الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يُعَاكِسُ قَوْلَهُمَا فِي مَسْأَلَةِ الرُّءُوسِ وَالْبَيْضِ.
وَمِنْهَا: لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمَ بَقَرٍ، فَهَلْ يَحْنَثُ بِأَكْلِ لَحْمِ بَقَرِ الْوَحْشِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، ذَكَرَهُمَا فِي التَّرْغِيبِ، وَخَرَّجَهُمَا مِنْ وَجْهَيْنِ. حَكَاهُمَا فِيمَا إذَا حَلَفَ لَا يَرْكَبُ حِمَارًا فَرَكِبَ حِمَارًا وَحْشِيًّا هَلْ يَحْنَثُ أَمْ لَا؟ وَالْخِلَافُ هَاهُنَا يَقْرُبُ أَخَذَهُ مِنْ مَسْأَلَةِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي بَقَرِ الْوَحْشِ، وَالْحِنْثُ فِي مَسْأَلَةِ الرُّكُوبِ أَضْعَفُ ; لِأَنَّ الرُّكُوبَ إنَّمَا يُرَادُ بِهِ الْحِمَارُ الْأَهْلِيُّ، وَيُشْبِهُ هَذَا الْخِلَافَ لِأَصْحَابِنَا فِي مُرُورِ الْحِمَارِ الْوَحْشِيِّ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي هَلْ يَقْطَعُ صَلَاتَهُ أَمْ لَا؟ وَقَدْ حَكَاهُ أَبُو الْبَقَاءِ فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ.
وَمِنْهَا: لَوْ حَلَفَ لَا يَتَكَلَّمُ فَقَرَأَ أَوْ سَبَّحَ، هَلْ يَحْنَثُ أَوْ لَا؟ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ، وَتَوَقَّفَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ.
وَمِنْهَا: لَوْ حَلَفَ بِعِتْقِ عَبِيدِهِ أَوْ أَعْتَقَهُمْ مُنْجِزًا، فَقَالَ الْخِرَقِيِّ.
وَأَبُو بَكْرٍ: يَتَنَاوَلُ الْقِنَّ وَالْمُدَبِّرَ وَالْمُكَاتَبَ وَأُمَّ الْوَلَدِ وَأَشْقَاصَهُ، وَزَادَ الْقَاضِي عَبِيدُ عَبْدِهِ التَّاجِرِ. وَنَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي الْمُكَاتَبِ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ، وَخَرَّجَ الْقَاضِي رِوَايَةً بِعَدَمِ دُخُولِ الْمُكَاتَبِينَ بِدُونِ نِيَّةٍ مِنْ رِوَايَةِ مُهَنَّا فِي الْأَشْقَاصِ أَنَّهُمْ لَا يَدْخُلُونَ فِي عِتْقِ الْمَمَالِيكِ، إلَّا أَنْ يَنْوِيَهُمْ، وَمَأْخَذُهُ أَنَّهُمْ خَارِجُونَ مِنْ مُسَمَّى الرَّقِيقِ وَالْمَمْلُوكِ عُرْفًا، وَلَوْ قِيلَ إنَّ أُمَّ الْوَلَدِ كَذَلِكَ لَمْ يَبْعُدْ.
وَمِنْهَا: لَوْ حَلَفَ بِصَدَقَةِ مَالِهِ وَأَرَادَ الْبِرَّ أَوْ نَذْرَهُ نَذْرَ تَبَرُّرٍ فَإِنَّهُ يَتَصَدَّقُ بِثُلُثِ جَمِيعِ مَالِهِ عِنْدَ الْأَصْحَابِ.
وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ سُئِلَ هَلْ الثُّلُثُ مِنْ الصَّامِتِ خَاصَّةً أَوْ مِنْ جَمِيعِ مَا يَمْلِكُ؟ فَقَالَ ذَلِكَ عَلَى قَدْرِ مَا نَوَى وَعَلَى قَدْرِ مَخْرَجِ يَمِينِهِ، وَالْأَمْوَالُ عِنْدَ النَّاسِ تَخْتَلِفُ، الْأَعْرَابُ يُسَمُّونَ الْإِبِلَ وَالْغَنَمَ الْأَمْوَالَ، وَغَيْرُهُمْ يُسَمَّى الصَّامِتَ، وَغَيْرُهُمْ الْأَرَضِينَ، فَلَوْ أَنَّ أَعْرَابِيًّا قَالَ: مَالِي صَدَقَةٌ أَلَيْسَ كُنَّا نَأْخُذُ بِإِبِلِهِ أَوْ نَحْوِ هَذَا؟ ، قَالَ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ: فَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ يَرْجِعُ إلَى نِيَّتِهِ فِي ذَلِكَ فَإِنْ أَطْلَقَ يَرْجِعُ إلَى عُرْفِ الْإِطْلَاقِ عِنْدَ النَّاذِرِ.
وَقَالَ أَحْمَدُ أَيْضًا فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ إذَا قَالَ جَارِيَتِي حُرَّةٌ إنْ لَمْ أَصْنَعْ كَذَا وَكَذَا قَالَ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ تُعْتَقُ، وَإِذَا قَالَ مَالِي فِي الْمَسَاكِينِ لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ جَارِيَتُهُ.
