الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِأَنَّ الْعَقْدَ بَاقٍ وَقَدْ تَأَكَّدَ تَرَتُّبُ عَقْدٍ آخَرَ عَلَيْهِ وَإِنْ قُلْنَا: هِيَ فَسْخٌ لَمْ يَنْفُذْ لِأَنَّ الْعَقْدَ ارْتَفَعَ بِالْإِقَالَةِ فَصَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَنْفُذَ وَتُلْغَى الْإِقَالَةُ لِأَنَّهَا تَصَرُّفٌ فِي بَيْعٍ فَاسِدٍ قَبْلَ الْحُكْمِ بِصِحَّتِهِ فَلَمْ يَنْفُذْ وَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ شَيْئًا هَذَا ظَاهِرُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِي عُمُدِ الْأَدِلَّةِ.
(الْفَائِدَةُ الْعِشْرُونَ) : لَوْ بَاعَ ذِمِّيًّا آخَرُ خَمْرًا وَقُبِضَتْ دُونَ ثَمَنِهَا ثُمَّ أَسْلَمَ الْبَائِعُ وَقُلْنَا يَجِبُ لَهُ الثَّمَنُ فَأَقَالَ الْمُشْتَرِي فِيهَا فَإِنْ قُلْنَا الْإِقَالَةُ بَيْعٌ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّ شِرَاءَ الْمُسْلِمِ لِلْخَمْرِ لَا يَصِحُّ. وَإِنْ قُلْنَا هِيَ فَسْخٌ اُحْتُمِلَ أَنْ يَصِحَّ فَيَرْتَفِعُ بِهَا الْعَقْدُ وَلَا يَدْخُلُ فِي مِلْكِ الْمُسْلِمِ فَهِيَ فِي مَعْنَى إسْقَاطِ الثَّمَنِ عَنْ الْمُشْتَرِي وَاحْتُمِلَ أَنْ لَا يَصِحَّ لِأَنَّهُ اسْتِرْدَادٌ لِمِلْكِ الْخَمْرِ كَمَا قَالَ أَصْحَابُنَا فِي الْمُحْرِمِ أَنَّهُ لَا يَسْتَرِدُّ الصَّيْدَ بِخِيَارٍ وَلَا غَيْرِهِ فَإِنْ رَدَّ عَلَيْهِ بِذَلِكَ صَحَّ الرَّدُّ وَلَمْ يَدْخُلْ فِي مِلْكِهِ فَيَلْزَمُهُ إرْسَالُهُ.
وَفِي التَّلْخِيصِ لَوْ رَدَّ الْعَبْدَ الْمُسْلِمَ عَلَى بَائِعِهِ الْكَافِرِ بِعَيْبٍ صَحَّ وَدَخَلَ فِي مِلْكِهِ لِأَنَّهُ قَهْرِيٌّ كَالْإِرْثِ فَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ فِي رَدِّ الصَّيْدِ عَلَى الْمُحْرِمِ بِعَيْبٍ وَرَدِّ الْخَمْرِ عَلَى الْمُسْلِمِ بِالْعَيْبِ كَذَلِكَ، إذَا قُلْنَا: يُمْلَكَانِ بِالْقَهْرِ.
(الْفَائِدَةُ الْحَادِيَةُ وَالْعِشْرُونَ) : الْإِقَالَةُ هَلْ تَصِحُّ بَعْدَ مَوْتِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ؟ ذَكَرَ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ مِنْ خِلَافِهِ أَنَّ خِيَارَ الْإِقَالَةِ يَبْطُلُ بِالْمَوْتِ وَلَا يَصِحُّ بَعْدَهُ. وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ إنْ قُلْنَا: هِيَ بَيْعٌ صَحَّتْ مِنْ الْوَرَثَةِ وَإِنْ قُلْنَا: فَسْخٌ فَوَجْهَانِ.
[الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ النُّقُودُ هَلْ تَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ فِي الْعَقْدِ أَمْ لَا]
[السَّادِسَةُ] النُّقُودُ هَلْ تَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ فِي الْعَقْدِ أَمْ لَا؟ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَانِ عَنْ أَحْمَدَ أَشْهَرُهُمَا أَنَّهَا تَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ فِي عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ حَتَّى إنْ الْقَاضِيَ فِي تَعْلِيقِهِ أَنْكَرَ ثُبُوتَ الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ الْمَذْهَبِ، وَالْأَكْثَرُونَ أَثْبَتُوهُ.
