الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَعْدَ ذَلِكَ بِالْقِسْمَةِ عَتَقَتْ قَالَ وَإِنْ كَانَ فِي السَّبْيِ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِالْمِلْكِ عَتَقَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ وَإِلَّا عَتَقَ مِنْهُ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ فَكَأَنَّهُ جَعَلَهُ عِتْقًا قَهْرِيًّا كَالْإِرْثِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعِتْقِ الِاخْتِيَارِيِّ
(وَمِنْهَا) لَوْ اسْتَوْلَدَ أَحَدُ الْغَانِمِينَ جَارِيَةً مِنْ السَّبْيِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ فَالْمَنْصُوصُ أَنَّهَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَيَضْمَنُ لِبَقِيَّةِ الْغَانِمِينَ حُقُوقَهُمْ مِنْهَا وَقَالَ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ لَا تَصِيرُ مُسْتَوْلَدَةً لَهُ وَإِنَّمَا يَتَعَيَّنُ حَقُّهُ فِيهَا ; لِأَنَّ حَمْلَهَا بِحُرٍّ يَمْنَعَ بَيْعَهَا وَفِي تَأْخِيرِ قِسْمَتِهَا حَتَّى تَضَعَ ضَرَرٌ عَلَى أَهْلِ الْغَنِيمَةِ فَوَجَبَ تَسْلِيمُهَا إلَيْهِ مِنْ حَقِّهِ وَهَذَا بَعِيدٌ جِدًّا. وَلِأَبِي الْخَطَّابِ فِي انْتِصَارِهِ طَرِيقَةٌ أُخْرَى وَهِيَ أَنَّهُ إنَّمَا نَفَذَ اسْتِيلَادُهَا لِشُبْهَةِ الْمِلْكِ فِيهَا وَإِنْ لَمْ يَنْفُذْ إعْتَاقُهَا كَمَا يَنْفُذُ اسْتِيلَادُ الِابْنِ فِي أَمَةِ أَبِيهِ دُونَ إعْتَاقِهَا وَهُوَ أَيْضًا ظَاهِرُ مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَحَكَى فِي تَعْلِيقِهِ عَلَى الْهِدَايَةِ احْتِمَالًا آخَرَ بِالْفَرْقِ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الْغَنِيمَةُ جِنْسًا وَاحِدًا أَوْ أَجْنَاسًا كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْعِتْقِ.
(وَمِنْهَا) لَوْ أَتْلَفَ أَحَدُ الْغَانِمِينَ شَيْئًا مِنْ الْغَنِيمَةِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ فَإِنْ قُلْنَا الْمِلْكُ ثَابِتٌ فِيهَا فَعَلَيْهِ ضَمَانُ نَصِيبِ شُرَكَائِهِ خَاصَّةً، وَنَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي الِاسْتِيلَادِ وَإِنْ قُلْنَا: الْمِلْكُ فِيهَا فَعَلَيْهِ ضَمَانُ جَمِيعهَا.
(مِنْهَا) لَوْ أَسْقَطَ الْغَانِمُ حَقَّهُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ فَفِيهِ طَرِيقَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْخِلَافِ فَإِنْ قُلْنَا يَمْلِكُونَهَا لَمْ يَسْقُطْ الْحَقُّ بِذَلِكَ وَإِلَّا سَقَطَ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ.
وَالثَّانِي: يَسْقُطُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ لِضَعْفِ الْمِلْكِ وَعَدَمِ اسْتِقْرَارِهِ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَالتَّرْغِيبِ.
(وَمِنْهَا) لَوْ مَاتَ أَحَدُهُمْ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَالِاحْتِيَازِ فَالْمَنْصُوصُ أَنَّ حَقَّهُ يَنْتَقِلُ إلَى وَرَثَتِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي أَنَّهُ وَافَقَ عَلَى ذَلِكَ وَجَعَلَ الْمَوْرُوثَ هُوَ الْحَقَّ دُونَ الْمَالِ وَفِي التَّرْغِيبِ إنْ قُلْنَا: لَا يَمْلِكُ بِدُونِ الِاخْتِيَارِ فَمَنْ مَاتَ قَبْلَهُ فَلَا شَيْءٌ لَهُ وَلَا يُورَثُ عَنْهُ كَحَقِّ الشُّفْعَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ عَلَى هَذَا يَكْتَفِي بِالْمُطَالَبَةِ فِي مِيرَاثِ الْحَقِّ كَالشُّفْعَةِ.
