المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الحديث الثالث عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما، قَالَ: - كشف اللثام شرح عمدة الأحكام - جـ ١

[السفاريني]

فهرس الكتاب

- ‌الفَصْلُ الأَوَّلُفي ترجمة الإمام أحمد

- ‌الفَصْلُ الثَّانيفي ترجمة مؤلّف "العمدة

- ‌[كتاب الطهارة]

- ‌الحديث الثالث

- ‌ باب:

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌باب الاستطابة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌باب السواك

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌باب المسح على الخفين

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌باب المزي وغيره

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌باب الجنابة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌باب التيمم

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌باب الحيض

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌كتاب الصلاة

- ‌باب المواقيت

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

الفصل: ‌ ‌الحديث الثالث عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما، قَالَ:

‌الحديث الثالث

عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي الظُّهْرَ بالهَاجِرَةِ، والعَصْرَ والشَّمْسُ نَقِيَّةٌ، والمَغْرِبَ إِذَا وَجَبَتْ، والْعِشَاءَ أَحْيانًا وَأَحْيَانًا؛ إذَا رَآهُمُ اجْتَمَعُوا؛ عَجَّلَ، وَإِذا رَآهُمْ أَبْطَؤُوا، أَخَّرَ، والصُّبْحُ كانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّيهَا بِغَلَسٍ (1).

* * *

(عن جابر بن عبد الله) الأنصاريِّ (رضي الله عنهما، قال: كان

(1) * تَخْرِيج الحَدِيث:

رواه البخاري (535)، كتاب: مواقيت الصلاة، باب: وقت المغرب، و (540)، باب: وقت العشاء إذا اجتمع الناس أو تأخروا، ومسلم (646)، (1/ 446 - 447)، كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: استحباب التبكير بالصبح في أول وقتها، وأبو داود (397)، كتاب: الصلاة، باب: في وقت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، وكيف كان يصليها، والنسائي (527)، كتاب: المواقيت، باب: تعجيل العشاء.

* مصَادر شرح الحَدِيث:

"معالم السنن" للخطابي (1/ 127)، و"إكمال المعلم" للقاضي عياض (2/ 611)، و"المفهم" للقرطبىِ (2/ 270)، و"شرح مسلم" للنووي (5/ 145)، و"شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (1/ 134)، و"العدة في شرح العمدة" لابن العطار (1/ 290)، و"فتح الباري" لابن رجب (3/ 160)، و"فتح الباري" لابن حجر (2/ 41)، و"عمدة القاري" للعيني (5/ 56)، و"نيل الأوطار" للشوكاني (1/ 414).

ص: 553

النبيُّ صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر بالهاجرة)، وهي شده الحر في نصف النهار. والمراد: أنه كان يصليها في أول وقتها.

فإن قيل: هذا يعارض الحديثَ الآخر: "إذا اشتدَّ الحرُّ، فأبردوا"(1)؛ لأن صيغة: (كان يفعل) تُشعر بالكثرة والدوام عرفاَّ؟

فالجواب: يمكن الجمعُ بينهما: بأن يكون أطلق اسم الهاجرة على الوقت الذي بعد الزوال مطلقًا؛ فإنه قد يكون فيه الهاجرة في وقتٍ، فيطلق على الوقت مطلقًا بطريق الملازمة، وإن لم يكن وقت الصلاة في حر شديدٍ.

وقد نقل عن صاحب "العين": أن الهجير والهاجرة: نصف النهار (2).

وفي "القاموس": والهَجيرُ، [و] الهجيرة، والهجر، [و] الهاجرة: نصفُ النهار عند زوال الشمس مع الظهر، أو: من عند زوالها إلى العصر؛ لأنَّ الناس يستكنُّون في بيوتهم كأنهم قد تهاجروا، وشدَّةُ الحر، انتهى (3).

