الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيَتَفَرَّعُ عَلَى ذَلِكَ مَسَائِلُ:
(مِنْهَا) لَوْ قَالَ لِمُشْتَرِي سِلْعَةٍ أَشْرِكْنِي فِي هَذِهِ السِّلْعَةِ فَهَلْ يَصِحُّ وَيَنْزِلُ عَلَى الْمُنَاصَفَةِ أَمْ لَا لِلْجَهَالَةِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ ذَكَرَهُمَا فِي التَّلْخِيصِ، وَالْمَجْزُومُ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ الصِّحَّةُ تَنْزِيلًا عَلَى الْمُنَاصَفَةِ.
(وَمِنْهَا) لَوْ قَالَ هَذَا الْعَبْدُ شَرِكَةٌ بَيْنِي وَبَيْنَ فُلَانٍ أَوْ هُوَ شَرِيكِي، وَفِيهِ وَجْهَانِ الْمَجْزُومُ فِي الْإِقْرَارِ الْإِبْهَامُ وَيَرْجِعُ فِي تَفْسِيرِهِ إلَيْهِ وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ عَقِيلٍ وَقَالَ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ هُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ.
(وَمِنْهَا) لَوْ أَوْقَعَ طَلَاقًا ثَلَاثًا بِامْرَأَةٍ لَهُ ثُمَّ قَالَ لِلْأُخْرَى شَرَكْتُكِ مَعَهَا فَإِنْ قُلْنَا: بِالْمُنَاصَفَةِ اقْتَضَى وُقُوعَ اثْنَتَيْنِ. وَإِنْ قُلْنَا: الْإِبْهَامُ لَمْ يَقَعْ أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدَةٍ ; لِأَنَّهَا الْيَقِينُ إلَّا أَنْ يُفَسِّرَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَقَعَ ثَلَاثًا بِنَاءً عَلَى [أَنَّ] الشَّرِكَةَ تَقْتَضِي الِاسْتِحْقَاقَ مِنْ كُلِّ جُزْءٍ. وَقَدْ يُقَالُ هَذَا إنَّمَا يُمْكِنُ فِي التَّمْلِيكَاتِ دُونَ طَلَاقٍ فَإِنَّ حَقِيقَةَ الِاشْتِرَاكِ فِي طَلَاقِ الْأُولَى لَا تُمْكِنُ فَحُمِلَ عَلَى اسْتِحْقَاقِ نَظِيرِهِ.
أَمَّا لَوْ تَعَدَّدَ الشُّرَكَاءُ فَهَلْ يُقَالُ يَسْتَحِقُّ الشَّرِيكُ نِصْفَ مَالِهِمْ أَوْ مِثْلَ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى وَجْهَيْنِ ذَكَرَهُمَا الْقَاضِي فِي الْبَيْعِ وَبَنَى عَلَيْهِمَا لَوْ اشْتَرَى اثْنَانِ شَيْئًا ثُمَّ اشْتَرَكَا ثَلَاثًا فِيهِ فَهَلْ لَهُ نِصْفُهُ أَوْ ثُلُثُهُ عَلَى وَجْهَيْنِ، وَخَرَّجَ صَاحِبُ التَّرْغِيبِ وَالشَّيْخُ مَجْدُ الدِّينِ فِي الْمُسَوَّدَةِ الْوَجْهَيْنِ فِيمَا إذَا قَالَ لِثَلَاثَةِ نِسْوَةٍ أَوْقَعْت بَيْنَكُنَّ طَلْقَةً ثُمَّ قَالَ لِرَابِعَةٍ أَشْرَكْتُك مَعَهُنَّ هَلْ يَقَعُ بِهَا طَلْقَةً وَاحِدَةً أَوْ طَلْقَتَيْنِ؟ عَلَى الْوَجْهَيْنِ.
[الْقَاعِدَةُ الْخَامِسَةَ عَشَرَ بَعْدَ الْمِائَةِ الْحُقُوقُ الْمُشْتَرَكَةُ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَصَاعِدًا نَوْعَانِ]
(الْقَاعِدَةُ الْخَامِسَةَ عَشَرَ بَعْدَ الْمِائَةِ) : الْحُقُوقُ الْمُشْتَرَكَةُ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَصَاعِدًا نَوْعَانِ: أَحَدُهُمَا: مَا يَقَعُ اسْتِحْقَاقُ كُلِّ وَاحِدٍ بِانْفِرَادِهِ لِجَمِيعِ الْحَقِّ وَيَتَزَاحَمُونَ فِيهِ عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ.
وَالثَّانِي: مَا يَسْتَحِقُّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْحَقِّ بِحِصَّتِهِ بِخَاصَّةٍ
وَلِلْأَوَّلِ أَمْثِلَةٌ كَثِيرَةٌ: (مِنْهَا) الشُّفَعَاءُ الْمُجْتَمِعُونَ كُلٌّ مِنْهُمْ يَسْتَحِقُّ الشُّفْعَةَ بِكَمَالِهَا فَإِذَا عَفَى أَحَدُهُمْ عَنْ حَقِّهِ تَوَفَّرَ عَلَى الْبَاقِينَ
(وَمِنْهَا) غُرَمَاءُ الْمُفْلِسِ الَّذِي لَا يَفِي مَالُهُ بِدَيْنِ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى انْفِرَادِهِ وَهُمْ كَالشُّفَعَاءِ. (وَمِنْهَا) الْأَوْلِيَاءُ الْمُتَسَاوُونَ فِي النِّكَاحِ
(وَمِنْهَا) الْعَصَبَاتُ الْمُجْتَمِعُونَ فِي الْمِيرَاثِ. وَيَتَفَرَّعُ عَلَى ذَلِكَ لَوْ اجْتَمَعَ اثْنَانِ نِصْفُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حُرٌّ فَهَلْ يَسْتَحِقَّانِ الْمَالَ كُلَّهُ أَمْ لَا عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا يَسْتَحِقَّانِ جَمِيعَ الْمَالِ رَجَّحَهُ الْقَاضِي وَالسَّامِرِيُّ وَطَائِفَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ، وَلَهُ مَأْخَذَانِ:
أَحَدُهُمَا جَمَعَ الْحُرِّيَّةِ فِيهَا فَيَمْلِكُ بِهَا حُرِّيَّةَ ابْنٍ وَهُوَ مَأْخَذُ أَبِي الْخَطَّابِ وَغَيْرِهِ وَالثَّانِي أَنَّ حَقَّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَعَ كَمَالِ حُرِّيَّتِهِ فِي جَمِيعِ الْمَالِ لَا فِي نِصْفِهِ وَإِنَّمَا أَخَذَ نِصْفَهُ لِمُزَاحِمَةِ أَخِيهِ لَهُ وَحِينَئِذٍ فَقَدْ أَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ
مِنْهُمَا نِصْفَ الْمَالِ هُنَا وَهُوَ نِصْفُ حَقِّهِ مَعَ كَمَالِ حُرِّيَّتِهِ فَلَمْ يَأْخُذْ زِيَادَةً عَلَى قَدْرِ مَا فِيهِ مِنْ الْحُرِّيَّةِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَسْتَحِقَّانِ الْمَالَ كُلَّهُ لِئَلَّا تَسْتَوِيَ [حَالُ] حُرِّيَّتِهِمَا الْكَامِلَةِ وَالْمُبَعَّضَةِ. وَهَلْ يَسْتَحِقَّانِ نِصْفَهُ تَنْزِيلًا لَهُمَا حَالَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعه تَنْزِيلًا لَهُمَا ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ.
وَلَوْ كَانَ ابْنٌ نِصْفُهُ حُرًّا مَعَ أُمٍّ فَعَلَى الْمَأْخَذِ الثَّانِي فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ يَتَوَجَّهُ أَنْ يَأْخُذَ نِصْفَ الْمَالِ كُلِّهِ وَهُوَ أَحَدُ الْوُجُوهِ لِلْأَصْحَابِ وَرَجَّحَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَذَكَرَ أَنَّهُ اخْتِيَارُ أَبِيهِ، قِيلَ يَأْخُذُ نِصْفَ الْبَاقِي بَعْدَ رُبْعِ الْأُمِّ وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي بَكْرٍ وَالْقَاضِي فِي خِلَافِهِ. وَقِيلَ يَأْخُذُ نِصْفَ مَا كَانَ يَأْخُذُهُ حَالَ كَمَالِ الْحُرِّيَّةِ وَهُوَ هُنَا رُبْعُ السُّدُسِ وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ إبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ فِي كِتَابِ الْفَرَائِضِ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ وَابْنِ عَقِيلٍ وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ ; لِأَنَّ الْقَدْرَ الَّذِي حُجِبَتْ عَنْهُ الْأُمُّ يَسْتَحِقُّهُ كُلَّهُ وَإِنَّمَا يَتَنَصَّفُ عَلَيْهِ مَا عَدَاهُ.
(وَمِنْهَا) ذُو الْفُرُوضِ الْمُجْتَمِعُونَ الْمُزْدَحِمُونَ فِي فَرْضٍ وَاحِدٍ كَالزَّوْجَاتِ وَالْجَدَّاتِ، وَيَتَفَرَّعُ عَلَى هَذَا إذَا اجْتَمَعَتْ جَدَّتَانِ أُمُّ أُمٍّ وَأُمُّ أَبٍ مَعَ ابْنِهَا الْأَبِ وَقُلْنَا إنَّهُ يَحْجُبُهَا فَهَلْ تَسْتَحِقُّ الْأُمُّ السُّدُسَ كُلَّهُ أَوْ نِصْفَهُ عَلَى وَجْهَيْنِ، أَصَحُّهُمَا أَنَّهَا تَسْتَحِقُّ السُّدُسَ كُلَّهُ لِزَوَالِ الْمُزَاحِمَةِ مَعَ قِيَامِ الِاسْتِحْقَاقِ لِجَمِيعِهِ، وَالثَّانِي يَسْتَحِقُّ نِصْفَهُ وَلَهُ مَأْخَذَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ أُمَّ الْأَبِ تَحْجُبُهَا عَنْ السُّدُسِ إلَى نِصْفِهِ فَلَا أَثَرَ لِكَوْنِهَا مَحْجُوبَةً كَمَا يَحْجُبُ وَلَدُ الْأُمِّ الْأُمَّ مَعَ انْحِجَابِهِمْ بِالْأَبِ وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ حَجْبَ الْأُمِّ إنَّمَا هُوَ بِطَرِيقِ الْمُزَاحِمَةِ وَلَا مُزَاحَمَةَ هُنَا.
وَحَجْبُ الْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ لَيْسَ بِالْمُزَاحَمَةِ فَإِنَّهُمْ لَا يُشَارِكُونَهَا فِي فَرْضِهَا وَإِنَّمَا وُجُودُهُمْ هُوَ مُقْتَضٍ لِتَنْقِيصِ فَرْضِهَا.
وَالثَّانِي أَنَّ أُمَّ الْأَبِ لَهَا مَعَ أُمِّ الْأُمِّ نِصْفُ السُّدُسِ فَلَمَّا حَجَبَ الْأَبُ أُمَّهُ تَوَفَّرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ لَا عَلَى الْأُخْرَى، وَرُدَّ بِأَنَّ وَلَدَ الْأُمِّ يَحْجُبُونَ الْأُمَّ عَنْ السُّدُسِ ثُمَّ لَا يَأْخُذُونَهُ بَلْ يَتَوَفَّرُ عَلَى الْأَبِ، وَقَدْ يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ وَلَدَ الْأُمِّ لَمَّا كَانُوا مَحْجُوبِينَ بِالْأَبِ تَوَفَّرَ مَا حَجَبُوا عَنْهُ الْأُمَّ عَلَى مَنْ حَجَبَهُمْ وَهُوَ الْأَبُ كَذَلِكَ هُنَا.
(وَمِنْهَا) الْوَصَايَا الْمُزْدَحِمَةُ فِي عَيْنٍ أَوْ مِقْدَارٍ مِنْ مَالٍ فَإِنَّ حَقَّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي مَجْمُوعِ وَصِيَّتِهِ وَإِنَّمَا يَأْخُذُ دُونَ ذَلِكَ لِلْمُزَاحَمَةِ فَإِذَا رُدَّ بَعْضُهُمْ تَوَفَّرَ عَلَى الْبَاقِينَ وَإِنْ أَجَازَ الْوَرَثَةُ بَعْضَ الْوَصَايَا دُونَ بَعْضٍ فَهَلْ يُعْطَى الْمُجَازَ لَهُ الْقَدْرَ الَّذِي كَانَ يَأْخُذُهُ فِي حَالِ الْإِجَازَةِ لِلْكُلِّ أَوْ يُكْمَلُ لَهُ الْجُزْءُ الْمُسَمَّى فِي الْوَصِيَّةِ كُلُّهُ إنْ أَمْكَنَ لِقِيَامِ اسْتِحْقَاقِهِ لَهُ وَقَدْ أَمْكَنَ وُصُولُهُ إلَيْهِ بِزَوَالِ الْمُزَاحَمَةِ بِالرَّدِّ عَلَى غَيْرِهِ فِيهِ وَجْهَانِ، صَحَّحَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ.
الثَّانِي: وَمَنْ رَجَّحَ الْأَوَّلَ قَالَ الْقَدْرُ الْمُزَاحَمُ بِهِ كَانَ حَقًّا لِلْمُزَاحِمِ فَإِذَا رَدَّهُ الْوَرَثَةُ عَلَيْهِ تَوَفَّرَ عَلَيْهِمْ لَا عَلَى الْوَصِيَّةِ الْأُخْرَى وَيَشْهَدُ لِلْأَوَّلِ مَا ذَكَرَهُ الْخِرَقِيِّ وَابْنُ حَامِدٍ وَالْقَاضِي وَالْأَصْحَابُ فِيمَنْ وَصَّى لِرَجُلٍ بِعَبْدٍ قِيمَتُهُ ثُلُثُ مَالِهِ وَلِآخَرَ بِثُلُثِ
مَالِهِ.
فَإِنْ أَجَازَهُ الْوَرَثَةُ فَلِلْمُوصَى لَهُ بِالْعَبْدِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ لِمُزَاحَمَةِ الْآخَرِ لَهُ فِيهِ وَلِصَاحِبِ الثُّلُثِ رُبْعُ الْعَبْدِ وَثُلُثُ بَاقِي الْمَالِ وَإِنْ رَدُّوا قُسِّمَ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَيَأْخُذُ صَاحِبُ وَصِيَّةِ الْعَبْدِ بِقَدْرِ سُدُسِ الْمَالِ كُلِّهِ مِنْ الْعَبْدِ وَيَأْخُذُ الْآخَرُ سُدُسَ الْعَبْدِ وَسُدُسَ بَاقِي الْمَالِ لِزَوَالِ الْمُزَاحِمَةِ بِالرَّدِّ فَأَمْكَنَ وُصُولُ كُلٍّ مِنْهُمَا إلَى نِصْفِ مَا سَمَّى لَهُ كَامِلًا فَلَا يَنْقُصُ مِنْهُ، وَخَرَّجَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَجْهًا آخَرَ مِنْ الْوَجْهِ الثَّانِي فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا أَنَّهُ يُقَسِّمُ الثُّلُثَ بَيْنَهُمَا عَلَى حَسَبِ مَا كَانَ يَقْتَسِمَانِ وَصِيَّتَهُمَا حَالَ الْإِجَازَةِ فَيَفْضُلُ نَصِيبُ صَاحِبِ الثُّلُثِ عَلَى نَصِيبِ صَاحِبِ الْعَبْدِ وَهُوَ اخْتِيَارُ صَاحِبِ الْمُغْنِي تَسْوِيَةً [بَيْنَهُمَا] فِي الرَّدِّ وَالْإِجَازَةِ، وَفِي تَخْرِيجِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا نَظَرٌ ; لِأَنَّ الْوَرَثَةَ هُنَاكَ قَدْ يَكُونُ مَقْصُودُهُمْ بِالرَّدِّ عَلَى أَحَدِهِمَا تَوْفِيرَ مَا كَانَ يَأْخُذُهُ بِالْمُزَاحَمَةِ عَلَيْهِمْ كَمَا لَوْ أَجَازُوا لِصَاحِبِ الْوَصِيَّةِ بِالْكُلِّ وَرَدُّوا عَلَى الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ فَلَوْ أَعْطَيْنَا صَاحِبَ الْكُلِّ مَا رَدُّوهُ عَلَى صَاحِبِ الثُّلُثِ لَمْ يَبْقَ فِي رَدِّهِمْ فَائِدَةٌ لَهُمْ.
وَهُنَا لَا يَخْرُجُ عَنْهُمْ سِوَى الثُّلُثِ فَيَنْبَغِي أَنْ تُقَسَّمَ الْوَصِيَّتَانِ عَلَى قَدْرِهِمَا عَمَلًا بِمُرَادِ الْمُوصِي مِنْ التَّسْوِيَةِ حَيْثُ أَمْكَنَ وَلَا ضَرَرَ عَلَى الْوَرَثَةِ فِي ذَلِكَ.
. (وَمِنْهَا) اسْتِحْقَاقُ الْغَانِمِينَ مِنْ الْغَنِيمَةِ مَتَى رَدَّ بَعْضُهُمْ تَوَفَّرَ عَلَى الْبَاقِينَ وَسَوَاءٌ قُلْنَا مَلَكُوهُ بِالِاسْتِيلَاءِ أَوْ لَمْ يَمْلِكُوهُ.
(وَمِنْهَا) الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ إذَا رَدَّ بَعْضُهُمْ تَوَفَّرَ عَلَى الْبَاقِينَ كَمَا لَوْ مَاتَ بَعْضُهُمْ وَقَدْ سَبَقَتْ.
(وَمِنْهَا) حَدُّ الْقَذْفِ الْمَوْرُوثِ لِجَمَاعَةٍ يَسْتَحِقُّ كُلُّ وَاحِدٍ بِانْفِرَادِهِ فَإِذَا أَسْقَطَهُ بَعْضُهُمْ فَلِلْبَاقِينَ اسْتِيفَاؤُهُ.
وَأَمَّا النَّوْعُ الثَّانِي فَلَهُ أَمْثِلَةٌ:
(مِنْهَا) عُقُودُ التَّمْلِيكَاتِ الْمُضَافَةِ إلَى عَدَدٍ فَيَمْلِكُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِحِصَّتِهِ لِاسْتِحَالَةِ أَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَالِكًا لِجَمِيعِ الْعَيْنِ. ثُمَّ هَاهُنَا حَالَتَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ التَّمْلِيكُ بِعِوَضٍ مِثْلُ أَنْ يَبِيعَ مِنْ رَجُلَيْنِ عَبْدًا أَوْ عَبْدَيْنِ بِثَمَنٍ فَيَقَعُ الشِّرَاءُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَيَلْزَمُ كُلَّ وَاحِدٍ نِصْفُ الثَّمَنِ وَإِنْ كَانَ لِاثْنَيْنِ عَبْدَانِ مُفْرَدَانِ لِكُلِّ وَاحِدٍ عَبْدٌ فَبَاعَاهُمَا مِنْ رَجُلَيْنِ صَفْقَةً وَاحِدَةً لِكُلِّ وَاحِدٍ عَبْدًا مُعَيَّنًا بِثَمَنٍ وَاحِدٍ فَفِي صِحَّةِ الْبَيْعِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا وَهُوَ الْمَنْصُوصُ الصِّحَّةُ وَعَلَيْهِ فَيَقْتَسِمَانِ الثَّمَنَ عَلَى قَدْرِ قِيمَتَيْ الْعَبْدَيْنِ، وَذَكَرَ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ وَجْهًا آخَرَ أَنَّهُمَا يَقْتَسِمَانِهِ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِ الْمَبِيعِ نِصْفَيْنِ تَخْرِيجًا مِنْ أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ فِيمَنْ إذَا تَزَوَّجَ أَرْبَعًا فِي عَقْدٍ بِمَهْرٍ وَاحِدٍ أَوْ خَالَعَهُنَّ بِعِوَضٍ وَاحِدٍ أَنَّهُ يَكُونُ بَيْنَهُنَّ أَرْبَاعًا وَهُوَ هَاهُنَا بَعِيدٌ جِدًّا ; لِأَنَّ الْبُضْعَ لَيْسَ بِمَالٍ مَحْضٍ فَكَيْفَ سَوَّى بِهِ الْأَمْوَالَ الْمُبْتَغَى بِهَا الْأَرْبَاحُ وَالتَّكَسُّبُ وَخَرَّجَاهُ أَيْضًا فِي الْكِتَابَةِ وَهُوَ أَقْرَبُ مِنْ الْبَيْعِ إذْ الْكِتَابَةُ فِيهَا مَعْنَى الْعِتْقِ.
الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ بِغَيْرِ عِوَضٍ مِثْلُ أَنْ يَهَبَ لِجَمَاعَةٍ شَيْئًا أَوْ يُمَلِّكَهُمْ إيَّاهُ عَنْ
زَكَاةٍ أَوْ كَفَّارَةٍ مُشَاعًا فِي الْكَفَّارَةِ فَقِيَاسُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ فِي التَّمْلِيكِ بِعِوَضٍ أَنَّهُمْ يَتَسَاوُونَ فِي مِلْكِهِمْ، وَحَكَى صَاحِبُ الْمُغْنِي فِيمَا إذَا وَضَعَ طَعَامًا فِي الْكَفَّارَةِ بَيْنَ يَدَيْ عَشْرَةِ مَسَاكِينَ فَقَالَ: هُوَ بَيْنَكُمْ بِالسَّوِيَّةِ فَقَبِلُوهُ، ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا وَهُوَ الَّذِي جَزَمَ بِهِ أَوَّلًا أَنَّهُ يُجْزِيهِ ; لِأَنَّهُ مَلَّكَهُمْ التَّصَرُّفَ فِيهِ وَالِانْتِفَاعَ بِهِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ كَمَا لَوْ دَفَعَ دَيْنَ غُرَمَائِهِ بَيْنَهُمْ.
وَالثَّانِي: وَحَكَاهُ عَنْ ابْنِ حَامِدٍ يَجْزِيهِ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ بِالتَّسْوِيَةِ ; لِأَنَّ قَوْلَهُ خُذُوهَا عَنْ كَفَّارَتِي يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ ; لِأَنَّ ذَلِكَ حُكْمُهَا.
وَالثَّالِثُ وَافْتِتَاحُ عَنْ الْقَاضِي أَنَّهُ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ وَصَلَ إلَيْهِ كُلُّ وَاحِدٍ قَدْرَ حَقِّهِ أَجْزَأَ وَإِلَّا لَمْ يُجْزِهِ هَذَا مَا ذَكَرَهُ. وَأَصْلُ ذَلِكَ مَا قَالَهُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ إذَا أَفْرَدَ سِتِّينَ مُدًّا وَقَالَ لِسِتِّينَ مِسْكِينًا خُذُوهَا فَأَخَذُوهَا أَوْ قَالَ كُلُوهَا وَلَمْ يَقُلْ بِالسَّوِيَّةِ أَوْ قَالَ قَدْ مَلَكْتُمُوهَا بِالسَّوِيَّةِ فَأَخَذُوهَا. فَقَالَ شَيْخُنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ حَامِدٍ: يَجْزِيهِ ; لِأَنَّ قَوْلَهُ خُذُوهَا عَنْ كَفَّارَتِي يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ ; لِأَنَّ حُكْمَ الْكَفَّارَةِ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ فَإِنْ عَرَفَ أَنَّهَا وَصَلَتْ إلَيْهِمْ بِالسَّوِيَّةِ أَجْزَأَهُ وَإِنْ عَلِمَ التَّفَاضُلَ فَمَنْ حَصَلَ مَعَهُ التَّفْضِيلُ فَقَدْ أَخَذَ زِيَادَةً وَمَنْ أَخَذَ أَقَلَّ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُكْمِلَهُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ كَيْفَ وَصَلَ إلَيْهِمْ لَمْ يَجْزِيهِ وَعَلَيْهِ اسْتِئْنَافُهَا ; لِأَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ قَدْرَ مَا وَصَلَ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ بِعَيْنِهِ. انْتَهَى.
