الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيَلْزَمُهُ الثُّمُنَانِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ فِي عَقْدَيْنِ فِي وَقْتَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ وَحَدُّ اسْتِرْجَاعِ الْعَقْدِ بَيْنَهُمَا أَوْ يَتَعَارَضُ الْبَيِّنَتَانِ، لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ عَقْدًا وَاحِدًا فَيَسْقُطَانِ وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ عَلَى وَجْهَيْنِ.
[الْقَاعِدَةُ التَّاسِعَةُ بَعْدَ الْمِائَةِ الْمَنْعُ مِنْ وَاحِدٍ مُبْهَمٍ مِنْ أَعْيَانٍ أَوْ مُعَيَّنٍ مُشْتَبِهَةٍ]
(الْقَاعِدَةُ التَّاسِعَةُ بَعْدَ الْمِائَةِ) : الْمَنْعُ مِنْ وَاحِدٍ مُبْهَمٍ مِنْ أَعْيَانٍ أَوْ مُعَيَّنٍ مُشْتَبِهَةٍ بِأَعْيَانٍ يُؤَثِّرُ الِاشْتِبَاهُ فِيهَا الْمَنْعَ بِمَنْعِ التَّصَرُّفِ فِي تِلْكَ الْأَعْيَانِ قَبْلَ تَمْيِيزِهِ، وَالْمَنْعُ مِنْ الْجَمْعِ يُمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي الْقَدْرِ الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ الْجَمْعُ خَاصَّةً، فَإِنْ حَصَلَ الْجَمْعُ دَفْعَةً وَاحِدَةً مُنِعَ مِنْ الْجَمِيعِ مَعَ التَّسَاوِي، فَإِنْ كَانَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا مَزِيَّةٌ عَلَى غَيْرِهِ بِأَنْ يَصِحَّ وُرُودُهُ عَلَى غَيْرِهِ وَلَا عَكْسَ اخْتَصَّ الْفَسَادُ بِهِ عَلَى الصَّحِيحِ وَالْمَنْعُ مِنْ الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ كَالْمَنْعِ مِنْ الْجَمِيعِ يَقْتَضِي الْعُمُومَ، فَلِلْأَوَّلِ أَمْثِلَةٌ:
(مِنْهَا) إذَا طَلَّقَ وَاحِدَةً مُبْهَمَةً مُنِعَ مِنْ وَطْءِ زَوْجَاتِهِ حَتَّى يُمَيِّزَ بِالْقُرْعَةِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَحَكَى رِوَايَةً أُخْرَى أَنَّهُ يُمَيِّزُهَا بِتَعْيِينِهِ.
(وَمِنْهَا) إذَا أَعْتَقَ أَمَةً مِنْ إمَائِهِ مُبْهَمَةً مُنِعَ مِنْ وَطْءِ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ حَتَّى تُمَيَّزَ الْمُعْتَقَةُ بِالْقُرْعَةِ وَفِيهِ وَجْهٌ بِالتَّعْيِينِ.
(وَمِنْهَا) إذَا اشْتَبَهَتْ الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا بِزَوْجَاتِهِ مُنِعَ مِنْ وَطْءِ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ حَتَّى يُمَيِّزَ الْمُطَلَّقَةَ وَيُمَيِّزَهَا بِالْقُرْعَةِ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ.
(وَمِنْهَا) لَوْ اشْتَبَهَتْ أُخْتُهُ بِعَدَدٍ مَحْصُورٍ مِنْ الْأَجْنَبِيَّاتِ مُنِعَ مِنْ التَّزَوُّجِ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ حَتَّى يَعْلَمَ أُخْتَهُ مِنْ غَيْرِهَا.
(وَمِنْهَا) إذَا اشْتَبَهَتْ مَيْتَةٌ بِمُذَكَّاةٍ فَإِنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ الْأَكْلِ مِنْهُمَا حَتَّى يَعْلَمَ الْمُذَكَّاةَ.
(وَمِنْهَا) اشْتِبَاهُ الْآنِيَةِ النَّجِسَةِ بِالطَّاهِرَةِ يُمْنَعُ مِنْ الطَّهَارَةِ بِوَاحِدَةٍ مِنْهَا حَتَّى يَتَبَيَّنَ عَلَى الظَّاهِرِ.
