الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَجَبَ بِالْوَطْءِ وَالْوَاجِبُ بِالْوَطْءِ مَهْرُ الْمِثْلِ. وَهَذَا ضَعِيفٌ فَإِنَّ الِاسْتِحْلَالَ يَحْصُلَ بِمُحَاوِلَةِ الْحِلِّ وَتَحْصِيلِهِ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ الْوَطْءُ.
وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى اسْتِحْلَالِ مَا لَمْ يَحِلَّ مِنْ الْأَجْنَبِيَّةِ مِثْلُهُ وَهُوَ الْخَلْوَةُ أَوْ الْمُبَاشَرَةُ وَذَلِكَ مُقَرَّرٌ عِنْدَنَا لِلْمَهْرِ. وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِلْمُلَاعِنِ مِثْلَ ذَلِكَ وَلَيْسَ مَحْمُولًا عِنْدَنَا إلَّا عَلَى [مِثْلِ] مَا ذَكَرْنَا لَا عَلَى حَقِيقَةِ الْوَطْءِ، فَأَمَّا عُقُودُ الْمُشَارَكَاتِ إذَا فَسَدَتْ كَالشَّرِكَةِ وَالْمُضَارَبَةِ فَهَلْ يَجِبُ الْمُسَمَّى فِيهَا أَوْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ؟ فِيهِ خِلَافٌ بَيْنَ الْأَصْحَابِ وَلَيْسَ ذَلِكَ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ لِأَنَّ كَلَامَنَا فِي ضَمَانِ الْقَابِضِ بِالْعَقْدِ الْفَاسِدِ وَهَذِهِ الْعُقُودُ لَا ضَمَانَ فِيهَا عَلَى الْقَابِضِ، وَإِنَّمَا يَجِبُ لَهُ فِيهَا الْعِوَضُ بِعَمَلِهِ أَمَّا الْمُسَمَّى وَأَمَّا أُجْرَةُ الْمِثْلِ عَلَى خِلَافٍ فِيهِ.
[الْقَاعِدَةُ الثَّامِنَةُ وَالْأَرْبَعُونَ كُلّ مَنْ مَلَكَ شَيْئًا بِعِوَضٍ مَلَكَ عَلَيْهِ عِوَضَهُ فِي آنٍ وَاحِدٍ]
(الْقَاعِدَةُ الثَّامِنَةُ وَالْأَرْبَعُونَ) : كُلُّ مَنْ مَلَكَ شَيْئًا بِعِوَضٍ مَلَكَ عَلَيْهِ عِوَضَهُ فِي آنٍ وَاحِدٍ وَيَطَّرِدُ هَذَا فِي الْبَيْعِ وَالسَّلَمِ وَالْقَرْضِ وَالْإِجَارَةِ فَيَمْلِكُ الْمُسْتَأْجِرُ الْمَنَافِعَ وَالْمُؤَجِّرُ الْأُجْرَةَ بِنَفْسِ الْعَقْدِ، وَكَذَلِكَ فِي النِّكَاحِ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ فَيَمْلِكُ الزَّوْجُ مَنْفَعَةَ الْبُضْعِ بِالْعَقْدِ وَتَمْلِكُ الْمَرْأَةُ بِهِ الصَّدَاقَ كُلَّهُ وَكَذَلِكَ الْكِتَابَةُ تُمَلِّكُ الْعَبْدَ مَنَافِعَهُ وَاكْتِسَابَهُ وَتُمَلِّكُ عَلَيْهِ النُّجُومَ بِنَفْسِ الْعَقْدِ، وَكَذَلِكَ الْخُلْعُ وَالْإِعْتَاقُ عَلَى مَالٍ، وَكَذَلِكَ الْمُعَاوَضَاتُ الْقَهْرِيَّةُ كَأَخْذِ الْمُضْطَرِّ طَعَامَ الْغَيْرِ وَأَخْذِ الشَّفِيعِ الشِّقْصَ وَنَحْوِهِمَا، وَأَمَّا تَسْلِيمُ الْعِوَضَيْنِ فَمَتَى كَانَ أَحَدُهُمَا مُؤَجَّلًا لَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ الْمُطَالَبَةَ بِتَسْلِيمِ الْآخَرِ وَإِنْ كَانَا حَالَّيْنِ فَفِي الْبَيْعِ إنْ كَانَ الثَّمَنُ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ فَالْمَذْهَبُ وُجُوبُ إقْبَاضِ الْبَائِعِ أَوَّلًا لِأَنَّ حَقَّ الْمُشْتَرِي تَعَلَّقَ بِعَيْنٍ فَقُدِّمَ عَلَى الْحَقِّ الْمُتَعَلِّقِ بِالذِّمَّةِ وَلَا يَجُوزُ لِلْبَائِعِ حَبْسُ الْمَبِيعِ عِنْدَهُ عَلَى الثَّمَنِ عَلَى الْمَنْصُوصِ لِأَنَّهُ صَارَ فِي يَدِهِ أَمَانَةً فَوَجَبَ رَدُّهُ بِالْمُطَالَبَةِ كَسَائِرِ الْأَمَانَاتِ، اخْتَارَ صَاحِبُ الْمُغْنِي أَنَّ لَهُ الِامْتِنَاعَ مِنْ إقْبَاضِهِ حَتَّى يُحْضِرَ الثَّمَنَ لِأَنَّ تَسْلِيمَهُ بِدُونِ الثَّمَنِ ضَرَرًا بِفَوَاتِ الثَّمَنِ عَلَيْهِ فَلَا يَلْزَمُ تَسْلِيمُهُ حَتَّى يُحْضِرَهُ وَقَالَ أَبُو الْخَطَّاب فِي انْتِصَارِهِ الصَّحِيحُ عِنْدِي أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ التَّسْلِيمُ حَتَّى يَتَسَلَّمَ الثَّمَنَ كَمَا فِي النِّكَاحِ وَإِنْ كَانَ عَيْنًا فَهُمَا سَوَاءٌ وَلَا يُجْبَرُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْبَدَاءَةَ بِالتَّسْلِيمِ بَلْ يَنْصَبُّ عِنْدَ التَّنَازُعِ مَنْ يَقْبِضُ مِنْهُمَا ثُمَّ يُقَبِّضُهُمَا فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ خِيَارٌ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا لَمْ يَمْلِكْ الْبَائِعُ الْمُطَالَبَةَ بِالنَّقْدِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي الْإِجَارَاتِ مِنْ خِلَافِهِ وَصَرَّحَ بِهِ الْأَزَجِيُّ فِي نِهَايَتِهِ وَلَا يَمْلِكُ الْمُشْتَرِي قَبْضَ الْمَبِيعِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ بِدُونِ إذْنٍ صَرِيحٍ مِنْ الْبَائِعِ نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ الشَّالَنْجِيِّ وَأَمَّا فِي الْإِجَارَةِ فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ تَسْلِيمُ الْأُجْرَةِ إلَّا بَعْدَ تَسْلِيمِ الْعَمَلِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ أَوْ الْعَيْنِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا كَمَا لَا يَجِبُ دَفْعُ الثَّمَنِ إلَّا بَعْدَ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ وَمَتَى تُسَلَّمُ الْعَيْنُ وَجَبَ عَلَيْهِ تَسْلِيمُ الْأُجْرَةِ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ
الِانْتِفَاعِ بِقَبْضِهَا نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ.
وَقَالَ الْقَاضِي فِي تَعْلِيقِهِ: إنَّ الْأَجِيرَ يَجِبُ دَفْعُ الْأُجْرَةِ إلَيْهِ إذَا شَرَعَ فِي الْعَمَلِ لِأَنَّهُ قَدْ سَلَّمَ نَفْسَهُ لِاسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ فَهُوَ كَتَسْلِيمِ الدَّارِ الْمُؤَجَّرَةِ.
وَلَعَلَّهُ يَخُصُّ ذَلِكَ بِالْأَجِيرِ الْخَاصِّ لِأَنَّ مَنَافِعَهُ تَتْلَفُ تَحْتَ يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ فَهُوَ شَبِيهٌ بِتَسْلِيمِ الْعَقَارِ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى مَنْ اُسْتُؤْجِرَ لِعَمَلٍ مَعْلُومٍ اسْتَحَقَّ الْأُجْرَةَ عِنْدَ إيفَاءِ الْعَمَلِ وَإِنْ اُسْتُؤْجِرَ فِي كُلِّ يَوْمٍ بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ فَلَهُ أَجْرُ كُلِّ يَوْمٍ عِنْدَ تَمَامِهِ، وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّ الْمُسْتَأْجَرَ لِلْعَمَلِ مُدَّةً يَجِبُ لَهُ أُجْرَةُ كُلِّ يَوْمٍ فِي آخِرِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ مُقْتَضَى الْعُرْفِ، وَقَدْ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ الْمُدَّةُ مُطْلَقَةً غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ كَاسْتِئْجَارِهِ كُلَّ يَوْمٍ بِكَذَا فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَيَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ فِي آخَرِ كُلِّ يَوْمٍ فَيَجِبُ لَهُ الْأُجْرَةُ فِيهِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَلْزُومٍ بِالْعَمَلِ فِيمَا بَعْدَهُ وَلِأَنَّ مُدَّتَهُ لَا تَنْتَهِي فَلَا يُمْكِنُ تَأْخِيرُ إعْطَائِهِ إلَى تَمَامِهَا أَوْ عَلَى أَنَّ الْمُدَّةَ الْمُعَيَّنَةَ إذَا عَيَّنَّا لِكُلِّ يَوْمٍ مِنْهَا قِسْطًا مِنْ الْأُجْرَةِ فَهِيَ إجَارَاتٌ مُتَعَدِّدَةُ وَأَمَّا النِّكَاحُ فَتَسْتَحِقُّ الْمَرْأَةُ فِيهِ الْمَهْرَ بِالْعَقْدِ وَلَهَا الِامْتِنَاعُ مِنْ التَّسْلِيمِ حَتَّى تَقْبِضَهُ فِي الْمَذْهَبِ ذَكَرَهُ الْخِرَقِيِّ وَالْأَصْحَابُ، وَنَقَلَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ اتِّفَاقًا مِنْ الْعُلَمَاءِ وَعَلَّلَهُ الْأَصْحَابُ بِأَنْ الْمَنْفَعَةَ الْمَعْقُودَ عَلَيْهَا تَتْلَفُ بِالِاسْتِيفَاءِ فَإِذَا تَعَذَّرَ اسْتِيفَاءُ الْمَهْرِ عَلَيْهَا لَمْ يُمْكِنْهُمَا اسْتِرْجَاعُ عِوَضِهَا بِخِلَافِ الْمَبِيعِ فَلِذَلِكَ مَلَكَتْ الِامْتِنَاعَ مِنْ التَّسْلِيمِ حَتَّى تَقْبِضَهُ وَهَذِهِ الْعِلَّةُ مَوْجُودَةٌ فِيمَا لَا يَتَبَاقَى مِنْ الْمَبِيعِ مِنْ الْمَطْعُومَاتِ وَالْمَشْرُوبَاتِ وَالْفَوَاكِهِ وَالرَّيَاحِينِ ; بَلْ فِي سِلَعِ التِّجَارَةِ أَيْضًا وَهَذَا مِمَّا يُرَجِّحُ مَا اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ.
وَأَيْضًا فَطَرْدُ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنْ يَجُوزَ الِامْتِنَاعُ مِنْ تَسْلِيمِ الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ حَتَّى تُسْتَوْفَى الْأُجْرَةُ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ يَتْلَفُ أَيْضًا وَيُسْتَهْلَكُ فَلَا يُمْكِنُ اسْتِرْدَادُهُ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْوُصُول إلَى الْأُجْرَةِ لَكِنْ قَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الزَّوْجَ إذَا تَسَلَّمَ الْمَرْأَةَ فَإِنَّهُ يَسْتَوْفِي فِي الْحَالِ مَا يَسْتَقِرُّ بِهِ الْمَهْرُ فَإِذَا تَعَذَّرَ أَخَذَ الْمَهْرِ مِنْهُ فَاتَ عَلَى الزَّوْجَةِ الْمَهْرُ وَمَا قَالَهُ، وَأَمَّا فِي الْإِجَارَةِ فَإِذَا تَسَلَّمَ الْمُسْتَأْجِرُ الْعَيْنَ الْمُؤَجَّرَةَ فَلِلْمُؤَجِّرِ الْمُطَالَبَةُ حِينَئِذٍ بِالْأُجْرَةِ فَإِنْ تَعَذَّرَ حُصُولُهَا مَلَكَ الْفَسْخَ فَيَرْجِعُ إلَى الْمُؤَجِّرِ مَا خَرَجَ عَنْهُ أَوْ غَالِبُهُ وَهَذَا إذَا كَانَتْ الزَّوْجَةُ مِمَّنْ يُمْكِنُ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا فَإِنْ كَانَتْ لَا تَصْلُحُ لِذَلِكَ فَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ وَغَيْرُهُ لَهَا الْمُطَالَبَةُ بِهِ أَيْضًا وَرَجَّحَ صَاحِبُ الْمُغْنِي خِلَافَهُ وَخَرَّجَهُ صَاحِبُ التَّرْغِيبِ مِمَّا حَكَى الْآمِدِيُّ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْبَدَاءَةَ بِتَسْلِيمِ الْمَهْرِ بَلْ يَعْدِلُ كَالثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ فَلَا يَلْزَمُ تَسْلِيمُ الْمَهْرِ إلَّا عِنْدَ التَّمَكُّنِ مِنْ تَسَلُّمِ الْعِوَضِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ الْأَشْبَهُ عِنْدِي أَنَّ الصَّغِيرَةَ تَسْتَحِقُّ الْمُطَالَبَةَ لَهَا بِنِصْفِ الصَّدَاقِ لِأَنَّ النِّصْفَ يُسْتَحَقُّ بِإِزَاءِ الْحَبْسِ وَهُوَ حَاصِلٌ بِالْعَقْدِ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ بِإِزَاءِ الدُّخُولِ فَلَا تَسْتَحِقَّهُ إلَّا بِالتَّمَكُّنِ أَمَّا لَوْ اسْتَقَرَّ الْمَهْرُ بِالدُّخُولِ ثُمَّ نَشَزَتْ الْمَرْأَةُ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا وَلَهَا أَوْ لِوَلِيِّهَا أَوْ سَيِّدِهَا إنْ كَانَتْ أَمَةً الْمُطَالَبَةُ بِالْمَهْرِ ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ لِأَنَّ وُجُوبَهُ اسْتَقَرَّ بِالتَّمَكُّنِ فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ مَا طَرَأَ عَلَيْهِ بَعْدَهُ