قَالَ الْقَاضِي: فَظَاهِرُ هَذَا أَنَّ الْأَمَةَ لَا تَدْخُلُ فِي عُمُومِ الْمَالِ، قَالَ وَالْمَذْهَبُ التَّعْمِيمُ، وَالْعَجَبُ أَنَّهُ لَمْ يَحْكِ بِالتَّعْمِيمِ عَنْ أَحْمَدَ نَصًّا صَرِيحًا وَلَا ظَاهِرًا.
وَمِنْهَا: لَوْ حَلَفَ لَا مَالَ لَهُ وَلَهُ مَالٌ غَيْرُ زَكَوِيٍّ، فَقَالَ الْأَصْحَابُ يَحْنَثُ وَأَخَذُوهُ مِنْ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا، قَالَ ابْنُ الزاغوني فِي الْإِقْنَاعِ: وَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ ; لِأَنَّهُ قَالَ فِي رِوَايَةِ الْحَرْبِيِّ نَحْنُ لَا نَعُدُّ الدَّارَ وَالثِّيَابَ وَالْخَادِمَ مَالًا.
[الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَةُ وَالْعِشْرُونَ بَعْدَ الْمِائَةِ تَخْصِيص الْعُمُومُ بِالْعَادَةِ]
(الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَةُ وَالْعِشْرُونَ بَعْدَ الْمِائَةِ) : يُخَصُّ الْعُمُومُ بِالْعَادَةِ عَلَى الْمَنْصُوصِ، وَذَلِكَ فِي مَسَائِلَ ; مِنْهَا: لَوْ وَصَّى لِأَقْرِبَائِهِ أَوْ أَهْلِ بَيْتِهِ، قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ: إذَا قَالَ لِأَهْلِ بَيْتِي أَوْ قَرَابَتِي فَهُوَ عَلَى مَا يُعْرَفُ مِنْ مَذْهَبِ الرَّجُلِ، إنْ كَانَ يَصِلُ عَمَّتَهُ وَخَالَتَهُ، وَنَقَلَ سِنْدِيٌّ نَحْوَهُ.
وَقَالَ
فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ فِي الْوَصِيَّةِ لِأَهْلِ بَيْتِهِ: يُنْظَرُ مَنْ كَانَ يَصِلُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ، فَإِنْ كَانَ لَا يَصِلُ قَرَابَتَهُ مِنْ قِبَلِ أُمِّهِ فَأَهْلُ بَيْتِهِ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ. وَاخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ فِي حِكَايَةِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ عَلَى طَرِيقَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا رِوَايَةٌ ثَالِثَةٌ فِي قَرَابَةِ الْأُمِّ خَاصَّةً أَنَّهُمْ لَا يَدْخُلُونَ فِي الْوَصِيَّةِ، إلَّا إنْ كَانَ يَصِلُهُمْ فِي حَيَاتِهِ، وَهَذِهِ طَرِيقَةُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ.
وَالطَّرِيقُ الثَّانِي: أَنَّهَا هِيَ الْمَذْهَبُ، وَأَنَّ الِاعْتِبَارَ بِمَنْ كَانَ يَصِلُهُ فِي حَيَاتِهِ بِكُلِّ حَالٍ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ عَادَةٌ بِالصِّلَةِ فَهِيَ لِقَرَابَةِ الْأَبِ، وَهِيَ طَرِيقَةُ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ، وَنُقِلَ عَنْ أَحْمَدَ: أَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ بِالصِّلَةِ، قَالَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ فِي رَجُلٍ وَصَّى فِي فُقَرَاءِ أَهْلِ بَيْتِهِ وَلَهُ قَرَابَةٌ فِي بَغْدَادَ وَقَرَابَةٌ فِي بِلَادِهِ وَكَانَ يَصِلُ فِي حَيَاتِهِ الَّذِينَ بِبَغْدَادَ.
قَالَ: يُعْطِي هَؤُلَاءِ الْحُضُورَ وَاَلَّذِينَ فِي بِلَادِهِ وَكَذَلِكَ نَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ أَبُو حَفْصٍ الْبَرْمَكِيُّ هَذَا قَوْلٌ آخَرُ لَا يُعْتَبَرُ بِمَنْ كَانَ يَصِلُ فِي حَيَاتِهِ. قُلْت: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ مَنْعُ الصِّلَةِ هَاهُنَا لِمَنْ لَيْسَ بِبَغْدَادَ قَدْ عُلِمَ سَبَبُهُ، وَهُوَ تَعَذُّرُ الصِّلَةِ لِلْبُعْدِ، وَالْكَلَامُ إنَّمَا هُوَ فِيمَا تَرَكَهُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ.
