الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلَى الزَّوْجِ قَهْرًا كَالْمِيرَاثِ لِأَنَّهُ بَاقٍ بِعَيْنِهِ لَا سِيَّمَا وَالْأَمْلَاكُ الْقَهْرِيَّةُ يُمْلَكُ بِهَا مَا لَا يُمْلَكُ بِالْعُقُودِ الِاخْتِيَارِيَّةِ فَلَا يُجْبَرُ الزَّوْجُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى أَخْذِ قِيمَتِهِ بَلْ يَتَعَيَّنُ تَكْمِيلُ الْمِلْكِ لَهُ فِي الْأُمِّ وَالْوَلَدِ حَذَرًا مِنْ التَّفْرِيقِ الْمُحَرَّمِ.
وَيُشْبِهُ هَذَا مَا قَالَهُ الْخِرَقِيِّ فِيمَا إذَا كَانَ الصَّدَاقُ أَرْضًا فَنَبَتَ فِيهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ أَنَّ الزَّوْجَ يَرْجِعُ بِنِصْفِ الْأَرْضِ وَيَتَمَلَّكُ عَلَيْهَا الْبِنَاءَ الَّذِي فِيهِ بِالْقِيمَةِ لَكِنَّ أَحْمَدَ فِي تَمَامِ هَذَا النَّصِّ بِعَيْنِهِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ ذَكَرَ مَسْأَلَةَ الْبِنَاءِ وَصَبْغَ الثَّوْبِ وَقَالَ لِلزَّوْجِ نِصْفُ الْقِيمَةِ لِأَنَّهُ اسْتِهْلَاكٌ فَفَرَّقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمَرْأَةُ وَصَلَتْ الصَّدَاقَ بِمَالِهَا عَلَى وَجْهٍ لَا يَنْفَصِلُ عَنْهُ إلَّا بِضَرَرٍ عَلَيْهَا وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ بَاقِيًا بِعَيْنِهِ فَفِي الْأَوَّلِ يَتَعَيَّنُ لِلزَّوْجِ نِصْفُ الْقِيمَةِ لِاخْتِلَاطِ الْمَالَيْنِ وَفِي الثَّانِي يَرْجِعُ بِنِصْفِ الْعَيْنِ لِبَقَائِهَا بِحَالِهَا وَإِنَّمَا جَاءَ الْإِجْبَارُ عَلَى تَكْمِيلِ الْمِلْكِ [لِلْمَانِعِ] الشَّرْعِيّ مِنْ التَّفْرِيقِ وَيُحْتَمَلُ عِنْدِي فِي مَعْنَى رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ طَرِيقٌ ثَالِثٌ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ [أَحْمَدُ] أَنْ لِلزَّوْجَةِ نِصْفَ قِيمَةِ الْأَمَةِ وَلَهَا قِيمَةُ وَلَدِهَا كَامِلَةً لِأَنَّ الْوَلَدَ نَمَاءٌ تَخْتَصُّ بِهِ الزَّوْجَةُ وَقَدْ عَادَ إلَى الزَّوْجِ نِصْفُ الْأُمِّ فَيُجْبَرُ الزَّوْجُ عَلَى أَخْذِ نِصْفِ قِيمَةِ الْأُمِّ وَقِيمَةِ الْوَلَدِ بِكَمَالِهَا حَذَرًا مِنْ التَّفْرِيقِ، وَلَعَلَّ هَذَا أَظْهَرُ مِمَّا قَبْلَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَمِنْهَا: مَنْ وَجَدَ عَيْنَ مَالِهِ الَّذِي اسْتَوْلَى [عَلَيْهِ] الْكُفَّارُ مِنْ الْمَغْنَمِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَقَدْ نَمَا نَمَاءً مُنْفَصِلًا، فَإِنْ قُلْنَا لَمْ يَمْلِكْهُ الْكُفَّارُ بِالِاسْتِيلَاءِ فَهُوَ لَهُ بِنَمَائِهِ وَإِنْ قُلْنَا مَلَكُوهُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ فِيهِ وَهَلْ يَرْجِعُ بِنَمَائِهِ؟ يَتَخَرَّجُ عَلَى وَجْهَيْنِ كَبَائِعِ الْمُفْلِسِ لِأَنَّ حُقُوقَ الْغَانِمِينَ مُتَعَلِّقَةٌ بِالنَّمَاءِ كَتَعَلُّقِ حُقُوقِ غُرَمَاءِ الْمُفْلِسِ بِأَحْوَالِهِ وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ أَمَةً فَوَطِئَهَا الْحَرْبِيُّ وَوَلَدَتْ مِنْهُ أَنَّ الْوَلَدَ غَنِيمَةٌ لَا يَرْجِعُ بِهِ الْمَالِكُ لِأَنَّهُ حَدَثَ فِي مِلْكِ الْحَرْبِيِّ الْوَاطِئ فَانْعَقَدَ حُرًّا لَكِنَّ هَذَا قَدْ يَخْتَصُّ بِاسْتِيلَادِ الْمَالِكِ لَهَا فَإِنَّ وَلَدَهُ يَنْعَقِدُ حُرًّا وَإِنَّمَا يَطْرَأُ عَلَيْهِ الرِّقُّ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا يَكُونُ مِنْ نَمَائِهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ زَوَّجَهَا فَوَلَدَتْ مِنْ الزَّوْجِ فَإِنَّهُ يَكُونُ مِنْ نَمَائِهَا لِانْعِقَادِهِ رَقِيقًا.
