الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اصْطَادَ الْمُحْرِمُ صَيْدًا فِي إحْرَامِهِ فَأَرْسَلَهُ غَيْرُهُ مِنْ يَدِهِ فَلَا ضَمَانَ.
(وَمِنْهَا)[إذَا] دَفَعَ أَجْنَبِيٌّ عَيْنًا مُوصًى بِهَا إلَى مُسْتَحِقٍّ مُعَيَّنٍ لَمْ يَضْمَنْ وَوَقَعَتْ مَوْقِعَهَا، وَكَذَا لَوْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بِمَالٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ بَلْ مُقَدَّرٍ وَإِنْ كَانَتْ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ فَفِي الضَّمَانِ وَجْهَانِ وَنَصَّ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ فِيمَنْ بِيَدِهِ وَدِيعَةٌ وَصَّى بِهَا الْمُعَيَّنُ أَنَّ الْمُودِعَ يَدْفَعُهَا إلَى الْمُوصَى لَهُ وَالْوَرَثَةُ قِيلَ لَهُ: فَإِنْ دَفَعَهَا إلَى الْمُوصَى لَهُ يَضْمَنُ؟ قَالَ: أَخَافُ، قِيلَ لَهُ: فَيُعْطِيهِ الْقَاضِي؟ قَالَ: لَا وَلَكِنْ يَدْفَعُهُ إلَيْهِمْ. وَنَصَّ فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا ضَمَانَهُ بِالدَّفْعِ إلَى الْمُوصِي وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ تَثْبُتْ الْوَصِيَّةُ ظَاهِرًا، وَصَرَّحَ الْأَصْحَابُ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَوَصَّى بِهِ صَاحِبُهُ لِمُعَيَّنٍ كَانَ مُخَيَّرًا فِي دَفْعِهِ إلَى الْوَرَثَةِ وَالْمُوصَى لَهُ ; لِأَنَّهُ صَارَ حَقًّا لَهُ فَهُوَ كَالْوَارِثِ الْمُعَيَّنِ وَعَلَى هَذَا يَتَخَرَّجُ دَفْعُ مَالِ الْوَقْفِ إلَى مُسْتَحِقِّهِ الْمُعَيَّنِ مَعَ وُجُودِ النَّاظِرِ فِيهِ.
[الْقَاعِدَةُ السَّابِعَةُ وَالتِّسْعُونَ مَنْ بِيَدِهِ مَالٌ يَعْرِفُ مَالِكَهُ وَلَكِنَّهُ غَائِبٌ يُرْجَى قُدُومُهُ]
(الْقَاعِدَةُ السَّابِعَةُ وَالتِّسْعُونَ) : مَنْ بِيَدِهِ مَالٌ أَوْ فِي ذِمَّتِهِ دَيْنٌ يَعْرِفُ مَالِكَهُ وَلَكِنَّهُ غَائِبٌ يُرْجَى قُدُومُهُ، فَلَيْسَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِدُونِ إذْنِ الْحَاكِمِ إلَّا أَنْ يَكُونَ تَافِهًا فَلَهُ الصَّدَقَةُ بِهِ عَنْهُ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي مَوَاضِعَ، وَإِنْ كَانَ قَدْ آيِسَ مِنْ قُدُومِهِ بِأَنْ مَضَتْ مُدَّةٌ يَجُوزُ فِيهَا أَنْ تُزَوَّجَ امْرَأَتُهُ وَيُقَسَّمَ مَالُهُ وَلَيْسَ لَهُ وَارِثٌ فَهَلْ يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِي مَالِهِ بِدُونِ إذْنِ الْحَاكِمِ؟ قَدْ يَتَخَرَّجُ عَلَى وَجْهَيْنِ أَصْلُهُمَا الرِّوَايَتَانِ فِي امْرَأَةِ الْمَفْقُودِ هَلْ تَتَزَوَّجُ بِدُونِ الْحَاكِمِ أَمْ لَا؟ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ جَوَازُ التَّصَدُّقِ بِهِ وَلَمْ يُعَيِّنْ حَاكِمًا. وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ مَالِكَهُ بَلْ جَهِلَ جَازَ التَّصَدُّقُ بِهِ عَنْهُ لِشَرْطِ الضَّمَانِ بِدُونِ إذْنِ الْحَاكِمِ قَوْلًا وَاحِدًا عَلَى أَصَحِّ الطَّرِيقَيْنِ وَعَلَى الثَّانِيَةِ فِيهِ رِوَايَتَانِ وَهِيَ طَرِيقَةُ الْقَاضِي فِي كِتَابِ الرِّوَايَتَيْنِ وَفِي مَوْضِعٍ مِنْ الْمُجَرَّدِ وَجَزَمَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْهُ بِتَوَقُّفِ التَّصَرُّفِ عَلَى إذْنِ الْحَاكِمِ وَالْأُولَى أَصَحُّ وَيَتَخَرَّجُ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ مَسَائِلُ.
