الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيَنْدَرِجُ تَحْتَ ذَلِكَ صُوَرٌ: (مِنْهَا) مَسْحُ الْأُذُنَيْنِ الْمَذْهَبُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ مَسْحُهُمَا مَرَّةً وَاحِدَةً إمَّا مَعَ الرَّأْسِ أَوْ بِمَاءٍ جَدِيدٍ وَلَا يُسَنُّ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا وَحُكِيَ عَنْ الْقَاضِي عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ جَلَبَةَ قَاضِي حَرَّانَ أَنَّ الْأَفْضَلَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا عَمَلًا بِالْحَدِيثَيْنِ
(وَمِنْهَا) الِاسْتِفْتَاحُ فَالْمَذْهَبُ أَنَّ الْأَفْضَلَ الِاسْتِفْتَاحُ بِسُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ وَاخْتَارَ ابْنُ هُبَيْرَةَ أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الِاسْتِفْتَاحِ الْغَيْهَمِ وَجْهِي أَفْضَلُ، وَذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رحمه الله أَنَّهُ يَسْتَفْتِحُ كَذَلِكَ، وَلَكِنْ وَرَدَ فِي الْجَمْعِ أَحَادِيث مُتَعَدِّدَةٌ وَفِيهَا ضَعْفٌ وَبِتَقْدِيرِ ثُبُوتِهَا فَلَا تَكُونُ الْمَسْأَلَةُ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ.
(وَمِنْهَا) إجَابَةُ الْمُؤَذِّنِ هَلْ يُشْرَعُ فِيهَا الْجَمْعُ بَيْنَ الْحَيْعَلَةِ وَالْحَوْقَلَةِ أَمْ لَا وَكَذَا فِي التَّثْوِيبِ فِي الْفَجْرِ فِيهِ وَجْهَانِ.
(وَمِنْهَا) سُنَّةُ الْجُمُعَةِ بَعْدَهَا نَقَلَ إبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ عَنْ أَحْمَدَ رحمه الله أَنَّهُ قَالَ: أَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِأَرْبَعِ رَكَعَاتٍ وَصَلَّى هُوَ رَكْعَتَيْنِ فَأَيَّهُمَا فَعَلْتَ فَحَسَنٌ وَإِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَحْتَاطَ صَلَّيْتَ رَكْعَتَيْنِ وَأَرْبَعًا جَمَعْت فِعْلَهُ وَأَمْرَهُ وَهَذَا مَأْخَذٌ غَرِيبٌ لِاسْتِحْبَابِ السِّتِّ، وَأَمَّا الْأَصْحَابُ فَلَمْ يَسْتَنِدُوا إلَّا إلَى مَا نُقِلَ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ مِنْ صَلَاتِهِ سِتَّ رَكَعَاتٍ
(وَمِنْهَا) أَلْفَاظُ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي التَّشَهُّدِ فَإِنَّهُ قَدْ وَرَدَ فِيهَا كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ وَوَرَدَ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إبْرَاهِيمَ فَهَلْ يُقَالُ الْأَفْضَلُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فَإِنَّ مِنْ الْأَصْحَابِ مَنْ اخْتَارَ الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا وَقَدْ يَكُونُ مُسْتَنَدُهُ جَمْعَ الرِّوَايَتَيْنِ وَأَنْكَرَ الشَّيْخُ رحمه الله ذَلِكَ وَقَالَ لَمْ يَبْلُغْنِي فِيهِ حَدِيثٌ مُسْنَدٌ ثَابِتٌ بِالْجَمْعِ بَيْنَهُمَا وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ لِأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ هَذَا تَارَةً وَهَذَا تَارَةً فَأَحَدُ اللَّفْظَيْنِ بَدَلٌ عَنْ الْآخَرِ وَلَا يَصِحُّ الْجَمْعُ بَيْنَ الْبَدَلِ وَالْمُبْدَلِ كَذَا قَالَ، وَقَدْ ثَبَتَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيّ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا مِنْ حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيّ مِنْ حَدِيث كَعْبٍ أَيْضًا وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي طَلْحَةَ.
[الْقَاعِدَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ وَجَدْنَا أَثَرًا مَعْلُولًا لِعِلَّةٍ وَوَجَدْنَا فِي مَحَلِّهِ عِلَّةً صَالِحَةً لَهُ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْأَثَرُ مَعْلُولًا لِغَيْرِهَا]
(الْقَاعِدَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ) إذَا وَجَدْنَا أَثَرًا مَعْلُولًا لِعِلَّةٍ وَوَجَدْنَا فِي مَحَلِّهِ عِلَّةً صَالِحَةً لَهُ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْأَثَرُ مَعْلُولًا لِغَيْرِهَا لَكِنْ لَا يَتَحَقَّقُ وُجُودُ غَيْرِهَا، فَهَلْ يُحَالُ ذَلِكَ الْأَثَرُ عَلَى تِلْكَ الْعِلَّةِ الْمَعْلُومَةِ أَمْ لَا؟ فِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ وَلَهَا صُوَرٌ كَثِيرَةٌ قَدْ يَقْوَى فِي بَعْضِهَا الْإِحَالَةُ وَفِي بَعْضِهَا الْعَدَمُ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنْ لَا عِلَّةَ سِوَى هَذِهِ الْمُتَحَقِّقَةِ وَقَدْ يَظْهَرُ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ الْإِحَالَةُ عَلَيْهَا فَيَتَوَافَقُ الْأَصْلُ الظَّاهِرُ، وَقَدْ تَظْهَرُ الْإِحَالَةُ عَلَى غَيْرِهَا فَيَخْتَلِفَانِ.
فَمِنْ صُوَرِ الْمَسْأَلَةِ) مَا إذَا وَقَعَ فِي الْمَاءِ نَجَاسَةٌ ثُمَّ غَابَ عَنْهُ ثُمَّ وَجَدَهُ مُتَغَيِّرًا فَإِنَّهُ يُحْكَمُ بِنَجَاسَتِهِ عِنْدَ الْأَصْحَابِ إحَالَةً لِلتَّغْيِيرِ عَلَى النَّجَاسَةِ الْمَعْلُومِ طِرْمِسَاءِ فِيهِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ وُجُودِ مُغَيِّرٍ غَيْرِهَا وَخَرَّجَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ فِيهِ وَجْهًا آخَرَ أَنَّهُ طَاهِرٌ مِنْ مَسْأَلَةِ الصَّيْدِ الْآتِيَةِ وَالْأُولَى أَوْلَى لِأَنَّ الْأَصْلَ طَهَارَةُ الْمَاءِ فَلَا يُزَالُ عَنْهَا بِالشَّكِّ.
(وَمِنْهَا) مَا إذَا وُجِدَ مِنْ النَّائِمِ قَبْلَ نَوْمِهِ سَبَبٌ يَقْتَضِي خُرُوجَ الْمَذْيِ مِنْهُ مِنْ تَفَكُّرٍ أَوْ مُلَاعَبَةٍ وَنَحْوِهِمَا ثُمَّ نَامَ وَاسْتَيْقَظَ وَوَجَدَ بَلَلًا لَمْ يَتَيَقَّنْهُ مَنِيًّا وَلَمْ يَذْكُرْ حُلْمًا فَإِنَّ الْمَنْصُوصَ عَنْ أَحْمَدَ رحمه الله أَنَّهُ لَا غُسْلَ عَلَيْهِ إحَالَةً لِلْخَارِجِ عَلَى السَّبَبِ الْمُتَيَقَّنِ وَهُوَ الْمُقْتَضِي لِخُرُوجِ الْمَذْيِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ وُجُودِ غَيْرِهِ وَقَدْ تَيَقَّنَ وُجُودَهُ وَحُكِيَ عَنْ أَحْمَدَ رحمه الله رِوَايَةً أُخْرَى بِوُجُوبِ الْغُسْلِ
(وَمِنْهَا) لَوْ جَرَحَ صَيْدًا جُرْحًا غَيْرَ مُوَحٍّ ثُمَّ غَابَ عَنْهُ وَوَجَدَهُ مَيْتًا وَلَا أَثَرَ فِيهِ غَيْرُ سَهْمِهِ فَهَلْ يَحِلُّ أَكْلُهُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ يَحِلُّ لِحَدِيثِ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ.