وَلِهَذَا الْخِلَافِ فَوَائِدُ كَثِيرَةٌ (مِنْهَا) أَنَّهُ يُحْكَمُ بِمِلْكِهَا لِلْمُشْتَرِي بِمُجَرَّدِ التَّعْيِينِ فَيَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِيهَا وَإِنْ تَلِفَتْ تَلِفَتْ مِنْ ضَمَانِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ وَعَلَى الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى لَا يَمْلِكُهَا بِدُونِ الْقَبْضِ فَهِيَ قَبْلَهُ مِلْكُ الْبَائِعِ وَتَتْلَفُ مِنْ ضَمَانِهِ.
(وَمِنْهَا) لَوْ بَانَ الثَّمَنُ مُسْتَحَقًّا فَعَلَى الْمَذْهَبِ الصَّحِيحِ يَبْطُلُ الْعَقْدُ لِأَنَّهُ وَقَعَ عَلَى مِلْكِ الْغَيْرِ فَهُوَ كَمَا لَوْ اشْتَرَى سِلْعَةً فَبَانَتْ مُسْتَحَقَّةً، وَعَلَى الثَّانِيَة لَا تَبْطُلُ وَلَهُ الْبَدَلُ، وَهَاهُنَا مَسْأَلَةٌ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى قَوَاعِدِ الْمَذْهَبِ وَهِيَ إذَا غَصَبَ نُقُودًا وَاتَّجَرَ فِيهَا وَرَبِحَ فَإِنَّ نُصُوصَ أَحْمَدَ مُتَّفِقَةٌ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ لِلْمَالِكِ فَمِنْ الْأَصْحَابِ مَنْ بَنَاهُ عَلَى الْقَوْلِ بِوَقْفِ تَصَرُّفِ الْغَاصِبِ عَلَى الْإِجَارَةِ كَابْنِ عَقِيلٍ وَصَاحِبِ الْمُغْنِي وَمِنْهُمْ مَنْ بَنَاهُ عَلَى أَنْ تَصَرُّفَاتِ الْغَاصِبِ صَحِيحَةٌ بِدُونِ إجَازَةٍ لِأَنَّهُ مُدَّةٌ تَطُولُ فَيَشُقُّ اسْتِدْرَاكُهَا وَفِي الْقَضَاءِ بِبُطْلَانِهَا ضَرَرٌ عَلَيْهِ وَعَلَى الْمَالِكِ بِتَفْوِيتِهِ الرِّبْحَ، وَهِيَ طَرِيقَةُ صَاحِبِ التَّلْخِيصِ، وَالصِّحَّةُ عِنْدَهُ مُخْتَصُّهُ بِالتَّصَرُّفِ الْكَثِيرِ وَأَشَارَ إلَيْهِ صَاحِبُ الْمُغْنِي وَأَنَّ مَا لَمْ يُدْرِكْهُ الْمَالِكُ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى اسْتِرْجَاعِهِ يَصِحُّ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِدُونِ إنْكَارِهِ لَهُذَّا الْمَعْنَى.
وَمِنْ الْأَصْحَابِ مَنْ نَزَّلَهُ عَلَى أَنَّ الْغَاصِبَ اشْتَرَى فِي ذِمَّتِهِ ثُمَّ نَقَدَ الثَّمَنَ وَهِيَ طَرِيقَةُ الْقَاضِي فِي بَعْضِ كُتُبِهِ وَابْنِ عَقِيلٍ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَيَشْهَدُ لِهَذَا أَنَّ الْمَرُّوذِيَّ نَقَلَ عَنْ أَحْمَدَ التَّفْرِقَةَ
بَيْنَ الشِّرَاءِ بِعَيْنِ الْغَصْبِ وَالشِّرَاءِ فِي الذِّمَّةِ فَتَنْزِلُ نُصُوصُهُ الْمُطْلَقَةُ عَلَى هَذَا الْمُقَيَّدِ وَإِنَّمَا كَانَ الرِّبْحُ لِلْمَالِكِ مَعَ أَنَّ الشِّرَاءَ وَقَعَ لِلْغَاصِبِ لِأَنَّهُ نَتِيجَةُ مِلْكِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَفَائِدَتُهُ فَهُوَ كَالْمُتَوَلِّدِ مِنْ عَيْنِهِ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُخَرَّجَ ذَلِكَ عَلَى رِوَايَةِ عَدَمِ تَعْيِينِ النُّقُودِ بِالتَّعْيِينِ فِي الْعَقْدِ فَيَبْقَى كَالشِّرَاءِ فِي الذِّمَّةِ سَوَاءٌ.
