المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الحديث الخامس عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، قَالَ: جَاءَ - كشف اللثام شرح عمدة الأحكام - جـ ١

[السفاريني]

فهرس الكتاب

- ‌الفَصْلُ الأَوَّلُفي ترجمة الإمام أحمد

- ‌الفَصْلُ الثَّانيفي ترجمة مؤلّف "العمدة

- ‌[كتاب الطهارة]

- ‌الحديث الثالث

- ‌ باب:

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌باب الاستطابة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌باب السواك

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌باب المسح على الخفين

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌باب المزي وغيره

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌باب الجنابة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌باب التيمم

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌باب الحيض

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌كتاب الصلاة

- ‌باب المواقيت

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

الفصل: ‌ ‌الحديث الخامس عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، قَالَ: جَاءَ

‌الحديث الخامس

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ، فَبَالَ فِي طَائِفَةِ المَسْجدِ، فَزَجَرَهُ النَّاسُ، فَنَهَاهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَلمَّا قَضَى بَوْلَهُ، أَمَرَ النَّبِى صلى الله عليه وسلم بِذَنُوبٍ مِنَ مَاءٍ؛ فأُهْرِيقَ عَلَيْه (1).

(1) * تَخْرِيج الحَدِيث:

رواه البخاري (219)، كتاب: الوضوء، باب: يهريق الماء على البول، وهذا لفظه. ورواه أيضاً:(216)، كتاب: الوضوء، باب: ترك النبي صلى الله عليه وسلم والناس الأعرابي حتى فرغ من بوله في المسجد، و (218)، باب: صب الماء على البول في المسجد، و (5679)، كتاب الأدب، باب: الرفق في الأمر كله. ورواه مسلم (284، 285)، (1/ 236)، كتاب: الطهارة، باب: وجوب غسل البول وغيره من النجاسات، والنسائي (53، 54، 55)، كتاب: الطهارة، باب: ترك التوقيت في الماء، و (329)، كتاب: المياه، باب: التوقيت في الماء، وابن ماجه (528)، كتاب: الطهارة، باب: الأرض التي يصيبها البول كيف تغسل؟.

* مصَادر شرح الحَدِيث:

"الاستذكار" لابن عبد البر (1/ 358)، و"المنتقى" لأبي الوليد الباجي (1/ 462)، و"إكمال المعلم" للقاضي عياض (2/ 107)، و"المفهم" للقرطبي (1/ 543)، و"شرح مسلم" للنووي (3/ 190)، و"شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (1/ 82)، و"النكت على العمدة" للزركشي (ص: 43)، و"فتح الباري" لابن حجر (1/ 323)، و"عمدة القاري" للعيني (3/ 124)، و"سبل السلام" للصنعاني (1/ 24)، و"نيل الأوطار" للشوكاني (1/ 53).

ص: 320

(عن) خادمِ رسول الله صلى الله عليه وسلم (أنسِ بنِ مالك) الأنصاريِّ (رضي الله عنه قال: جاء أعرابي) منسوب إلى الأعراب، وهم سكان البوادي، ووقعت النسبة إلى الجمع دون الواحد، قيل: لأنه أُجري مجرى القبيلة، كأنمار.

وقيل: لأنه لو نسب إلى الواحد، وهو عرب، لقيل: عَرَبي، فيشتبه المعنى، فإن العربيَّ كلُّ من هو من ولد إسماعيل عليه السلام، سواءٌ كان ساكناً بالبادية أو القرى. قاله ابن دقيق العيد (1).

واعترض عليه: بأن ظاهر كلام الجوهري (2) وغيره: أن الأعراب ليس بجمع عرب، وأن أعراب لا واحد له من لفظه، كما في "البرماوي".

وفي "القاموس": العُرب -بالضم-، و-بالتحريك-: خلاف العجم، وهم سكان الأمصار، أو عامّ، والأعراب منهم سكانُ البادية لا واحد له، ويجمع على أعاريب، انتهى (3).

وفي لفظٍ في "الصحيحين": أن أعرابياً.

وفي آخر: بينا نحن في المسجد، إذ جاء أعرابي، (فبال في طائفة المسجد)؛ أي: ناحيةٍ منه، وطائفةُ الشيء: القطعةُ منه.

وفي لفظٍ لهما: أن أعرابياً بال في المسجد.

وفي لفظٍ آخر: أن أعرابياً قام إلى ناحية في المسجد فبال فيها (4).

(فزجره)؛ أي: نهاه (الناس).

(1) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (1/ 82).

(2)

انظر: "الصحاح" للجوهري (1/ 178)، (مادة: عرب).

(3)

انظر: "القاموس المحيط" للفيروزأبادي (ص: 145)، (مادة: عرب).