(وَمِنْهَا) لَوْ شَهِدَ أَحَدُ الْغَانِمِينَ بِشَيْءٍ مِنْ الْمَغْنَمِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ فَإِنْ قُلْنَا قَدْ مَلَكُوهُ لَمْ يُقْبَلْ كَشَهَادَةِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ لِلْآخَرِ وَإِنْ قُلْنَا: لَمْ يَمْلِكُوا قُبِلَتْ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَفِي قَبُولِهَا نَظَرٌ، وَإِنْ قُلْنَا: لَمْ يَمْلِكُوا ; لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ تَجُرُّ نَفْعًا قُلْتُ هَذَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا وَطِئَ أَحَدُ الْغَانِمِينَ جَارِيَةً مِنْ الْمَغْنَم وَذَكَرَ فِي مَسْأَلَةِ السَّرِقَةِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَالْغَنِيمَةِ أَنَّهُ لَا يَقْبَلُ شَهَادَةَ أَحَدِ الْغَانِمِينَ بِمَالٍ مُطْلَقًا وَهُوَ الْأَظْهَرُ.
[الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةَ عَشَرَ الْقِسْمَةُ هَلْ هِيَ إفْرَازٌ أَوْ بَيْعٌ]
[التَّاسِعَةَ عَشَرَ] الْقِسْمَةُ هَلْ هِيَ إفْرَازٌ أَوْ بَيْعٌ الْمَذْهَبُ أَنَّ قِسْمَةَ الْإِجْبَارِ وَهِيَ مَا لَا يَحْصُلُ فِيهِ رَدُّ عِوَضٍ مِنْ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ وَلَا ضَرَرَ عَلَيْهِ إفْرَازٌ لَا بَيْعٌ وَذَهَبَ ابْنُ بَطَّةَ إلَى أَنَّهَا كَالْبَيْعِ فِي أَحْكَامِهِ وَحَكَى الْآمِدِيّ رِوَايَتَيْنِ قَالَ الشَّيْخُ مَجْدُ الدِّينِ: الَّذِي يَتَحَرَّرُ عِنْدِي فِيمَا فِيهِ رَدُّ أَنَّهُ بَيْعٌ فِيمَا يُقَابِلُ الرَّدَّ، وَإِفْرَازٌ فِي الْبَاقِي لِأَنَّ أَصْحَابَنَا قَالُوا فِي قِسْمَةِ الطَّلْقِ عَنْ الْوَقْفِ إذَا كَانَ فِيهَا رَدٌّ مِنْ جِهَةِ صَاحِبِ الْوَقْفِ جَازَ ; لِأَنَّهُ يَشْتَرِي بِهِ الطَّلْقَ وَإِنْ كَانَ فِي جِهَةِ صَاحِبِ الطَّلْقِ لَمْ يَجُزْ وَيَتَفَرَّعُ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي كَوْنِهَا إفْرَازًا أَوْ بَيْعًا فَوَائِدُ كَثِيرَةٌ:(مِنْهَا) لَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا مَاشِيَةٌ مُشْتَرَكَةٌ فَاقْتَسَمَاهَا فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ وَاسْتَدَامَا خُلْطَةَ الْأَوْصَافِ فَإِنْ قُلْنَا: الْقِسْمَةُ
إفْرَازٌ لَمْ يَنْقَطِعْ الْحَوْلُ بِغَيْرِ خِلَافٍ وَإِنْ قُلْنَا: بَيْعٌ خُرِّجَ عَلَى بَيْعِ الْمَاشِيَةِ بِجِنْسِهَا فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ هَلْ يَقْطَعُهُ أَمْ لَا
(وَمِنْهَا) إذَا تَقَاسَمَا وَصَرَّحَا بِالتَّرَاضِي وَاقْتَصَرَا عَلَى ذَلِكَ فَهَلْ يَصِحُّ إنْ قُلْنَا: هِيَ إفْرَازٌ صَحَّتْ وَإِنْ قُلْنَا بَيْعٌ فَوَجْهَانِ حَكَاهُمَا صَاحِبُ التَّرْغِيبِ وَكَأَنَّ مَأْخَذَهُمَا الْخِلَافُ فِي اشْتِرَاطُ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهَا تَصِحُّ بِلَفْظِ الْقِسْمَةِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ وَيَتَخَرَّجُ أَنْ لَا يَصِحَّ مِنْ الرِّوَايَةِ الَّتِي سَعَيْت فِي التَّلْخِيصِ بِاشْتِرَاطِ لَفْظِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فِي الْبَيْعِ
(وَمِنْهَا) لَوْ تَقَاسَمُوا ثَمَرَ النَّخْلِ وَالْعِنَبِ عَلَى الشَّجَرِ أَوْ الزَّرْعِ الْمُشْتَمِل فِي سُنْبُلِهِ خَرْصًا أَوْ الرِّبَوِيَّاتِ عَلَى مَا يَخْتَارُونَ مِنْ كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ فَإِنْ قُلْنَا هِيَ إفْرَازٌ جَازَ وَنَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ فِي جَوَازِ الْقِسْمَةِ بِالْخَرْصِ وَإِنْ قُلْنَا: بَيْعٌ لَمْ يَصِحَّ وَفِي التَّرْغِيبِ إشَارَةٌ إلَى خِلَافٍ فِي الْجَوَازِ مَعَ الْقَوْلِ بِالْإِفْرَازِ وَكَذَلِكَ لَوْ تَقَاسَمُوا الثَّمَرَ عَلَى الشَّجَرِ قَبْلَ صَلَاحِهِ بِشَرْطِ التَّبْقِيَةِ فَيَجُوزُ عَلَى الْقَوْلِ بِالْإِفْرَازِ دُونَ الْبَيْعِ.
