المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الحديث الثالث عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رضي الله - كشف اللثام شرح عمدة الأحكام - جـ ١

[السفاريني]

فهرس الكتاب

- ‌الفَصْلُ الأَوَّلُفي ترجمة الإمام أحمد

- ‌الفَصْلُ الثَّانيفي ترجمة مؤلّف "العمدة

- ‌[كتاب الطهارة]

- ‌الحديث الثالث

- ‌ باب:

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌باب الاستطابة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌باب السواك

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌باب المسح على الخفين

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌باب المزي وغيره

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌باب الجنابة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌باب التيمم

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌باب الحيض

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌كتاب الصلاة

- ‌باب المواقيت

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

الفصل: ‌ ‌الحديث الثالث عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رضي الله

‌الحديث الثالث

عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رضي الله عنهما، قالَ: رَقِيتُ يَوماً عَلَى بَيْتِ حَفْصَةَ، فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقْضِي حاجَتَهُ مُسْتَقْبِلَ الشَّامِ، مُسْتَدْبِرَ الكَعْبَةِ (1).

(1) * تَخْرِيج الحَدِيث:

رواه البخاري (145)، كتاب: الوضوء، باب: من تبرَّز على لبنتين، و (147، 148)، كتاب: الوضوء، باب: التبرز في البيوت، و (2935)، كتاب: أبواب الخمس، باب: ما جاء في بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، وما نسب من البيوت إليهن، ومسلم (266)، (1/ 224 - 225) كتاب: الطهارة، باب: الاستطابة، وعندهما، "القبلة" بدل "الكعبة". ورواه أيضاً: أبو داود (12)، كتاب: الطهارة، باب: الرخصة في ذلك، والنسائي (23)، كتاب: الطهارة، باب: الرخصة في ذلك في البيوت، والترمذي (11)، كتاب: الطهارة، باب: ما جاء من الرخصة في ذلك، وابن ماجه (322)، كتاب: الطهارة، باب: الرخصة في ذلك في الكنيف، وإباحته دون الصحارى.

* مصَادر شرح الحَدِيث:

"معالم السنن" للخطابي (1/ 16)، و"الاستذكار" لابن عبد البر (2/ 444)، و"عارضة الأحوذي" لابن العربي (1/ 26)، و"إكمال المعلم" للقاضي عياض (2/ 66)، و"المفهم" للقرطبي (1/ 522)، و"شرح مسلم" للنووي (3/ 155)، و"شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (1/ 56)، و"فتح الباري" لابن حجر (1/ 247)، و"عمدة القاري" للعيني (2/ 279)، و"نيل الأوطار" للشوكاني (1/ 98).

ص: 194

(عن عبدِ الله بنِ عمرَ بنِ الخَطَّاب رضي الله عنهما): هو أبو عبدِ الرحمن القرشيُّ العَدَوِيُّ، وتقدم ذكرُ نسب والدهِ أميرِ المؤمنين رضي الله عنه، أسلمَ مع أبيه بمكة وهو صغير.

وقيل: أسلم قبل أبيه، ولم يصح هذا القول.

وهاجر قبل أبيه، ولم يشهد بدراً، واختُلِف في أُحد، والأصح أن أول مشاهده الخندق، وشَهِدَ ما بعده.

وقيل: إنه أول من بايع بيعة الرضوان، والصحيح: سنان بن أبي سنان الأسدي.

وكان عامَ الخندق ابنَ خمسَ عشرةَ سنة، وكان رضي الله عنه من أهل العلم والورع والزهد، شديدَ التحري والاحتياط في فتواه.

ولد رضي الله عنه قبل الوحي بسنةٍ، ومات بمكة سنة ثلاثٍ وسبعين، بعد قتل ابن الزبير بثلاثة أشهر، وقيل: بستةٍ، ودفن بذي طوى في مقابر المهاجرين، وله أربع وثمانون سنةً، وقيل: ستٌّ وثمانون سنةً، ورجَّحه ابنُ الأثير، وعلى كل، ففيه إشكالٌ، فقد ثبتت الأخبار أنه صلى الله عليه وسلم لم يُجِزْهُ يومَ أُحُد، وكان عمره أربعَ عشرةَ سنةً، وكانت أُحُد في الثالثة.