(4)

تقدم تخريج هذه الروايات في حديث الباب.

ص: 321

قال في "المطالع": الزجر: النهيُ حيث وقع (1).

وفي رواية لهما: فصاح به الناس.

وفي أخرى: فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: مَهْ مَهْ. أي: اكفُفْ اكفُفْ.

وفي لفظ للبخاري: فتناوله الناس (2)، (فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم) عن زجره والصياح به.

وفي حديث أنس كما هو عندهما في رواية: فقام إليه بعض القوم، فقال رسول صلى الله عليه وسلم:"دعوه، لا تُزْرِمُوه"(3)، أي: لا تقطعوا عليه بوله.

وفيه: المبادرة إلى إنكار المنكر عند من يعتقده منكراً، وتنزيهُ المسجد عن النجاسات وسائر القاذورات.

وإنما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن زجره؛ لأنه إذا قطع عليه البول، أدى إلى ضرر جسده، والمفسدة التي حصلت ببوله قد وقعت، فلا يُضم إليها مفسدةٌ أخرى، وهي ضررُ بنيته، وربما إذا زُجر مع ما ظهر منه من الجهل، يتنجس ببوله مكانٌ آخر، بل أمكنةٌ من المسجد بترشيش البول؛ لقلة فقهه ومبالاته بما يصدر منه من الجفاء، وعدم اكتراثه بآداب الشرع وحرمة المسجد، فكان الصواب ما شرعه صلى الله عليه وسلم، وأرشد إليه من عدم زجره،؛ بأن يُترك حتى يفرغ من بوله؛ فإن الرشاش لا ينتشر، مع ما في هذا من الإبانة عن جميل أخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعظيم رحمته، ولطفه، ورفقة بالجاهل الجافي.

فلما نهاهم صلى الله عليه وسلم عن زجره، انكفُّوا وانتهَوْا عن ذلك؛ امتثالاً له صلى الله عليه وسلم، واستمر الأعرابي على حاله.

(1) وانظر: "مشارق الأنوار" للقاضي عياض (1/ 309).

(2)

تقدم تخريج هذه الروايات في حديث الباب.

(3)

تقدم تخريجها.

ص: 322

(فلما قضى) الأعرابي (بولَه) وفرغ منه، (أمر النبيُّ صلى الله عليه وسلم)؛ أي: أمر بعضَ من حضر من القوم.

فأُتي (بذنوب) -بفتح الذال المعجمة-: الدلو الكبيرة إذا كانت ملأى، أو قريباً من ذلك، ولا يسمى ذنوباً إلا إذا كان فيها ماء (1)، فلذا قال:(من ماء).

وفي رواية: فلما فرغ، دعا بدلو من ماء.

(فأُهريق) بالبناء للمجهول؛ أي: صُبَّ (عليه).

وفي لفظٍ: "فصبه عليه". وفي آخر: "فصب على بوله". وفي رواية: "فأمر رجلاً من القوم، فجاء بدلوٍ من ماءٍ فشَنَّهُ"(2)؛ أي: صبه وفَرَّقه عليه. وأصل "أهريق": أُريق، فأبدلت الهمزة هاءً.

يقال: هَراقَ يهريقُ وأَهْرقتُ الماءَ فأنا أُهْريقُه -بسكون الهاء فيهما- بمعنى: صبه وأفرغه، كما في "المطالع"(3).

وفي "القاموس": هَراقَ الماء يهَريقه -بفتح الهاء- هِرَاقةً -بالكسر-، وأَهْرَقَه يُهْرِيقه إِهْراقاً، وأَهْراقه يُهْريقه اهرِياقاً، فهو مُهَرِيقٌ، وذاك مُهَراقٌ ومُهْراقٌ: صَبَّه، وأصله: أراقه يريقه إراقةً، وأصل أراق: أَرْيَقَ، انتهى مختصراً (4).

وفي الحديث دليل على تطهير الأرض النجسة بالمكاثرة بالماء، وهو المسوق له.

(1) انظر: "الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي" للأزهري (ص: 178).

(2)

تقدم تخريج هذه الروايات في حديث الباب.

(3)

وانظر: "مشارق الأنوار" للقاضي عياض (1/ 27).

(4)

انظر: "القاموس المحيط" للفيروزأبادي (ص: 1200)، (مادة: هرق).

