المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الحديث الأول عن عِمْرانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنهما: أَنَّ رَسُولَ - كشف اللثام شرح عمدة الأحكام - جـ ١

[السفاريني]

فهرس الكتاب

- ‌الفَصْلُ الأَوَّلُفي ترجمة الإمام أحمد

- ‌الفَصْلُ الثَّانيفي ترجمة مؤلّف "العمدة

- ‌[كتاب الطهارة]

- ‌الحديث الثالث

- ‌ باب:

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌باب الاستطابة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌باب السواك

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌باب المسح على الخفين

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌باب المزي وغيره

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌باب الجنابة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌باب التيمم

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌باب الحيض

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌كتاب الصلاة

- ‌باب المواقيت

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

الفصل: ‌ ‌الحديث الأول عن عِمْرانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنهما: أَنَّ رَسُولَ

‌الحديث الأول

عن عِمْرانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنهما: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَأَى رَجُلاً مُعْتَزِلاً لَمْ يُصَلِّ في القَوْمِ، فقالَ:"يا فُلانُ! ما مَنَعَكَ أَنْ تُصَلِّيَ في القَوْمِ؟ "، فقال: يا رَسُولَ الله! أصَابَتْنِي جَنَابَةٌ، ولا ماءَ، قال:"عَلَيْكَ بِالصَّعِيدِ؛ فَإِنَّهُ يَكْفِيكَ"(1).

* * *

(عن عمران بن حصين رضي الله عنهما) يكنى عمرانُ: بأبي نُجَيْد -

(1) * تَخْرِيج الحَدِيث:

رواه البخاري (341)، كتاب: التيمم، باب: التيمم ضربة، واللفظ له. ورواه أيضاً:(337)، باب: الصعيد الطيب وضوء المسلم يكفيه من الماء، و (3378)، كتاب: المناقب، باب: علامات النبوة في الإسلام، ومسلم (682)، كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: قضاء الصلاة الفائتة، والنسائي (321)، كتاب: الطهارة، باب: التيمم بالصعيد.

* مصَادر شرح الحَدِيث:

"إكمال المعلم" للقاضي عياض (2/ 676)، و"شرح مسلم" للنووي (5/ 190)، و"شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (1/ 109)، و"العدة في شرح العمدة" لابن العطار (1/ 237)، و"فتح الباري" لابن رجب (2/ 70، 98)، و"الإعلام بفوائد عمدة الأحكام" لابن الملقن (2/ 117)، و"فتح الباري" لابن حجر (1/ 448)، و"عمدة القاري" للعيني (4/ 25)، و"نيل الأوطار" للشوكاني (1/ 322).

ص: 462

بضم النون وفتح الجيم- ابن الحصين بن عبيد بن خلف الخزاعي الكعبي. أسلم عام خيبر، كذا قال البرماوي.

وقال الحافظ ابن الجوزي في "منتخب المنتخب": أسلم قديمًا، وغزا مع النبي صلى الله عليه وسلم غزوات، ومات في البصرة في خلافة معاوية، وكان به مضرة، فكانت الملائكة تسلِّم عليه، فلما اكتوى، انقطع التسليم، ثم عاد إليه، انتهى.

وكان مجاب الدعوة.

سكن البصرة إلى أن مات بها سنة اثنتين وخمسين، وقيل: سنة ثلاث.

وكان أبيض الرأس واللحية؛ وكان من فضلاء الصحابة وفقهائهم.

وأسلم أبوه الحصين، فهو صحابي ابن صحابي رضي الله عنهما.

روي له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: مئة وثمانون حديثًا؛ اتفقا على ثمانية، وانفرد البخاري بأربعة، ومسلم بتسعة (1).

قال عمران رضي الله عنه (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: رأى رجلًا) هو خلَّاد بنُ رافع بنِ مالك العجلانيُّ، الأنصاريُّ الخزرجيُّ، أخو رفاعة بن رافع، شهد بدرًا.

يكنى: أبا نَجِيح -بفتح النون وكسر الجيم-.

قال ابن الكلبي: وقُتِل خلاد يومئذٍ، قاله ابن الأثير في "أسد الغابة".

(1) وانظر ترجمته في: "الطبقات الكبرى" لابن سعد (7/ 9)، و"التاريخ الكبير" للبخاري (6/ 408)، و"الثقات" لابن حبان (3/ 287)، و"المستدرك" للحاكم (3/ 534)، و"الاستيعاب" لابن عبد البر (3/ 1208)، و"أسد الغابة" لابن الأثير (4/ 269)، و"تهذيب الكمال" للمزي (22/ 319)، و"سير أعلام النبلاء" للذهبي (2/ 508)، و"الإصابة في تمييز الصحابة" لابن حجر (4/ 705)، و"تهذيب التهذيب" له أيضاً (8/ 111).

ص: 463

قال ابن عبد البر: وقال غير ابن الكلبي: إن له رواية (1)، وهذا يدل على أنه عاش بعد النبي صلى الله عليه وسلم (2).