وهذا لا يلتئم مع كونه ولد قبل الوحي بسنةٍ - على القول المعتمد - بأنه مكث صلى الله عليه وسلم بمكة بعد الوحي ثلاث عشرةَ سنةً، وإنما يلتئم ذلك أن يكون ولد بعد البعثة بسنتين قبل إسلام أبيه بأربع سنين؛ فإنه رضي الله عنه أسلم في السادسة - كما قدمنا -.

روى عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أولاده الأربعة: سالم، وحمزة، وعبد الله، وبلال، وخلائقُ من التابعين، ومن الصحابة ممن لا يحصى عددهم.

ص: 195

ومناقبه كثيرة، ومزاياه غزيرة، واعتزل الفتنة، فلم يقاتل في شيءٍ من الحروب التي جرت بين المسلمين، وهو أحد العبادلة الأربعة الذين هم: هو، وابن عباس، وابن الزبير، وعبد الله بن عمرو بن العاص.

وغَلَّطوا مَنْ عدَّ ابنَ مسعودٍ رضي الله عنه فيهم؛ لأنه لم يشتهر هذا الإطلاق عليهم إلا بعده، نص عليه الإمام أحمد رضي الله عنه.

وأحدُ الفقهاء والمفتين، وأحدُ المكثرين.

روي له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ألفا حديثٍ، وست مئةٍ وثلاثون حديثاً، اتفقا على مئةٍ وسبعين.

وقال الحافظ ابن الجوزي: مئةٍ وثلاثةٍ وستين. قاله البرماوي في شرح "الزهر البسام"(1).

قلت: الذي ذكره الحافظ ابن الجوزي في "منتخب المنتخب": أن المتفق عليه منها مئة وثمانيةٌ وستون.

وانفرد البخاري بأحد وثمانين، ومسلم بأحد وثلاثين (2).

(1) تقدم التعريف به.

(2)

وانظر ترجمته في: "الطبقات الكبرى" لابن سعد (4/ 142)، و"التاريخ الكبير" للبخاري (5/ 2)، و"الثقات" لابن حبان (3/ 209)، و"المستدرك" للحاكم (3/ 641)، و"الاستيعاب" لابن عبد البر (3/ 950)، و"تاريخ دمشق" لابن عساكر (31/ 79)، و"صفة الصفوة" لابن الجوزي (1/ 563)، و"أسد الغابة" لابن الأثير (3/ 336)، و"تهذيب الأسماء واللغات" للنووي (1/ 261)، و"تهذيب الكمال" للمزي (15/ 180)، و"سير أعلام النبلاء" للذهبي (3/ 203)، و"تذكرة الحفاظ" له أيضاً (1/ 37)، و"الإصابة في تمييز الصحابة" لابن حجر (4/ 181)، و"تهذيب التهذيب" له أيضاً (5/ 287).

ص: 196

(قال) عبدُ الله بن عمر رضي الله عنهما: (رَقِيتُ)؛ أي: صَعِدْتُ وعَلَوْتُ- (يوماً) من الأيام زمنَ رسول الله صلى الله عليه وسلم (على بيتِ) أختي (حفصةَ) أمِّ المؤمنين بنتِ عمرَ بنِ الخطاب رضي الله عنها، كانت تحت خُنَيسٍ -بضم الخاء المعجمة وفتح النون ثم مثناه تحتية، فسينٍ مهملةٍ- بنِ حذافةَ، ممن شهد بدراً، فهاجرت معه إلى المدينة، توفي عنها بالمدينة بعد بدرٍ، فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنة ثلاثٍ، ثم طلقها رسول الله صلى الله عليه وسلم واحدةً، ثم راجعها بأمر جبريل؛ وقال:"إنَّ اللهَ يأمُركَ أن تُراجعَ حفصةَ؛ فإنها صَوَّامةٌ قوامةٌ، وزوجَتُك في الجنة"(1).