(وَمِنْهَا) لَوْ كَانَ بَعْضُ الْعَقَارِ وَقْفًا وَبَعْضُهُ طَلْقًا وَطَلَبَ أَحَدُهُمَا الْقِسْمَةَ جَازَتْ إنْ قُلْنَا: هِيَ إفْرَازٌ وَإِنْ قُلْنَا بَيْعٌ لَمْ يَجُزْ ; لِأَنَّهُ بَيْعٌ لِلْوَقْفِ فَأَمَّا إنْ كَانَ الْكُلُّ وَقْفًا فَهَلْ يَجُوزُ قِسْمَتُهُ؟ فِيهِ طَرِيقَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ كَإِفْرَازِ الطَّلْقِ مِنْ الْوَقْفِ سَوَاءٌ وَهُوَ الْمَجْزُومُ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَا يَصِحُّ قِسْمَتُهُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا عَلَى الْأَصَحِّ وَهِيَ طَرِيقَةُ التَّرْغِيبِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِالْجَوَازِ فَهُوَ مُخْتَصٌّ بِمَا إذَا كَانَ وَقْفًا عَلَى جِهَتَيْنِ لَا عَلَى جِهَةٍ وَاحِدَةٍ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ نَقَلَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ.
(وَمِنْهَا) قِسْمَةُ الْمَرْهُونِ كُلِّهِ أَوْ نِصْفِهِ مُشَاعًا إنْ قُلْنَا هِيَ إفْرَازُ صَحَّتْ وَإِنْ قُلْنَا بَيْعٌ لَمْ تَصِحَّ وَلَوْ اسْتَقَرَّ بِهَا الْمُرْتَهِنُ فَإِنْ رَهَنَهُ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ حِصَّتَهُ مِنْ حَقٍّ مُعَيَّنٍ مِنْ دَارٍ ثُمَّ اقْتَسَمَا فَحَصَلَ الْبَيْتُ فِي حِصَّةِ شَرِيكِهِ فَظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْهُ عَلَى الْقَوْلِ بِالْإِفْرَازِ قَالَ صَاحِبُ الْمُغْنِي يُمْنَعُ مِنْهُ.
(وَمِنْهَا) إذَا اقْتَسَمَا أَرْضًا فَبَنَى أَحَدُهُمَا فِي نَصِيبِهِ وَغَرَسَ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الْأَرْضُ يُقْلَعُ غَرْسُهُ وَبِنَاؤُهُ، فَإِنْ قُلْنَا: هِيَ إفْرَازٌ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى شَرِيكِهِ وَإِنْ قُلْنَا: بَيْعٌ رَجَعَ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الْقَبْضِ إذَا كَانَ عَالِمًا بِالْحَالِ دُونَهُ ذَكَرَهُ فِي الْمُغْنِي وَجَزَمَ الْقَاضِي بِالرُّجُوعِ عَلَيْهِ مَعَ قَوْلِهِ: إنَّ الْقِسْمَةَ إفْرَازٌ.
(وَمِنْهَا) ثُبُوتُ الْخِيَارِ فِيهَا وَفِيهِ طَرِيقَانِ:
أَحَدُهُمَا: يَنْبَنِي عَلَى الْخِلَافِ وَإِنْ قُلْنَا إفْرَازٌ لَمْ يَثْبُتْ فِيهَا خِيَارٌ وَإِنْ قُلْنَا بَيْعٌ ثَبَتَ وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْفُصُولِ وَالتَّلْخِيصِ وَفِيهِ مَا يُوهِمُ اخْتِصَاصَ الْخِلَافِ فِي خِيَارِ الْمَجْلِسِ فَأَمَّا خِيَارُ الْمَجْلِسِ فَلَا يَثْبُتُ فِيهَا عَلَى الْوَجْهَيْنِ.