وَالثَّانِيَة: لَا يَحِلُّ لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما كُلْ مَا أَصْمَيْتَ وَدَعْ مَا أَنْمَيْتَ وَلِذَلِكَ تُسَمَّى مَسْأَلَةَ الْإِصْمَاءِ وَالْإِنْمَاءِ، وَفِيهِ رِوَايَةٌ ثَالِثَةٌ إنْ غَابَ عَنْهُ لَيْلَةً لَمْ يَحِلَّ وَإِلَّا حَلَّ وَفِيهِ حَدِيثٌ مَرْفُوعٌ وَفِيهِ ضَعْفٌ، وَعُلِّلَ بِأَنَّ هَوَامَّ اللَّيْلِ كَثِيرَةٌ فَكَأَنَّ الظَّاهِرَ هُنَا وَهُوَ وُجُودُ سَبَبٍ آخَرَ حَصَلَ مِنْهُ الزُّهُوقُ قَوِيٌّ عَلَى الْأَصْلِ وَهُوَ عَدَمُ إصَابَةِ غَيْرِ السَّهْمِ لَهُ
(وَمِنْهَا) لَوْ جَرَحَ الْمُحْرِمُ صَيْدًا جُرْحًا غَيْرَ مُوَحٍّ ثُمَّ غَابَ عَنْهُ ثُمَّ وَجَدَهُ مَيْتًا فَهَلْ يَضْمَنُهُ كُلَّهُ أَوْ أَرْشَ الْجُرْحِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ وَجَزَمَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ بِضَمَانِ أَرْشِ الْجُرْحِ فَقَطْ لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ.
(وَمِنْهَا) لَوْ جَرَحَ آدَمِيًّا مَعْصُومًا جُرْحًا غَيْرَ مُوحٍ ثُمَّ مَاتَ وَادَّعَى أَنَّهُ مَاتَ بِسَبَبٍ غَيْرِ سِرَايَةِ جُرْحِهِ وَأَنْكَرَ الْوَلِيُّ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَلِيِّ مَعَ يَمِينِهِ وَلَمْ يَحْكِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ فِي ذَلِكَ خِلَافًا إحَالَةً لِلزُّهُوقِ عَلَى الْجُرْحِ الْمَعْلُومِ، وَفِي الْمُجَرَّدِ أَنَّهُ إنْ مَاتَ عَقِيبَ الْجُرْحِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَلِيِّ وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ مُدَّةٍ يَنْدَمِلُ الْجُرْحُ فِي مِثْلِهَا.
فَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ ضِمْنًا مِنْ الْجُرْحِ حَتَّى مَاتَ فَكَذَلِكَ وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْجَانِي وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرَ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْوَلِيِّ.
(وَمِنْهَا) لَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ وَلَهَا وَلَدٌ هَذَا الْوَلَدُ مِنِّي، فَهَلْ يَثْبُتُ بِذَلِكَ اسْتِيلَادُ الْأَمَةِ عَلَى وَجْهَيْنِ:
(أَحَدُهُمَا) : نَعَمْ لِأَنَّا لَا نَعْلَمُ سَبَبًا يَتَحَقَّقُ بِهِ لُحُوقُ النَّسَبِ [هُنَا] غَيْرَ مِلْكِ الْيَمِينِ فَيُحَالُ اللُّحُوقُ عَلَيْهِ فَيَسْتَلْزِمُ ذَلِكَ ثُبُوتَ الِاسْتِيلَادِ فِي الْأَمَةِ.