(وَمِنْهَا) لَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَا يَأْكُلُ تَمْرَةً فَاخْتَلَطَتْ فِي تَمْرٍ فَإِنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ أَكْلِ تَمْرَةٍ مِنْهُ حَتَّى يَعْلَمَ عَيْنَ التَّمْرَةِ، وَإِنْ كُنَّا لَا نَحْكُمُ عَلَيْهِ بِالْحِنْثِ بِأَكْلِ وَاحِدَةٍ.
(وَمِنْهَا) لَوْ حَلَفَ بِطَلَاقِ زَوْجَاتِهِ أَنْ لَا يَطَأَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ وَنَوَى وَاحِدَةً مُبْهَمَةً فَإِنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ الْوَطْءِ حَتَّى يُمَيِّزَهَا بِالْقُرْعَةِ وَقِيلَ بِتَعْيِينِهِ.
(وَمِنْهَا) لَوْ أَعْطَيْنَا الْأَمَانَ لِوَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ حِصْنٍ أَوْ أَسْلَمَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ ثُمَّ تَدَاعَوْهُ حَرُمَ قَتْلُهُمْ بِغَيْرِ خِلَافٍ، وَفِي اسْتِرْقَاقِهِمْ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: وَهُوَ الْمَنْصُوصُ أَنَّهُ يَحْرُمُ مَعَ التَّدَاعِي.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ يَخْرُجُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ بِالْقُرْعَةِ وَيُرَقُّ الْبَاقُونَ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ وَالْخِرَقِيِّ وَرَجَّحَهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِي رِوَايَتِهِ إلْحَاقًا لَهُ بِاشْتِبَاهِ الْمُعْتَقِ بِغَيْرِهِ، كَمَا لَوْ أَقَرَّ أَنَّ أَحَدَ هَذَيْنِ الْوَلَدَيْنِ مِنْ هَذِهِ الْأَمَةِ وَلَدُهُ ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ يُوجِدْهُ قَافَةٌ فَإِنَّا نُقْرِعُ لِإِخْرَاجِ الْحُرِّيَّةِ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا حُرَّ الْأَصْلِ وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ ; لِأَنَّ أَهْلَ الْحِصْنِ لَمْ يَسْبِقْ لَهُمْ رِقٌّ فَإِرْقَاقُهُمْ إلَّا وَاحِدٌ يُؤَدِّي إلَى ابْتِدَاءِ الْإِرْقَاقِ مَعَ الشَّكِّ فِي إبَاحَتِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ أَحَدُ الْمُشْتَبَهِينَ رَقِيقًا فَأُخْرِجَ غَيْرُهُ بِالْقُرْعَةِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يُسْتَدَامُ الرِّقُّ مَعَ
الشَّكِّ فِي زَوَالِهِ
وَلِلثَّانِي أَمْثِلَةٌ:
(مِنْهَا) إذَا مَلَكَ أُخْتَيْنِ أَوْ أُمًّا وَبِنْتًا فَالْمَشْهُورُ أَنَّ لَهُ الْإِقْدَامَ عَلَى وَطْءِ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا ابْتِدَاءً فَإِذَا فَعَلَ حَرُمَتْ الْأُخْرَى، وَعَنْ أَبِي الْخَطَّابِ أَنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ وَطْءِ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا حَتَّى تَحْرُمَ الْأُخْرَى، وَنَقَلَ ابْنُ هَانِئٍ عَنْ أَحْمَدَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ وَهُوَ رَاجِعٌ إلَى تَحْرِيمِ إحْدَاهُمَا مُبْهَمَةً وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ ; لِأَنَّ الْمُحَرَّمَ هُوَ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْجَمْعُ
(وَمِنْهَا) إذَا وَطِئَ الْأُخْتَيْنِ وَاحِدَةً بَعْدَ الْأُخْرَى يَمْتَنِعُ مِنْ وَطْئِهِمَا جَمِيعًا حَتَّى يُحَرِّمَ إحْدَاهُمَا لِثُبُوتِ صَبِيَّاتٍ جَمِيعًا؟ أَمْ تُبَاحُ لَهُ الْأُولَى إذَا اسْتَبْرَأَ الثَّانِيَةَ ; لِأَنَّهُمَا أَخَصُّ بِالتَّحْرِيمِ حَيْثُ كَانَ الْجَمْعُ حَاصِلًا بِوَطْئِهَا عَلَى وَجْهَيْنِ، وَالْأَظْهَرُ هَاهُنَا الْأَوَّلُ لِثُبُوتِ الْفِرَاشِ لَهُمَا جَمِيعًا فَيَكُونُ الْمَمْنُوعُ مِنْهُمَا وَاحِدَةً مُبْهَمَةً.