وَالثَّانِي: يَثْبُتُ فِيهَا خِيَارُ الْمَجْلِسِ وَخِيَارُ الشَّرْطِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ قَالَهُ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ مُعَلِّلًا بِأَنَّ ذَلِكَ جَعَلَ للارتياء فِيمَا فِيهِ الْحَظّ وَهَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ فِي الْقِسْمَةِ. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ قِسْمَةَ التَّرَاضِي إفْرَازٌ ; لِأَنَّ قِسْمَةَ الْإِجْبَارِ لَا مَعْنَى لِثُبُوتِ الْخِيَارِ فِيهَا إذْ فِي كُلِّ لَحْظَةٍ يَمْلِكُ الْإِجْبَارَ فَلَا يَقَعُ ثُبُوتُ الْخِيَارِ فِي فَسْخِهَا وَذَكَرَ أَيْضًا أَنَّهُ حَيْثُ وَجَبَتْ الْقِسْمَةُ فَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ لَازِمَةً ; لِأَنَّ أَحَدَهُمَا لَوْ فَسَخَهَا كَانَ لِلْآخَرِ مُطَالَبَتُهُ بِإِعَادَتِهَا فَلَا فَائِدَةَ فِيهِ وَقَدْ يَكُونُ فِيهِ ضَرَرٌ عَلَى أَحَدِهِمَا فَإِنَّهُ قَدْ يَتَصَرَّفُ فِيمَا حَصَلَ لَهُ وَلِغَيْرِهِ فَإِذَا انْقَضَتْ
الْقِسْمَةُ تَقَرَّرَ بِذَلِكَ وَلَمْ يَحْصُلُ لَهُ الِانْتِفَاعُ وَلَا سِيَّمَا إنْ تَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْ شَرِيكِهِ مُضَارَّةً. قُلْت وَيَشْهَدُ لِهَذَا مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ فِي الْمَعْنَيَيْنِ بِالنَّفَقَةِ فَإِذَا طَلَّقَ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ رَجْعِيًّا ثُمَّ ارْتَجَعَ مِنْ غَيْرِ يَسَارٍ تَحَدَّدَ لَهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ رَجَعْتُهُ لَمَا فِيهِ مِنْ إعَادَةِ الضَّرَرِ الَّذِي أَزَلْنَاهُ بِالطَّلَاقِ وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي عُمَدِ الْأَدِلَّةِ وَصَاحِبُ الْمُغْنِي: لَهُ الرَّجْعَةُ فَإِذَا ارْتَجَعَ عَادَتْ الْمُطَالَبَةُ لَهُ فَإِنْ طَلَّقَ عَلَيْهِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الطَّلَاقَ الثَّلَاثَ وَأَخَذَهُ ابْنُ عَقِيلٍ مِنْ الْمُولِي عَلَيْهِ إذَا طَلَّقَ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ بَعْدَ طَلَبِ الْفَيْئَةِ طَلَاقًا رَجْعِيًّا فَإِنْ لَهُ رَجْعَتَهَا وَيُطَالِبُ بِالْفَيْئَةِ ثَانِيًا وَالْقَاضِي يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ رَجْعَةَ الْمُوَلَّى أَقْرَبُ إلَى حُصُولِ مَقْصُودِ الْمَرْأَةِ مِنْ الْفَيْئَةِ مِنْ حَالِ الْعِدَّةِ الْجَارِيَةِ إلَى الْبَيْنُونَةِ بِخِلَافِ رَجْعَةِ الْمُعْسِرِ وَلَكِنْ لَا يَتَوَجَّهُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ عَقِيلٍ التَّمْكِينُ مِنْ فَسْخِ قِسْمَةِ الْإِجْبَارِ هُنَا ; لِأَنَّ الضَّرَرَ فِي الطَّلَاقِ لَا يَتَأَبَّدُ ; لِأَنَّهُ مَحْدُودٌ بِثَلَاثِ مَرَّاتٍ بِخِلَافِ ضَرَرِ الْفَسْخِ هُنَا فَإِنَّهُ يَكُونُ لَا نِهَايَةَ لَهُ وَذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَنَّ الْمُوَلَّى إذَا طَلَّقَ لَمْ يَكُنْ مِنْ الرَّجْعَةِ إلَّا بِشَرْطِ أَنْ يَفِيءَ ; لِأَنَّ أَصْلَ الرَّجْعَةِ إنَّمَا أَبَاحَهَا اللَّهُ لِمَنْ أَرَادَ الْإِصْلَاحَ فَكَيْفَ بِالْمُوَلِّي الَّذِي يُظْهِرُ قَصْدَ الْإِضْرَارِ فَلَا يُمَكَّنُ مِنْ الرَّجْعَةِ بِدُونِ شَرْطِ الْفَيْئَةِ ; لِأَنَّ ارْتِجَاعَهُ زِيَادَةٌ فِي الْإِضْرَارِ وَذَكَرَ فِي الْكَافِي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُمَا إنْ اقْتَسَمَا بِأَنْفُسِهِمَا لَمْ يَلْزَمْ الْقِسْمَةُ إلَّا بِتَرَاضِيهِمَا وَتَفَرُّقِهِمَا كَالْبَيْعِ وَإِنْ قَسَمَ بَيْنَهُمَا الْحَاكِمُ أَوْ قَسَمَهُ عَدْلٌ عَالِمٌ نَصَّفَاهُ بَيْنَهُمَا لَزِمَتْ قِسْمَتُهُ بِغَيْرِ رِضَاهُمَا إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهَا رَدٌّ فَوَجْهَانِ، نَظَرًا إلَى أَنَّهَا بَيْعٌ فَيَقِفُ عَلَى الرِّضَاءِ وَإِلَى أَنَّ الْمُقَاسِمَ كَالْحَاكِمِ وَقُرْعَتُهُ كَحُكْمِهِ.
