الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمِنْهَا: الْمُرْتَدُّ إذَا قُتِلَ فِي عِدَّةِ امْرَأَتِهِ فَإِنَّهَا تَسْتَأْنِفُ عِدَّةَ الْوَفَاةِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ ; لِأَنَّهُ كَانَ يُمْكِنُهُ تَلَافِي النِّكَاحِ بِالْإِسْلَامِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْفَسْخَ يَقِفُ عَلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ.
وَمِنْهَا: لَوْ أَسْلَمَتْ الْمَرْأَةُ وَهِيَ تَحْتَ كَافِرٍ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَإِنَّهَا تَنْتَقِلُ إلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ فِي قِيَاسِ الَّتِي قَبْلَهَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ.
[الْقَاعِدَةُ الثَّامِنَةُ وَالْخَمْسُونَ بَعْدَ الْمِائَةِ إذَا تَعَارَضَ أَصْلَانِ]
(الْقَاعِدَةُ الثَّامِنَةُ وَالْخَمْسُونَ بَعْدَ الْمِائَةِ) : إذَا تَعَارَضَ مَعَنَا أَصْلَانِ عُمِلَ بِالْأَرْجَحِ مِنْهُمَا لِاعْتِضَادِهِ بِمَا يُرَجِّحُهُ، فَإِنْ تَسَاوَيَا خَرَّجَ فِي الْمَسْأَلَةِ وَجْهًا غَالِبًا.
مِنْ صُوَرِ ذَلِكَ: مَا إذَا وَقَعَ فِي الْمَاءِ نَجَاسَةٌ وَشَكَّ فِي بُلُوغِهِ الْقُلَّتَيْنِ فَهَلْ يُحْكَمُ بِنَجَاسَتِهِ أَوْ طَهَارَتِهِ عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: يُحْكَمُ بِنَجَاسَتِهِ وَهُوَ الْمُرَجَّحُ عِنْدَ صَاحِبِ الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ بُلُوغِهِ قُلَّتَيْنِ.
وَالثَّانِي: هُوَ طَاهِرٌ وَهُوَ الْأَظْهَرُ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْمَاءِ الطَّهَارَةُ وَأَمَّا أَنَّ أَصْلَهُ الْقُلَّةُ فَقَدْ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ، كَمَا إذَا كَانَ كَثِيرًا ثُمَّ نَقَصَ وَشَكَّ فِي قَدْرِ الْبَاقِي مِنْهُ، وَيُعَضِّدُ هَذَا أَنَّ الْأَصْلَ وُجُوبُ الطَّهَارَةِ بِالْمَاءِ فَلَا يَعْدِلُ إلَى التَّيَمُّمِ إلَّا بَعْدَ تَيَقُّنِ عَدَمِهِ، وَأَيْضًا فَلِلْأَصْحَابِ خِلَافٌ فِي الْمَاءِ الَّذِي وَقَعَتْ فِيهِ النَّجَاسَةُ هَلْ الْأَصْلُ فِيهِ أَنْ يَنْجُسَ إلَّا أَنْ يَبْلُغَ حَدَّ الْكَثْرَةِ فَلَا يَنْجُسُ لِمَشَقَّةِ حِفْظِ الْكَثِيرِ مِنْ النَّجَاسَةِ، أَمْ الْأَصْلُ فِيهِ الطَّهَارَةُ إلَّا أَنْ يَكُونَ يَسِيرًا فَيَنْجُسُ ; لِأَنَّ الْيَسِيرَ لَا يَكَادُ يَحْمِلُ النَّجَاسَةَ عَلَيْهِ غَالِبًا، فَعَلَى الْأَوَّلِ يَجِبُ الْحُكْمُ بِنَجَاسَةِ هَذَا الْمَاءِ وَعَلَى الثَّانِي يُحْكَمُ بِطَهَارَتِهِ، وَعَلَى هَذَيْنِ الْمَأْخَذَيْنِ يَتَخَرَّجُ الْخِلَافُ فِي إثْبَاتِ نِصْفِ الْقِرْبَةِ الَّذِي رَوَى الشَّكَّ فِيهِ فِي ضَبْطِ الْقُلَّتَيْنِ وَإِسْقَاطِهِ، وَيَنْبَنِي عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الْقُلَّتَيْنِ هَلْ هُمَا خَمْسُ قِرَبٍ أَوْ أَرْبَعٌ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَمِنْهَا: مَا إذَا وَقَعَ فِي الْمَاءِ الْيَسِيرِ رَوْثَةٌ وَشُكَّ هَلْ هِيَ مِنْ مَأْكُولٍ أَوْ غَيْرِهِ؟ أَوْ مَاتَ فِيهِ حَيَوَانٌ وَشُكَّ هَلْ هُوَ ذُو نَفْسٍ سَائِلَةٍ أَمْ لَا؟ وَفِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ نَجَسٌ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْأَرْوَاثِ وَالْمَيْتَاتِ النَّجَاسَةُ، وَحَيْثُ قَضَى بِطَهَارَةِ شَيْءٍ مِنْهَا فَرُخْصَةٌ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ، وَلَمْ يَتَحَقَّقْ وُجُودُ الْمُرَخَّصِ هَاهُنَا فَيَبْقَى عَلَى الْأَصْلِ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ طَاهِرٌ وَهُوَ الْمُرَجَّحُ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْمَاءِ الطَّهَارَةُ فَلَا يُزَالُ عَنْهَا بِالشَّكِّ، وَقَدْ مَنَعَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْأَرْوَاثِ النَّجَاسَةُ، وَنَصَّ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حَرْبٍ فِي رَجُلٍ وَطِئَ عَلَى رَوْثٍ لَا يَدْرِي لِحِمَارٍ أَوْ بِرْذَوْنٍ فَرَخَّصَ فِيهِ إذَا لَمْ يَعْرِفْهُ.
وَمِنْهَا: إذَا قَعَدَ الذُّبَابُ عَلَى نَجَاسَةٍ رَطْبَةٍ ثُمَّ سَقَطَ بِالْقُرْبِ عَلَى ثَوْبٍ وَشُكَّ فِي جَفَافِ النَّجَاسَةِ فَفِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ نَجِسٌ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الرُّطُوبَةِ نَقَلَهَا أَبُو بَكْرٍ عَنْ أَحْمَدَ.
وَالثَّانِي: لَا يَنْجُسُ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ طَهَارَةُ الثَّوْبِ.
وَمِنْهَا: إذَا أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي الرُّكُوعِ فَكَبَّرَ وَرَكَعَ مَعَهُ وَشَكَّ هَلْ رَفَعَ إمَامُهُ قَبْلَ رُكُوعِهِ أَوْ بَعْدَهُ فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يُعْتَدُّ لَهُ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِدْرَاكِ وَهُوَ مَنْقُولٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا
وَقَالَ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ: يُحْتَمَلُ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ يُعْتَدُّ لَهُ بِهَا ; لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْإِمَامِ فِي الرُّكُوعِ.
وَمِنْهَا: إذَا شَكَّ هَلْ تَرَكَ وَاجِبًا فِي الصَّلَاةِ فَهَلْ يَلْزَمُهُ السُّجُودُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: يَلْزَمُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِتْيَانِ بِهِ.
وَالثَّانِي: لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ لُزُومِ السُّجُودِ.
وَمِنْهَا: إذَا كَانَ مَالُهُ غَائِبًا فَإِنْ كَانَ مُنْقَطِعًا خَبَرُهُ لَمْ يَجِبْ إخْرَاجُ الزَّكَاةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ خَبَرٌ مُنْقَطِعًا كَالْمُودَعِ وَنَحْوِهِ فَفِي وُجُوبِ إخْرَاجِ زَكَاتِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَجْهَانِ.
وَالْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا أَنَّهُ لَا يَجِبُ، وَعَلَّلَ بِأَنَّهُ لَا يَدْرِي لَعَلَّ الْمَالَ ذَهَبَ.