(وَمِنْهَا) إذَا بَانَ النَّقْدُ الْمُعَيَّنُ مَعِيبًا فَلَهُ حَالَتَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ عَيْبُهُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ فَيَبْطُلُ الْعَقْدُ مِنْ أَصْلِهِ نَصَّ عَلَيْهِ وَذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّهُ زَالَ عَنْهُ اسْمُ الدِّينَارِ وَالدَّرَاهِمِ بِذَلِكَ فَلَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ عَقَدَ عَلَى شَاةٍ فَبَانَتْ حِمَارًا وَأَوْمَأَ إلَيْهِ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ فَقَالَ إنْ كَانَ ذَهَبًا حُمِلَ عَلَيْهِ شَيْءٌ دَخَلَ فِيهِ مِنْ الْفِضَّةِ أَوْ النُّحَاسِ أَوْ خَالَطَهُ غَيْرُهُ فَقَدْ زَالَ عَنْهُ اسْمُ الذَّهَبِ ; لِمَا دَخَلَ فِيهِ وَهَذَا مُتَوَجَّهٌ إذَا كَانَ كُلُّهُ أَوْ غَالِبُهُ كَذَلِكَ وَأَمَّا إنْ كَانَ فِيهِ يَسِيرٌ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ فَلَا يُزَالُ عَنْهُ الِاسْمُ بِالْكُلِّيَّةِ فَلَا يَنْبَغِي بُطْلَانُ الْعَقْدِ هَا هُنَا بِالْكُلِّيَّةِ.
وَهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي مُحَمَّدٍ التَّمِيمِيِّ فِي خِصَالِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَبْطُلَ الْعَقْدُ هَاهُنَا لِمَعْنًى آخَرَ وَهُوَ أَنَّ الْبَائِعَ لَا يُمْكِنُ إجْبَارُهُ عَلَى قَبُولِ هَذَا وَإِنَّمَا بَاعَ بِدِينَارٍ كَامِلٍ وَالْمُشْتَرِي لَا يُجْبَرُ عَلَى دَفْعِ بَقِيَّةِ الدِّينَارِ لِأَنَّهُ إنَّمَا اشْتَرَى بِهَذَا الدِّينَارِ الْمُتَعَيِّنِ فَبَطَلَ الْعَقْدُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَصِحَّ الْبَيْعُ بِمَا فِي الدِّينَارِ مِنْ الذَّهَبِ بِقِسْطِهِ مِنْ الْمَبِيعِ وَيَبْطُلُ الْبَاقِي، وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ لِتَبَعُّضِ الْمَبِيعِ عَلَيْهِ وَأَصْلُ هَذَيْنِ الِاحْتِمَالَيْنِ الرِّوَايَتَانِ فِيمَا إذَا بَاعَهُ أَرْضًا مُعَيَّنَةً عَلَى أَنَّهَا عَشْرَةُ أَذْرُعٍ فَبَانَتْ تِسْعَةٌ يُحْتَمَلُ أَنْ يَصِحَّ الْبَيْعُ كُلُّهُ بِدِينَارٍ وَيُلْزِمُ الْمُشْتَرِيَ بِثَمَنِ الدِّينَارِ مِنْ غَيْرِهِ ذَهَبًا ; لِأَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ عَلَى دِينَارٍ كَامِلٍ فَإِذَا بَانَ دُونَهُ وَجَبَ إتْمَامُهُ جَمْعًا بَيْنَ الْمَقْصِدَيْنِ: التَّعْيِينِ وَالتَّسْمِيَةِ.
وَأَصْلُ هَذَا الْوَجْهِ مَا نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ فِيمَنْ اشْتَرَى سَمْنًا فِي ظَرْفٍ فَوَجَدَ فِيهِ رُبًّا إنْ كَانَ سَمَّانًا عِنْدَهُ سَمْنٌ أَعْطَاهُ بِوَزْنِهِ سَمْنًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ سَمْنٌ أَعْطَاهُ بِقَدْرِ الرُّبِّ مِنْ الثَّمَنِ وَإِنَّمَا فَرَّقَ بَيْنَ السَّمَّانِ وَغَيْرِهِ لِأَنَّ السَّمَّانَ شَأْنه بَيْعُ السَّمْنِ فَكَأَنَّهُ بَاعَهُ بِمِقْدَارِ الظَّرْفِ سَمْنًا وَأَمَّا غَيْرُهُ فَإِنَّمَا بَاعَهُ هَذَا الظَّرْفَ الْمُعَيَّنَ. وَالنُّقُودُ مِنْ جِنْسِ الْأَوَّلِ لَا الثَّانِي.
(الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ) : أَنْ يَكُونَ عَيْبُهَا مِنْ جِنْسِهَا وَلَمْ يَنْقُصْ وَزْنُهَا كَالسَّوَادِ فِي الْفِضَّةِ فَالْبَائِعُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ الْإِمْسَاكِ وَالْفَسْخِ وَلَيْسَ لَهُ الْبَدَلُ لِتَعْيِينِ النَّقْدِ فِي الْعَقْدِ وَمَنْ أَمْسَكَ فَلَهُ الْأَرْشُ إلَّا فِي صَرْفِهَا بِحَبْسِهَا صَرَّحَ بِهِ الْحَلْوَانِيُّ وَابْنُهُ وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الْخِرَقِيِّ مَا يَقْتَضِيهِ وَظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي الْخَطَّابِ خِلَافُهُ فَهَذَا كُلُّهُ تَفْرِيعٌ عَلَى رِوَايَةِ تَعْيِينِ النُّقُودِ فَأَمَّا عَلَى الْأُخْرَى فَلَا يَبْطُلُ الْعَقْدُ بِحَالٍ إلَّا أَنْ يَتَفَرَّقَا وَالْعَيْبُ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ لِفَوَاتِ قَبْضِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فِي الْمَجْلِسِ وَلَا فَسْخَ بِذَلِكَ وَإِنَّمَا يَثْبُتُ بِهِ الْبَدَلُ دُونَ الْأَرْشِ لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِي الذِّمَّةِ دُونَ الْمُعَيَّنِ
(وَمِنْهَا) إذَا بَاعَهُ سِلْعَةً بِنَقْدٍ مُعَيَّنٍ فَعَلَى الْمَشْهُورِ لَا يُجْبَرُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَلَى الْبُدَاءَة بِالتَّسْلِيمِ بَلْ يُنْصَبُ عَدْلٌ يَقْبِضُ مِنْهُمَا ثُمَّ يَقْضِيهِمَا لِتَعَلُّقِ حَقِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِعَيْنٍ مُعَيَّنَةٍ فَهُمَا سَوَاءٌ وَعَلَى
الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى هُوَ كَمَا لَوْ بَاعَهُ بِنَقْدٍ فِي الذِّمَّةِ فَيُجْبَرُ الْبَائِعُ أَوَّلًا عَلَى التَّسْلِيمِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُشْتَرِي بِالْعَيْنِ دُونَهُ. وَنَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ وَتَأَوَّلَهُ الْقَاضِي عَلَى أَنَّ الْبَيْعَ وَقَعَ عَلَى ثَمَنٍ فِي الذِّمَّةِ.
(وَمِنْهَا) لَوْ بَاعَهُ سِلْعَةً بِنَقْدٍ مُعَيَّنٍ ثُمَّ أَتَاهُ بِهِ فَقَالَ هَذَا الثَّمَنُ وَقَدْ خَرَجَ مَعِيبًا وَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي، فِيهِ ثَلَاثُ طُرُقٍ: أَحَدُهَا إنْ قُلْنَا النُّقُودُ تَتَعَيَّنُ بِالتَّعَيُّنِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ يَدَّعِي عَلَيْهِ اسْتِحْقَاقَ الرَّدِّ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ، وَإِنْ قُلْنَا لَا يَتَعَيَّنُ فَوَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي أَيْضًا لِأَنَّهُ أَقْبَضَ فِي الظَّاهِرِ مَا عَلَيْهِ.
وَالثَّانِي: قَوْلُ الْقَابِضِ لِأَنَّ الثَّمَنَ فِي ذِمَّتِهِ وَالْأَصْلُ اشْتِغَالُهَا بِهِ إلَّا أَنْ يَثْبُتَ بَرَاءَتُهَا مِنْهُ وَهَذِهِ طَرِيقَةُ السَّامِرِيِّ فِي الْمُسْتَوْعِبِ.
وَالطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ: إنْ قُلْنَا النُّقُودُ لَا تَتَعَيَّنُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ وَجْهًا وَاحِدًا لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ اشْتِغَالُ ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ وَلَمْ يَثْبُتْ بَرَاءَتُهَا مِنْهُ، وَإِنْ قُلْنَا تَتَعَيَّنُ فَوَجْهَانِ مُخَرَّجَانِ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ فِيمَا إذَا ادَّعَى كُلٌّ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ أَنَّ الْعَيْبَ حَدَثَ عِنْدَهُ فِي السِّلْعَةِ أَحَدُهُمَا الْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ لِأَنَّهُ يَدَّعِي سَلَامَةَ الْعَقْدِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ، وَيَدَّعِي عَلَيْهِ ثُبُوتَ الْفَسْخِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ.