(وَمِنْهَا) ثُبُوتُ الشُّفْعَةِ فِيهَا وَفِيهِ طَرِيقَانِ:
أَحَدُهُمَا: بِنَاؤُهُ عَلَى الْخِلَافِ فَإِنْ قُلْنَا إفْرَازٌ لَمْ يَثْبُتْ وَإِلَّا ثَبَتَ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ السَّامِرِيُّ فِي بَابِ الرِّبَا.
وَالثَّانِي: لَا يُوجِبُ الشُّفْعَةَ عَلَى الْوَجْهَيْنِ قَالَهُ الْقَاضِي وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ ; لِأَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ لَثَبَتَ الْآخَرُ عَلَيْهِ فَيَتَنَامَيَانِ وَمِنْهُمَا قِسْمَةُ الْمُتَشَارِكَيْنِ فِي الْهَدْيِ وَالْأَضَاحِيّ اللَّحْمَ، فَإِنْ قُلْنَا: إفْرَازٌ جَازَتْ وَإِنْ قُلْنَا بَيْعٌ لَمْ يَجُزْ وَهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ
(وَمِنْهَا) لَوْ حَلَفَ لَا يَبِيعُ فَقَاسَمَ فَإِنْ قُلْنَا الْقِسْمَةُ بَيْعٌ حَنِثَ وَإِلَّا فَلَا ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ وَقَدْ يُقَالُ الْأَيْمَانُ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْعُرْفِ وَلَا تُسَمَّى الْقِسْمَةُ بَيْعًا فِي الْعُرْفِ فَلَا يَحْنَثُ بِهَا وَلَا بِالْحَوَالَةِ وَلَا بِالْإِقَالَةِ وَإِنْ قِيلَ هِيَ بُيُوعٌ.
(وَمِنْهَا) لَوْ اقْتَسَمَ الْوَرَثَةُ الْعَقَارَ ثُمَّ ظَهَرَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ أَوْ وَصِيَّةٌ فَإِنْ قُلْنَا هِيَ إفْرَازٌ فَالْقِسْمَةُ بَاقِيَةٌ عَلَى الصِّحَّةِ وَإِنْ قُلْنَا بَيْعٌ فَوَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى الْخِلَافِ فِي بَيْعِ التَّرِكَةِ الْمُسْتَغْرَقَةِ بِالدَّيْنِ وَقَدْ سَبَقَ.
(وَمِنْهَا) لَوْ ظَهَرَ فِي الْقِسْمَةِ غَبْنٌ فَاحِشٌ فَإِنْ قُلْنَا هِيَ إفْرَازٌ لَمْ يَصِحَّ لِتَبَيُّنِ فَسَادِ الْإِفْرَازِ، وَإِنْ قُلْنَا: بَيْعٌ صَحَّتْ وَثَبَتَ فِيهَا خِيَارُ الْغَبْنِ ذَكَرَهُ فِي التَّرْغِيبِ وَالْبُلْغَةِ
(وَمِنْهَا) لَوْ اقْتَسَمَا دَارًا نِصْفَيْنِ ظَهَرَ بَعْضُهَا مُسْتَحَقًّا فَإِنْ قُلْنَا الْقِسْمَةُ إفْرَازٌ انْتَقَضَتْ الْقِسْمَةُ لِفَسَادِ الْإِفْرَازِ وَإِنْ قُلْنَا بَيْعٌ لَمْ يُنْتَقَضْ وَيَرْجِعُ عَلَى شَرِيكِهِ بِقَدْرِ حَقِّهِ فِي الْمُسْتَحَقِّ كَمَا إذَا قُلْنَا بِذَلِكَ فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى دَارًا فَبَانَ بَعْضُهَا مُسْتَحَقًّا ذَكَرَهُ الْآمِدِيُّ وَفِي الْمُحَرَّرِ إنْ كَانَ الْمُسْتَحَقُّ مُعَيَّنًا وَهُوَ فِي الْحِصَّتَيْنِ فَالْقِسْمَةُ بِحَالِهَا وَلَمْ يَحْكِ خِلَافًا وَذَكَرَهُ صَاحِبُ الْكَافِي احْتِمَالًا بِالْبُطْلَانِ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ إذَا قُلْنَا
هِيَ بَيْعٌ وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَحَقُّ مُعَيَّنًا فِي إحْدَى الْحِصَّتَيْنِ أَوْ شَائِعًا فِيهِمَا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا فَثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ فِي الْمُحَرَّرِ أَحَدُهَا تَبْطُلُ.
