الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مُتَوَجِّهٌ عَلَى أَصْلِهِ فِي قَطْعِ جَاحِدِ الْعَارِيَّةِ.
وَمِنْهَا: لَوْ قَلَعَ الْأَعْوَرُ عَيْنَ الصَّحِيحِ فَإِنَّهُ لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ وَتَلْزَمُهُ الدِّيَةُ كَامِلَةً نَصَّ عَلَيْهِ.
وَمِنْهَا: الصَّغِيرُ إذَا قَتَلَ عَمْدًا وَقُلْنَا إنَّ لَهُ عَمْدًا صَحِيحًا ضُوعِفَ عَلَيْهِ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ.
وَمِنْهَا: السَّرِقَةُ عَامَ الْمَجَاعَةِ قَالَ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ يَتَضَاعَفُ الْغُرْمُ فِيهَا مِنْ غَيْرِ قَطْعٍ عَلَى قَوْلِ أَحْمَدَ ; لِأَنَّهُ لَوْ احْتَجَّ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ بِحَدِيثِ عُمَرَ فِي رَقِيقِ حَاطِبٍ.
وَمِنْهَا: السَّرِقَةُ مِنْ الْغَنِيمَةِ إذَا قُلْنَا هِيَ كَالْغُلُولِ وَإِنَّ الْغَالَّ يُحْرَمُ سَهْمَهُ مِنْهَا عَلَى رِوَايَةٍ، فَيَجْتَمِعُ عَلَيْهِ غُرْمُ مَا سَرَقَهُ مَعَ حِرْمَانِ سَهْمِهِ الْمُسْتَحَقِّ مِنْهَا، وَقَدْ يَكُونُ قَدْرَ السَّرِقَةِ وَأَقَلَّ وَأَكْثَرَ.
وَلَيْسَ مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ تَغْلِيظُ الدِّيَةِ بِقَتْلِ ذِي الرَّحِمِ عَمْدًا ; لِأَنَّ الْقِصَاصَ فِيهِ قَدْ يَكُونُ وَاجِبًا فِي غَيْرِ الِابْنِ، وَإِنَّمَا هُوَ لِزِيَادَةِ حُرْمَةِ الْجِنَايَةِ فَهُوَ كَالتَّضْعِيفِ بِالْقَتْلِ فِي الْحَرَمِ وَالْإِحْرَامِ.
[الْقَاعِدَةُ الْحَادِيَةُ وَالْأَرْبَعُونَ بَعْدَ الْمِائَةِ إذَا أَتْلَفَ عَيْنًا تَعَلَّقَ بِهَا حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى]
(الْقَاعِدَةُ الْحَادِيَةُ وَالْأَرْبَعُونَ بَعْدَ الْمِائَةِ) : إذَا أَتْلَفَ عَيْنًا تَعَلَّقَ بِهَا حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى مَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ حِفْظُهَا وَاسْتِيفَاؤُهَا إلَى مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ لَزِمَهُ ضَمَانُهَا بِقِيمَتِهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، لَا يَوْمَ تَلَفِهَا أَوْ بِمِثْلِهَا عَلَى صِفَاتِهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ لَا يَوْمَ تَلَفِهَا عَلَى أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ، وَيَتَخَرَّجُ عَلَى ذَلِكَ صُوَرٌ: مِنْهَا لَوْ تَرَكَ السَّاعِي زَكَاةَ الثِّمَارِ أَمَانَةً بِيَدِ رَبِّ الْمَالِ فَأَتْلَفَهَا قَبْلَ جَفَافِهَا أَوْ تَلِفَتْ بِتَفْرِيطِهِ ضَمِنَهَا بِقَدْرِهَا يَابِسًا لَا رَطْبًا عَلَى الصَّحِيحِ، وَعَنْهُ يَضْمَنُهَا بِمِثْلِهَا رَطْبًا.
وَمِنْهَا: لَوْ أَتْلَفَ الْأُضْحِيَّةَ أَوْ الْهَدْيَ فَعَلَيْهِ ضَمَانُهُ بِأَكْثَرَ الْقِيمَتَيْنِ مِنْ يَوْمِ الْإِتْلَافِ أَوْ يَوْمِ النَّحْرِ، وَفِيهِ وَجْهٌ يَضْمَنُهَا بِقِيمَتِهَا يَوْمَ التَّلَفِ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ بِكُلِّ حَالٍ كَمَا لَوْ كَانَ أَجْنَبِيًّا، وَفِي الْكَافِي يَضْمَنُهَا بِأَكْثَرَ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَتِهَا أَوْ هَدْيِ مِثْلِهَا ; لِأَنَّهُ فَوَّتَ الْإِرَاقَةَ وَالتَّفْرِقَةَ بَعْدَ لُزُومِهِمَا فَلَزِمَهُ ضَمَانُهَا، كَمَا لَوْ أَتْلَفَ شَيْئَيْنِ، قَالَ: وَيَشْتَرِي بِالْقِيمَةِ هَدْيًا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ، وَيَلْتَحِقُ بِهَذَا مَا إذَا أَكَلَ الْمُضَحِّي جَمِيعَ أُضْحِيَّتِهِ أَوْ الْهَدْيَ مِمَّا مُنِعَ مِنْ أَكْلِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ بِمِثْلِهِ لَحْمًا نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ، لَا تَلْزَمُهُ الْإِرَاقَةُ وَالتَّفْرِقَةُ وَقَدْ أَتَى بِأَحَدِهِمَا وَبَقِيَ الْآخَرُ فَلَزِمَهُ ضَمَانُهُ، وَلَوْ أَتْلَفَهُ غَيْرُهُ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ ; لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْإِرَاقَةُ فَلَزِمَتْهُ الْقِيمَةُ وَيَشْتَرِي بِهَا مِثْلَهُ.
[الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَةُ وَالْأَرْبَعُونَ بَعْدَ الْمِائَةِ مَا زَالَ مِنْ الْأَعْيَانِ ثُمَّ عَادَ بِأَصْلِ الخلقة أَوْ بِصُنْعِ آدَمِيٍّ]
(الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَةُ وَالْأَرْبَعُونَ بَعْدَ الْمِائَةِ) : مَا زَالَ مِنْ الْأَعْيَانِ ثُمَّ عَادَ بِأَصْلِ الْخِلْقَةِ أَوْ بِصُنْعِ آدَمِيٍّ هَلْ يُحْكَمُ عَلَى الْعَائِدِ بِحُكْمِ الْأَوَّلِ أَمْ لَا؟ فِيهِ خِلَافٌ يُطْرَدُ فِي مَسَائِلَ مِنْهَا: لَوْ قَلَعَ سِنَّهُ أَوْ قَطَعَ أُذُنَهُ فَأَعَادَهُ فِي الْحَالِ فَثَبَتَ وَالْتَحَمَ كَمَا كَانَ لَمْ يَرُحْ، فَهَلْ يُحْكَمُ بِطَهَارَتِهِ أَمْ لَا نَصَّ أَحْمَدُ عَلَى طَهَارَتِهِ إذَا ثَبَتَ وَالْتَحَمَ، وَعَلَى نَجَاسَتِهِ إذَا لَمْ يَثْبُتْ، وَحَكَى الْقَاضِي الْمَسْأَلَةَ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، وَفَرَّقَ ابْنُ أَبِي مُوسَى بَيْنَ أَنْ يَثْبُتَ وَيَلْتَحِمَ فَيُحْكَمَ بِطَهَارَتِهِ لِعَوْدِ الْحَيَاةِ إلَيْهِ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَثْبُتْ وَهَذَا حَسَنٌ.
فَإِنْ كَانَ بِجِنَايَةِ جَانٍ فَالْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ لَا قَوَدَ فِيهِ وَلَا دِيَةَ سِوَى حُكُومَةِ نَقْصِهِ. وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَبَنَاهُ كَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ عَلَى الْقَوْلِ بِطَهَارَتِهِ.
وَقَالَ الْقَاضِي حَقُّهُ بِحَالِهِ فَأَمَّا إنْ اقْتَصَّ مِنْ الْجَانِي فَأَعَادَهُ وَالْتَحَمَ فَهَلْ لِلْمُقْتَصِّ إبَانَتُهُ ثَانِيًا أَمْ لَا؟ نَصَّ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ عَلَى أَنَّ لَهُ إبَانَتُهُ، وَعَلَّلَ بِأَنَّ الْقِصَاصَ لِلشَّيْنِ وَالشَّيْنُ قَدْ زَالَ.
وَقَالَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ.