(مِنْهَا) اللُّقَطَةُ الَّتِي لَا تُمْلَكُ إذَا أَخَّرْنَا الصَّدَقَةَ بِهَا أَوْ الَّتِي يُخْشَى فَسَادُهَا إذَا أَرَادَ التَّصَدُّقَ بِهَا فَالْمَنْصُوصُ جَوَازُ الصَّدَقَةِ بِهَا مِنْ غَيْرِ حَاكِمٍ وَذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ رِوَايَةً أُخْرَى أَنَّهُ إنْ كَانَ يَسِيرًا بَاعَهُ وَتَصَدَّقَ بِهِ وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا رَفَعَهُ إلَى السُّلْطَانِ وَقَالَ: نَقَلَهَا مُهَنَّا، وَرِوَايَةُ مُهَنَّا إنَّمَا هِيَ فِيمَنْ بَاعَ مِنْ رَجُلٍ شَيْئًا ثُمَّ مَاتَ الْمُشْتَرِي قَبْلَ قَبْضِهِ وَخَشِيَ الْبَائِعُ فَسَادَهُ وَهَذَا مِمَّا لَهُ مَالِكٌ مَعْرُوفٌ وَيُمْكِنُ الِاطِّلَاعُ عَلَى مَعْرِفَةِ وَرَثَتِهِ فَلَيْسَتْ الْمَسْأَلَةَ، نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الشَّيْخُ مَجْدُ الدِّينِ رحمه الله.
(وَمِنْهَا) اللَّقِيطُ إذَا وُجِدَ مَعَهُ مَالٌ فَإِنَّهُ يُنْفَقُ عَلَيْهِ مِنْهُ بِدُونِ إذْنِ حَاكِمٍ ذَكَرَهُ ابْنُ حَامِدٍ قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ وَرَوَى عَنْهُ أَبُو الْحَارِثِ مَا يَدُلُّ
عَلَى أَنَّهُ لَا يُنْفَقُ عَلَيْهِ إلَّا بِإِذْنِ حَاكِمٍ، قَالَ الشَّيْخُ مَجْدُ الدِّينِ: وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ إنَّمَا هِيَ فِي الْمُودَعِ أَنَّهُ لَا يُنْفِقُ عَلَى زَوْجِهِ الْمُسْتَوْدِعَ وَأَهْلِهِ فِي غَيْبَتِهِ إلَّا بِإِذْنِ الْحَاكِمِ وَلَيْسَ هَذَا نَظِيرُ مَسْأَلَتِنَا ; لِأَنَّ الْوِلَايَةَ هُنَا عَلَى مَعْرُوفٍ فَنَظِيرُهُ مَنْ وَجَدَ طِفْلًا مَعْرُوفَ النَّسَبِ أَبُوهُ غَائِبٌ.
(وَمِنْهَا) الرُّهُونُ الَّتِي لَا تُعْرَفُ أَهْلُهَا نَصَّ أَحْمَدُ عَلَى جَوَازِ الصَّدَقَةِ بِهَا فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ وَأَبِي الْحَارِثِ وَغَيْرِهِمَا وَتَأَوَّلَهُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ وَابْنِ عَقِيلٍ عَلَى أَنَّهُ تَعَذَّرَ إذْنُ الْحَاكِمِ لِمَا رَوَى عَنْهُ أَبُو طَالِبٍ أَيْضًا إذَا كَانَ عِنْدَهُ رَهْنٌ وَصَاحِبُهُ غَائِبٌ وَخَافَ فَسَادَهُ يَأْتِي السُّلْطَانَ لِيَأْمُرَ بِبَيْعِهِ وَلَا يَبِيعُهُ بِغَيْرِ إذْنِ السُّلْطَانِ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ الشَّيْخُ مَجْدُ الدِّينِ وَغَيْرُهُ وَأَقَرُّوا النُّصُوصَ عَلَى وُجُوهِهَا فَإِنْ كَانَ الْمَالِكُ مَعْرُوفًا لَكِنَّهُ غَائِبٌ رَفَعَ أَمْرَهُ إلَى السُّلْطَانِ وَإِنْ جَهِلَ جَازَ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِدُونِ حَاكِمٍ وَإِنْ عَلِمَ صَاحِبُهُ لَكِنَّهُ آيِسٌ مِنْهُ تَصَدَّقَ بِهِ عَنْهُ. نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْحَارِثِ.