فظهر: أن ما بعد الزوال يسمى هاجرةً مطلقًا، والإبراد مقيدةٌ بحال شدة الحر، فإن وجدت شروط الإبراد، أبرد، وإلا، عجل (4).

قال الإمام ابن مفلح: ويُستحب تعجيلُها؛ بأن يتأهب لها بدخول الوقت، وذكر الأَزجيُّ قولًا:[لا] يتطهر قبلَه إلا مع حَرّ؛ وفاقًا لأبي حنيفة، ومالك.

(1) رواه البخاري (512)، كتاب: مواقيت الصلاة، باب: الإبراد بالظهر في شدة الحر، ومسلم (615)، كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: استحباب الإبراد بالظهر في شدة الحر، عن أبي هريرة رضي الله عنه.

(2)

انظر: "العين" للخليل (3/ 387).

(3)

انظر: "القاموس المحيط" للفيروزأبادي (ص: 638)(مادة: هجر).

(4)

انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (1/ 134 - 135).

ص: 554

وقيل: لقاصدِ جماعةٍ.

قال جماعةٌ: ليمشي في الفيء، وقيل: في بلدٍ حارٍّ، وفاقًا للشافعي.

وفي "الواضح": لا بِمَسْجِدِ سوقٍ.

ولا تؤخر هي والمغرب [لِغَيمٍ] في رواية؛ وفاقًا لمالك، والشافعي، وعنه: بلى؛ وفاقًا لأبي حنيفة، فلو صلى وحده، فوجهان (1).

قلت: الذي استقر عليه المذهب: استحبابُ الإبراد، ولو صلَّى وحده، والتأخير في غيمٍ لمن يصلي في جماعةٍ إلى قرب وقت الثانية في غير صلاة جمعةٍ، فيستحب تعجيلها في كل حالٍ بعد الزوال.

نعم، يستحب تأخيرُ ظهرٍ لمن لم تجبْ عليه الجمعةُ إلى ما بعدَ صلاتها، ولمن يرمي الجمراتِ حتى يرميَها، والله أعلم (2).

(والعصرَ)؛ أي: وكان صلى الله عليه وسلم يصلي العصر (والشمس نقية)؛ أي: حَيَّة لم يغشَها الاصفرارُ بعد.

وفيه دليلٌ على تعجيلها؛ خلافًا لأبي حنيفة، حيث جعل وقتها بعد القامتين (3).

وفي "الصحيحين": كان يصلي الظهرَ حين تزول الشمس، والعصرَ يذهب الرجل إلى أقصى المدينة والشمسُ حية.

ولفظ البخاري: يذهب إلى أقصى المدينة ويرجعُ والشمسُ حية (4).

(1) انظر: "الفروع" لابن مفلح (1/ 260).

(2)

انظر: "المبدع" لابن مفلح (1/ 339 - 340).

(3)

انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (1/ 135).

(4)

رواه البخاري (516)، كتاب: مواقيت الصلاة، باب: و "الظهر عند الزوال، =

ص: 555

قال ابن المنير. المرادُ بحياتها: قوةُ أثرها حرارةً ولونًا وشعاعًا وإنارة، وذلك لا يكون بعد مصير الظل مثلي الشيء، انتهى (1).

وفي "سنن أبي داود" بإسناد صحيح: عن خيثمة أحدِ التابعين، قال: حياتُها أن تجدَ حَرَّها (2).

فمتى صار ظلُّ الشيء مثلَه سوى ظل الزوال، دخل وقت العصر، ويستمرُّ وقتُ الاختيار إلى أن يصير ظل الشيء مثليه سوى ظل الزوال.

وعنه: حتى تصفر الشمس، اختاره جماعة.

قال في "الفروع": وهي أظهر؛ خلافًا للشافعي، والمذهبُ: الأولُ.

وما بعد ذلك وقتُ ضرورة إلى غروبها، وتعجيلُها أفضلُ بكل حال؛ وفاقًا لمالك، والشافعي.