وَمِنْهَا: لَوْ قَلَعَ ظُفْرَ آدَمِيٍّ أَوْ سِنَّهُ أَوْ شَعْرَهُ ثُمَّ عَادَ أَوْ جَنَى عَلَيْهِ فَأَذْهَبَ شَمَّهُ أَوْ بَصَرَهُ ثُمَّ عَادَ
بِحَالِهِ فَلَا ضَمَانَ بِحَالٍ فِي الْمَذْهَبِ ; لِأَنَّ أَطْرَافَ الْآدَمِيِّ لَا تُضْمَنُ بِالْإِتْلَافِ إذْ لَيْسَتْ أَمْوَالًا، فَإِنَّمَا يَضْمَنُ بِمَا نَقَصَ الْجُمْلَةَ وَلَمْ يُوجَدْ نَقْصٌ، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ. وَيَتَوَجَّهُ التَّفْرِيقُ ; لِأَنَّ أَعْضَاءَ الرَّقِيقِ أَمْوَالٌ وَلِهَذَا يَجُوزُ بَيْعُ لَبَنِ الْأَمَةِ دُونَ الْحُرَّةِ عَلَى وَجْهٍ لَنَا، وَقَدْ ذَكَرُوا فِي الْجَارِيَةِ الْمَغْصُوبَةِ إذَا هَزَلَتْ عِنْدَ الْغَاصِبِ ثُمَّ سَمِنَتْ فَهَلْ يُضْمَنُ نَقْصَهَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، وَالْأَشْبَهُ بِكَلَامِهِ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ ; لِأَنَّهُ نَصَّ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ فِيمَنْ كَسَرَ خَلْخَالًا لِغَيْرِهِ أَنَّ عَلَيْهِ إصْلَاحُهُ، وَبَيْنَهُمَا فَرْقٌ فَإِنَّ إصْلَاحَ الْخَلْخَالِ نَوْعُ ضَمَانٍ بِخِلَافِ عَوْدِ السَّمْنِ، وَلَكِنْ صَرَّحَ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ بِأَنَّهُ لَوْ غَصَبَ جِدَارًا فَنَقَضَهُ ثُمَّ أَعَادَهُ فَعَلَيْهِ أَرْشُ نَقْصِهِ، إلَّا أَنَّ هَذَا بَنَاهُ عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ الْأَرْشُ فَالْبِنَاءُ عَدُوَّانِ وَلَا يَسْقُطُ بِهِ الْوَاجِبُ.
وَكَذَلِكَ ذَكَرَ الْقَاضِي فِيمَا إذَا بَاعَ الْغَاصِبُ الدَّارَ الْمَغْصُوبَةَ فَنَقَضَهَا الْمُشْتَرِي ثُمَّ بَنَاهَا أَنَّ عَلَى الْمُشْتَرِي ضَمَانُ قِيمَتِهَا مَبْنِيَّةً وَمَنْقُوضَةً يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْغَاصِبِ.
وَمِنْهَا: نَبَاتُ الْحَرَمِ إذَا قَطَعَهُ أَوْ غُصْنًا مِنْ شَجَرَةٍ مِنْهُ ثُمَّ عَادَ فَفِي ضَمَانِهِ وَجْهَانِ، وَكَذَلِكَ لَوْ جَنَى عَلَى رِيشِ طَائِرٍ فِي الْحَرَمِ أَوْ الْإِحْرَامِ ثُمَّ نَبَتَ فَهَلْ يَضْمَنُهُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، لِتَرَدُّدِ ضَمَانِ صَيْدِ الْحَرَمِ وَنَبَاتِهِ وَصَيْدِ الْمُحْرِمِ بَيْنَ ضَمَانِ الْأَمْوَالِ إذْ هِيَ أَمْوَالٌ فِي الْجُمْلَةِ، وَبَيْنَ ضَمَانِ الْآدَمِيِّينَ ; لِأَنَّهُ وَاجِبٌ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، وَالْأَشْبَهُ أَنَّ صَيْدَ الْحَرَمِ وَنَبَاتَهُ مُلْحَقٌ بِالْآدَمِيِّينَ لِعِصْمَتِهِ بِمَحِلِّهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى جَمِيعِ النَّاسِ، بِخِلَافِ صَيْدِ الْمُحْرِمِ فَإِنَّ تَحْرِيمَهُ يَخْتَصُّ بِهِ فَهُوَ شَبِيهٌ بِالْأَمْوَالِ الْمَمْلُوكَةِ الَّتِي تَحِلُّ لِمَالِكِهَا دُونَ غَيْرِهِ.
وَمِنْهَا: لَوْ أَعَارَهُ حَائِطًا لِوَضْعِ خَشَبِهِ عَلَيْهِ فَسَقَطَ الْجِدَارُ ثُمَّ أَعَادَهُ فَهَلْ لَهُ إعَادَةُ الْوَضْعِ أَمْ لَا؟ فِيهِ وَجْهَانِ: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ بِدُونِ إذْنٍ ; لِأَنَّ الثَّانِيَ غَيْرُ الْأَوَّلِ فَلَمْ تَتَنَاوَلْهُ الْإِعَادَةُ وَالصُّلْحُ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ فِي الْعَارِيَّةِ.
وَالثَّانِي: لَهُ ذَلِكَ إنْ أَعَادَهُ بِآلَتِهِ الْعَتِيقَةِ وَإِلَّا فَلَا، وَحُكِيَ عَنْ الْقَاضِي