وَيَبْنِي بَعْضُ الْأَصْحَابِ هَذَا عَلَى الْخِلَافِ فِي مَحَلِّ الزَّكَاةِ، فَإِنْ قُلْنَا فِي الْعَيْنِ لَمْ يَجِبْ الْإِخْرَاجُ حَتَّى يَقْبِضَهَا وَيَتَمَكَّنَ مِنْ الْإِخْرَاجِ مِنْهَا، وَإِنْ قُلْنَا فِي الذِّمَّةِ وَجَبَ الْإِخْرَاجُ مِنْ غَيْرِهَا.
وَيَتَوَجَّهُ عِنْدِي أَنْ أَذَيْتُكِ فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْمَالِ الْمُنْقَطِعِ خَبَرُهُ وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى مَحَلِّ التَّعْلِيقِ، فَإِنْ قُلْنَا هُوَ الْعَيْنُ وَجَبَ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهَا، لَكِنْ لَا يَلْزَمُ تِسَاعًا الزَّكَاةِ حَتَّى يَقْبِضَ كَالدَّيْنِ، وَإِنْ قُلْنَا هُوَ الذِّمَّةُ لَمْ يَجِبْ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ، وَقَدْ شَكَّ فِي اشْتِغَالِهَا، وَأَمَّا إنْ قُلْنَا لَا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي الْمَالِ الضَّالِّ وَالْمَغْصُوبِ فَهَذَا مِثْلُهُ.
وَمِنْهَا: الْعَبْدُ الْآبِقُ الْمُنْقَطِعُ خَبَرُهُ هَلْ تَجِبُ فِطْرَتُهُ أَمْ لَا؟ الْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ أَنَّهُ لَا تَجِبُ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ وَالْفِطْرَةُ فِي الذِّمَّةِ وَيَتَخَرَّجُ لَنَا وَجْهٌ آخَرُ أَنَّهُ يَجِبُ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ عِتْقِهِ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ.
وَمِنْهَا: جَوَازُ عِتْقِهِ فِي الْكَفَّارَةِ وَالْمَشْهُورُ عَدَمُهُ. وَذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ احْتِمَالًا بِالْإِجْزَاءِ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي مُوسَى فِي شَرْحِ الْخِرَقِيِّ وَجْهَيْنِ عَنْ الْأَصْحَابِ، وَصَحَّحَ عَدَمَ الْإِجْزَاءِ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْكَفَّارَةِ فِي الذِّمَّةِ وَقَدْ عَضَّدَهُ الظَّاهِرُ الدَّالُ عَلَى هَلَاكِ الْعَبْدِ مِنْ انْقِطَاعِ خَبَرِهِ، فَرُجِّحَ هَذَا الْأَصْلُ بِاعْتِضَادِهِ بِهَذَا الظَّاهِرِ، وَأَيْضًا فَالْكَفَّارَةُ ثَابِتَةٌ فِي الذِّمَّةِ، وَقَدْ شَكَّ فِي وُقُوعِ الْعِتْقِ عَنْهَا فَلَا يَسْقُطُ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ.
وَمِنْهَا: إذَا ظَهَرَ بِالْمَبِيعِ عَيْبٌ وَاخْتَلَفَا هَلْ حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي أَوْ عِنْدَ الْبَائِعِ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ.
إحْدَاهُمَا: الْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ سَلَامَةُ الْمَبِيعِ وَلُزُومُ الْبَيْعِ بِالتَّفَرُّقِ.
وَالثَّانِيَة: الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي ; لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْقَبْضِ الْمُبْرِئِ، وَأَطْلَقَ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ هَذَا الْخِلَافَ وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ عَيْنًا مُعَيَّنَةً أَوْ فِي الذِّمَّةِ، فَإِنْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْقَابِضِ وَجْهًا وَاحِدًا ; لِأَنَّ الْأَصْلَ اشْتِغَالُ ذِمَّةِ الْبَائِعِ فَلَمْ تَثْبُتْ بَرَاءَتُهَا.