وقال القاضي أبو يعلى: وقتُ الظهر على مذهب الإمام أحمد مثلُ وقت العصر؛ لأنه لا خلاف بين العلماء أن من الزوال إلى أن يصير ظل كل شيء مثله ربعَ النهار، ويبقى الربع إلى الغروب.

فقال له الخصم: طَرَفُ الشيء ما يقرب من نهايته؟ فقال: الطَّرَفُ ما زاد عن النصف، وهذا مشهور في اللغة، ثم بيَّن صحته بتفسير الآيتين (3).

= ومسلم (647)، كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: استحباب التبكير بالصبح في أول وقتها، عن أبي برزة رضي الله عنه.

(1)

انظر: "فتح الباري" لابن حجر (2/ 27).

(2)

رواه أبو داود (405)، كتاب: الصلاة، باب: في وقت صلاة العصر.

(3)

انظر: "الفروع" لابن مفلح (1/ 261 - 262). قال ابن قندس في "حاشيته على الفروع"(1/ 430): يحتمل أنه أراد بالآيتين قوله تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ} [هود: 114]، وقوله تعالى:{أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [الإسراء: 78].

ص: 556

(و) كان صلى الله عليه وسلم يصلي (المغرب)، وهو في الأصل: مصدرُ غَرَبَتِ الشمسُ غُروبًا ومَغْرِبًا، ثم سميت الصلاة مغربًا، أو على حذف مضاف؛ أي: صلاة المغرب (1)(إذا وجبت)؛ أي: غابت.

وأصل الوجوب: السقوطُ (2)، والمراد: سقوطُ قرص الشمس؛ بأن يغيب حاجبُها الفوقاني، وفاعل وجبت مستتر، وهو الشمس.

وفي رواية أبي داود، عن مسلم بن إبراهيم: والمغربَ إذا غربت الشمسُ (3).

ولأبي عوانة، من طريق أبي النضر عن شعبة: والمغربَ حين تجبُ الشمس (4)؛ أي: تسقط.

وفيه دليلٌ: أن سقوط قرص الشمس يدخل به وقتُ المغرب، ولا يخفى أن محلَّه ما إذا كان لا يحول بين رؤيتها غاربةً وبين الرائي حائلٌ (5).

ويستدل على غروبها بطلوع الليل من المشرق. وقد قال صلى الله عليه وسلم: "إذا غَرَبَتِ الشمسُ من هاهنا، وطلعَ الليلُ من هاهنا، فقد أفطرَ الصائمُ"(6).

(1) انظر: "المطلع على أبواب المقنع" لابن أبي الفتح (ص: 57).

(2)

انظر: "غريب الحديث" لابن قتيبة (1/ 567)، و"النهاية فىِ غريب الحديث" لابن الأثير (5/ 153).

(3)

تقدم تخريجه في حديث الباب.

(4)

رواه أبو عوانة في "مسنده"(1/ 367 - 368)، من طريق أبي داود.

(5)

انظر: "فتح الباري" لابن حجر (2/ 42).

(6)

رواه البخاري (1853)، كتاب: الصوم، باب: متى يحل فطر الصائم؟ ومسلم (1100)، كتاب: الصيام، باب: بيان وقت انقضاء الصوم وخروج النهار، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

ص: 557

وإن لم يكن ثم حائل: فقال بعض أصحاب مالك: إن الوقت يدخل بغيبوبة الشمس وشعاعِها المستولي عليها.

وقد استمر العملُ بصلاة المغرب عقبَ الغروب، وأخذ منه: أن وقتها واحد (1).

(و) كان صلى الله عليه وسلم يصلي (العشاء).

قال الجوهري: العَشيُّ والعَشِيَّةُ: من صلاة المغرب إلى العَتَمة، والعشاء -بالمد والكسر- مثلُه.

