الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالرِّشْوَةِ الَّتِي يُحْتَاجُ إلَيْهَا لِدَفْعِ الظُّلْمِ عَنْ الْمَالِ، وَذَكَرَ الْقَاضِي أَيْضًا فِيمَنْ اشْتَرَى شَجَرًا وَعَلَيْهِ ثَمَرٌ لِلْبَائِعِ أَنَّ أَحَدَهُمَا إذَا طَلَب السَّقْيَ لِحَاجَةِ مِلْكِهِ إلَيْهِ أُجْبِرَ الْآخَرُ عَلَى التَّمْكِينِ لِدُخُولِهِ عَلَى ذَلِكَ وَتَكُونُ الْأُجْرَةُ عَلَى الطَّلَبِ لِاخْتِصَاصِهِ بِالطَّلَبِ دُونَ صَاحِبِهِ، وَهَذَا يَشْمَلُ مَا إذَا كَانَ [نَفْعُ] السَّقْيِ رَاجِعًا إلَيْهِمَا، وَعَلَّلَ ذَلِكَ فِي الْمُغْنِي بِأَنَّ السَّقْيَ لِحَاجَتِهِ وَظَاهِرُهُ اخْتِصَاصُهُ بِحَالَةِ عَدَمِ حَاجَةِ الْآخَرِ فَإِنَّ النَّفْعَ إذَا كَانَ لَهُمَا فَالْمَئُونَةُ عَلَيْهِمَا كَبِنَاءِ الْجِدَارِ وَإِنْ عَطِشَ الْأَصْلُ وَخِيفَ عَلَيْهِ الضَّرَرُ فَفِي الْإِجْبَارِ عَلَى الْقَطْعِ وَجْهَانِ ذَكَرَهُمَا فِي الْمُغْنِي وَعَلَّلَ لِلْإِجْبَارِ بِأَنَّ الضَّرَرَ لَاحِقٌ لِلثَّمَنِ لَا مَحَالَةَ مَعَ الْقَطْعِ وَالتَّبْقِيَةِ وَالْأَصْلُ يَنْحَفِظُ بِالْقَطْعِ فَمُرَاعَاتُهُ أَوْلَى، وَذَكَرَ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ فِيمَا لَوْ وَصَّى بِثَمَرِ شَجَرٍ لِرَجُلٍ وَبِرَقَبَتِهِ لِآخَرَ أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ أَحَدُهُمَا عَلَى السَّقْيِ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا لَمْ يَدْخُلْ عَلَى حِفْظِ مَالِ الْآخَرِ بِخِلَافِ الثَّمَرِ الْمُشْتَرَى فِي رُءُوسِ النَّخْلِ، وَهَذَا فِي سَقْيِ أَحَدِهِمَا بِخَالِصِ حَقِّ الْآخَرِ بِخِلَافِ مَا سَبَقَ فِي الْوَصِيَّةِ بِالزَّرْعِ وَالتِّبْنِ. .
[الْقَاعِدَةُ السَّابِعَة وَالسَّبْعُونَ مَنْ اتَّصَلَ مِلْكُهُ بِمِلْكِ غَيْرِهِ مُتَمَيِّزًا عَنْهُ وَهُوَ تَابِعٌ لَهُ وَلَمْ يُمْكِنْ فَصْلُهُ مِنْهُ بِدُونِ ضَرَرٍ]
(الْقَاعِدَةُ السَّابِعَة وَالسَّبْعُونَ) : مَنْ اتَّصَلَ مِلْكُهُ بِمِلْكِ غَيْرِهِ مُتَمَيِّزًا عَنْهُ وَهُوَ تَابِعٌ لَهُ وَلَمْ يُمْكِنْ فَصْلُهُ مِنْهُ بِدُونِ ضَرَرٍ يَلْحَقُهُ وَفِي إبْقَائِهِ عَلَى الشَّرِكَةِ ضَرَرٌ لَمْ يَفْصِلْهُ مَالِكُهُ فَلِمَالِك الْأَصْلِ أَنْ يَتَمَلَّكَهُ بِالْقِيمَةِ مِنْ مَالِكِهِ وَيُجْبَرَ الْمَالِكُ عَلَى الْقَبُولِ. وَإِنْ كَانَ يُمْكِنُ فَصْلُهُ بِدُونِ ضَرَرٍ يَلْحَقُ مَالِكَ الْأَصْلِ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ تَمَلُّكُهُ قَهْرًا لِزَوَالِ ضَرَرِهِ بِالْفَصْلِ وَيَتَخَرَّجُ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ مَسَائِلُ كَثِيرَةٌ: مِنْهَا غِرَاسُ الْمُسْتَأْجِرِ وَبِنَاؤُهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ إذَا لَمْ يَقْلَعْهُ الْمَالِكُ فَلِلْمُؤَجِّرِ تَمَلُّكُهُ بِالْقِيمَةِ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ قَلْعَهُ بِدُونِ ضَمَانِ نَقْصِهِ، وَفِيهِ ضَرَرٌ عَلَيْهِ ذَكَرَ ذَلِكَ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ وَالْأَكْثَرُونَ، وَلَمْ يَشْتَرِطْ أَبُو الْخَطَّابِ أَنْ لَا يَقْلَعَهُ الْمَالِكُ فَلَعَلَّهُ جَعَلَ الْخِيَرَةَ لِمَالِكِ الْأَرْضِ دُونَ مَالِكِ الْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ.
