ بِهِ؟ وَقَدْ قَالَ الْخِرَقِيِّ وَمَنْ تَشْهَدْ عَلَيْهِ بِالرِّدَّةِ؟ فَقَالَ مَا كَفَرْتُ فَإِنْ شَهِدَ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ لَمْ يَكْشِفْ عَنْ شَيْءٍ.
قَالَ فِي الْمُغْنِي لِأَنَّ هَذَا يَثْبُتُ بِهِ إسْلَامُ الْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ فَكَذَلِكَ الْمُرْتَدُّ قَالَ وَلَا حَاجَةَ فِي ثُبُوتِ إسْلَامِهِ إلَى الْكَشْفِ عَنْ صِحَّةِ رِدَّتِهِ وَنَقَلَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَكَمِ عَنْ أَحْمَدَ فِيمَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ ثُمَّ ارْتَدَّ فَشَهِدَ قَوْمٌ عُدُولٌ أَنَّهُ تَنَصَّرَ أَوْ تَهَوَّدَ وَقَالَ هُوَ لَمْ أَفْعَلْ أَنَا مُسْلِمٌ قَالَ أَقْبَلُ قَوْلَهُ وَلَا أَقْبَلُ شَهَادَتَهُمْ وَذَكَرَ كَلَامًا مَعْنَاهُ أَنَّ إنْكَارَهُ أَقْوَى مِنْ الشُّهُودِ وَكَذَلِكَ نَقَلَ عَنْهُ أَبُو طَالِبٍ فِي رَجُلٍ تَنَصَّرَ فَأُخِذَ فَقَالَ لَمْ أَفْعَلْ قَالَ يُقْبَلُ مِنْهُ وَعَلَّلَ بِأَنَّ الْمُرْتَدَّ يُسْتَتَابُ لَعَلَّهُ يَرْجِعُ فَيُقْبَلَ مِنْهُ فَإِذَا أَنْكَرَ بِالْكُلِّيَّةِ فَهُوَ أَوْلَى بِالْقَبُولِ وَلَيْسَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ ثَبَتَ عَلَيْهِ الرِّدَّةُ وَلَا فِيهَا أَنَّهُ وَجَدَ مِنْهُ غَيْرَ إنْكَارِ الرِّدَّةِ، وَأَمَّا مَسْأَلَةُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَكَمِ فَفِيهَا أَنَّهُ قَالَ أَنَا مُسْلِمٌ وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِهِ الْإِسْلَامُ كَالشَّهَادَتَيْنِ وَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ إنْكَارَهُ يَكْفِي فِي الرُّجُوعِ إلَى الْإِسْلَامِ وَلَوْ ثَبَتَ عَلَيْهِ الرِّدَّةُ بِالْبَيِّنَةِ وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِ أَصْحَابِنَا.
وَأَمَّا إنْ ثَبَتَ كُفْرُهُ بِإِقْرَارِهِ عَلَيْهِ ثُمَّ أَنْكَرَ فَفِي الْمُغْنِي يَحْتَمِلُ أَنْ لَا يُقْبَلَ إنْكَارُهُ وَإِنْ سَلَّمْنَا فَلِأَنَّ الْحَدَّ هُنَا وَجَبَ بِقَوْلِهِ فَيُقْبَلُ رُجُوعُهُ عَنْهُ بِخِلَافِ مَا ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ كَمَا فِي حَدِّ الزِّنَا.
[الْقَاعِدَةُ التَّاسِعَة وَالسِّتُّونَ الْعَقْدُ الْوَارِدُ عَلَى عَمَلٍ مُعَيَّنٍ]
(الْقَاعِدَةُ التَّاسِعَة وَالسِّتُّونَ) : الْعَقْدُ الْوَارِدُ عَلَى عَمَلٍ مُعَيَّنٍ إمَّا أَنْ يَكُونَ لَازِمًا ثَابِتًا فِي الذِّمَّةِ بِعِوَضٍ كَالْإِجَارَةِ فَالْوَاجِبُ تَحْصِيلُ ذَلِكَ الْعَمَلِ وَلَا يَتَعَيَّنُ أَنْ يَعْمَلَهُ الْمَعْقُودُ مَعَهُ إلَّا بِشَرْطٍ أَوْ قَرِينَةٍ تَدُلُّ عَلَيْهِ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ غَيْرَ لَازِمٍ وَإِنَّمَا يُسْتَفَادُ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِمُجَرَّدِ الْإِذْنِ فَلَا يَجُوزُ لِلْمَعْقُودِ مَعَهُ أَنْ يُقِيمَ غَيْرَهُ مَقَامَهُ فِي عَمَلِهِ إلَّا بِإِذْنٍ صَرِيحٍ أَوْ قَرِينَةٍ دَالَّةٍ عَلَيْهِ وَيَتَرَدَّدُ بَيْنَ هَذَيْنِ مِنْ كَانَ تَصَرَّفَ بِوِلَايَةٍ إمَّا ثَابِتَةٍ بِالشَّرْعِ كَوَلِيِّ النِّكَاحِ أَوْ بِالْعَقْدِ كَالْحَاكِمِ وَوَلِيِّ الْيَتِيمِ.
