الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رَجُلًا] فَقِيهًا أَسْوَدَ طَلُقَتْ ثَلَاثًا، وَكَذَا لَوْ قَالَ: إنْ وَلَدْت وَلَدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ وَإِنْ وَلَدْت أُنْثَى فَأَنْت طَالِقٌ فَوَلَدَتْ أُنْثَى طَلُقَتْ طَلْقَتَيْنِ.
وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: لَا تَطْلُقُ إلَّا طَلْقَةً وَاحِدَةً فِي الْمَسَائِلِ كُلِّهَا مَعَ الطَّلَاقِ ; لِأَنَّ الْأَظْهَرَ مِنْ مُرَادِ الْحَالِفِ أَنْتِ طَالِقٌ سَوَاءٌ وَلَدَتْ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى، وَسَوَاءٌ كَلَّمْت رَجُلًا أَوْ فَقِيهًا أَوْ أَسْوَدَ، فَيَنْزِلُ الْإِطْلَاقُ عَلَيْهِ لِاشْتِهَارِهِ فِي الْعُرْفِ، إلَّا أَنْ يَنْوِيَ خِلَافَهُ.
وَنَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ فِيمَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً إنْ وَلَدْت ذَكَرًا وَطَلْقَتَيْنِ إنْ وَلَدْت أُنْثَى فَوَلَدَتْ ذَكَرًا وَأُنْثَى أَنَّهُ عَلَى مَا نَوَى، إنَّمَا أَرَادَ وِلَادَةً وَاحِدَةً، وَأَنْكَرَ قَوْلَ سُفْيَانَ أَنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهَا، فَالْأَوَّلُ مَا عَلَّقَ وَبِهِ وَتَبَيَّنَ بِالثَّانِي وَلَا تَطْلُقُ بِهِ، وَقَوْلُ سُفْيَانَ وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ أَصْحَابُنَا: أَبُو بَكْرٍ وَأَبُو حَفْصٍ وَالْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ، وَكَذَلِكَ ابْنُ حَامِدٍ وَزَادَ أَنَّهَا تَطْلُقُ بِالثَّانِي أَيْضًا.
وَالْمَنْصُوصُ أَصَحُّ ; لِأَنَّ الْحَالِفَ إنَّمَا حَلَفَ عَلَى حَمْلٍ وَاحِدٍ وَوِلَادَةٍ وَاحِدَةٍ، وَالْغَالِبُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا وَلَدًا وَاحِدًا، لَكِنَّهُ لَمَّا كَانَ ذَكَرًا مَرَّةً وَأُنْثَى أُخْرَى نَوَّعَ التَّعْلِيقَ عَلَيْهِ، فَإِذَا وَلَدَتْ هَذَا الْحَمْلَ ذَكَرًا وَأُنْثَى لَمْ يَقَعْ بِهِ الْمُعَلَّقُ بِالذِّكْرِ وَالْأُنْثَى جَمِيعًا، بَلْ الْمُعَلَّقُ بِأَحَدِهِمَا فَقَطْ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ إلَّا إيقَاعَ أَحَدِ الطَّلَاقَيْنِ، وَإِنَّمَا رَدَّدَهُ لِتَرَدُّدِهِ فِي كَوْنِ الْمَوْلُودِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى، وَيَنْبَغِي أَنْ يَقَعَ أَكْثَرُ الطَّلَاقَيْنِ إذَا كَانَ الْقَصْدُ تَطْلِيقُهَا بِهَذَا الْوَضْعِ، سَوَاءٌ كَانَ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى، لَكِنَّهُ أَوْقَعَ بِوِلَادَةِ أَحَدِهِمَا أَكْثَرَ مِنْ الْآخَرِ، فَيَقَعُ بِهِ أَكْثَرُ الْمُعَلَّقَيْنِ تَنْبِيهٌ: إذَا كَانَتْ الْجِهَةُ وَاحِدَةً لَمْ يَتَعَدَّدْ الِاسْتِحْقَاقُ بِتَعَدُّدِ الْأَوْصَافِ الْمُدْلِيَةِ إلَيْهَا كَالْوَصِيَّةِ لِقَرَابَتِهِ إذَا أَدْلَى شَخْصٌ بِقَرَابَتَيْنِ وَالْآخَرُ بِقَرَابَةٍ وَاحِدَةٍ.
ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ فِي الْوَصِيَّةِ لِلْإِخْوَةِ أَنَّهُ يَسْتَوِي الْإِخْوَةُ لِلْأَبَوَيْنِ وَالْإِخْوَةُ لِلْأَبِ وَالْإِخْوَةُ لِلْأُمِّ ; لِأَنَّ الْكُلَّ مُشْتَرِكُونَ فِي جِهَةِ الْأُخُوَّةِ فَلَا عِبْرَةَ بِتَعَدُّدِ الْجِهَاتِ الْمُوصِلَةِ إلَيْهَا.
[الْقَاعِدَةُ الْعِشْرُونَ بَعْدَ الْمِائَةِ يُرَجَّحُ ذُو الْقَرَابَتَيْنِ عَلَى ذِي الْقَرَابَةِ الْوَاحِدَة]
(الْقَاعِدَةُ الْعِشْرُونَ بَعْدَ الْمِائَةِ) : يُرَجَّحُ ذُو الْقَرَابَتَيْنِ عَلَى ذِي الْقَرَابَةِ الْوَاحِدَةِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ إحْدَاهُمَا لَهَا مَدْخَلٌ فِي الِاسْتِحْقَاقِ فِي مَسَائِلَ: مِنْهَا: فِي الْأَخِ لِلْأَبَوَيْنِ عَلَى الْأَخِ لِلْأَبِ فِي الْمِيرَاثِ بِالْوَلَاءِ رِوَايَةً وَاحِدَةً، وَخَرَّجَ ابْنُ الزاغوني فِي كِتَابِهِ التَّلْخِيصِ فِي الْفَرَائِضِ رِوَايَةً أُخْرَى بِاشْتِرَاكِهِ فِي مَسْأَلَةِ النِّكَاحِ.
وَمِنْهَا: تَقْدِيمُ الْأَخِ لِلْأَبَوَيْنِ عَلَى الْأَخِ لِلْأَبِ فِي وِلَايَةِ النِّكَاحِ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، اخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ وَرَجَّحَهُ صَاحِبُ الْمُغْنِي. وَمِنْهَا: تَقْدِيمُهُ عَلَيْهِ فِي حَمْلِ الْعَاقِلَةِ، وَفِيهِ الرِّوَايَتَانِ.
وَمِنْهَا: تَقْدِيمُهُ عَلَيْهِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ، وَفِيهِ الرِّوَايَتَانِ أَيْضًا.
وَمِنْهَا: فِي الْوَقْفِ الْمُقَدَّمِ فِيهِ بِالْقُرْبِ، وَكَذَلِكَ الْوَصِيَّةُ، فَيَتَرَجَّحُ الْأَخُ لِلْأَبَوَيْنِ عَلَى الْأَخِ لِلْأَبِ صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي وَالْأَصْحَابُ فِي الْوَصِيَّةِ، وَعَلَّلُوا بِأَنَّ الِانْفِرَادَ بِالْقَرَابَةِ كَالتَّقَدُّمِ بِدَرَجَةٍ، وَخَالَفَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي الْوَقْفِ، وَقَالَ: لَا يَرْجِعُ فِيهِ بِالْقَرَابَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ عَنْ اسْتِحْقَاقِ الْوَقْفِ.