وزعم قومٌ أن العشاء من زوال الشمس إلى طلوع الفجر، والعشاءان: المغرب والعتمة، انتهى (2).

قال في "المطلع": فكأنها سميت باسم الوقت الذي تقع فيه، كما ذكر في غيرها (3).

وقال الأزهري: والعشاء: هي التي كانت العرب تسميها العتمةَ، فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك؛ يعني في قوله صلى الله عليه وسلم -كما في حديث ابن عمر- رضي الله عنهما عند مسلم:"لا تَغْلِبَنَكمُ الأَعْرابُ على اسمِ صلاتِكم، ألا إِنها العشاءُ، وهم يُعْتِمونَ بالإِبِلِ"(4).

وفي لفظٍ: "فإنها في كتاب الله العِشاءُ"(5).

(1) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (1/ 135).

(2)

انظر: "الصحاح" للجوهري (6/ 2426)، (مادة: عشا).

(3)

انظر: "المطلع على أبواب المقنع" لابن أبي الفتح (ص: 57 - 58).

(4)

رواه مسلم (644)، كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: وقت العشاء وتأخيرها.

(5)

انظر: "صحيح مسلم"(644)، (1/ 445).

ص: 558

ولم يخرج البخاري في هذا شيئًا، وإنما أخرج:"لا تغلبنكم الأعرابُ على اسمِ صلاتِكم المغربِ"، قال:"وتقول الأعراب: هي العشاء"(1).

قال الأزهري: وإنما سَمَّوها عتمةً باسم عتمة الليل، وهي ظلمةُ أوله، وإعتامُهم بالإبل: إذا راحت عليهم النَّعَمُ بعد المساء، أناخوها، ولم يحلبوها حتى يُعتموا؛ أي: يدخلوا في عتمة الليل، وهي ظلمته، وكانوا يسمُّون تلكَ الحلبة: عتمةً باسم عتمةِ الليل. ثم قالوا: لصلاة العشاء: العتمة، لأنها تؤدَّى في ذلك الوقت. يقال: أعتم الليل، وعَتَمَ لغةٌ (2).

ولا يُكره تسمية العشاء بالعتمة على المعتمد؛ لما ثبت في عدة أحاديث تسميتُها بذلك.

(أحيانًا وأحيانًا)، ولمسلم: أحيانًا يؤخرها، وأحيانًا يعجِّل (3).

كان صلى الله عليه وسلم (إذا رآهم)؛ أي: الصحابةَ رضي الله عنهم قد (اجتمعوا، عَجَّل) بالصلاة (وإذا رآهم) صلى الله عليه وسلم (أبطؤوا) عن الاجتماع، (أخَّر) الصلاةَ بمن حضر منتظرًا اجتماعَهم.

وفي رواية للبخاري، من رواية مسلم بن إبراهيم، عن شعبة: إذا كثر الناسُ، عَجَّلَ، وإذا قَلُّوا أَخَّر (4). ونحوه لأبي عوانة (5).

(1) رواه البخاري (538)، كتاب: مواقيت الصلاة، باب: من كره أن يقال للمغرب: العشاء، عن عبد الله المزني رضي الله عنه.

(2)

انظر: "تهذيب اللغة " للأزهري (2/ 288)، (مادة: عتم).

(3)

تقدم تخريجه عند مسلم برقم (646)، (1/ 446).

(4)

تقدم تخريجه عند البخاري برقم (540).

(5)

رواه أبو عوانة في "مسنده"(1/ 367) بلفظ: "إن رأى في الناس قلة، أخَّر، وإن رأى فيهم كثرة، عجَّل".

ص: 559

والأحيان: جمعُ حِين، وهو اسمٌ مبهَمٌ يقع على قليل الزمان وكثيرِه، على المشهور (1).

(والصبحُ: كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يصلِّيها بغلَس) -بفتح اللام-: ظلمة آخر الليل، كما مر.

* * *

(1) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (2/ 42).

ص: 560