وَقَدْ سُئِلَ أَحْمَدُ عَنْ عَبْدِ الْمُسْلِم إذَا لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ رَجَعَ وَمَعَهُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَتَوَقَّفَ فِي مُسْتَحِقِّ الْمَالِ الَّذِي مَعَهُ، وَقَالَ مَرَّةً هُوَ لِلْمُسْلِمِينَ وَأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ لِلسَّيِّدِ وَعَلَّلَ بِأَنَّ الْعَبْدَ لَيْسَ لَهُ غَنِيمَةٌ.
قَالَ الْخَلَّالُ وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا غَنِيمَةَ لَهُ وَحَمَلَهُ الْقَاضِي عَلَى أَنَّ مَا يَأْخُذُهُ الْوَاحِدُ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ يَكُونُ فَيْئًا قَالَ: وَأَمَّا إنْ قُلْنَا هُوَ لِآخِذِهِ فَهُوَ هُنَا لِلسَّيِّدِ.
[فَصْلٌ الْحُقُوقُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْأَعْيَانِ مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ وَلَا فَسْخٍ]
فَصْلٌ وَأَمَّا الْحُقُوقُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْأَعْيَانِ مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ وَلَا فَسْخٍ
فَإِنْ كَانَتْ مِلْكًا قَهْرِيًّا فَحُكْمُهُ حُكْمُ سَائِرِ التَّمَلُّكَاتِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِلْكًا فَإِنْ كَانَتْ حَقًّا لَازِمًا لَا يُمْكِنُ إبْطَالُهُ بِوَجْهٍ كَحَقِّ الِاسْتِيلَادِ وَسَرَى حُكْمُهُ إلَى الْأَوْلَادِ دُونَ الْأَكْسَابِ لِبَقَاءِ مِلْكِ مَالِكِهِ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ لَازِمٍ بَلْ يُمْكِنُ إبْطَالُهُ إمَّا بِاخْتِيَارِ
الْمَالِكِ أَوْ بِرِضَى الْمُسْتَحِقِّ لَمْ يَتْبَعْ النَّمَاءُ فِيهِ الْأَصْلَ بِحَالٍ وَيَتَخَرَّجُ عَلَى ذَلِكَ مَسَائِلُ: مِنْهَا: الْأَمَةُ الْجَانِيَةُ لَا يَتَعَلَّقُ الْجِنَايَةُ بِأَوْلَادِهَا وَلَا أَكْسَابِهَا لِأَنَّ حَقَّ الْجِنَايَةِ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ، وَلِهَذَا لَمْ يُمْنَعْ التَّصَرُّفُ عِنْدَنَا وَلِأَنَّ حَقَّ الْجِنَايَةِ تَعَلَّقَ بِالْجِنَايَةِ لِصُدُورِ الْجِنَايَةِ مِنْهَا وَهَذَا مَفْقُودٌ فِي وَلَدِهَا وَكَسْبُهَا مِلْكٌ لِلسَّيِّدِ بِخِلَافِ الْمُكَاتَبَةِ.
وَمِنْهَا: تَرَكَهُ مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ إذَا تَعَلَّقَ بِهَا حَقُّ الْغُرَمَاءِ بِمَوْتِهِ فَإِنْ قِيلَ هِيَ بَاقِيَةٌ عَلَى حُكْمِ مِلْكِ الْمَيِّتِ تَعَلَّقَ حَقُّ الْغُرَمَاءِ بِالنَّمَاءِ أَيْضًا كَالْمَرْهُونِ كَذَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ فِي كِتَابِ الْقِسْمَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ قُلْنَا إنَّ تَعَلُّقَ الدَّيْنِ بِالتَّرِكَةِ تَعَلُّقُ رَهْنٍ يُمْنَعُ التَّصَرُّفُ فِيهِ فَالْأَمْرُ كَذَلِكَ وَإِنْ قُلْنَا تَعَلُّقُ جِنَايَةٍ لَا يُمْنَعُ التَّصَرُّفُ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِالنَّمَاءِ، وَأَمَّا إنْ قُلْنَا لَا تَنْتَقِلُ التَّرِكَةُ إلَى الْوَرَثَةِ بِمُجَرَّدِ الْمَوْتِ لَمْ تَتَعَلَّقْ حُقُوقُ الْغُرَمَاءِ بِالنَّمَاءِ إذْ هُوَ تَعَلُّقٌ قَهْرِيٌّ كَالْجِنَايَةِ كَذَا ذَكَرَ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ.