[الْقَاعِدَةُ الْحَادِيَةُ وَالْعِشْرُونَ بَعْدَ الْمِائَةِ فِي تَخْصِيصِ الْعُمُومِ بِالْعُرْفِ]
(الْقَاعِدَةُ الْحَادِيَةُ وَالْعِشْرُونَ بَعْدَ الْمِائَةِ) : فِي تَخْصِيصِ الْعُمُومِ بِالْعُرْفِ وَلَهُ صُورَتَانِ: إحْدَاهُمَا أَنْ يَكُونَ قَدْ غَلَبَ اسْتِعْمَالُ الِاسْمِ الْعَامِّ فِي بَعْضِ أَفْرَادِهِ حَتَّى صَارَ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً، فَهَذَا يَخْتَصُّ بِهِ الْعُمُومُ بِغَيْرِ خِلَافٍ. فَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ شِوَاءً اخْتَصَّتْ يَمِينُهُ بِاللَّحْمِ الْمَشْوِيِّ دُونَ الْبَيْضِ وَغَيْرِهِ مِمَّا يُشْوَى، وَكَذَلِكَ لَوْ حَلَفَ عَلَى لَفْظِ الدَّابَّةِ وَالسَّقْفِ وَالسِّرَاجِ وَالْوَتَدِ لَا يَتَنَاوَلُ إلَّا مَا
يُسَمَّى فِي الْعُرْفِ كَذَلِكَ، دُونَ الْآدَمِيِّ وَالسَّمَاءِ وَالشَّمْسِ وَالْجَبَلِ، فَإِنَّ هَذِهِ التَّسْمِيَةَ فِيهَا هُجِرَتْ حَتَّى عَادَتْ مَجَازًا الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ لَا يَكُونَ كَذَلِكَ وَهُوَ نَوْعَانِ:
أَحَدُهُمَا: مَا لَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ الْعَامُّ إلَّا مُقَيَّدًا بِهِ وَلَا يُفْرَدُ بِحَالٍ، فَهَذِهِ لَا يَدْخُلُ فِي الْعُمُومِ بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ، فَخِيَارُ شنبر وَتَمْرُ هِنْدِيٍّ لَا يَدْخُلَانِ فِي مُطْلَقِ الثَّمَرِ وَالْخِيَارِ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ، وَنَظِيرُهُ مَاءُ الْوَرْدِ لَا يَدْخُلُ فِي اسْمِ الْمَاءِ الْمُطْلَقِ.
وَالنَّوْعُ الثَّانِي: مَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ الْعَامُّ لَكِنَّ الْأَكْثَرَ أَنْ لَا يُذْكَرَ مَعَهُ إلَّا بِقَيْدٍ أَوْ قَرِينَةٍ، وَلَا يَكَادُ يُفْهَمُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ دُخُولُهُ فِيهِ، فَفِيهِ وَجْهَانِ
وَيَتَفَرَّعُ عَلَيْهِمَا مَسَائِلُ مِنْهَا: لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الرُّءُوسَ فَقَالَ الْقَاضِي يَحْنَثُ بِأَكْلِ كُلِّ مَا يُسَمَّى رَأْسًا مِنْ رُءُوسِ الطُّيُورِ وَالسَّمَكِ، وَنَقَلَهُ فِي مَوْضِعٍ عَنْ أَحْمَدَ، وَقَالَ فِي مَوْضِعِ الْعُرْفِ يُعْتَبَرُ فِي تَعْمِيمِ الْخَاصِّ لَا فِي تَخْصِيصِ الْعَامِّ.
وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: لَا يَحْنَثُ إلَّا بِرَأْسٍ يُؤْكَلُ فِي الْعَادَةِ مُفْرَدًا، وَكَذَلِكَ ذَكَرَ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ مِنْ خِلَافِهِ أَنَّ يَمِينَهُ تَخْتَصُّ بِمَا يُسَمَّى رَأْسًا عُرْفًا، وَحَكَى ابْنُ الزاغوني فِي الْإِقْنَاعِ رِوَايَتَيْنِ.
إحْدَاهُمَا: يَحْنَثُ بِأَكْلِ كُلِّ رَأْسٍ.
وَالثَّانِيَةُ: لَا يَحْنَثُ إلَّا بِأَكْلِ رَأْسِ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ خَاصَّةً، وَعَزَى الْأُولَى إلَى الْخِرَقِيِّ، وَفِي التَّرْغِيبِ ذَكَرَ الْوَجْهَ الثَّانِي ; أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ إلَّا بِأَكْلِ رَأْسٍ يُبَاعُ مُفْرَدًا لِلْأَكْلِ عَادَةً، قَالَ فَإِنْ جَرَتْ عَادَةُ قَوْمٍ بِأَكْلِ رُءُوسِ الظِّبَاءِ حَنِثَ بِهِ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ، وَفِي غَيْرِهِ وَجْهَانِ مَأْخَذُهُمَا هَلْ الِاعْتِبَارُ بِأَصْلِ الْعَادَةِ أَوْ عَادَةِ الْحَالِفِ؟ انْتَهَى.