وفي لفظٍ: "إنها صؤوم وقؤوم، وإنها من نسائك في الجنة"(2).

ماتت رضي الله عنها في شعبان سنة خمسٍ وأربعين في خلافة معاوية، ولها ستون سنةً.

روي لها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ستون حديثاً، اتفقا على ثلاثة، وقال الحافظ ابن الجوزي: أربعة، وانفرد مسلم بستةٍ (3).

(1) رواه البزار في "مسنده"(1401)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(3052)، والطبراني في "المعجم الكبير"(23/ 188)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء"(2/ 50)، وغيرهم، عن عمار بن ياسر رضي الله عنه.

(2)

رواه ابن سعد في "الطبقات الكبرى"(8/ 84)، عن قتادة مرسلاً. وانظر:"الأربعين في مناقب أمهات المؤمنين" لابن عساكر (ص: 91).

(3)

وانظر ترجمتها في: "الطبقات الكبرى" لابن سعد (8/ 81)، و"الثقات" لابن حبان (3/ 98)، و"المستدرك" للحاكم (4/ 15)، و"حلية الأولياء" لأبي نعيم (2/ 50)، و"الاستيعاب" لابن عبد البر (4/ 1811)، و"تاريخ دمشق" لابن عساكر (3/ 180)، و"صفة الصفوة" لابن الجوزي (2/ 38)، و"أسد الغابة" لابن الأثير (7/ 67)، و"تهذيب الأسماء واللغات" للنووي (2/ 605)، =

ص: 197

قال عبد الله بن عمر: (فرأيتُ النبيَّ) صلى الله عليه وسلم بعد رُقيّي على بيتِ أختي حفصة (يَقْضي حاجتَهُ) من البول والغائط، أو أحدهما، حال كونه (مستقبلَ الشامِ، مستدبرَ الكعبةِ).

وهذا تصريحٌ بالمفهوم؛ لأن كل من استقبل الشام في المدينة النبوية وما قاربها، يكون قد استدبر الكعبة قطعاً، يعني: جهة مكة؛ لأن المدينة بين مكة والشام.

ولم يقصد ابن عمر الإشرافَ على النبيِّ صلى الله عليه وسلم في تلك الحالة، وإنما صَعِدَ السطحَ لحاجةٍ له، كما في الرواية الأخرى: فحانت منه التفاتةٌ، كما رواه البيهقي من طريق نافعٍ، عن ابن عمر (1)، نعم لما اتفقت له رؤيته له في تلك الحالة عن غير قصدٍ، أحبَّ ألا يُخلي ذلك عن فائدة، فحفظ هذا الحكمَ الشرعيَّ، وكأنه إنما رآه من جهة ظهره حتى ساغ له تأمل الكيفية المذكورة من غير محذورٍ، ودلَّ ذلك على شدة حرص سيدنا ابن عمر على تتبُّعِ أحوال النبيِّ صلى الله عليه وسلم؛ ليتَّبعها كما هو المعروف من عادته وديدنه رضي الله عنه.

وسبب إيراد ابن عمر رضي الله عنه هذا الحديث: ما في "الصحيحين" عن واسع بن حَبَّانَ رضي الله عنه، قال: كنت أصلي في المسجد، وعبدُ الله بنُ عمر مسندٌ ظهره إلى القبلة، فلما قضيتُ صلاتي، انصرفت إليه بشقي، فقال: عبد الله! يقول أناس: إذا قعدْتَ للحاجة تكون

= و"تهذيب الكمال" للمزي (35/ 153)، و"سير أعلام النبلاء" للذهبي (2/ 227)، و"الإصابة في تمييز الصحابة" لابن حجر (7/ 581)، و"تهذيب التهذيب" له أيضاً (12/ 439).

(1)

رواه البيهقي في "السنن الكبرى"(1/ 93).

ص: 198

لك، فلا تقعدْ مستقبلَ القبلةِ ولا بيت المقدس. قال عبد الله: ولقد رقيتُ على ظهر بيتي، فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعداً على لَبِنتين مستقبلَ بيت المقدس لحاجته (1).