وَالثَّانِي: لَا تَبْطُلُ، وَالثَّالِثُ تَبْطُلُ بِالْإِشَاعَةِ فِي أَحَدَيْهِمَا خَاصَّةً، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي وَالْأَوَّلُ اخْتِيَارُ الْقَاضِي وَابْنِ عَقِيلٍ مَعَ قَوْلِهِمَا بِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ قَالَ الشَّيْخُ مَجْدُ الدِّينِ: وَالْوَجْهَانِ الْأَوَّلَانِ فَرْعٌ عَلَى قَوْلِنَا بِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ فِي الْمَبِيعِ فَأَمَّا إنْ قُلْنَا: لَا تَفْرِيقَ هُنَاكَ بَطَلَتْ هَاهُنَا وَجْهًا وَاحِدًا وَفِي الْبُلْغَةِ إذَا ظَهَرَ بَعْضُ حِصَّةِ أَحَدِهِمَا مُسْتَحَقًّا انْتَقَضَتْ الْقِسْمَةُ وَإِنْ ظَهَرَتْ حِصَّتُهَا عَلَى اسْتِوَاءِ النِّسْبَةِ وَكَانَ مُعَيَّنًا لَمْ يُنْتَقَضْ وَإِذَا عَلَّلْنَا بِفَسَادِ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ بِالْجَهَالَةِ، وَإِنْ عَلَّلْنَاهُ فَسَعَى عَلَى مَا لَا يَجُوزُ بَطَلَتْ وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَحَقُّ مَشَاعًا انْتَقَضَتْ الْقِسْمَةُ فِي الْجَمِيعِ عَلَى أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ
(وَمِنْهَا) إذَا مَاتَ رَجُلٌ وَزَوْجَتُهُ حَامِلٌ وَقُلْنَا: لَهَا السُّكْنَى فَأَرَادَ الْوَرَثَةُ قِسْمَةَ الْمَسْكَنِ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ مِنْ غَيْرِ إضْرَارٍ بِهَا بِأَنْ يُعْلِمُوا الْحُدُودَ بِخَطٍّ أَوْ نَحْوِهِ بِغَيْرِ نَقْصٍ وَلَا بِنَاءٍ فَفِي الْمُغْنِي يَجُوزُ ذَلِكَ وَلَمْ يُنَبِّهْ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْقِسْمَةِ مَعَ أَنَّهُ قَالَ لَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمَسْكَنِ فِي هَذِهِ الْحَالِ لِجَهَالَةِ مُدَّةِ الْحَمْلِ الْمُسْتَثْنَاةِ فِيهِ حُكْمًا وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا يُغْتَفَرُ فِي الْقِسْمَةِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ مَتَى قُلْنَا: الْقِسْمَةُ بَيْعٌ، وَإِنَّ بَيْعَ هَذَا الْمَسْكَنِ يَصِحُّ لَمْ تَصِحَّ الْقِسْمَةُ.
(وَمِنْهَا) قِسْمَةُ الدَّيْنِ فِي ذِمَمِ الْغُرَمَاءِ فَإِنْ قُلْنَا الْقِسْمَةُ إفْرَازٌ صَحَّتْ وَإِنْ قُلْنَا بَيْعٌ لَمْ تَصِحَّ وَقَدْ حَكَى الْأَصْحَابُ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَيْنِ وَهَذَا الْبِنَاءُ مُتَوَجَّهٌ عَلَى طَرِيقِهِ مَنْ طَرَدَ الْخِلَافَ فِي قِسْمَةِ التَّرَاضِي كَالشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى مَعَ أَنَّهُ يَمِيلُ إلَى دُخُولِ الْإِجْبَارِ فِي قِسْمَةِ الدَّيْنِ عَلَى الْغُرَمَاءِ الْمُتَقَارِبِينَ فِي الْمَلَاءَةِ ; لِأَنَّ الذِّمَمَ عِنْدَنَا تَتَكَافَأُ بِدَلِيلِ الْإِجْبَارِ عَلَى قَبُولِ الْحَوَالَةِ عَلَى الْمَلِيِّ وَخَصَّ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ الرِّوَايَتَيْنِ بِمَا إذَا كَانَ الدَّيْنُ فِي ذِمَّتَيْنِ فَصَاعِدًا فَإِنْ كَانَ فِي ذِمَّةِ وَاحِدٍ لَمْ تَصِحَّ قِسْمَتُهُ رِوَايَةً وَاحِدَةً وَأَنْكَرَ ذَلِكَ الشَّيْخُ مَجْدُ الدِّينِ وَيَشْهَدُ لِقَوْلِهِ أَنَّ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ قَالَ: إذَا قَبَضَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ مِنْ الدَّيْنِ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ اخْتَصَّ بِمَا قَبَضَهُ وَفَرَّقَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ بَيْنَ الدَّيْنِ الثَّابِتِ بِعَقْدٍ فَيَخْتَصُّ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ بِمَا قَبَضَهُ مِنْهُ وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنٍ وَبَيْنَ الثَّابِتِ بِإِرْثٍ وَنَحْوِهِ فَلَا يَخْتَصُّ.
