الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الرابع
عَنْ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قالت:"أُتِيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِصبِيٍّ، فَبَالَ عَلَى ثَوْبِهِ، فَدَعَا بِمَاءٍ، فَأَتْبَعَهُ إِيَّاهُ"(1).
وَلِمُسْلِمٍ: "فَأَتْبَعَهُ بَوْلَهُ، وَلَمْ يَغْسِلْه"(2).
(1) * تَخْرِيج الحَدِيث:
رواه البخاري (220)، كتاب: الوضوء، باب: بول الصبيان، وهذا سياقه، و (5151)، كتاب: العقيقة، باب: تسمية المولود غداة يولد لمن لم يعق عنه، وتحنيكه، و (5656)، كتاب: الأدب، باب: وضع الصبي في الحجر، و (5994)، كتاب: الدعوات، باب: الدعاء للصبيان بالبركة، ومسح رؤوسهم، والنسائي (303)، كتاب: الطهارة، باب: بول الصبي الذي لم يأكل الطعام، وابن ماجه (523)، كتاب: الطهارة، باب: ما جاء في بول الصبي الذي لم يطعم.
(2)
رواه مسلم (286)، (1/ 237)، كتاب: الطهارة، باب: حكم بول الطفل الرضيع، وكيفية غسله.
* مصَادر شرح الحَدِيث:
"الاستذكار" لابن عبد البر (1/ 355)، و"المنتقى شرح الموطأ" لأبي الوليد الباجي (1/ 460)، و"إكمال المعلم" للقاضي عياض (2/ 111)، و"المفهم" للقرطبي (1/ 546)، و"شرح مسلم" للنووي (3/ 193)، و"شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (1/ 80)، و"فتح الباري" لابن حجر (1/ 325)، و"عمدة القاري" للعيني (3/ 129)، و"نيل الأوطار" للشوكاني (1/ 55).
(عن أم المؤمنين عائشةَ) الصديقة (رضي الله عنها، قالت: أُتي) بالبناء للمجهول (رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بصبي).
قال البرماوي: يحتمل أن يكون المراد به: ابنَ أم قيس المذكورَ آنفاً، ويحتمل أن يكون المرادُ به في حديث عائشة هذا: عبدَ الله بنَ الزبير رضي الله عنه "لحديثها في "البخاري"، وغيره: أنه أُتي بابن الزبير إلى النبي صلى الله عليه وسلم بقباء ليُحَنِّكَهُ بتمرٍ وماء، فكان أولَ شيءٍ دخل جوفه ريقُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم (1).
وفي رواية الدارقطني: بال ابنُ الزبير على النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فأخذته أخذاً عنيفاً، فقال:"إنه لم يأكل الطعام، فلا [يضرُّ بوله] (2) ".
وفي رواية: " [لم] يطعم الطعام، فلا يُقذر بوله"(3).
ويحتمل أن يكون الحسنَ؛ لحديث أم الفضل في "الطبراني": أنها أتت النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله! رأيتُ في المنام كأنَّ بَضْعَةً من جسدك قُطعت، فوُضعت في حِجْري، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"خيراً رأيت، تلدُ فاطمةُ - إن شاء الله - غلاماً، فيكون في حجرك"، فولدت حسناً، فكان في حجرها، فدخلت به إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فبال عليه، فذهبتُ أتناوله، فقال:"دعي ابني؛ إنه ليس بنجس"، ثم دعا بماء، فصب عليه (4).
(1) رواه البخاري (5152)، كتاب: العقيقة، باب: تسمية المولود غداة يولد لمن لم يعق عنه، وتحنيكه، ومسلم (2146)، كتاب: الآداب، باب: استحباب تحنيك المولود عند ولادته، لكن عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها.
(2)
في الأصل: "تضربوه"، والتصويب من "سنن الدارقطني".
(3)
رواهما الدارقطني في "سننه"(1/ 129)، عن عائشة رضي الله عنها.
(4)
رواه الطبراني في "المعجم الكبير"(25/ 27). ورواه أيضاً: ابن ماجه (3923)، =
قال: وقد ذكر الاحتمالين الأخيرين الحافظ قطب الدين عبد الكريم الحلبي، انتهى.
قلت: الذي رواه الإمام أحمد، وأبو داود، والحاكم، وصححه من حديث أم الفضل لُبابةَ بنتِ الحارث، قالت: بال الحسينُ بنُ عليٍّ في حِجْر النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله! أعطني ثوبك والبسْ ثوباً غيرَه حتى أغسلَه، فقال:"إنما يُنْضَحُ من بولِ الذَّكَر، ويُغْسَلُ من بولِ الأنثى"(1).
وفي "صحيح الحاكم" عن أبي السَّمْح، قال: كنت جالساً عند النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فجيء بالحسن، أو الحسين، فبال على صدره، فأرادوا أن يغسلوه، فقال:"رُشُّوه رَشّاً؛ فإنه يُغْسَلُ بولُ الجاريةِ، ويُرَشُّ بولُ الغلام"، قال الحاكم: صحيحٌ. ورواه أهل السنن (2).
(فبال). . . (3) يختلفان في حكم طهارة البول. كذا قال.
= كتاب: تعبير الرؤيا، باب: تعبير الرؤيا، والإمام أحمد في "المسند"(6/ 329)، وغيرهما.
(1)
رواه أبو داود (375)، كتاب: الطهارة، باب: بول الصبي يصيب الثوب، والإمام أحمد في "المسند"(6/ 339)، والحاكم في "المستدرك"(588).
(2)
رواه الحاكم في "المستدرك"(589). ورواه أبو داود (376)، كتاب: الطهارة، باب: بول الصبي يصيب الثوب، والنسائي (304)، كتاب: الطهارة، باب: بول الجارية، وابن ماجه (526)، كتاب: الطهارة، باب: ما جاء في بول الصبي الذي لم يطعم.
(3)
هنا سقط واضح في الأصل المخطوط بالظاهرية بمقدار ورقة واحدة فقط، والكلام الآتي هو من تتمة الكلام السابق في الحديث عن التفرقة في غسل بول الأنثى، ونضح بول الذكر.
واقتصر ابن دقيق العيد على ما قيل: إن النفوس أعلقُ بالذكور منها بالإناث، فيكثر حملُ الذكور، فيناسب التخفيف بالاكتفاء بالنضح؛ دفعاً للعسر والحرج؛ بخلاف الإناث؛ فإن هذا المعنى قليلٌ فيهن، فيجري على القياس في غسل النجاسة.
قال: وقد ذكروا في التفرقة بينهما وجوهاً، منها ما هو ركيكٌ جداً لا يستحق أن يذكر (1)، انتهى.
قلت: من تلك الوجوه الركيكة: قول بعضهم: إن الغلام أصلُه من الماء والتراب، والجارية من اللحم والدم. مع أنه أفاده ابن ماجه في "سننه"(2)، وهو غريبٌ.
والمعنى في ذلك: أن آدم خلق من الماء والتراب، وحواء خلقت من اللحم والدم.
ورضي الله عن الإمام الشافعي حيث قال: لم يتبين لي فرقٌ من السنة بينهما (3)،انتهى.
الثاني: حكم قيء الغلام الذي لم يأكل الطعام بشهوةٍ حكمُ بوله في الاكتفاء بنضحه، وهو غمرُه بالماء مرةً، وإن لم ينفصل الماء عن المحلِّ؛ لأن قيئه أخف من بوله، فيكتفى بنضحه بطريق الأولى، كما جزم به فقهاؤنا - رحمهم الله تعالى -.
(1) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (1/ 81 - 82).
(2)
وهو ما ساقه في "سننه"(1/ 174) بإسناده عن الإمام الشافعي: أنه سئل عن حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "يرش من بول الغلام، ويغسل من بول الجارية"، فقال: لأن بول الغلام من الماء والطين، وبول الجارية من اللحم والدم.
(3)
انظر: "السنن الكبرى" للبيهتقي (2/ 416).
الثالث: قال في "تحفة المودود": لا يبطل حكمُ النضح بتلفيق الغسل والشراب والتحنيك ونحوه إلا بتعطلِ الرخصة؛ فإنه لا يخلو من ذلك مولودٌ غالباً، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كان من عادته تحنيك الأطفال بالتمر عند ولادتهم، وإنما يزول حكم النضح إذا أكل الطعام وأراده واشتهاه تغذياً به (1)، وهو معنى قول علمائنا: لم يأكل الطعام بشهوة.
الرابع: تقدم أن معنى النضح: أن يغمره بالماء؛ كما قال في "الهداية": معنى النضح: أن تغرقه بالماء، وإن لم ينزل عنه.
وفي "شرح العمدة" لخاتمة محققي المذهب العلامة الشيخ عثمان النجدي: غمرُ البول: سترُه بالماء، وإن لم ينفصل الماء عن محله.
قال: والمراد: أنه يطهر بغسلة واحدة، ولا يحتاج إلى مَرْسٍ ولا عَصْرٍ (2)، انتهى.
وهكذا قال سائر محققي المذهب.
قال ابن القيم: قال الأصحاب وغيرهم: النضح: أن يغرقه بالماء وإن لم يزل عنه.
قال: وليس هذا بشرط، بل النضحُ: الرشُّ؛ كما صرح به في اللفظ الآخر، بحيث يُكاثَرُ البول بالماء (3).
قلت: وهو في التحقيق يرجع إلى ما قالوا.
(1) انظر: "تحفة المودود بأحكام المولود" لابن القيم (ص: 217).
(2)
انظر: "هداية الراغب شرح عمدة الطالب" لعثمان النجدي (1/ 138).
(3)
انظر: "تحفة المودود" لابن القيم (ص: 215 - 216).
وفسر بعض الشافعية النضحَ والرشَّ المذكور في الحديث: أن يغلب عليه من الماء ما يغلبه؛ بحيث لو كان بدل البول في الثوب نجاسة أخرى، وعصر الثوب، كان يحكم بطهارته، وهو بمعنى ما قال علماؤنا. والله أعلم.