(وَالثَّانِي) لَا لِاحْتِمَالِ اسْتِيلَادِهِ قَبْلَ ذَلِكَ فِي نِكَاحٍ أَوْ وَطْءِ شُبْهَةٍ.
(وَمِنْهَا) لَوْ ادَّعَى رِقَّ مَجْهُولِ النَّسَبَ فَشَهِدَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ أَنَّ أَمَتَهُ وَلَدَتْهُ وَلَمْ تَقُلْ فِي مِلْكِهِ فَهَلْ يُحْكَمُ لَهُ بِهِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ
رَجَّحَ الشَّيْخُ مَجْدُ الدِّينِ أَنَّهَا إنْ شَهِدَتْ أَنَّ أَمَتَهُ وَلَدَتْهُ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا فِيهِ إضَافَةُ الْوَلَدِ إلَى الْأَمَة الْمُضَافَةِ إلَيْهِ حُكِمَ لَهُ بِالْوَلَدِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ بِأَنْ شَهِدَتْ أَنَّ هَذَا وَلَدُ هَذِهِ الْأَمَةِ وَأَنَّ أُمَّهُ مِلْكٌ لَهُ لَمْ يُحْكَمْ لَهُ بِالْوَلَدِ
(وَمِنْهَا) لَوْ قَالَ رَجُلٌ: هَذَا ابْنِي مِنْ زَوْجَتِي وَادَّعَتْ زَوْجَتُهُ ذَلِكَ وَادَّعَتْهُ امْرَأَةٌ أُخْرَى فَهُوَ ابْنُ الرَّجُلِ وَهَلْ تُرَجَّحُ زَوْجَتُهُ عَلَى الْأُخْرَى؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: تُرَجَّحُ لِأَنَّ زَوْجَهَا أَبُوهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا أُمُّهُ.
وَالثَّانِي: يَتَسَاوَيَانِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا لَوْ انْفَرَدَتْ لَأُلْحِقَ بِهَا فَإِذَا اجْتَمَعَتَا تَسَاوَتَا [ذَكَرَهُ فِي الْمُغْنِي] .
(وَمِنْهَا) لَوْ بَاعَ أَمَةً لَهُ مِنْ رَجُلٍ فَوَلَدَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّهُ وَلَدُهُ فَصَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي أَنَّهَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لِلْبَائِعِ وَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ رحمه الله فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا وَذَكَره أَبُو بَكْرٍ وَذَكَرَ ذَلِكَ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ وَتَأَوَّلَهُ عَلَى أَنَّهُ ادَّعَى أَنَّهَا وَلَدَتْ فِي مِلْكِهِ وَصَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي عَلَى ذَلِكَ.
(وَمِنْهَا) لَوْ وَلَدَتْ الْمُطَلَّقَةُ الرَّجْعِيَّةُ وَلَدًا لَا يُمْكِنُ إلْحَاقُهُ بِالْمُطَلِّقِ إلَّا بِتَقْدِيرِ وَطْءٍ حَاصِلٍ مِنْهُ فِي زَمَنِ الْعِدَّةِ، فَهَلْ يَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ فِي هَذِهِ الْحَالِ أَمْ لَا؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ أَصَحُّهُمَا لُحُوقُهُ لِأَنَّ الْفِرَاشَ لَمْ يَزُلْ بِالْكُلِّيَّةِ فَإِحَالَةُ الْحَمْلِ عَلَيْهِ أَوْلَى كَحَالَةِ صُلْبِ النِّكَاحِ وَعَلَى هَذَا فَهَلْ يُحْكَمُ بِارْتِجَاعِهَا بِلُحُوقِ النَّسَبِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَصَحُّهُمَا وَهُوَ الْمَنْصُوصُ أَنَّهَا [تَصِيرُ] مُرْتَجَعَةً بِذَلِكَ وَيَنْبَنِي عَلَى ذَلِكَ مَسْأَلَةٌ مُشْكِلَةٌ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالْوِلَادَةِ ذَكَرَهَا صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ فِيهِ وَأَمَّا شَكْلُ تَوْجِيهِهَا عَلَى الْأَصْحَابِ فَقَدْ أَفْرَدْنَا لَهَا جُزْءًا.