وَالثَّانِي: قَوْلُ الْقَابِضِ لِأَنَّهُ مُنْكِرُ التَّسْلِيمِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ وَهَذِهِ طَرِيقَةُ الْقَاضِي فِي بَعْضِ تَعَالِيقِهِ وَجَزَمَ صَاحِبُ الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ بِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْبَائِعِ إذَا أَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ الْمَرْدُودُ بِالْعَيْبِ هُوَ الْمَبِيعَ وَلَمْ يحكيا خِلَافًا. وَلَا فَصْلَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ فِي الذِّمَّةِ أَوْ مُعَيَّنًا نَظَرًا إلَى أَنَّهُ يَدَّعِي عَلَيْهِ اسْتِحْقَاقَ الرَّدِّ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ.
وَذَكَرَ الْأَصْحَابُ مِثْلَ ذَلِكَ فِي مَسَائِلِ الصَّرْفِ وَفَرَّقَ السَّامِرِيُّ فِي فُرُوقِهِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمَرْدُودُ بِعَيْبٍ وَقَعَ عَلَيْهِ مُعَيَّنًا فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْبَائِعِ وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ فِي الذِّمَّةِ فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُشْتَرِي لَمَا تَقَدَّمَ.
وَهَذَا فِيمَا إذَا أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْعَيْبَ أَنَّ مَالَهُ كَانَ مَعِيبًا أَمَّا إنْ اعْتَرَفَ بِالْعَيْبِ فَقَدْ فَسَخَ صَاحِبُهُ وَأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ هَذَا هُوَ الْمُعَيَّنَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ هُوَ فِي يَدِهِ صَرَّحَ بِهِ فِي التَّفْلِيسِ فِي الْمُغْنِي مُعَلَّلًا بِأَنَّهُ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِ مَا ادَّعَى عَلَيْهِ الْآخَرُ، وَالْأَصْلُ مَعَهُ وَيَشْهَدُ لَهُ أَنَّ الْمَبِيعَ فِي مُدَّة الْخِيَارِ إذَا رَدَّهُ الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ فَأَنْكَرَ الْبَائِعُ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمَبِيعَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ أَحْمَدَ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى اسْتِحْقَاقِ الْفَسْخِ بِالْخِيَارِ، وَبِذَلِكَ وَجَّهَهُ صَاحِبُ الْمُغْنِي وَقَدْ يَنْبَنِي عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الْمَبِيعَ بَعْدَ الْفَسْخِ بِعَيْبٍ وَنَحْوِهِ هَلْ هُوَ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي أَوْ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ وَفِيهِ خِلَافٌ سَبَقَ ذِكْرُهُ. فَإِنَّ الْأَمَانَاتِ الْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ هِيَ فِي يَدِهِ مَعَ الِاخْتِلَافِ فِي عَيْنِهَا وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي الرَّهْنِ، وَلِذَلِكَ نَصَّ فِي اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ فِي عَيْنِ الْمَبِيعِ الْمُعَيَّنِ قَبْلَ قَبْضِهِ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْبَائِعِ وَقَدْ يَكُونُ مَأْخَذُهُ أَنَّهُ أَمَانَةٌ عِنْدَهُ وَمِنْ الْأَصْحَابِ مَنْ عَلَّلَ بِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّةِ الْبَائِعِ مِمَّا يَدَّعِي عَلَيْهِ فَهُوَ كَمَا أَقَرَّ بِعَيْنٍ لِرَجُلٍ ثُمَّ أَحْضَرَهَا فَأَنْكَرَ الْمَقَرُّ لَهُ أَنْ تَكُونَ هِيَ الْمَقَرَّ بِهَا فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُقِرِّ مَعَ يَمِينِهِ
(وَمِنْهَا) لَوْ كَانَ عَبْدَيْنِ شَرِيكَيْنِ، قِيمَةُ نَصِيبِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَشْرَةُ دَنَانِيرَ فَقَالَ رَجُلٌ يَمْلِكُ عَشْرَةَ دَنَانِيرَ لَا يَمْلِكُ غَيْرَهَا