الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَنَّهُ أَخَذَ مِنْ يَتِيمٍ أَلْفًا وَشَهِدَ آخَرَانِ عَلَى آخَرَ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَخَذَهَا يَأْخُذُ الْوَلِيُّ بِأَيِّهِمَا شَاءَ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ إذَا صُدِّقَ إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ حُكِمَ لَهُ بِهَا.
[فَصْلٌ لَوْ تَعَلَّقَ الْإِنْشَاءُ بِاسْمٍ لَا يَتَمَيَّزُ بِهِ مُسَمَّاهُ]
" فَصْلٌ " وَلَوْ تَعَلَّقَ الْإِنْشَاءُ بِاسْمٍ لَا يَتَمَيَّزُ بِهِ مُسَمَّاهُ لِوُقُوعِ الشَّرِكَةِ فِيهِ فَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ فِي الْبَاطِنِ مُعَيَّنًا فَهُوَ كَالتَّصْرِيحِ بِالْإِبْهَامِ وَإِنْ نَوَى بِهِ مُعَيَّنًا فَإِنْ كَانَ الْعَقْدُ مِمَّا لَا يُشْتَرَطُ لَهُ الشَّهَادَةُ صَحَّ وَإِلَّا فَفِيهِ خِلَافٌ وَالْإِخْبَارُ تَابِعٌ لِلْإِنْشَاءِ فِي ذَلِكَ وَيَتَخَرَّجُ عَلَى ذَلِكَ مَسَائِلُ:
(مِنْهَا) وُرُودُ عَقْدِ النِّكَاحِ عَلَى اسْمٍ لَا يَتَمَيَّزُ مُسَمَّاهُ وَلَا يَصِحُّ. فَلَوْ قَالَ: زَوَّجْتُكِ بِنْتِي وَلَهُ بَنَاتٌ لَمْ يَصِحَّ، وَأَمَّا إنْ عَيَّنَا فِي الْبَاطِنِ وَاحِدَةً وَعَقَدَا الْعَقْدَ عَلَيْهَا بِاسْمٍ غَيْرِ مُمَيَّزٍ نَحْوَ أَنْ يَقُولَ: بِنْتِي وَلَهُ بَنَاتٌ أَوْ يُسَمِّيَهَا بِاسْمٍ وَيَنْوِيَا فِي الْبَاطِنِ غَيْرَ مُسَمَّاهُ فَفِي الصِّحَّةِ وَجْهَانِ اخْتَارَ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ الصِّحَّةِ وَأَبُو الْخَطَّابِ وَالْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ آخَرَ الْبُطْلَانَ، وَمَأْخَذُهُ أَنَّ النِّكَاحَ يُشْتَرَطُ لَهُ الشَّهَادَةُ وَيَتَعَذَّرُ الْإِشْهَادُ عَلَى النِّيَّةِ. وَعَنْ أَبِي حَفْصٍ الْعُكْبَرِيِّ إنْ كَانَتْ الْمُسَمَّاةُ غَلَطًا لَا يَحِلُّ نِكَاحُهَا لِكَوْنِهَا مُزَوَّجَةً أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ صَحَّ النِّكَاحُ وَإِلَّا فَلَا، فَلَوْ وَقَعَ مِثْلُ هَذَا فِي غَيْرِ النِّكَاحِ مِمَّا لَا يُشْتَرَطُ لَهُ الشَّهَادَةُ فَإِنْ قُلْنَا فِي النِّكَاحِ يَصِحُّ فَفِي غَيْرِهِ أَوْلَى، وَإِنْ قُلْنَا فِي النِّكَاحِ لَا يَصِحُّ فَمُقْتَضَى تَعْلِيلِ مَنْ عَلَّلَ بِاشْتِرَاطِ الشَّهَادَةِ أَنْ يَصِحَّ فِي غَيْرِهِ مِمَّا لَا يُعْتَبَرُ الْإِشْهَادُ عَلَيْهِ لِصِحَّتِهَا.
(وَمِنْهَا) الْوَصِيَّةُ لِجَارِهِ مُحَمَّدٍ وَلَهُ جَارَانِ بِهَذَا الِاسْمِ فَلَهُ حَالَتَانِ: إحْدَاهُمَا، أَنْ يُعْلَمَ بِقَرِينَةٍ أَوْ غَيْرِهَا أَنَّهُ أَرَادَ وَاحِدًا مِنْهُمَا مُعَيَّنًا وَأَشْكَلَ عَلَيْنَا مَعْرِفَتُهُ فَهَهُنَا يَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِغَيْرِ تَرَدُّدٍ وَيَخْرُجُ الْمُسْتَحِقُّ مِنْهُمَا بِالْقُرْعَةِ عَلَى قِيَاسِ الْمَذْهَبِ فِي اشْتِبَاهِ الْمُسْتَحِقِّ لِلْمَالِ بِغَيْرِهِ مِنْ الزَّوْجَةِ الْمُطَلَّقَةِ، وَالسِّلْعَةِ الْمَبِيعَةِ وَغَيْرِهِمَا.
وَالْحَالَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يُطَلِّقَ وَقَدْ يَذْهَلُ عَنْ تَعْيِينِ أَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ فَهُوَ كَالْوَصِيَّةِ لِأَحَدِهِمَا مُبْهَمًا، وَكَذَلِكَ حَكَى الْأَصْحَابُ فِي الصِّحَّةِ رِوَايَتَيْنِ وَلَكِنَّ الْمَنْصُوصَ عَنْ أَحْمَدَ الصِّحَّةُ.
قَالَ صَالِحٌ: سَأَلْتُ أَبِي عَنْ رَجُلٍ مَاتَ وَلَهُ ثَلَاثَةُ غِلْمَانٍ ثَلَاثَتُهُمْ اسْمُهُمْ فَرَجٌ فَوَصَّى عِنْدَ مَوْتِهِ فَقَالَ فَرَجٌ حُرٌّ وَفَرَجٌ لَهُ مِائَةٌ وَفَرَجٌ لَيْسَ لَهُ شَيْءٌ. قَالَ أَبِي: يُقْرَعُ بَيْنَهُمْ فَمَنْ أَصَابَتْهُ الْقُرْعَةُ فَهُوَ حُرٌّ وَأَمَّا صَاحِبُ الْمِائَةِ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَذَلِكَ أَنَّهُ عَبْدٌ وَالْعَبْدُ هُوَ وَمَالُهُ لِسَيِّدِهِ. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى الصِّحَّةِ مَعَ اشْتَرَاكِ الِاسْمِ ; لِأَنَّهُ إنَّمَا عَلَّلَ الْبُطْلَانَ هَهُنَا لِكَوْنِهِ عَبْدًا فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ حُرًّا لَاسْتَحَقَّ، وَزَعَمَ صَاحِبُ الْمُغْنِي أَنَّ رِوَايَةَ صَالِحٍ تَدُلُّ عَلَى بُطْلَانِ الْوَصِيَّةِ وَخَالَفَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ.
وَنَقَلَ حَنْبَلٌ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: فِي رَجُلٍ لَهُ غُلَامَانِ اسْمُهُمَا وَاحِدٌ فَأَوْصَى عِنْدَ مَوْتِهِ فَقَالَ: فُلَانٌ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي لِأَحَدِ الْغُلَامَيْنِ وَلَهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ، وَفُلَانٌ لَيْسَ هُوَ حُرٌّ وَاسْمُهُمَا وَاحِدٌ، فَقَالَ: يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا فَمَنْ أَصَابَتْهُ الْقُرْعَةُ فَهُوَ حُرٌّ وَأَمَّا صَاحِبُ الْمِائَتَيْنِ فَلَيْسَ لَهُ شَيْءٌ وَذَلِكَ أَنَّهُ عَبْدٌ وَالْعَبْدُ وَمَالُهُ لِسَيِّدِهِ وَهَذِهِ لَا تَدُلُّ عَلَى مِثْلِ مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ رِوَايَةُ صَالِحٍ لَكِنَّ السُّؤَالَ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُوصَى لَهُ بِالْمِائَتَيْنِ هُوَ الْعَتِيقُ وَالْجَوَابُ يَدُلُّ عَلَى خِلَافِهِ، وَمِنْ
ثُمَّ زَعَمَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ أَنَّهَا تَدُلُّ عَلَى بُطْلَانِ الْوَصِيَّةِ لِلْإِبْهَامِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ ; لِأَنَّهُ إنَّمَا عَلَّلَ بِكَوْنِهِ عَبْدًا لَمْ يُعْتَقْ وَتَأَوَّلَهَا الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ عَلَى أَنَّ الْوَصِيَّةَ لَمْ تَصِحَّ لِكَوْنِهِ عَبْدًا حَالَ الْإِيصَاءِ وَلَا يَكْفِي حُرِّيَّتُهُ حَالَ الِاسْتِحْقَاقِ، وَعَلَى هَذَا فَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِأُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرِ وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا.
وَجَوَابُ أَحْمَدَ إنَّمَا يَتَنَزَّلُ عَلَى أَنَّ الْمُوصَى لَهُ بِالدَّرَاهِمِ غَيْرُ الْمُعْتِقِ. وَنَقَلَ يَعْقُوبُ بْنُ بُخْتَانَ أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ سَأَلَ عَنْ رَجُلٍ لَهُ ثَلَاثَةُ غِلْمَانٍ اسْمُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَرَجٌ، فَقَالَ: فَرَجٌ حُرٌّ وَلِفَرَجٍ مِائَةُ دِرْهَمٍ.