(وَمِنْهَا) إذَا أَسْلَمَ الْكَافِرُ وَعِنْدَهُ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ فَأَسْلَمْنَ أَوْ كُنَّ كِتَابِيَّاتٍ فَالْأَظْهَرُ أَنَّ لَهُ وَطْءَ أَرْبَعٍ مِنْهُنَّ وَيَكُونُ اخْتِيَارًا مِنْهُ ; لِأَنَّ التَّحْرِيمَ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالزِّيَادَةِ عَلَى الْأَرْبَعِ وَكَلَامُ الْقَاضِي قَدْ يَدُلُّ عَلَى هَذَا وَقَدْ يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِ الْجَمِيعِ قَبْلَ الِاخْتِيَارِ.
(وَمِنْهَا) لَوْ قَالَ لِزَوْجَاتِهِ الْأَرْبَعِ: وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُكُنَّ، وَقُلْنَا لَا تَحْنَثُ بِفِعْلِ الْبَعْضِ فَأَشْهَرُ الْوَجْهَيْنِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُوَالِيًا حَتَّى يَطَأَ ثَلَاثًا فَيَصِيرَ حِينَئِذٍ مُولِيًا مِنْ الرَّابِعَةِ وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ وَأَبِي الْخَطَّابِ ; لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ وَطْءُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ مِنْ غَيْرِ حِنْثٍ فَلَا تَكُونُ يَمِينُهُ مَانِعَةً بِخِلَافِ مَا إذَا وَطِئَ ثَلَاثًا فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ وَطْءُ الرَّابِعَةِ بِدُونِ حِنْثٍ.
وَالثَّانِي: هُوَ مُوَلٍّ فِي الْحَالِ مِنْ الْجَمِيعِ وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ وَابْنِ عَقِيلٍ فِي عُمَدِهِ، وَقَالَ هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ وَمَأْخَذُ الْخِلَافِ أَنَّ الْحُكْمَ الْمُعَلَّقَ بِالْهَيْئَةِ الِاجْتِمَاعِيَّةِ هَلْ هُوَ حُكْمٌ عَلَى مَا يَتِمُّ بِهِ مُسَمَّاهَا حِنْثٌ أَوْ عَلَى مَجْمُوعِ الْأَجْزَاءِ فِي حَالَةِ الِاجْتِمَاعِ دُونَ الِانْفِرَادِ فَعَلَى الثَّانِي يَكُونُ مُولِيًا مِنْ الْجَمِيعِ وَيَتَوَقَّفُ حِنْثُهُ بِوَطْءِ كُلِّ وَاحِدَةٍ عَلَى وَطْءِ الْبَوَاقِي مَعَهَا.
(وَمِنْهَا) إذَا زَنَى بِامْرَأَةٍ وَلَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ فَفِي التَّعْلِيقِ لِلْقَاضِي يُمْنَعُ مِنْ وَطْءِ الْأَرْبَعِ حَتَّى يُسْتَظْهَرَ بِالزَّانِيَةِ حَمْلٌ، وَاسْتَبْعَدَهُ الشَّيْخُ مَجْدُ الدِّينِ وَهُوَ كَمَا قَالَ ; لِأَنَّ التَّحْرِيمَ هُنَا لِأَجْلِ الْجَمْعِ بَيْنَ خَمْسٍ فَيَكْفِي فِيهِ أَنْ يُمْسِكَ عَنْ [وَطْءِ] وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ لَا حَتَّى تَسْتَبْرِئَ. وَصَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ التَّرْغِيبِ، وَقَدْ ذَكَرَ صَاحِبُ الْمُغْنِي مِثْلَهُ فِيمَنْ أَسْلَمَ عَلَى خَمْسِ نِسْوَةٍ فَفَارَقَ وَاحِدَةً فَإِنَّهُ يُمْسِكُ عَنْ وَطْءِ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ حَتَّى تَسْتَبْرِئَ الْمُفَارَقَةُ.
(وَمِنْهَا) إذَا تَزَوَّجَ خَمْسًا أَوْ أُخْتَيْنِ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ ; لِأَنَّ الْجَمِيعَ حَصَلَ بِهِ وَلَا مَزِيَّةَ لِلْبَعْضِ عَلَى الْبَعْضِ فَيَبْطُلُ بِخِلَافِ مَا إذَا تَزَوَّجَهُنَّ فِي عُقُودٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ احْتِمَالًا بِالْقُرْعَةِ فِيمَا إذَا زَوَّجَ الْوَلِيَّانِ مِنْ رَجُلَيْنِ دُفْعَةً وَاحِدَةً وَهَذَا مِثْلُهُ وَلَكِنَّ هَذَا لِعِلَّةٍ تُخَالِفُ الْإِجْمَاعَ قَالَهُ الشَّيْخُ مَجْدُ الدِّينِ وَلَكِنَّهُ يُعْتَضَدُ بِالرِّوَايَةِ الَّتِي نَقَلَهَا ابْنُ أَبِي مُوسَى فِيمَنْ قَالَ لِعَبِيدِهِ أَيُّكُمْ جَاءَنِي بِخَبَرِ كَذَا فَهُوَ حُرٌّ فَأَتَاهُ بِهِ اثْنَانِ مَعًا عَتَقَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِالْقُرْعَةِ، كَذَلِكَ لَوْ قَالَ:
أَوَّلُ غُلَامٍ يَطْلُعُ عَلَيَّ فَهُوَ حُرٌّ أَوْ أَوَّلُ امْرَأَةٍ تَطْلُعُ عَلَيَّ فَهِيَ طَالِقٌ. فَطَلَعَ عَلَيْهِ عَبِيدُهُ كُلُّهُمْ وَنِسَاؤُهُ كُلُّهُنَّ أَنَّهُ يُطَلَّقُ وَيُعْتَقُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ بِالْقُرْعَةِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا وَأَقَرَّهُ الْقَاضِي وَصَاحِبُ الْمُغْنِي فِي مَوْضِعٍ مِنْهُ عَلَى ظَاهِرِهِ وَتَأَوَّلَا مَرَّةً عَلَى أَنَّهُمْ طَلَعُوا وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ وَأَشْكَلَ السَّابِقُ وَهَذَا هُوَ الْأَظْهَرُ ; لِأَنَّهُ اجْتِهَادٌ وَغَيْرُهُ بَعِيدٌ.
وَأَمَّا إنْ كَانَ لِبَعْضِهِمْ مَزِيَّةٌ فَلَهُ صُوَرٌ: (مِنْهَا) إذَا تَزَوَّجَ أُمًّا وَبِنْتًا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ فَفِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: يَبْطُلُ النِّكَاحَانِ مَعًا وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي وَابْنِ عَقِيلٍ وَصَاحِبِ الْمُغْنِي.
وَالثَّانِي: يَبْطُلُ نِكَاحُ الْأُمِّ وَحْدَهَا حَكَاهُ صَاحِبُ الْكَافِي وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ ; لِأَنَّ نِكَاحَ الْبِنْتِ لَا يَمْنَعُ نِكَاحَ الْأُمِّ إذَا عَرِيَ عَنْ الدُّخُولِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ فَكَانَ نِكَاحُ الْأُمِّ أَوْلَى بِالْإِبْطَالِ.