وَمِنْهَا: لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الْبَيْضَ فَهُوَ عَلَى الْوَجْهَيْنِ أَيْضًا، فَيَحْنَثُ عِنْدَ الْقَاضِي بِأَكْلِ بَيْضِ السَّمَكِ وَغَيْرِهِ، وَلَا يَحْنَثُ عِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ إلَّا بِأَكْلِ بَيْضٍ يُزَايِلُ بَائِضَهُ فِي حَيَاتِهِ، وَزَعَمَ صَاحِبُ الْكَافِي أَنَّ التَّخْصِيصَ هُنَا إنَّمَا كَانَ إضَافَةَ الْأَكْلِ إلَى الرُّءُوسِ وَالْبَيْضِ، حَيْثُ كَانَتْ الْعَادَةُ تَخْتَصُّ بَعْضَ أَنْوَاعِهَا، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَوْ عَلَّقَ حُكْمًا سِوَى الْأَكْلِ لَعَمَّ بِغَيْرِ خِلَافٍ وَفِيهِ نَظَرٌ.
وَمِنْهَا: لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ اللَّحْمَ فَأَكَلَ لَحْمَ السَّمَكِ فَفِيهِ وَجْهَانِ أَيْضًا.
وَقَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ هُوَ عَلَى نِيَّتِهِ.
قَالَ الْقَاضِي: مَعْنَاهُ إنْ نَوَى لَحْمًا بِعَيْنِهِ لَمْ يَحْنَثْ بِأَكْلِ غَيْرِهِ مَعَ الْإِطْلَاقِ وَهُوَ قَوْلُ الْخِرَقِيِّ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى لَا يَحْنَثُ مَعَ الْإِطْلَاقِ وَإِنَّمَا يَحْنَثُ بِإِدْخَالِهِ بِالنِّيَّةِ، وَلَعَلَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ.
وَمِنْهَا: لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ بَيْتًا فَدَخَلَ مَسْجِدًا أَوْ حَمَّامًا فَالْمَنْصُوصُ فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا أَنَّهُ يَحْنَثُ وَأَنَّهُ لَا يَرْجِعُ فِي ذَلِكَ إلَى نِيَّةٍ، وَاسْتَدَلَّ بِأَنَّ الْمَسْجِدَ وَالْحَمَّامَ يُسَمَّى بَيْتًا بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَهَذَا يُخَالِفُ نَصَّهُ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ فِي لَحْمِ السَّمَكِ، فَيُخَرَّجُ لَهُ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَانِ، وَخَرَّجَ الْأَصْحَابُ فِي هَذَا وَجْهًا بِعَدَمِ الْحِنْثِ، وَخَرَّجَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ مِنْ نَصِّهِ الْآتِي فِيمَنْ حَلَفَ بِصَدَقَةِ مَالِهِ أَنَّهُ يَخْتَصُّ بِمَا يُسَمَّى عِنْدَهُ مَالًا، وَكَذَا الْخِلَافُ لَوْ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ فَرَكِبَ سَفِينَةً.
وَمِنْهَا: لَوْ حَلَفَ لَا يَشَمُّ الرَّيْحَانَ، فَقَالَ الْقَاضِي: تَخْتَصُّ يَمِينُهُ بِالْفَارِسِيِّ ; لِأَنَّهُ الْمُسَمَّى بِالرَّيْحَانِ عُرْفًا.
وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ: يَحْنَثُ بِكُلِّ نَبْتٍ لَهُ رَائِحَةٌ طَيِّبَةٌ ; لِأَنَّهُ رَيْحَانٌ حَقِيقَةً وَهَذَا