أَمَّا الْأَوَّلُ فَلَهُ صُوَرٌ: مِنْهَا الْأَجِيرُ الْمُشْتَرَكُ فَيَجُوزُ لَهُ الِاسْتِنَابَةُ فِي الْعَمَل لِأَنَّهُ ضَمِنَ تَحْصِيلَهُ لَا عَمَلَهُ بِنَفْسِهِ وَاسْتَثْنَى الْأَصْحَابُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ مُتَفَاوِتًا كَالْفَسْخِ فَلَيْسَ لَهُ الِاسْتِنَابَةُ فِيهِ بِدُونِ إذْنِ الْمُسْتَأْجِرِ صَرِيحًا وَنَقَلْتُ مِنْ خَطِّ الْقَاضِي عَلَى ظَهْرِ جُزْءٍ مِنْ خِلَافِهِ قَالَ نَقَلْتُ مِنْ مَسَائِلِ ابْنِ أَبِي حَرْبٍ الْجُرْجَانِيِّ سَمِعَتْ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ سُئِلَ قَالَ دَفَعْت ثَوْبًا إلَى خَيَّاطٍ فَقَطَّعَهُ ثُمَّ دَفَعَهُ إلَى آخَرَ لِيَخِيطَهُ قَالَ هُوَ
ضَامِنٌ وَلَعَلَّ هَذَا فِيمَا [إذَا] دَلَّتْ الْحَالُ عَلَى وُقُوعِ الْعَقْدِ فِيهِ عَلَى خِيَاطَةِ الْمُسْتَأْجِرِ لِجَوْدَةِ صِنَاعَتِهِ وَحِذْقِهِ وَشُهْرَتِهِ بِذَلِكَ وَلَا يَرْضَى الْمُسْتَأْجِرُ بِعَمَلِ غَيْرِهِ وَالْمَذْهَبُ الْجَوَازُ بِدُونِ الْقَرِينَةِ وَعَلَيْهِ بَنَى الْأَصْحَابُ صِحَّةَ شَرِكَةِ الْأَبْدَانِ حَتَّى أَجَازُوهَا مَعَ اخْتِلَافِ الصَّنَائِعِ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ وَكَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا لِعَمَلٍ وَهُوَ لَا يُحْسِنُهُ فَفِي الصِّحَّةِ وَجْهَانِ لِأَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ عَلَى ضَمَانِ تَسْلِيمِ الْعَمَلِ وَتَحْصِيلِهِ لَا عَلَى الْمُبَاشَرَةِ.
وَمِنْهَا لَوْ أَصْدَقَهَا عَمَلًا مَعْلُومًا مُقَدَّرًا بِالزَّمَانِ أَوْ بِغَيْرِهِ وَقُلْنَا يَصِحُّ ذَلِكَ فَهُوَ كَالْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ.
وَأَمَّا الثَّانِي: وَهُوَ الْمُتَصَرِّفُ بِالْإِذْنِ الْمُجَرَّدِ فَلَهُ صُوَرٌ: مِنْهَا الْوَكِيلُ وَفِي جَوَازِ تَوْكِيلِهِ بِدُونِ إذْنٍ رِوَايَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ إلَّا فِيمَا اقْتَضَتْهُ دَلَالَةُ الْحَالِ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ لَا يُبَاشِرُهُ مِثْلُهُ أَوْ يَعْجَزُ عَنْهُ لِكَثْرَتِهِ فَلَهُ الِاسْتِنَابَةُ بِغَيْرِ خِلَافٍ لَكِنْ هَلْ لَهُ الِاسْتِنَابَةُ فِي الْجَمِيعِ أَوْ فِي الْقَدْرِ الْمَعْجُوزِ عَنْهُ خَاصَّةً؟ عَلَى وَجْهَيْنِ وَالْأَوَّلُ اخْتِيَارُ صَاحِبِ الْمُغْنِي
وَالثَّانِي: قَوْلُ الْقَاضِي وَابْنِ عَقِيلٍ.