وَقَدْ نَصَّ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ عَلَى الِاشْتِرَاكِ فِي ثَمَنِ الطَّعَامِ الْمُشْتَرَكِ وَنَصَّ فِي رِوَايَتِهِ عَلَى جَوَازِ الْقِسْمَةِ بِالتَّرَاضِي فِي الذِّمَّةِ الْوَاحِدَةِ وَسَلَكَ صَاحِبُ الْمُغْنِي فِي تَوْجِيهِ الرِّوَايَتَيْنِ فِي الْمَسْأَلَةِ طَرِيقَةً ثَانِيَةً وَهِيَ أَنَّ قَبْضَ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ مِنْ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ هَلْ هُوَ قِسْمَةٌ لِلدَّيْنِ أَوْ تَعْيِينٌ لِحَقِّهِ بِالْأَخْذِ كَالْإِبْرَاءِ فَإِنْ قُلْنَا هُوَ قِسْمَةٌ لَمْ يَجُزْ لِأَحَدِهِمَا الِانْفِرَادُ بِالْقَبْضِ فَإِنْ أَذِنَ الشَّرِيكُ فِيهِ فَوَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: يَصِحُّ وَيَنْفَرِدُ بِهِ الْقَابِضُ ; لِأَنَّ الْحَقَّ لِشَرِيكِهِ وَقَدْ أَسْقَطَهُ.
وَالثَّانِي: لَا يَصِحُّ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ ; لِأَنَّ حَقَّ الشَّرِيكِ فِي الذِّمَّةِ لَا فِي عَيْنِ الْمَالِ فَلَا يَنْفُذُ إذْنُهُ فِي قَبْضِ الْأَعْيَانِ. وَفِيهِ ضَعْفٌ فَإِنْ الْأَعْيَانَ هِيَ مُتَعَلَّقُ حَقِّهِ وَكَذَلِكَ يَتَعَلَّقُ حُقُوقُ غُرَمَاءِ الْمُفْلِسِ بِمَالِهِ، وَإِنْ قُلْنَا لَيْسَ الْقَبْضُ قِسْمَةً جَازَ ; لِأَنَّ حَقَّ الشَّرِيكِ فِي الذِّمَّةِ وَلَا يَنْتَقِلُ إلَى الْعَيْنِ إلَّا بِقَبْضِ الْغَرِيمِ أَوْ وَكِيلِهِ فَقَبْضُ الشَّرِيكِ تَعَيَّنَ لِحَقِّهِ لَا غَيْرَ فَيَخْتَصُّ بِهِ دُونَ شَرِيكِهِ سَوَاءٌ كَانَ بِإِذْنِ الشَّرِيكِ
أَوْ بِدُونِهِ.
وَكَذَلِكَ حَكَى صَاحِبُ الْمُغْنِي هَذِهِ الرِّوَايَةَ وَذَكَرَ عَنْ أَحْمَدَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهَا وَقَدْ أَنْكَرَهَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ وَيَتَوَجَّهُ عِنْدِي فِي تَوْجِيهِ الرِّوَايَتَيْنِ طَرِيقَةٌ ثَالِثَةٌ وَهِيَ أَنَّ أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ إذَا قَبَضَ مِنْ الدَّيْنِ فَإِنَّمَا قَبَضَ حَقَّهُ الْمُخْتَصَّ بِهِ لَكِنْ لَيْسَ لَهُ الْقَبْضُ دُونَ شَرِيكِهِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي أَصْلِ الِاسْتِحْقَاقِ كَغُرَمَاءِ الْمُفْلِسِ فَإِذَا قَبَضَ بِدُونِ إذْنِ شَرِيكِهِ فَهَلْ لِشَرِيكِهِ مُقَاسَمَتُهُ فِيمَا قَبَضَهُ أَمْ لَا؟ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فَوَجْهُ الْمُحَاصَّةِ الْقِيَاسُ عَلَى قَبْضِ بَعْضِ الشُّرَكَاءِ مِنْ الْأَعْيَانِ الْمُشْتَرَكَةِ بِدُونِ قِسْمَةٍ كَالْمَوَارِيثِ أَوْ مِنْ الْأَعْيَانِ الْمُتَعَلِّقِ بِهَا حُقُوقُهُمْ كَمَالِ الْمُفْلِسِ، وَوَجْهُ عَدَمِ الْمُحَاصَّةِ أَنَّ الْمَقْبُوضَ مِنْ الدَّيْنِ كُلِّهِ حَقٌّ لِلْقَابِضِ وَلِهَذَا لَوْ أُتْلِفَ فِي يَدِهِ كَانَ مِنْ نَصِيبِهِ وَلَمْ يَضْمَنْ لِشَرِيكِهِ شَيْئًا بِخِلَافِ الْقَبْضِ مِنْ الْأَعْيَانِ فَعَلَى هَذَا الرِّوَايَةِ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَقْبِضَ بِإِذْنِ الشَّرِيكِ أَوْ بِدُونِهِ وَعَلَى الْأُولَى إنْ قَبَضَ بِإِذْنِهِ فَهَلْ لَهُ مُحَاصَّةٌ فِيهِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ ; لِأَنَّ حَقَّهُ فِي الْمُحَاصَّةِ إنَّمَا ثَبَتَ بَعْدَ الْقَبْضِ فَهُوَ كَإِسْقَاطِ الشُّفْعَةِ قَبْلَ الْبَيْعِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ يُقَالُ: التَّرَاضِي بِقَبْضِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَعْضَ الدَّيْنِ قِسْمَةً لَهُ ; لِأَنَّ الْقِسْمَةَ فِي الْأَعْيَانِ تَقَعُ فِي الْمُحَاسَبَةِ وَالْأَقْوَالِ فِي الْمَنْصُوصِ فَكَذَا فِي الدُّيُونِ وَأَمَّا إنْ كَانَ الْمُشْتَرَكُ بَعْضُهُ عَيْنًا وَبَعْضُهُ دَيْنًا فَأَخَذَ بَعْضُ الشُّرَكَاءِ الْعَيْنَ وَبَعْضُهُمْ الدَّيْنَ وَقَدْ نَصَّ أَحْمَدُ عَلَى جَوَازِهِ مَعَ الْكَرَاهَةِ.
وَحَكَاهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَالَ: لَا يَكُونُ إلَّا فِي الْمِيرَاثِ وَخَرَّجَهُ الشَّيْخُ مَجْدُ الدِّينِ عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ بَيْعِ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ الْغَرِيمِ ; لِأَنَّ هَذِهِ الْقِسْمَةَ بَيْعٌ بِغَيْرِ خِلَافٍ عِنْدَهُ وَعَلَى مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ قَدْ يَطَّرِدُ فِيهَا الْخِلَافُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَمِنْهَا) قَبَضَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ مِنْ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ الْمِثْلِيِّ مَعَ غَيْبَةِ الْآخَرِ وَامْتِنَاعِهِ مِنْ الْإِذْنِ بِدُونِ إذْنِ الْحَاكِمِ، وَفِيهِ وَجْهَانِ سَبَقَ ذِكْرُهُمَا فِي الْقَوَاعِدِ وَالْوَجْهَانِ عَلَى قَوْلِنَا: الْقِسْمَةُ إفْرَازٌ فَإِنْ قُلْنَا هِيَ بَيْعٌ لَمْ يَجُزْ وَجْهًا وَاحِدًا فَأَمَّا غَيْرُ الْمِثْلِيِّ فَلَا يُقْسَمُ إلَّا مَعَ الشَّرِيكِ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ كَالْوَصِيِّ وَالْوَلِيِّ وَالْحَاكِمِ
(وَمِنْهَا) لَوْ اقْتَسَمَا دَارًا فَحَصَلَ الطَّرِيقُ فِي نَصِيبِ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يَكُنْ لِلْآخَرِ مَنْفَذٌ يَتَطَرَّقُ مِنْهُ فَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ وَصَاحِبُ الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ تَبْطُلُ الْقِسْمَةُ وَخَرَّجَ صَاحِبُ الْمُغْنِي فِيهِ وَجْهًا آخِر أَنَّهَا تَصِحُّ وَيَشْتَرِكَانِ فِي الطَّرِيقِ مِنْ نَصِّ أَحْمَدَ عَلَى اشْتِرَاكِهِمَا فِي مَسِيلِ الْمَاءِ وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ فِيمَا سَبَقَ فِي الْقَوَاعِدِ وَيَتَوَجَّهُ أَنْ يُقَالَ: إنْ قُلْنَا الْقِسْمَةُ إفْرَازٌ بَطَلَتْ وَإِنْ قُلْنَا بَيْعٌ صَحَّتْ وَلَزِمَ الشَّرِيكَ تَمْكِينُهُ مِنْ الِاسْتِطْرَاقِ بِنَاءً عَلَى قَوْلِ الْأَصْحَابِ: إذَا بَاعَهُ بَيْتًا مِنْ وَسَطِ دَارِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ طَرِيقًا صَحَّ الْبَيْعُ وَاسْتُتْبِعَ طَرِيقُهُ كَمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ لَوْ اشْتَرَطَ عَلَيْهِ الِاسْتِطْرَاقَ فِي الْقِسْمَةِ صَحَّ قَالَ الشَّيْخُ مَجْدُ الدِّينِ هَذَا قِيَاسُ مَذْهَبِنَا فِي جَوَازِ بَيْعِ الْمَمَرِّ.
(وَمِنْهَا) لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِمَّا اشْتَرَاهُ زَيْدٌ فَاشْتَرَى زَيْدٌ وَعَمْرٌو طَعَامًا مَشَاعًا وَقُلْنَا يَحْنَثُ بِالْأَكْلِ مِنْهُ فَتَقَاسَمَاهُ ثُمَّ أَكَلَ الْحَالِفُ مِنْ نَصِيبِ عَمْرٍو فَذَكَرَ الْآمِدِيُّ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ ; لِأَنَّ الْقِسْمَةَ إفْرَازُ