فَحَكَى الْكُلَّ عَنْ ابْنِ حَامِدٍ وَصَاحِبِ الْمُغْنِي جَعَلَ الْإِجْزَاءَ مُطْلَقًا قَوْلُ ابْنِ حَامِدٍ وَاعْتِبَارُ الْوُصُولِ قَوْلُ الْقَاضِي وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَكَذَلِكَ اسْتَشْكَلَ الشَّيْخُ مَجْدُ الدِّينِ مَا وَقَعَ فِي الْمُجَرَّدِ وَقَالَ لَعَلَّهُ وَقَعَ غَلَطٌ فِي النُّسْخَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ أَيْضًا فَإِنِّي نَقَلْتُ مَا ذَكَرْتُهُ. قَالَ: وَلَعَلَّ مِنْ أَصْلِ الْقَاضِي بِخَطِّهِ. ثُمَّ قَالَ: عِنْدِي أَنَا إنْ قُلْنَا مَلَكُوهَا بِالتَّخْلِيَةِ وَأَنَّهَا قَبْضٌ أَجْزَأَتْهُ بِكُلِّ حَالٍ. قَالَ: وَلَعَلَّ هَذَا اخْتِيَارُ ابْنِ حَامِدٍ وَهَذَا بَعِيدٌ جِدًّا بَلْ اخْتِيَارُ ابْنِ حَامِدٍ عَكْسُهُ وَإِنَّ الْهِبَةَ وَالصَّدَقَةَ لَا تُمْلَكُ بِدُونِ قَبْضٍ، وَقَدْ قَدَّمْنَا ذَلِكَ عَنْهُ فِي مَسَائِلِ الْقُبُوضِ وَإِنَّ الْقَبْضَ فِي الْمَنْقُولِ بِالنَّقْلِ فَيَتَوَجَّهُ عَلَى هَذَا أَنَّهُ لَا بُدّ مِنْ تَحْقِيقِ قَبْضِ كُلِّ وَاحِدٍ لِمِقْدَارِ مَا يُجْزِئُ دَفْعُهُ إلَيْهِ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهُ بِدُونِهِ وَلَا عِبْرَةَ بِالْإِيجَابِ لَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ وَمَا حَكَاهُ الْقَاضِي عَنْ ابْنِ حَامِدٍ يُشْعِرُ بِأَنَّ إطْلَاقَ قَوْلِهِ خُذُوا هَذَا وَهُوَ لَكُمْ لَا يُحْمَلُ عَلَى التَّسْوِيَةِ، فَإِنَّهُ إنَّمَا عَلَّلَ بِأَنَّ التَّسْوِيَةَ حُكْمُ الْكَفَّارَةِ وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا قَرَّرُوهُ فِي عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ.
وَأَمَّا مَاحَكَاهُ فِي الْمُغْنِي مِنْ طَرْدِ الْخِلَافِ فِيمَا لَوْ قَالَ هُوَ بَيْنَكُمْ بِالسَّوِيَّةِ أَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ هُوَ بَيْنَكُمْ أَلْبَتَّةَ فَلَيْسَ ذَلِكَ فِي كَلَامِ الْقَاضِي وَيَتَخَرَّجُ ذَلِكَ عَلَى أَصْلٍ وَهُوَ أَنَّ إطْلَاقَ الْبَيِّنَةِ هَلْ يَقْتَضِي التَّسَاوِيَ أَمْ لَا؟ وَفِي الْمَسْأَلَةِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ يَقْتَضِيهِ وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ فِي الْمُضَارَبَةِ إذَا قَالَ: خُذْ هَذَا الْمَالَ فَاتَّجِرْ فِيهِ وَالرِّبْحُ بَيْنَنَا. أَنَّهُمَا يَتَسَاوَيَانِ فِيهِ وَصَرَّحَ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ وَالْأَصْحَابُ فِي مَسْأَلَةِ الْمُضَارَبَةِ فِي أَنَّ إطْلَاقَ الْقَرَارِ بِشَيْءٍ أَنَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ زَيْدٍ