ص: 323

قال علماؤنا: إذا تنجست الأرض، فعُمَّت بالماء مرةً، ولم يبق للنجاسة عينٌ، أو لا أثر من لون أو ريحٍ إن لم يعجز عن إزالتهما أو إزالة أحدهما، فإن عجز، أو كان مما لم يُزل إلا بمشقة، ألغي كما في "المبدع"، وطهر، ولو لم ينفصل الماء الذي غسلت به عين النجاسة؛ لظاهر الخبر؛ فإنه لم يأمر بإزالة الماء عنها. نعم، يضرُّ بقاء الطعم؛ لدلالته على بقاء العين، ولسهولة إزالته، فلا يحكم بطهارة المحل مع بقاء أجزاء النجاسة (1).

قال في "شرح الوجيز"؛ كغيره: إذا تنجست الأرض، لا يعتبر فيها العدد، روايةً واحدةً، كما في "شرح الهداية"(2)، وُلوغاً كانَ أو غيرَه، نص عليه، وكذلك الأحواض المبنية، والأجرنة، نصَّ عليه، خلافاً لأبي حنيفة، والشافعي في إيجابهما التسبيعَ من نجاسة الكلب والخنزير، وعند أبي حنيفة: ثلاثاً من الكل.

وهذا الذي ذكرناه عن علمائنا هو المذهب؛ لهذا الحديث؛ ولأن الأرض مَصَبُّ الأنجاس، ومطارحُ الأقذار، فتعظُم المشقُّة فيها بالعدد، ولاسيما الأحواض والأجرنة، وما لا مصرف للغسالة النجسة بقربه؛ لأنا لو اعتبرنا العدد، فما قبل الأخيرة يكون نجساً، فتتفاقم المشقة بانتشار النجاسة، ولا جرم قلنا: تطهر بالمرة الواحدة، ويكون المنفصلُ طاهراً؛ بخلاف المنقولات، فإن نقلها وغسلَها عند الحفائر ومصارف الغسالات ممكنٌ، فلا تعظُم المشقةُ فيها بالعدد، انتهى ملخصاً.

(1) انظر: "المبدع" لابن مفلح (1/ 329).

(2)

تقدم التعريف بـ: "شرح الهداية" للمجد ابن تيمية رحمه الله.

ص: 324

تنبيهان:

الأول: اختلفوا في الأعرابي الذي بال في طائفة المسجد:

فقيل: إنه عُيينة بن حِصْن الفزاريُّ، وكان من الجُفاةِ المؤلَّفَةِ قلوبُهم، واسمُه حذيفة، وعُيينة لقبٌ له، ومنهم من أنكر هذا التفسير، وقال: لم يأت ذلك في طريق، وقد جزم بكونه ابنَ عيينة ابنُ فارس (1).

وقال بعضهم: يُحتمل أن يكون هذا الأعرابي ذَا الخُوَيْصِرة، فقد روى أبو موسى [المديني في "الصحابة"](2)، من حديث سليمان بن يسار، قال: اطلع ذو الخُويصرة اليماني - وكان رجلاً جافياً - على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وساق الحديث، وفي آخره: أنه بال في المسجد، وأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بسَجْلٍ من ماء، فصبه على مَباله، وهو حديث مرسلٌ؛ لأن سليمان بن يسار تابعي (3).

قال الحافظ الذهبي في "تجريده" في ترجمة ذي الخويصرة اليماني: فروي في حديثٍ مرسلٍ أنه هو الذي بال في المسجد (4).

الثاني: فإن قلت: لِمَ لَمْ يرشدِ النبيُّ صلى الله عليه وسلم الأعرابي عن العود لمثل فعله؟ فالجواب: أنه لما رأى من إنكار الصحابة عليه ما رأى، علم أنه قد تعدَّى وأخطأ، ثم إنه قد روى مسلم من حديث أنس رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاه، فقال: "إن هذه المساجدَ لا تصلُح لشيءٍ من هذا البول

(1) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (1/ 324).

(2)

في الأصل: "أبو موسى الأصبهاني في "المعرفة"، والتصويب من "الفتح" لابن حجر.

(3)

كما أن في إسناده مبهماً بين محمد بن إسحاق وبين محمد بن عمرو بن عطاء، كما ذكر الحافظ ابن حجر في "فتح الباري"(1/ 323).

(4)

انظر: "تجريد أسماء الصحابة" للذهبي (1/ 169).

ص: 325

ولا القذر، وإنما هي لذكرِ الله والصلاةِ وقراءةِ القرآن" (1)، أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وروى أصله البخاري أيضاً، إلا أنه لم يخرج قوله صلى الله عليه وسلم: في المساجد، كما نبه عليه الحافظ عبد الحق (2)، والله أعلم.

* * *

(1) وتقدم تخريجه في حديث الباب، برقم (285) عنده.

(2)

انظر: "الجمع بين الصحيحين" للإشبيلي (1/ 223)، حديث رقم (384).

ص: 326