قَالَ الْقَاضِي: وَيَشْهَدُ لِرِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ مَا رَوَى عَبْدُ اللَّهِ عَنْهُ فِي رَجُلٍ وَصَّى بِصَدَقَةٍ فِي أَطْرَافِ بَغْدَادَ وَقَدْ كَانَ رُبَّمَا تَصَدَّقَ فِي بَعْضِ الْأَرْبَاضِ وَهُوَ حَيٌّ، قَالَ يَتَصَدَّقُ عَنْهُ فِي أَبْوَابِ بَغْدَادَ كُلِّهَا.
وَمِنْهَا: لَوْ وَصَّى لِقَرَابَةِ غَيْرِهِ وَكَانَ يَصِلُ بَعْضَهُمْ، أَوْ وَصَّى لِلْفُقَهَاءِ أَوْ الْفُقَرَاءِ وَكَانَ يَصِلُ بَعْضَهُمْ.
قَالَ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ لَا رِوَايَةَ فِيهِ، وَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ نَقُولَ فِيهِ مَا نَقُولُهُ فِي أَقَارِبِ نَفْسِهِ.
وَمِنْهَا: لَوْ وَقَفَ عَلَى بَعْضِ أَوْلَادِهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ فَهَلْ يَخْتَصُّ الْبَطْنُ الثَّانِي بِأَوْلَادِ الْمُسَمِّينَ أَوْ لَا؟ أَوْ يَشْمَلُ جَمِيعَ وَلَدِ وَلَدِهِ نَصَّ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ حَرْبٍ عَلَى أَنَّهُ يَشْمَلُ جَمِيعَ وَلَدِ الْوَلَدِ.
وَيَتَخَرَّجُ وَجْهٌ آخَرُ بِالِاخْتِصَاصِ بِوَلَدِ مَنْ وَقَفَ عَلَيْهِمْ اعْتِبَارًا بِآبَائِهِمْ فَإِنَّ هَذِهِ عَطِيَّةٌ وَاحِدَةٌ، فَحَمْلُ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ أَقْرَبُ مِنْ حَمْلِ الْوَصِيَّةِ عَلَى الْعَطِيَّةِ فِي الْحَيَاةِ، وَهَذَا النَّصُّ هُوَ قَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ حَرْبٍ فِي رَجُلٍ لَهُ وَلَدٌ صِغَارٌ خَافَ عَلَيْهِمْ الضَّيْعَةَ فَأَوْقَفَ مَالَهُ عَلَى وَلَدِهِ، وَكَتَبَ كِتَابًا وَقَالَ هَذَا صَدَقَةٌ عَلَى وَلَدِهِ فُلَانٍ وَفُلَانٍ سَمَّاهُمْ، ثُمَّ قَالَ وَوَلَدِ وَلَدِهِ، وَلَهُ وَلَدٌ غَيْرُ هَؤُلَاءِ قَالَ هُمْ شُرَكَاءُ، فَحَمَلَهُ الشَّيْخَانِ: صَاحِبُ الْمُغْنِي وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ عَلَى مَا قُلْنَا، وَتَبْوِيبُ الْخَلَّالِ يَدُلُّ عَلَيْهِ.
وَقَدْ يُقَالُ: إنَّمَا عَمَّ الْبَطْنُ الثَّانِي وَلَدَ الْوَلَدِ ; لِأَنَّ تَخْصِيصَ الْبَطْنِ بِالصِّغَارِ كَانَ لِخَوْفِهِ عَلَيْهِمْ الضَّيْعَةَ، وَهَذَا الْمَعْنَى مَفْقُودٌ فِي الْبَطْنِ الثَّانِي، فَذَلِكَ أَشْرَكَ فِيهِ أَوْلَادَ الْأَوْلَادِ كُلَّهُمْ، وَحَمَلَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ عَلَى أَنَّ الْبَطْنَ الْأَوَّلَ يَشْتَرِكُ فِيهِ وَلَدُ الْمُسْلِمُونَ وَغَيْرُهُمْ أَخْذًا مِنْ عُمُومِ قَوْلِهِ: صَدَقَةٌ عَلَى وَلَدِهِ، وَتَخْصِيصُ بَعْضِهِمْ بِالذِّكْرِ لَا يَقْتَضِي التَّخْصِيصَ بِالْحُكْمِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ} [البقرة: 98] . وَهَذَا فَاسِدٌ ; لِأَنَّ الْآيَةَ فِيهَا عَطْفُ نَسَقٍ بِالْوَاوِ وَهَاهُنَا إمَّا عَطْفُ بَيَانٍ أَوْ بَدَلٌ، وَأَيُّهُمَا كَانَ فَيَقْتَضِي التَّخْصِيصَ بِالْحُكْمِ ; لِأَنَّ عَطْفَ الْبَيَانِ مُوَضِّحٌ لِمَتْبُوعِهِ وَمُطَابِقٌ لَهُ، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ بَيَانًا، وَالْبَدَلُ هُوَ الْوَاسِطَةُ الْمَقْصُودُ بِالْحُكْمِ فَيُعَيِّنُ التَّخْصِيصَ بِهِ، وَلِهَذَا لَوْ قَالَ مَنْ لَهُ أَرْبَعُ زَوْجَاتٍ: زَوْجَتِي فُلَانَةُ طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ الثَّلَاثُ