وَمِنْهَا الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ لَهُ فِيهِ وَفِيهِ طَرِيقَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ كَالْوَكِيلِ وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْكَافِي لِأَنَّهُ اسْتَفَادَ التَّصَرُّفَ بِالْإِذْنِ [فَهُوَ] كَالْوَكِيلِ.
وَالثَّانِي: لَيْسَ لَهُ الِاسْتِنَابَةُ بِدُونِ إذْنٍ أَوْ عُرْفٍ بِغَيْرِ خِلَافٍ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ فِي التَّلْخِيصِ لِقُصُورِ الْعَبْدِ فِي أَمْلَاكِهِ وَتَصَرُّفَاتِهِ فَلَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ بِدُونِ إذْنٍ أَوْ قَرِينَةٍ.
وَمِنْهَا الصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ لَهُ وَهُوَ كَالْوَكِيلِ ذَكَرَهُ فِي الْكَافِي.
وَمِنْهَا الشَّرِيكُ وَالْمُضَارِبُ وَفِيهِمَا طَرِيقَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ حُكْمَهُمَا حُكْمُ الْوَكِيلِ عَلَى الْخِلَافِ فِيهِ وَهِيَ طَرِيقَةُ الْقَاضِي وَالْأَكْثَرِينَ.
وَالثَّانِيَة: يَجُوزُ لَهُمَا التَّوْكِيلُ بِدُونِ إذْنٍ وَهُوَ الْمَجْزُومُ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَكَذَلِكَ رَجَّحَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي رُءُوسِ الْمَسَائِلِ لِعُمُومِ تَصَرُّفِهِمَا وَكَثْرَتِهِ وَطُولِ مُدَّتِهِ غَالِبًا وَهَذِهِ قَرَائِنُ تَدُلُّ عَلَى الْإِذْنِ فِي التَّوْكِيلِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَكَلَامُ ابْنِ عَقِيلٍ يُشْعِرُ بِالتَّفْرِيقِ بَيْنَ الْمُضَارِبِ وَالشَّرِيكِ فَيَجُوزُ لِلشَّرِيكِ التَّوْكِيلُ لِأَنَّهُ عَلَّلَ بِأَنَّ الشَّرِيكَ اسْتَفَادَ بِعَقْدِ الشَّرِكَةِ مَا هُوَ دُونَهُ وَهُوَ الْوَكَالَةُ لِأَنَّهَا أَخَصُّ وَالشَّرِكَةُ أَعَمُّ فَكَانَ لَهُ الِاسْتِنَابَةُ فِي الْأَخَصِّ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ فَإِنَّهُ اسْتَفَادَ بِحُكْمِ الْعَقْدِ مِثْلَ الْعَقْدِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى إلْحَاقِ الْمُضَارِبِ بِالْوَكِيلِ، وَهَذَا الْكَلَامُ فِي تَوْكِيلِهِمَا فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فَأَمَّا دَفْعُ الْمُضَارِبِ الْمَالَ مُضَارَبَةً إلَى غَيْرِهِ فَلَا يَجُوزُ بِدُونِ إذْنٍ صَرِيحٍ نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ وَعَلَّلَ بِأَنَّهُ إنَّمَا ائْتَمَنَهُ عَلَى الْمَالِ فَكَيْفَ يُسَلِّمُهُ إلَى غَيْرِهِ، وَحَكَى فِيهِ رِوَايَةً أُخْرَى بِالْجَوَازِ وَأَمَّا الثَّالِثُ وَهُوَ الْمُتَصَرِّفُ بِالْوِلَايَةِ فَمِنْهُ وَلِيُّ الْيَتِيمِ وَفِيهِ طَرِيقَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ كَالْوَكِيلِ وَهِيَ طَرِيقَةُ الْقَاضِي