وَمِنْهَا: غِرَاسُ الْمُسْتَعِيرِ وَبِنَاؤُهُ إذَا رَجَعَ الْمُعِيرُ أَوْ انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِعَارَةِ وَقُلْنَا يَلْزَمُ بِالتَّوْقِيتِ فَالْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ يَتَمَلَّكُ بِالْقِيمَةِ نَقَلَهُ عَنْهُ مُهَنَّا وَابْنُ مَنْصُورٍ، وَكَذَلِكَ نَقَلَ عَنْهُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ لَكِنْ قَالَ فِي رِوَايَةٍ يَتَمَلَّكُ بِالنَّفَقَةِ وَلِمَالِكِهِ الْقَلْعُ ابْتِدَاءً بِغَيْرِ خِلَافٍ، وَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ إذَا كَانَ فِيهِ ضَرَرٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ ضَرَرٌ فَتَرَدَّدَ فِيهِ كَلَامُ الْأَصْحَابِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ أَنَّهُ لَا يُقْلَعُ بِدُونِ شَرْطٍ
وَمِنْهَا: غِرَاسُ الْمُشْتَرِي فِي الْأَرْضِ الْمَشْفُوعَةِ وَبِنَاؤُهُ حَيْثُ يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ إذَا انْتَزَعَ الشَّفِيعُ فَإِنَّهُ يَأْخُذُهُ مَعَ الْأَرْضِ بِقِيمَتِهِ نَصَّ عَلَيْهِ وَلِمَالِكِهِ أَنْ يَقْلَعَهُ أَيْضًا وَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَضْمَنَ لَهُ النَّقْصَ.
وَمِنْهَا: غِرَاسُ الْمُفْلِسِ وَبِنَاؤُهُ إذَا رَجَعَ صَاحِبُ الْأَرْضِ فَلِلْمُفْلِسِ وَالْغُرَمَاءِ الْقَلْعُ فَإِنْ أَبَوْهُ وَطَلَبَ الْبَائِعُ
التَّمَلُّكَ بِالْقِيمَةِ مَلَّكَهُ، وَكَذَلِكَ إذَا طَلَبَ الْقَلْعَ مَضْمُونًا.
وَمِنْهَا: إذَا أَصْدَقهَا أَرْضًا فَغَرَسَتْ فِيهَا أَوْ بَنَتْ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَطَلَبَ الرُّجُوعَ فِي نِصْفِهَا وَبَذْلَ نِصْفِ قِيمَةِ الْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ قَالَ الْخِرَقِيِّ يُجْبَرُ عَلَى الْقَبُولِ.
وَقَالَ الْقَاضِي يَسْقُطُ حَقُّهُ إلَى الْقِيمَةِ عَلَى قَوْلِهِ فَلَيْسَتْ الْمَسْأَلَةُ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ فَإِنْ قِيلَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا يَتَمَلَّكُ فِيهِمَا الْغِرَاسَ وَالْبِنَاءَ مَعَ الْأَرْضِ فَلَا يَكُونَانِ مِنْ صُوَرِ مَسَائِلِ الْقَاعِدَةِ. قِيلَ بَلْ هُمَا مِنْهَا فَإِنَّ الشَّفِيعَ إنَّمَا اسْتَحَقَّ انْتِزَاعَ بِنَاءِ الْمُشْتَرِي وَغِرَاسِهِ لِأَنَّهُ أَحْدَثَهُ فِي حَالِ تَعَلُّقِ حَقِّهِ بِهِ، فَكَأَنَّهُ قَدْ أَحْدَثَهُ فِي مِلْكِهِ، وَكَذَلِكَ الزَّوْجَةُ لِأَنَّهَا قَبْلَ الدُّخُولِ لَمْ يَسْتَقِرَّ لَهَا الْمِلْكُ عَلَى النِّصْفِ لِتَعَرُّضِهِ لِعَوْدِهِ إلَى الزَّوْجِ بِاخْتِيَارِهِ تَارَةً وَبِغَيْرِهِ أُخْرَى، وَفِي انْتِقَالِ مِلْكِ النِّصْفِ إلَيْهَا خِلَافٌ مَشْهُورٌ فَكَذَلِكَ [يَسْتَحِقُّ] الزَّوْجُ تَمَلُّكَهُ.
وَمِنْهَا: الْقَابِضُ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ مِنْ الْمَالِكِ إذَا غَرَسَ وَبَنَى فَلِلْمَالِكِ تَمَلُّكُهُ بِالْقِيمَةِ كَغِرَاسِ الْمُسْتَعِيرِ وَلَا يَقْلَعُ إلَّا مَضْمُونًا بِالِاسْتِنَادِ إلَى الْإِذْنِ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ.
وَمِنْهَا: غَرْسُ الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِالْحَالِ، وَالْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ يَتَمَلَّكُ بِالْقِيمَةِ وَلَا يَقْلَعُ مَجَّانًا نَقَلَهُ عَنْهُ حَرْبٌ وَيَعْقُوبُ بْنُ بُخْتَانَ فِي رَجُلٍ بَاعَ أَرْضًا مِنْ رَجُلٍ فَعَمِلَ فِيهَا وَغَرَسَ ثُمَّ اسْتَحَقَّهَا آخَرُ قَالَ يَرُدُّ عَلَيْهِ قِيمَةَ الْغِرَاسِ أَوْ نَفَقَتَهُ لَيْسَ هَذَا مِثْلَ مَنْ غَرَسَ فِي أَرْضِ غَيْرِهِ، وَكَذَلِكَ نَقَلَ عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَرْبٍ الْجُرْجَانِيُّ عَنْ أَحْمَدَ فِيمَنْ اشْتَرَى أَرْضًا فَغَرَسَ فِيهَا وَعَمِلَ ثُمَّ اسْتَحَقَّهَا آخَرُ أَنَّهُ يَرُدُّ عَلَيْهِ قِيمَةَ الْغِرَاسِ يَوْمَ يَسْتَحِقُّ لَيْسَ هَذَا مِثْلَ الْغِرَاسِ فِي أَرْضِ غَيْرِهِ فَيَقْلَعُ غَرْسَهُ، وَحَمَلَ الْقَاضِي هَذِهِ النُّصُوصَ عَلَى أَنَّ لَهُ الْقِيمَةَ عَلَى مَنْ غَرَّهُ كَمَا فِي الْغُرُورِ بِنِكَاحِ أَمَةٍ، قَالَ فَأَمَّا الْمُسْتَحِقُّ الْأَرْضَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ إذْنٌ فِي ذَلِكَ، وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَدْلُولِ هَذِهِ النُّصُوصِ عَلَى مَا لَا يَخْفَى وَكَوْنُهُ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ إذْنٌ لَا يَنْفِي كَوْنَ الْغِرَاسِ مُحَرَّمًا كَمَا نَقُولُ فِيمَنْ حَمَلَ السَّيْلُ إلَى أَرْضِهِ نَوًى فَنَبَتَ شَجَرًا أَنَّهُ كَغِرَاسِ الْمُسْتَعِيرِ عَلَى أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ لَا يُقْلَعُ مَجَّانًا لِعَدَمِ التَّعَدِّي فِي غَرْسِهِ وَهُوَ اخْتِيَارُهُ أَعْنِي الْقَاضِي، وَأَقَرَّهَا الْبَاقِي فِي مَوْضِعٍ مِنْ خِلَافِهِ رِوَايَةً، وَكَذَلِكَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ، وَلَكِنَّ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى وَالْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ الْمُتَأَخِّرُونَ أَنَّ لِلْمَالِكِ قَلْعَهُ مَجَّانًا وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِالنَّقْصِ عَلَى مَنْ غَرَّهُ وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ وَلَا يَثْبُتُ عَنْ أَحْمَدَ سِوَاهُ، وَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ وَمَالِكٍ وَأَبِي عُبَيْدٍ وَبِهِ قَضَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ رضي الله عنهما، لَكِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ خَيَّرَ صَاحِبَ الْأَرْضِ بَيْنَ أَنْ يُعْطِيَ الْغَارِسَ قِيمَةَ غَرْسِهِ وَبَيْنَ أَنْ يَدْفَعَ الْغَارِسُ إلَيْهِ قِيمَةَ أَرْضِهِ، وَكَذَلِكَ قَضَى عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، لَكِنَّهُ إنَّمَا قَضَى بِدَفْعِ قِيمَةِ الْأَرْضِ إلَى الْمَالِكِ عِنْدَ عَجْزِهِ عَنْ دَفْعِ قِيمَةِ الْغِرَاسِ وَقَدْ ذَكَرَ هَذِهِ الْآثَارَ أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ
فِي كِتَابِ الْأَمْوَالِ، وَالْخَلَّالُ فِي كِتَابِ الْقُرْعَةِ مِنْ الْجَامِعِ
وَمِنْهَا: غِرَاسُ الْغَاصِبِ وَبِنَاؤُهُ وَالْمَشْهُورُ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّ لِلْمَالِكِ قَلْعَهُ مَجَّانًا وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَعَنْهُ رِوَايَةٌ ثَانِيَةٌ لَا يَقْلَعُ بَلْ يَتَمَلَّكُ بِالْقِيمَةِ أَيْضًا وَمِمَّنْ حَكَاهَا الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ فِي كِتَابِ الرِّوَايَتَيْنِ لَهُمَا وَخَرَّجَاهَا فِي خِلَافَيْهِمَا مِنْ مَسْأَلَةِ الصَّبْغِ، وَنَصَّ عَلَيْهَا أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ فِيمَنْ غَصَبَ أَرْضًا أَوْ دَارًا وَبَنَى فِيهَا قَالَ يُعْجِبُنِي أَنْ يَغْرَمَ الْبِنَاءَ وَيُغَطَّى لِأَنَّهُ إنْ أَخَذَ الْغَاصِبُ بِنَاءً أَضَرّ بِرَبِّ الْأَرْضِ فِي الْخَرَابِ وَالْهَدْمِ وَيَكُونُ أَيْضًا ذَهَاب مَالِ الْغَاصِبِ فِي الْآجُرِّ وَالْجِصِّ وَكُلِّ شَيْءٍ وَفِي مَسَائِلِ ابْنِ هَانِئٍ عَنْ أَحْمَدَ فِي رَجُلٍ اكْتَرَى أَرْضًا فَغَرَسَ فِيهَا أَشْجَارًا وَاشْتَرَطَ عَلَيْهِ رَبُّ الْأَرْضِ أَنْ لَا يَغْرِسَ فِيهَا غَيْرَهُ فَغَرَسَ فِيهَا شَجَرًا يَعْنِي غَيْرَ مَا اشْتَرَطَهُ وَأَثْمَرَ الشَّجَرُ وَأَرَادَ أَنْ يَقْلَعَ الْغِرَاسَ قَالَ لَا يَقْلَعُ الشَّجَرَ مِنْ الْأَرْضِ [لِئَلَّا] يَضُرَّ بِهِمَا جَمِيعًا، وَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ فَلَا يَقْلَعُ إلَّا مَضْمُونًا لِغَرْسِ الْمُسْتَعِيرِ كَذَلِكَ حَكَاهَا الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ فَلِذَلِكَ يَمْلِكُ بِالْقِيمَةِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ الْقَلْعُ بِدُونِ ضَرَرٍ.
وَمِنْهَا: إذَا بَنَى الْوَارِثُ فِي الْأَرْضِ الْمُوصَى بِهَا قَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى إنْ كَانَ غَيْرَ عَالَمٍ بِالْوَصِيَّةِ فَهُوَ مُحْتَرِمٌ يَتَمَلَّكُ بِقِيمَتِهِ غَيْرَ مَقْلُوعٍ وَجْهًا وَاحِدًا، وَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِالْوَصِيَّةِ فَكَذَلِكَ وَيَتَوَجَّهُ أَنْ يَقْلَعَ بِنَاءَهُ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ مَا قَبْلَ الْقَبُولِ وَبَعْدَهُ فَإِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِ أَنَّ الْوَصِيَّةَ تُمْلَكُ بِالْمَوْتِ مِنْ غَيْرِ قَبُولٍ فَإِنَّهُ ذَكَرَ أَنَّ مَنْ أَوْصَى لِمَنْ لَا يَعْرِفُ حُمِلَتْ وَصِيَّتُهُ إلَى الْحَاكِمِ لِيُفَرِّقَهَا فِي أَبْوَابِ الْبِرِّ وَنَصَّ أَحْمَدُ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا وَلَكِنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الْوَارِثَ إذَا بَنَى وَهُوَ عَالِمٌ بِالْوَصِيَّةِ أَنَّ بِنَاءَهُ لَا يُقْلَعُ يُشْكِلُ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّهُ يَكُونُ كَبِنَاءِ الْغَاصِبِ، وَأَمَّا غَيْرُ الْعَالِمِ فَبِنَاؤُهُ كَبِنَاءِ الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ عَلَى مَا سَبَقَ، وَالْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ أَنَّ الْبِنَاءَ لِلْوَرَثَةِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِتَمَلُّكِهِ عَلَيْهِمْ وَلَا لِقَلْعِهِ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ مُحْتَرِمٌ وَذَلِكَ يَرْجِعُ إلَى أَنَّ الْمُوصَى لَهُ يَمْلِكُهُ مِنْ حِينِ الْقَبُولِ، أَمَّا إنْ قِيلَ يَمْلِكُهُ بِالْمَوْتِ أَوْ يَتَبَيَّنُ بِقَبُولِهِ مِلْكَهُ بِالْمَوْتِ فَالْبِنَاءُ فِي الْأَرْضِ مَعَ الْعِلْمِ بِالْحَالِ تَفْرِيطٌ وَعُدْوَانٌ.
وَمِنْهَا: مَنْ كَانَ فِي أَرْضِهِ نَخْلَةٌ لِغَيْرِهِ فَلَحِقَ صَاحِبَ الْأَرْضِ ضَرَرٌ بِدُخُولِهِ قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ ذَكَرَ لَهُ الْحَدِيثَ الَّذِي وَرَدَ فِي ذَلِكَ وَأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ صَاحِبَهَا أَنْ يَبِيعَ فَأَبَى فَأَمَرَهُ أَنْ يُنَاقِلَ فَأَبَى فَأَمَرَهُ أَنْ يَهَبَ فَأَبَى «فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أَنْتَ مُضَارٌّ، اذْهَبْ فَاقْلَعْ نَخْلَهُ» قَالَ أَحْمَد كُلَّمَا كَانَ عَلَى هَذِهِ الْجِهَةِ وَفِيهِ ضَرَرٌ يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ فَإِنْ أَجَابَ وَإِلَّا جَبَرَهُ السُّلْطَانُ، وَلَا يَضُرُّ بِأَخِيهِ إذَا كَانَ ذَلِكَ فِيهِ مِرْفَقٌ لَهُ وَالْحَدِيثُ الْمُشَارُ إلَيْهِ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد فِي السُّنَنِ وَأَوْرَدَهُ الْخَلَّالُ فِي الْجَامِعِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ
وَلَا يُقَالُ لَمْ يَأْمُرْهُ بِضَمَانِ النَّقْصِ فَيَكُونُ كَغَرْسِ الْغَاصِبِ فَكَيْفَ يَتَمَلَّكُ لِأَنَّا قَدَّمْنَا الْخِلَافَ فِي غَرْسِ [الْغَاصِبِ] وَأَيْضًا فَالْأَمْرُ بِالْقَلْعِ هُنَا إنَّمَا كَانَ عِنْدَ الْإِصْرَارِ عَلَى الْمُضَارَّةِ وَالِامْتِنَاعِ مِنْ قَبُولِ