ولما كان ظاهر حديث أبي أيوب منعَ استقبال القبلة، ولو في البنيان، أورد الحافظ حديث ابن عمر هذا؛ ليخص عمومَ مفهومِ ذاك، فَحُمِلَ المنعُ على التخلي في الفضاء، والإباحةُ على البنيان.

فإن قيل: أين البنيان هنا؟

قلت: جاء في رواية عند ابن خزيمة (2)، قال: فأشرفْتُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في خلائه يقضي حاجته محجوباً عليه بلَبِن (3).

وللحكيم الترمذي بسندٍ صحيح: فرأيته في كنيفٍ (4) -وهو بفتح الكاف وكسر النون، بعدها ياءٌ تحتية ففاء-: ما قدمناه، فانتفى زعمُ مَنْ زعمَ أن ابن عمر كان يرى الجواز مطلقاً، يدل له ما تقدم عنه من بوله إلى ناقته، فانتظم المقصود من الأخبار النبوية على تخصيص المنع بالفضاء، والإباحة بالبنيان -كما قدمنا-.

فإن قلت: قد ذكرت أن ابن عمر في الحديث الذي أوردته عنه في "الصحيحين": قال: رقيت على ظهر بيتي. وفي روايةٍ: بيتٍ لنا، وفي

(1) تقدم تخريجه في حديث الباب، وهذا لفظ مسلم.

(2)

في الأصل المخطوط: "ابن حزم"، والاستدراك من "فتح الباري" لابن حجر (1/ 247)؛ حيث ينقل عنه الشارح ما أثبته هنا.

(3)

رواه ابن خزيمة في "صحيحه"(59)، إلى قوله:"في خلائه". ورواه الطحاوي في "شرح معاني الآثار"(4/ 234) بلفظ: "

اطلعت يوماً ورسول الله صلى الله عليه وسلم على ظهر بيت يقضي حاجته محجوباً عليه بلبن".

(4)

كذا نسبه إليه الحافظ ابن حجر في "فتح الباري"(1/ 247).

ص: 199

روايةٍ: ظهر بيتنا (1)، والحديث الذي ذكره المصنف رحمه الله ورضي عنه - قال: رقيت يوماً على بيت حفصة، فظاهرهما التعدد أو الاختلاف؟!

قلت: كلُّ هذه الألفاظِ صحيحةٌ مخرجةٌ في الصحاح وغيرها، ولا اختلافَ ولاتعدُّدَ؛ فإن حفصةَ بنتَ عمرَ شقيقةُ عبدِ الله بنِ عمرَ رضي الله عنهم، فإما أن يكون أضافَ البيت إليه على سبيل المجاز؛ لكونها أخته، فله منه سبب، أو حيث أضافه إلى حفصة، فباعتبار أنه البيت الذي أسكنها النبيُّ صلى الله عليه وسلم فيه، واستمرَّ بيتَها إلى أن ماتت، فورثه عنها، فأضافه إلى نفسه بحسب ما آل إليه الحال؛ لأنه ورِثَ حفصة دون إخوته؛ لكونه شقيقَها، ولم تتركْ من يحجُبه عن الاستيعاب.

وهذا ظاهرٌ لاخفاءَ فيه، كما نبه عليه الحافظ ابنُ حجرٍ في "شرح البخاري"(2)، وغيره، والله أعلم.

فائدة:

قيل: إن لواسعِ بنِ حَبَّانَ رؤيةً للنبيِّ صلى الله عليه وسلم، وأنه ذُكر بذلك في الصحابة، والمشهور: أنه تابعي، وأبوه حَبَّان -بفتح الحاء المهملة وبالموحدة-، ولحبان ولأبيه منقِذِ بنِ عمرٍو صحبةٌ، كما في "الفتح"(3).

* * *

(1) تقدم تخريج هذه الروايات في حديث الباب.

(2)

انظر: "فتح الباري" لابن حجر (1/ 247).

(3)

المرجع السابق، الموضع نفسه. وانظر:"تهذيب الأسماء واللغات" للنووي

(2/ 440)، و"تهذيب الكمال" للمزي (30/ 396).

ص: 200