وَمِنْهَا: مَنْ لَزِمَهُ ضَمَانُ قِيمَةِ عَيْنٍ فَوَصَفَهَا بِعَيْبٍ يُنْقِصُ الْقِيمَةَ وَأَنْكَرَ الْمُسْتَحِقُّ فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي دَعْوَى الْعَيْبِ ; لِأَنَّهُ غَارِمٌ، وَالْأَصْلُ إبْرَاءُ ذِمَّتِهِ، أَوْ قَوْلِ خَصْمِهِ فِي إنْكَارِ الْعَيْبِ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ.
وَمِنْهَا: إذَا آجَرَهُ عَبْدًا وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ ثُمَّ ادَّعَى الْمُسْتَأْجِرُ أَنَّ الْعَبْدَ آبِقٌ مِنْ يَدِهِ وَأَنْكَرَ الْمُؤَجِّرُ فَفِيهِ
رِوَايَتَانِ، إحْدَاهُمَا: الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُؤَجِّرِ نَقَلَهَا حَنْبَلٌ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِبَاقِ، وَأَنَّ الْمُؤَجِّرَ مَلَكَ الْأُجْرَةَ كُلَّهَا بِالْعَقْدِ
وَالثَّانِيَة: الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْتَأْجِرِ، نَقَلَهَا ابْنُ مَنْصُورٍ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ تَسْلِيمِ الْمَنْفَعَةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا، وَلَوْ ادَّعَى أَنَّ الْعَبْدَ مَرِضَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُؤَجِّرِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ مُفَرِّقًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِبَاقِ ; لِأَنَّ الْمَرَضَ يُمْكِنُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْإِبَاقِ.
وَمِنْهَا: إذَا ضُرِبَ لِلْعِنِّينِ الْأَجَلُ وَاخْتَلَفَا فِي الْإِصَابَة وَالْمَرْأَةُ ثَيِّبٌ، فَهَلْ الْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجَةِ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْوَطْءِ أَوْ قَوْلُ الزَّوْجِ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ ثُبُوتِ الْفَسْخِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ.
وَعَنْهُ رِوَايَةٌ ثَالِثَةٌ: أَنَّهُ يُخَلَّى مَعَهَا وَيُؤْمَرُ بِإِخْرَاجِ مَائِهِ وَهَذَا يَرْجِعُ إلَى تَرْجِيحِ الظَّاهِرِ عَلَى الْأَصْلِ.
وَمِنْهَا: إذَا شَكَّ الزَّوْجَانِ بَعْدَ الدُّخُولِ فَقَالَ الزَّوْجُ أَسْلَمْت فِي عِدَّتِك فَالنِّكَاحُ بَاقٍ، فَقَالَتْ بَلْ أَسْلَمْت بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِي، فَوَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ النِّكَاحِ.
وَالثَّانِي: الْقَوْلُ قَوْلُهَا ; لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ إسْلَامِهِ فِي الْعِدَّةِ.
وَمِنْهَا: إذَا قَالَ أَسْلَمْت قَبْلَك فَلَا نَفَقَةَ لَك، وَقَالَتْ بَلْ أَسْلَمْت قَبْلَك فَلِي النَّفَقَةُ، فَفِيهِ أَيْضًا وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: الْقَوْلُ قَوْلُهَا ; لِأَنَّ الْأَصْلَ وُجُوبُ النَّفَقَةِ.
وَالثَّانِي: وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ ; لِأَنَّ النَّفَقَةَ إنَّمَا تَجِبُ بِالتَّمْكِينِ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ وُجُودِهِ كَذَا ذَكَرَ صَاحِبُ الْكَافِي، وَعَلَّلَ الْقَاضِي أَنَّ النَّفَقَةَ تَجِبُ يَوْمًا فَيَوْمًا فَالْأَصْلُ عَدَمُ وُجُوبِهَا، وَيُنْتَقَضُ التَّعْلِيلَانِ بِالِاخْتِلَافِ فِي النُّشُوزِ.