(وَمِنْهَا) الْوَدَائِعُ الَّتِي جُهِلَ مَالِكُهَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهَا بِدُونِ حَاكِمٍ نَصَّ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ إنْ فُقِدَ وَلَمْ يُطَّلَعْ عَلَى خَبَرِهِ وَلَيْسَ لَهُ وَرَثَةٌ يَتَصَدَّقُ بِهِ نَصَّ عَلَيْهِ وَلَمْ يَعْتَبِرْ حَاكِمًا قَالَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَحْمِلَ عَلَى إطْلَاقِهِ ; لِأَنَّهُ مِنْ فِعْلِ الْمَعْرُوفِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُحْمَلَ عِنْدَ تَعَذُّرِ إذْنِ الْحَاكِمِ ; لِأَنَّ هَذَا الْمَالَ مَصْرِفُهُ إلَى بَيْتِ الْمَالِ وَتَفْرِقَةُ مَالِ بَيْتِ الْمَالِ مَوْكُولَةٌ إلَى اجْتِهَادِ الْإِمَامِ. انْتَهَى وَالصَّحِيحُ الْإِطْلَاقُ وَبَيْتُ الْمَالِ لَيْسَ بِوَارِثٍ عَلَى الْمَذْهَبِ الْمَشْهُورِ وَإِنَّمَا يُحْفَظُ فِيهِ الْمَالُ الضَّائِعُ فَإِذَا أَيِسَ مِنْ وُجُودِ صَاحِبِهِ فَلَا مَعْنَى لِلْحِفْظِ وَمَقْصُودُ الصَّرْفِ فِي مَصْلَحَةِ الْمَالِكِ تَحْصُلُ بِالصَّدَقَةِ بِهِ عَنْهُ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ الصَّرْفِ إلَى بَيْتِ الْمَالِ ; لِأَنَّهُ رُبَّمَا صَرَفَ عَنْ فَسَادِ بَيْتِ الْمَالِ إلَى غَيْرِ مَصْرِفِهِ وَأَيْضًا فَالْفُقَرَاءُ مُسْتَحِقُّونَ مِنْ مَالِ بَيْتِ الْمَالِ فَإِذَا وَصَلَ لَهُمْ هَذَا الْمَالُ عَلَى غَيْرِ يَدِ الْإِمَامِ فَقَدْ حَصَلَ الْمَقْصُودُ، وَلِهَذَا قُلْنَا عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ إذَا فَرَّقَ الْأَجْنَبِيُّ الْوَصِيَّةَ وَكَانَتْ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ كَالْفُقَرَاءِ فَإِنَّهَا تَقَعُ الْمَوْقِعَ، وَلَا يَضْمَنُ كَمَا لَوْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ لِمُعَيَّنٍ، وَعَلَى هَذَا الْأَصْلِ يَتَخَرَّجُ جَوَازُ أَخْذِ الْفُقَرَاءِ الصَّدَقَةَ مِنْ يَدِ مَنْ مَالُهُ حَرَامٌ كَقُطَّاعِ الطَّرِيقِ وَأَفْتَى الْقَاضِي بِجَوَازِهِ وَنَصَّ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ فِيمَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ وَدَائِعُ فَوَكَّلَ فِي دَفْعِهَا ثُمَّ مَاتَ وَجُهِلَ رَبُّهَا وَأَيِسَ مِنْ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ يَتَصَدَّقُ بِهَا عَنْهُ الْوَكِيلُ وَوَرَثَةُ الْمُوَكِّلِ فِي الْبَلَدِ الَّذِي كَانَ صَاحِبُهَا فِيهِ حَيْثُ يَرَوْنَ أَنَّهُ كَانَ، وَهُمْ ضَامِنُونَ إذَا ظَهَرَ لَهُ وَارِثٌ، وَاعْتِبَارُ الصَّدَقَةِ فِي مَوْضِعِ الْمَالِكِ مَعَ الْجَهْلِ بِهِ، وَقَدْ نَصَّ عَلَى مِثْلِهِ فِي الْغَصْبِ وَفِي مَالِ الشُّبْهَةِ وَاحْتَجَّ بِأَنَّ عُمَرَ جَعَلَ الدِّيَةَ عَلَى أَهْلِ الْقَرْيَةِ (يَعْنِي إذَا جُهِلَ الْقَاتِلَ) وَوَجْهُ الْحُجَّةِ مِنْهُ أَنَّ الْغُرْمَ لَمَّا اخْتَصَّ بِأَهْلِ الْمَكَانِ الَّذِي فِيهِ الْجَانِي ; لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْجَانِيَ أَوْ عَاقِلَتَهُ الْمُخْتَصَّيْنِ بِالْغُرْمِ لَا يَخْلُو الْمَكَانُ [مِنْهُمْ] فَكَذَلِكَ الصَّدَقَةُ بِالْمَالِ