قَالَ: يُقْرَعُ بَيْنَهُمْ فَمَنْ خَرَجَ سَهْمُهُ فَهُوَ حُرٌّ وَاَلَّذِي أَوْصَى لَهُ بِالْمِائَةِ لَا شَيْءَ لَهُ ; لِأَنَّ هَذَا مِيرَاثٌ، وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ مِنْ جِنْسِ مَا قَبْلَهَا حَيْثُ عَلَّلَ فِيهَا بِبُطْلَانِ الْوَصِيَّةِ بِكَوْنِ الْعَبْدِ الْمُوصَى لَهُ مِيرَاثًا لِلْوَرَثَةِ فَهَذِهِ الرِّوَايَاتُ الَّتِي سَاقَهَا الْخَلَّالُ فِي الْجَامِعِ وَكُلُّهَا دَالَّةٌ عَلَى الصِّحَّةِ وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي وَسَاقَهَا أَبُو بَكْرٍ فِي الشَّافِي عَلَى أَنَّ الْمُوصَى لَهُ بِالدَّرَاهِمِ هُوَ الْمُعْتَقُ وَأَنَّ أَحْمَدَ صَحَّحَ الْوَصِيَّةَ لَهُ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ وَأَبْطَلَهَا فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَبِالصِّحَّةِ أَقُولُ، وَفِي الْخَلَّالِ أَيْضًا عَنْ مُهَنَّا أَنَّ أَحْمَدَ قَالَ فِي رَجُلَيْنِ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ أَوْصَى عِنْدَ مَوْتِهِ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ مِنْ أَصْحَابِ فُلَانٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ أَوْ أَحَالَهُ بِهَا وَالشُّهُودُ لَا يَعْرِفُونَ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ كَيْفَ يَصْنَعُونَ وَقَدْ مَاتَ الرَّجُلُ؟ قَالَ: يَنْظُرُونَ فِي أَصْحَابِ فُلَانٍ فِيهِمْ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ مِنْ أَصْحَابِ فُلَانٍ؟ قُلْت: فَإِنْ جَاءَ رَجُلَانِ فَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: أَنَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ مِنْ أَصْحَابِ فُلَانٍ قَالَ: فَلَا يَدْفَعُ إلَيْهِمَا شَيْئًا حَتَّى يَكُونَ رَجُلٌ وَاحِدٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ أَحْمَدَ لَمْ يَتَوَقَّفْ فِي الدَّفْعِ إلَّا لِيَتَيَقَّنَ الْمُسْتَحِقَّ مِنْ غَيْرِهِ لَا لِصِحَّةِ الْوَصِيَّةِ فَإِنَّهَا هَهُنَا لِمُعَيَّنٍ فِي نَفْسٍ وَإِنَّمَا اشْتَبَهَ عَلَيْنَا لِاشْتِرَاكِ الِاسْمَيْنِ فَلِذَلِكَ وُقِفَ الدَّفْعُ عَلَى مَعْرِفَةِ عَيْنِ الْمُسْتَحِقِّ إذَا رُجِيَ انْكِشَافُ الْحَالِ وَأَمَّا مَعَ الْإِيَاسِ مِنْ ذَلِكَ فَيَتَعَيَّنُ تَعْيِينَ الْمُسْتَحِقِّ بِالْقُرْعَةِ قَالَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ الْمُتَقَدِّمِينَ وَهُوَ الْحَقُّ.
(وَمِنْهَا) اشْتِبَاهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذَا كَتَبَ الْقَاضِي إلَى قَاضِي بَلَدٍ آخَرَ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْمُسَمَّى الْمَوْصُوفِ كَذَا. فَأَحْضَرَهُ الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ بِالصِّفَةِ وَالنَّسَبِ فَادَّعَى أَنَّ لَهُ مُشَارِكًا فِي ذَلِكَ وَلَمْ يَثْبُتْ حُكْمٌ عَلَيْهِ وَإِنْ أَثْبَتَ أَنَّ لَهُ مُشَارِكًا فِي الِاسْمِ وَالصِّفَةِ وَالنَّسَبِ وُقِفَ حَتَّى يُعْلَمَ الْخَصْمُ مِنْهُمَا وَلَمْ يَجُزْ الْقَضَاءُ مَعَ عَدَمِ الْعِلْمِ. أَمَّا لَوْ كَانَ الْمُدَّعِي الْمَكْتُوبُ فِيهِ حَيَوَانًا أَوْ عَبْدًا مَوْصُوفًا وَلَمْ يَثْبُتْ لَهُ مُشَارِكٌ فَفِيهِ وَجْهَانِ: أَشْهَرُهُمَا أَنَّهُ يُسَلَّمُ إلَى الْمُدَّعِي مَخْتُومُ الْعِتْقِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ كَفِيلٌ حَتَّى يَأْتِيَ الْقَاضِي الْكَاتِبُ فَيَشْهَدَ الشُّهُودُ عَلَى عَيْنِهِ وَيُقْضَى لَهُ بِهِ، وَإِنْ يَشْهَدُوا عَلَى عَيْنِهِ وَجَبَ رَدُّهُ إلَى الْحَاكِمِ الَّذِي سَلَّمَهُ وَيَكُونُ فِي ضَمَانِ الَّذِي أَخَذَهُ ; لِأَنَّهُ أَخَذَهُ بِغَيْرِ اسْتِحْقَاقٍ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُسَلَّمُ