الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث التاسع
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قالَتْ: كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يُعْجِبُه التَّيَمُّنُ في تَنَعُّلِهِ وَتَرَجُّلِهِ وطَهُورِهِ، وَفي شَأْنِهِ كلِّهِ (1).
(1) * تَخْرِيج الحَدِيث:
رواه البخاري (166)، كتاب: الوضوء، باب: التيمن في الوضوء والغسل، وهذا لفظه، و (416)، كتاب: أبواب المساجد، باب: التيمن في دخول المسجد وغيره، و (5065)، كتاب: الأطعمة، باب: التيمن في الأكل وغيره، و (5516)، كتاب: اللباس، باب: يبدأ بالنعل اليمنى، و (5582)، كتاب: اللباس، باب: الترجيل والتيمن فيه. ورواه مسلم (268)، (1/ 226)، كتاب: الطهارة، باب: التيمن في الطهور وغيره، وأبو داود (4140)، كتاب: اللباس، باب: في الانتعال، والنسائي (421)، كتاب: الغسل والتيمم، باب: التيمن في الطهور، و (5059)، كتاب: الزينة، باب: التيامن في الترجل، والترمذي (608)، كتاب: أبواب الصلاة، باب: ما يستحب من التيمن في الطهور، وابن ماجه (401)، كتاب: الطهارة، باب: التيمن في الوضوء.
* مصَادر شرح الحَدِيث:
"إكمال المُعلم" للقاضي عياض (2/ 75)، و"المُفهم" للقرطبي (1/ 511)، و"شرح مسلم" للنووي (3/ 161)، و"شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق العيد (1/ 44)، و"فتح الباري" لابن حجر (1/ 269)، و"عمدة القاري" للعيني (3/ 29، 4/ 171)، و"فيض القدير" للمناوي (5/ 207)، و"سبل السلام" للصنعاني (1/ 50)، و"نيل الأوطار" للشوكاني (1/ 212).
(عن عائشة) أُمَّ المؤمنين (رضي الله عنها): أنها (قالت: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يُعجبُه التيمُّنُ)؛ أي: يحبه ويرضاه، وتعني بالتيمن: الابتداء باليمين، قيل: لأنه صلى الله عليه وسلم كان يحب الفأل الحسن؛ إذ أصحاب اليمين أهل الجنة.
زاد البخاري من رواية شعبة: "ما استطاع"، فنبه على المحافظة على ذلك ما لم يمنع مانعٌ.
(في تنعُّلِه)؛ أي: في لبس نعله؛ بأن يبدأ بلبس رجله اليمنى للنعل.
(و) في (ترجُّلِه) وهو ترجيلُ شعره؛ أي: تسريحُه ودهنُه؛ بأن يبدأ بالشق الأيمن من رأسه، وكذا لحيته.
قال في "المشارق": رجَّل شعَره: إذا مشَّطه بماءٍ أو دُهنٍ لِيَلِين، ويرسل الثائر، ويمد المنقبض (1). زاد أبو داود من رواية شعبة:"وسِواكِه"(2).
(و) في (طهوره) بأن يبدأ بغسل يده اليمنى قبل اليسرى، ورجله اليمنى كذلك، في الوضوء، وبالشق الأيمن في الغسل.
والبداءة باليمين من السنة المستحبة، وإن كنا نقول باعتبار الترتيب، إلا أن اليدين كالعضو الواحد، وكذا الرجلين، ومن ثم جُمعا في القرآن حيث قال - تعالى -:{وَأَيْدِيكُمْ} [المائدة: 6]{وَأَرْجُلَكُمْ} [المائدة: 6].
(1) انظر: "مشارق الأنوار" للقاضي عياض (1/ 282)، ونصُّه: رجَّل شعره، ورجَّل رأسه، ويرجل رأسه؛ أي: مشَّطه وأرسله، انتهى. وما ذكره الشارح هو من سياق ابن حجر في "فتح الباري" (1/ 269). وانظر في مادة (رجل):"غريب الحديث" لابن قتيبة (12/ 241)، و"المُغرب" للمطرزي (1/ 323)، و"النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير (2/ 203).
(2)
تقدم تخريجه في حديث الباب.
(وفي شأنه كله)، وفي أكثر الروايات بإسقاط الواو. وفي روايةٍ أبي الوقت بإثباتها.
قال الحافظ ابن حجرٍ: وهي التي اعتمدها صاحب "العمدة"(1)، يعني: المصنف - رحمه الله تعالى -.
قال ابن دقيق العيد. هو عامٌّ مخصوصٌ؛ لأن دخول الخلاء والخروج من المسجد ونحوهما يبدأ فيهما باليسار، انتهى (2).
وتأكيد الشأن بقوله: "كلِّه" يدل على التعميم؛ لأن التأكيد يرفع المجاز، فيمكن أن يقال: حقيقة الشأن ما كان فعلاً مقصوداً، وما يستحب فيه التياسر ليس من الأفعال المقصودة، بل هي إما تروك، وإما غير مقصودةٍ. وهذا كله على تقدير إثبات الواو، وأما على إسقاطها، فقوله:"في شأنه كله" متعلقٌ بـ"يعجبه"، لا بالتيمن؛ أي: يعجبه في شأنه كله التيمن في تنعله إلخ؛ أي: لا يترك ذلك سفراً ولا حضراً، ولا في فراغه ولا شغله. قاله في "الفتح"(3).
وقال الطيبي: قوله "في شأنه" بدل من قوله: "في تنعله"؛ بإعادة العامل، قال: وكأنه ذكر التنعل؛ لتعلقه بالرجل، والترجل؛ لتعلقه بالرأس، والطهور؛ لكونه مفتاح أبواب العبادة، فكأنه نبه على جميع الأعضاء، فيكون كبدل الكل من الكل.
ووقع في رواية مسلمٍ بتقديم قوله: "في شأنه كله" على قوله: "في تنعله إلخ".
(1) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (1/ 269 - 270).
(2)
انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (1/ 44).
(3)
انظر: "فتح الباري" لابن حجر (1/ 270).
وزاد الإسماعيلي من طريق غندر عن شعبة: أن عائشة -أيضاً- كانت تُجمله تارةً، وتبينه تارةً.
قال الحافظ ابنُ حجرٍ: فعلى هذا يكون أصلُ الحديث ما ذُكر من التنعل وغيره، ويؤيده رواية مسلمٍ وابن ماجه، كلاهما عن أشعث بدون قوله:"في شأنه كله"(1)، وكأن الرواية المقتصرة (في شأنه كله) من الرواية بالمعنى (2).
وفي الحديث: استحباب البداءة بشق الرأس الأيمن في الترجل والغسل والحلق، لا يقال: هو من باب الإزالة، فيبدأ فيه بالأيسر، بل من باب العبادة والتزيين، وقد ثبت الابتداء في الشق الأيمن، وفي الحلق -كما سيأتي-.
وفيه: البداءة بالرجل اليمنى في التنعل، وفي إزالتها باليسرى.
وفيه: البداءة باليد اليمنى في الوضوء، وكذا الرِّجل، وبالشق الأيمن في الغسل- كما تقدم -، واستدل به على استحباب الصلاة عن يمين الإمام، وفي ميمنة المسجد، وفي الأكل والشرب باليمين (3).
والحاصل: أن قاعدة الشرع المستمرة: استحباب البداءة في اليمين في كل ما كان من باب التكريم والتزيين، وما كان بضدها استحب فيه التياسر، والله الموفق.
* * *
(1) تقدم تخريجه في حديث الباب.
(2)
انظر: "فتح الباري" لابن حجر (1/ 270).
(3)
المرجع السابق، الموضع نفسه.