(وَمِنْهَا) أَنَّهُ يَجُوزُ اسْتِيفَاءُ الْحَقِّ مِنْ مَالِ الْغَرِيمِ إذَا كَانَ ثُمَّ سَبَبٌ ظَاهِرٌ يُحَالُ الْأَخْذُ عَلَيْهِ وَلَا يَجُوزُ إذَا كَانَ السَّبَبُ خَفِيًّا، هَذَا هُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ فَيُبَاحُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَأْخُذَ مِنْ مَالِ زَوْجِهَا نَفَقَتَهَا وَنَفَقَةَ وَلَدِهَا بِالْمَعْرُوفِ وَلِلضَّيْفِ إذَا نَزَلَ بِالْقَوْمِ فَلَمْ يُقْرُوهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ بِقَدْرِ قِرَاهُ بِالْمَعْرُوفِ لِأَنَّ السَّبَبَ إذَا ظَهَرَ لَمْ يُنْسَبْ أَخْذُهُ إلَى خِيَانَةٍ بَلْ يُحَالُ أَخْذُهُ عَلَى السَّبَبِ الظَّاهِرِ بِخِلَافِ مَا إذَا خَفِيَ فَإِنَّهُ يُنْسَبُ بِالْأَخْذِ إلَى الْخِيَانَةِ.
(وَمِنْهَا) لَوْ قَالَ فِي مَرَضِهِ أَنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي هَذَا فَسَالِمٌ حُرّ وَإِنْ بَرِئْت مِنْهُ فَغَانِمٌ حُرٌّ ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ يُعْلَمْ هَلْ مَاتَ مِنْ الْمَرَضِ أَوْ بَرِئَ مِنْهُ فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ (أَحَدُهَا) يُعْتَقُ سَالِمٌ لِأَنَّ الْأَصْلَ دَوَامُ الْمَرَضِ وَعَدَمُ الْبُرْءِ وَلِأَنَّنَا قَدْ تَحَقَّقْنَا انْعِقَادَ سَبَبِ الْمَوْتِ بِمَرَضِهِ وَشَكَكْنَا فِي حُدُوثِ سَبَبٍ آخَرَ غَيْرِهِ فَيُحَالُ الْمَوْتُ عَلَى سَبَبِهِ الْمَعْلُومِ.
(وَالثَّانِي) : يُعْتَقُ أَحَدُهُمَا بِالْقُرْعَةِ لِأَنَّ أَحَدَ الشَّرْطَيْنِ وُجِدَ ظَاهِرًا وَجُهِلَ عَيْنُهُ.
(وَالثَّالِثُ) لَا يُعْتَقُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ مَاتَ فِي مَرَضِهِ ذَلِكَ بِسَبَبِ حَادِثٍ فِيهِ مِنْ قَتْلٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَمْ يَمُتْ مِنْ مَرَضِهِ وَلَمْ يَبْرَأْ مِنْهُ فَلَمْ يَتَحَقَّقْ وُجُودُ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرْطَيْنِ.
(وَمِنْهَا) لَوْ أَصْدَقَهَا تَعْلِيمَ سُورَةٍ مِنْ الْقُرْآنِ ثُمَّ طَلَّقَهَا وَوُجِدَتْ حَافِظَةً لَهَا وَتَنَازَعَا هَلْ عَلَّمَهَا الزَّوْجُ فَبَرِئَ مِنْ الصَّدَاقِ أَمْ لَا فَأَيُّهُمَا