(وَمِنْهَا) لَوْ أَسْلَمَ الْكَافِرُ عَلَى أُمٍّ وَبِنْتٍ لَمْ يَدْخُلْ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَنْفَسِخُ نِكَاحُ الْأُمِّ وَحْدَهَا وَتَحْرُمُ عَلَيْهِ عَلَى التَّأْبِيدِ وَيَثْبُتُ نِكَاحُ الْبِنْتِ نَصَّ عَلَيْهِ [أَحْمَدُ] فِيمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ وَاتَّفَقَ الْأَصْحَابُ عَلَيْهِ وَبَنَاهُ الْقَاضِي عَلَى أَنَّ أَنْكِحَةَ الْكُفَّارِ صَحِيحَةٌ فَإِذَا صَحَّ النِّكَاحُ فِي الْبِنْتِ صَارَتْ أُمُّهَا مِنْ أُمَّهَاتِ نِسَائِهِ فَحَرُمَتْ عَلَيْهِ، قَالَ: وَلَوْ لَمْ يَكُنْ صَحِيحًا فِيهَا كَانَ لَهُ أَنْ يَخْتَارَ أَيَّهُمَا شَاءَ وَهَذَا يُخَالِفُ مَا قَرَّرَهُ فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ أَنَّ الْعَقْدَ الْفَاسِدَ فِي النِّكَاحِ يُحَرِّمُ مَا يُحَرِّمُهُ الصَّحِيحُ وَهَذَا النِّكَاحُ غَايَتُهُ أَنَّهُ فَاسِدٌ ; لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِي صِحَّتِهِ وَالْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ يُفَرِّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأُمِّ وَالْبِنْتِ وَقَدْ حُرِّمَتَا عَلَيْهِ وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا وَجَدَ الدُّخُولَ بِهِمَا ; لِأَنَّهُ قَالَ فِي تَمَامِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ: إذَا كَانَ تَحْتَهُ أُخْتَانِ فَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحَدِهِمَا، وَإِذَا كَانَ تَحْتَهُ فَوْقَ أَرْبَعٍ فَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الزِّيَادَةِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْهُ كَابْتِدَاءِ الْعَقْدِ
(وَمِنْهَا) لَوْ تَزَوَّجَ كَبِيرَةً وَصَغِيرَةً وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا حَتَّى أَرْضَعَتْ الصَّغِيرَةَ فَسَدَ نِكَاحُ الْكَبِيرَةِ لِمَصِيرِهَا مِنْ أُمَّهَاتِ نِسَائِهِ وَفِي الصَّغِيرَةِ. رِوَايَتَانِ:
أَحَدُهُمَا: يَفْسُدُ نِكَاحُهَا أَيْضًا عَمَّنْ عَقَدَ عَلَى أُمٍّ وَبِنْتٍ ابْتِدَاءً.
وَالثَّانِيَةُ: لَا يَبْطُلُ وَهِيَ أَصَحُّ وَمَسْأَلَةُ الْجَمْعِ فِي الْعَقْدِ قَدْ سَبَقَ الْخِلَافُ فِيهَا وَعَلَى التَّسْلِيمِ فِيهَا فَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ مَسْأَلَتِنَا أَنَّ الْجَمْعَ هَاهُنَا حَصَلَ فِي الِاسْتِدَامَةِ دُونَ الِابْتِدَاءِ وَالدَّوَامُ أَقْوَى مِنْ الِابْتِدَاءِ فَهُوَ كَمَنْ أَسْلَمَ عَنْ أُمٍّ وَبِنْتٍ.
(وَمِنْهَا) لَوْ كَانَ تَحْتَ ذِمِّيٍّ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ ثُمَّ اُسْتُرِقَّ لِلُحُوقِهِ بِدَارِ الْحَرْبِ أَوْ غَيْرِهِ قَالَ الشَّيْخُ مَجْدُ الدِّينِ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَتَخَيَّرَ مِنْهُنَّ اثْنَيْنِ كَمَا لَوْ أَسْلَمَ عَبْدٌ وَتَحْتَهُ أَرْبَعٌ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَبْطُلَ نِكَاحُ الْجَمِيعِ كَالرَّضَاعِ إلَى الْحَادِثِ الْمُحَرِّمِ لِلْجَمْعِ.
(وَمِنْهَا) لَوْ تَزَوَّجَ حُرَّةً وَأَمَةً فِي عَقْدٍ وَهُوَ فَاقِدٌ لِشَرْطِ نِكَاحِ الْإِمَاءِ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ نِكَاحُ الْأَمَةِ وَحْدَهَا عَلَى الْأَصَحِّ ; لِأَنَّ الْحُرَّةَ تَمْتَازُ عَلَيْهِمَا بِصِفَةِ وُرُودِ نِكَاحِهَا عَلَيْهَا مِثْلُ هَذِهِ الْحَالِ وَلَا عَكْسَ.
وَلِلثَّالِثِ وَهُوَ الْمَنْعُ مِنْ الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ أَمْثِلَةٌ: (مِنْهَا) لَوْ قَالَ لِزَوْجَاتِهِ: وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُ إحْدَاكُنَّ نَاوِيًا بِذَلِكَ الِامْتِنَاعَ مِنْ وَطْءِ مُسَمَّى إحْدَاهُنَّ