قال البرماوي: وفيه نظرٌ؛ إذ لا يلزم ذلك، فقد وُجد لجمعٍ ماتوا في حياة النبي صلى الله عليه وسلم روايات.

نعم: إن كان الراوي لا يمكن أن يكون تحمل عنه في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، فيتوجَّه ذلك، انتهى.

وفي "الفتح" للحافظ ابن حجر: قوله: إذا هو برجلٍ، لم أقف على تسميته.

قال: ووقع في "شرح العمدة" للشيخ سراج الدين بن الملقن، ما نصه: هذا الرجل خلاد بن رافع بن مالك الأنصاري، ونقل كلام ابن الكلبي (3).

ثم قال: أما على قول ابن الكلبي: فيستحيل أن يكون هو صاحب هذه القصة؛ لتقدم وقعة بدر على هذه القصة بمدة طويلة بلا خلاف، فكيف يحضر هذه القصة بعد قتله؟! وأما على قول غير ابن الكلبي، فيحتمل أن يكون هو، لكن لا يلزم من كونه له رواية أن يكون عاش بعد النبي صلى الله عليه وسلم (4).

(معتزلًا): صفة لرجل.

والمعتزل: المنفرد عن القوم المتنحِّي عنهم. يقال: اعتزل وانعزل وتعزل، بمعنى واحد (5).

(1) انظر: "الاستيعاب" لابن عبد البر (2/ 451).

(2)

انظر: "أسد الغابة" لابن الأثير (2/ 181).

(3)

انظر: "الإعلام بفوائد عمدة الأحكام" لابن الملقن (2/ 117 - 118).

(4)

انظر: "فتح الباري" لابن حجر (1/ 451).

(5)

انظر: "القاموس المحيط" للفيروزأبادي (ص: 1333)، (مادة: عزل).

ص: 464

واعتزاله عن القوم: أدبًا في ترك جلوس من لم يصل مع القوم عندهم، في حال صلاتهم.

وقد قال صلى الله عليه وسلم لمن رآه في المسجد والناس يصلون: "ما منعك أن تصلي مع الناس؟ ألست برجلٍ مسلم؟ "(1). وهذا إنكارٌ لهذه الحالة.

(لم يصل) ذلك الرجل (في القوم)، صفة مبينة للعزلة.

(فقال) صلى الله عليه وسلم: (يا فلان!). قال في "النهاية": وفلان وفلانة كنايةٌ عن الذكر والأنثى من الناس، فإن كنيتَ بهما من غير الناس، قلت: الفلانُ والفلانة (2).

وفي "القاموس": فلان وفلانة -مضمومتين- كنايةٌ عن أسمائنا، وقد يقال للواحد:[يا فُلُ]، [وللاثنين: يا فلانِ] وجمع: يا فُلونَ، وفي المؤنث: يافُلَةُ، ويافُلَتانِ، ويافُلاتُ. وقد يقال للواحدة: يا فلاتُ، ويا فُلَ، يراد: يا فُلَةُ (3).

(ما)؛ أي: أيُّ شيءٍ (منعك أن تصلي في القوم؟).

وفي لفظ: "مع القوم"(4)؛ أي: ما منعك أن تكون داخلًا فيما دخل فيه القوم من اجتماعهم لأداء الصلاة، أو ما منعك من صحبتهم فيها؟

(1) رواه الإمام مالك في "الموطأ"(1/ 132)، ومن طريقه: الإمام الشافعي في "مسنده"(ص: 214)، والإمام أحمد في "المسند"(4/ 34)، والنسائي (857)، كتاب: الإمامة، باب: إعادة الصلاة مع الجماعة بعد صلاة الرجل لنفسه، وغيرهم، عن محجن الديلي رضي الله عنه.

(2)

انظر: "النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير (3/ 474).

(3)

انظر: "القاموس المحيط" للفيروزأبادي (ص: 1277)، (مادة: ف ل ن).

(4)

وهو لفظ البخاري المتقدم تخريجه في حديث الباب برقم (337).

ص: 465

(فقال) الرجل: (يا رسول الله! أصابتني جنابة، ولا ماءَ) -بفتح الهمزة-؛ أي: معي، أو موجودٌ، وهو أبلغ في إقامة عذره.

وهذا يحتمل أَلَّا يكون عالمًا بمشروعية التيمم، أو اعتقد أن الجنب لا يتيمم.

قال في "الفتح": وفيه جواز الاجتهاد بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن سياق القصة يدل على أن التيمم كان معلومًا عندهم. لكنه صريحٌ في الآية عن الحدث الأصغر؛ بناءً على أن المراد بالملامسة: ما دون الجماع، وأما الحدث الأكبر: فليست صريحة فيه، فكأنه كان يعتقد أن الجنب لا يتيمم، فعمل بذلك مع قدرته على أن يسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا الحكم.