وَخَرَّجَ الْآمِدِيُّ وَصَاحِبُ الْمُغْنِي تَعَلُّقَ الْحَقِّ بِالنَّمَاءِ مَعَ الِانْتِقَالِ أَيْضًا كَتَعَلُّقِ الرَّهْنِ وَيَقْوَى هَذَا عَلَى قَوْلِنَا إنَّ التَّعَلُّقَ تَعَلُّقُ رَهْنٍ وَقَدْ يَنْبَنِي ذَلِكَ عَلَى أَصْلٍ آخَرَ وَهُوَ أَنَّ الدَّيْنَ هَلْ هُوَ بَاقٍ فِي ذِمَّةِ الْمَيِّتِ أَوْ انْتَقَلَ إلَى ذِمَمِ الْوَرَثَةِ أَوْ هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِأَعْيَانِ التَّرِكَةِ لَا غَيْرُ، وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ الْأَوَّلُ قَوْلُ الْآمِدِيِّ وَابْنِ عَقِيلٍ فِي الْفُنُونِ وَصَاحِبِ الْمُغْنِي وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ فِي مَسْأَلَةِ ضَمَانِ دَيْنِ الْمَيِّتِ.
وَالثَّانِي: قَوْلُ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ وَأَبِي الْخَطَّابِ فِي انْتِصَارِهِ وَابْنِ عَقِيلٍ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ [كَذَلِكَ] قَالَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ لَكِنَّهُ خَصَّهُ بِحَالَةِ تَأْجِيلِ الدَّيْنِ لِمُطَالَبَةِ الْوَرَثَةِ بِالتَّوْثِقَةِ وَالثَّالِثُ قَوْلُ ابْنِ أَبِي مُوسَى فَيَتَوَجَّهُ عَلَى قَوْلِهِ أَنْ لَا يَتَعَلَّقَ الْحُقُوقُ بِالنَّمَاءِ إذْ هُوَ لِتَعَلُّقِ الْجِنَايَةِ وَعَلَى الْأَوَّلَيْنِ يَتَوَجَّهُ تَعَلُّقُهَا بِالنَّمَاءِ كَالرَّهْنِ وَقَدْ يُقَالُ لَا يَتَعَلَّقُ حُقُوقُ الْغُرَمَاءِ بِالنَّمَاءِ إذَا قُلْنَا تَنْتَقِلُ التَّرِكَةُ إلَى الْوَرَثَةِ بِكُلِّ حَالٍ إلَّا أَنْ نَقُولَ إنَّ الدِّينَ فِي ذِمَمِهِمْ لِأَنَّ تَبَعِيَّةَ النَّمَاءِ فِي الرَّهْنِ إنَّمَا يُحْكَمُ بِهِ إذَا كَانَ النَّمَاءُ مِلْكًا لِمَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ فَأَمَّا إنْ كَانَ مِلْكًا لِغَيْرِهِ لَمْ يَتْبَعْ كَمَا لَوْ رَهَنَ الْمُكَاتَبَ سَيِّدُهُ فَإِنَّ كَسْبَهُ لَا يَكُونُ دَاخِلًا فِي الرَّهْنِ لِأَنَّهُ عَلَى مِلْكِ الْمُكَاتَبِ فَكَذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ فِيمَنْ تُجْزِيهِ شَيْئًا لِيَرْهَنَهُ فَرَهَنَهُ أَنَّ النَّمَاءَ لَا يَدْخُلُ فِي الرَّهْنِ لِذَلِكَ وَقَدْ يُقَالُ التَّرِكَةُ تُعَلِّقُ الْحَقَّ تَعَلُّقًا قَهْرِيًّا مَعَ انْتِقَالِ مِلْكِهَا إلَى الْوَرَثَةِ فَكَذَلِكَ نَمَاؤُهَا.
وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ التَّعَلُّقَ حَالَةَ الِانْتِقَالِ إنَّمَا ثَبَتَ بِضَعْفِ الْمَانِعِ مِنْهُ حَيْثُ اقْتِرَانُ التَّعَلُّقِ وَمَانِعُهُ وَهُوَ الِانْتِقَالُ، فَأَمَّا بَعْدَ الِانْتِقَالِ وَاسْتِقْرَارِ الْمِلْكِ فِيهِ فَلَا يَتَعَلَّقُ لِسَبْقِ الْمَانِعِ وَاسْتِقْرَارِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَم.
وَأَمَّا تَعَلُّقُ الضَّمَانِ بِالْأَعْيَانِ لِلتَّعَدِّي فَيَتْبَعُ فِيهِ النَّمَاءَ الْمُنْفَصِلَ إذَا كَانَ دَاخِلًا تَحْتَ الْيَدِ الْعُدْوَانِيَّةِ
: فَمِنْ ذَلِكَ الْغَصْبُ يُضْمَنُ فِيهِ النَّمَاءُ الْمُنْفَصِلُ عَلَى الْمَذْهَبِ وَلَمْ يَحْكِ ابْنُ أَبِي مُوسَى فِي ضَمَانِهِ خِلَافًا مَعَ حِكَايَتِهِ الْخِلَافَ فِي الْمُتَّصِلِ وَلَا يَظْهَرُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا فَالتَّخْرِيجُ مُتَوَجِّهٌ بَلْ قَدْ