وَمِنْهَا: إذَا عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى عَدَمِ شَيْءٍ وَشَكَّ فِي وُجُودِهِ، فَهَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: لَا يَقَعُ وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ النِّكَاحِ وَعَدَمُ وُقُوعِ الطَّلَاقِ.
وَالثَّانِي: يَقَعُ، وَنَقَلَ مُهَنَّا عَنْ أَحْمَدَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ فِيمَنْ حَلَفَ لَيَأْكُلَنَّ تَمْرَةً فَاخْتَلَطَتْ فِي تَمْرٍ كَثِيرٍ إنْ لَمْ يَأْكُلْهُ كُلَّهُ حَنِثَ، وَبِذَلِكَ جَزَمَ ابْنُ أَبِي مُوسَى وَالشِّيرَازِيِّ وَالسَّامِرِيِّ وَرَجَّحَهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِي فُنُونِهِ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ وُجُودُ شَرْطِ الطَّلَاقِ وَهُوَ الْعَدَمُ، وَهُوَ بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَمَرَّ الشَّكُّ وَلَمْ يُوجَدْ مَا يَدُلُّ عَلَى بَقَاءِ الْعَدَمِ وَلَا عَلَى انْتِفَائِهِ، فَإِنْ وُجِدَ مَا يَدُلُّ عَلَى بَقَائِهِ يَقِينًا وَقَعَ الطَّلَاقُ بِغَيْرِ خِلَافٍ، وَإِنْ وُجِدَ مَا يَدُلُّ عَلَى بَقَائِهِ ظَاهِرًا وَكَانَ حُجَّةً شَرْعِيَّةً يَجِبُ قَبُولُهَا فَكَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ أَمَارَةً مَحْضَةً وَقَعَ أَيْضًا عَلَى الْمَشْهُورِ، وَإِنْ وُجِدَ مَا يَدُلُّ عَلَى انْتِفَاءِ الْعَدَمِ يَقِينًا لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ بِغَيْرِ خِلَافٍ، وَإِنْ وُجِدَ مَا يَدُلُّ عَلَى انْتِفَائِهِ ظَاهِرًا فَوَجْهَانِ عَلَى قَوْلِنَا بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ مَعَ اسْتِمْرَارِ الشَّكِّ الْمُسَاوِي الْمُطْلَقِ عَلَيْهِ.
وَمِنْهَا: لَوْ قَتَلَ مَنْ لَا يَعْرِفُ ثُمَّ ادَّعَى رِقَّهُ أَوْ كُفْرَهُ وَأَنْكَرَ الْوَلِيُّ ذَلِكَ فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ عِصْمَةُ دَمِهِ أَوْ قَوْلُ الْوَلِيِّ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْقَتْلِ إيجَابُ الْقِصَاصِ إلَّا أَنْ يَمْنَعَ مَانِعٌ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ وُجُودُ الْمَانِعِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ أَشْهَرُهُمَا الثَّانِي، وَحَكَى الْأَوَّلَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَكَذَا الْخِلَافُ فِيمَا إذَا جَنَى عَلَى عُضْوٍ ثُمَّ ادَّعَى شَلَلَهُ، فَأَنْكَرَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ لَكِنْ الْمَحْكِيَّ هَاهُنَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُنْكِرِ، وَكَذَلِكَ الْوَجْهَانِ فِيمَا إذَا قَدَّ مَلْفُوفًا نِصْفَيْنِ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ مَيِّتًا فَأَنْكَرَ الْوَلِيُّ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ عِصْمَةُ الدَّمِ وَالْأَصْلُ حَيَاةُ الْمَقْدُودِ، وَكَذَا الْوَجْهَانِ لَوْ جَنَى عَلَى بَطْنِ حَامِلٍ فَأَلْقَتْ وَلَدًا لِوَقْتٍ يَعِيشُ الْمَوْلُودُ فِي مِثْلِهِ وَاخْتَلَفَا فِي حَيَاتِهِ عِنْدَ الْوَضْعِ لِتَعَارُضِ أَصْلِ الْحَيَاةِ وَبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ، وَكَذَا الْوَجْهَانِ لَوْ زَادَ فِي الْقِصَاصِ