ويحتمل: أنه كان لا يعلم مشروعية التيمم أصلًا، فكان حكمه حكمَ فاقد الطَّهورين.

ويؤخذ من هذه القصة: أن العالم إذا رأى فعلًا محتملًا، ساغ له أن يسأل فاعله عن الحال فيه؛ ليوضح له وجه الصواب.

وفيه: التحريض على الصلاة في الجماعة، وأن ترك الصلاة بحضرة المصلين معيبٌ على فاعله، حيث لا عذر.

وفيه: حسن الملاطفة والرفق في الإنكار (1).

(قال) صلى الله عليه وسلم للرجل: (عليك بالصعيد).

وفي رواية: فأمره أن يتيمم بالصعيد (2)، واللام فيه للعهد المذكور في الآية.

(1) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (1/ 451).

(2)

وهي رواية البخاري المتقدم تخريجها في حديث الباب برقم (3378).

ص: 466

ويؤخذ منه: الاكتفاء في البيان بما يحصل به المقصود من الإفهام؛ لأنه أحاله على الكيفية المعلومة من الآية، ولم يصرح له بها (1).

ودل قوله صلى الله عليه وسلم: (فإنه)؛ أي: الصعيد (يكفيك) -بفتح الياء-، على أن المتيمم في مثل هذه الحالة لا يلزمه قضاء الصلاة بعد ذلك ولو في الوقت؛ ذكره في "الفروع" اتفاقًا.

وعن الإمام أحمد: تسن إعادتها (2)، والله أعلم.

والصعيد: وجه الأرض (3).

قال الزجاج: لا أعلم فيه خلافًا بين أهل اللغة، سواءٌ أكان عليها تراب، أم لا، ومنه قوله تعالى:{صَعِيدًا جُرُزًا} [الكهف: 8] و {صَعِيدًا زَلَقًا} [الكهف: 40]. وإنما سمي صعيدًا؛ لأنه نهاية ما يصعد إليه من الأرض (4).

وقال الطبري بعد أن روى من طريق قتادة، قال: الصعيد: الأرض التي ليس فيها شجر ولا نبات (5).

ومن طريق عمرو بن قيس، قال: الصعيد: التراب (6)،

ومن طريق ابن زيد، قال: الصعيد: الأرض المستوية (7).

(1) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (1/ 451).

(2)

انظر: "الفروع" لابن مفلح (1/ 181).

(3)

انظر: "غريب الحديث" لأبي عبيد (2/ 125)، و"العين" للخليل (1/ 290)، (مادة: صعد).

(4)

انظر: "معاني القرآن" للزجاج (2/ 56).

(5)

رواه بن جرير الطبري في "تفسيره"(5/ 108).

(6)

رواه بن جرير الطبري في "تفسيره"(5/ 109).

(7)

رواه بن جرير الطبري في "تفسيره"(5/ 109).

ص: 467

الصواب: أن الصعيد هي الأرض المستوية، الخالية من الغرس والنبات والبناء (1).

وأما الطيب: فهو الذي تمسك به من اشترط في التيمم التراب؛ لأن الطيب هو التراب المُنْبِت، قال الله تعالى:{وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ} [الأعراف: 58].

وروى عبد الرزاق، عن ابن عباس رضي الله عنهما: الصعيد الطيب: الحرث (2).

والحاصل: أن معتمد مذهبنا كالشافعية اعتبارُ كون المتيمَّم به ترابًا طهورًا مغبرًا غيرَ محترق، لا ما تصاعد على وجه الأرض من أجزائها، خلافًا للحنفية.

ولا بكل ما تصاعد عليها، ولو كان من غير أجزائها؛ كنبات؛ خلافًا للمالكية (3).

ومن أدلة مذهبنا كالشافعية: قولُه تعالى في آية المائدة: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} [المائدة: 6].

فمن: للتبعيض المشعرِ بتبعيض ما يُتيمَّم به، وذلك هو التراب لا الصخرُ.

وأما قول ابن بطال: يجوز كون "من" صلة، فتعقب بأنه تعسفٌ، ولذا

(1) انظر: "تفسير الطبري"(5/ 109).

(2)

رواه عبد الرازق في "المصنف"(814). وانظر فيما ذكره الشارح: "فتح الباري" لابن حجر (8/ 252).

(3)

انظر: "الفروع" لابن مفلح (1/ 192).

ص: 468

قال الزمخشري في "كشافه": فإن قلت: لا يفهم أحدٌ من العرب من قول القائل: مسحت برأسي من الدهن وغيره إلا معنى التبعيض، قلت: هو كما تقول، والإذعانُ للحق خير من المراء، انتهى (1).

وذلك لأنه حنفي المذهب في الفروع الفقهية، وإن كان معتزلي الاعتقاد، والله أعلم.

* * *

(1) انظر: "الكشاف" للزمخشري (2/ 84 - 85). وانظر: "فتح الباري" لابن حجر (1/ 447).

ص: 469