الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[كتاب الطهارة]
الحديث الثالث
(1)
وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العاصِ، وأَبي هُرَيْرَةَ، وعَائِشَةَ رضي الله عنهم، قَالُوا: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ"(2).
(1) سقط شرح الحديثين الأول والثاني من الأصل المخطوط في المكتبة الظاهرية.
(2)
* تَخْرِيج الحَدِيث:
رواه البخاري (161)، كتاب: الوضوء،
باب:
غسل الرجلين، ولا يمسح على القدمين، ومسلم (241)، (1/ 214)، كتاب: الطهارة، باب: غسل الرجلين بكمالهما، وأبو داود (97)، كتاب: الطهارة، باب: في إسباغ الوضوء، والنسائي (111)، كتاب: الطهارة، باب: إيجاب غسل الرجلين، وابن ماجه (450)، كتاب: الطهارة، باب: غسل العراقيب، من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص. رضي الله عنهما.
ورواه البخاري (163)، كتاب: الوضوء، باب: غسل الأعقاب، ومسلم (242)، (1/ 214)، كتاب: الطهارة، باب: وجوب غسل الرجلين بكمالهما، والنسائي (110)، كتاب: الطهارة، باب: إيجاب غسل الرجلين، والترمذي (41)، كتاب: الطهارة، باب: ما جاء: ويل للأعقاب من النار، وابن ماجه (453)، كتاب: الطهارة، باب: غسل العراقيب، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
ورواه مسلم (240)، كتاب: الطهارة، باب: وجوب غسل الرجلين بكمالهما، وابن ماجه (451)، كتاب: الطهارة، باب: غسل العراقيب، من حديث عائشة رضي الله عنها.
* مصَادر شرح الحَدِيث:
"معالم السنن" للخطابي (1/ 46)، و"الاستذكار" =
* عن أبي هريرةَ، وعائشةَ، وعبدِ الله بنِ عمرِو بنِ العاصِ، قال: رجعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة، حتى إذا كنا بالطريق، تعجل قومٌ عند العصر، فتوضؤوا وهم عِجالٌ، فانتهينا إليهم وأعقابُهم تلوح لم يمسَّها الماء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النارِ، أَسْبِغُوا الْوُضوءَ"(1).
وفي "الصحيحين" من حديثه: تخلف عنا النبيُّ صلى الله عليه وسلم في سفر سافرناه، فأدركَنا وقد حضرتْ صلاةُ العصر، فجعلْنا نمسحُ على أرجلنِا، فنادى:"وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النارِ"(2).
وقال البخاري: فأدركَنا وقد أرهقنا العصر، فجعلْنا نتوضأُ ونمسحُ على أرجلنا، فنادى بأعلى صوته:"وَيْلٌ للأَعْقابِ مِنَ النَّارِ" مرتين، أو ثلاثاً، وترجم له:(باب: غسل الرجلين، ولا يمسح على القدمين)(3).
وخرجه في كتاب: العلم، وترجمَ عليه (باب: من رفع صوته
= لابن عبد البر (1/ 138)، و"عارضة الأحوذي" لابن العربى (1/ 57)، و"إكمال المعلم" للقاضي عياض (2/ 33)، و"المفهم" للقرطبي (1/ 495)، و"شرح مسلم" للنووي (3/ 127)، و"شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (1/ 15)، و"العدة في شرح العمدة" لابن العطار (1/ 56)، و"النكت على العمدة" للزركشي (ص: 9)، و"الإعلام بفوائد عمدة الأحكام" لابن الملقن (1/ 236)، و"فتح الباري" لابن حجر (1/ 265)، و"عمدة القاري" للعيني (2/ 7)، و"نيل الأوطار" للشوكاني (1/ 207).
(1)
هذا سياق لفظ مسلم، وتقدم تخريجه قريباً.
(2)
رواه مسلم (241)، (1/ 214)، كتاب: الطهارة، باب: وجوب غسل الرجلين بكمالهما، وانظر لفظه الآتي عند البخاري.
(3)
تقدم تخريجه عند البخاري في حديث الباب.
بالعلم) (1)، وترجم عليه أيضاً:(باب: من أعاد الحديث ليفهم)(2).
وفي "صحيح مسلم" من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً لم يغسلْ عَقِبَه (3)، فقال:"ويلٌ للأعقابِ من النارِ"(4)، وفي لفظ:"وَيْلٌ للعَراقيبِ من النارِ"(5).
وأخرجه البخاري عن أبي هريرة - أيضاً - بلفظ: أسبغوا الوضوءَ؛ فإن أبا القاسم صلى الله عليه وسلم قال: "ويلٌ للأعقابِ من النار"(6)، ولم يقل: رأى رجلاً لم يغسلْ عقبه، ولا ذكر العراقيب.
وفي هذه الأحاديت من الوعيد الشديد ما يفيدُ وجوبَ غسل الرجلين، ويمنعُ صحة المسح حيثُ لا حائل شرعي على القدمين، ولا يمسح على النعلين.
وما رُوي أن بعض الصحابة مسح عليهما، ويروى في ذلك حديث مرفوع أخرجه أبو داود وغيره (7)، فمدفوع بما ذكرنا، وبما نقل الإمام
(1) حديث رقم (60)، (1/ 33).
(2)
حديث رقم (96)، (1/ 48).
(3)
في المطبوع من "صحيح مسلم": "عقبيه" بصيغة المثنى، وكذا هو في "المستخرج على صحيح مسلم" لأبي نعيم (567). إلا أن البيهقي رواه في "السنن الكبرى"(1/ 69) بالإفراد.
(4)
تقدم تخريجه في حديث الباب.
(5)
رواه مسلم (242)، (1/ 214)، كتاب: الطهارة، باب: وجوب غسل الرجلين بكمالهما.
(6)
تقدم تخريجه في حديث الباب.
(7)
رواه أبو داود (160)، كتاب: الطهارة، باب:(62)، والإمام أحمد في "المسند"(4/ 9)، وابن حبان في "صحيحه"(1339)، وغيرهم، عن أوس بن أبي أوس الثقفي رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ ومسح على نعليه وقدميه.
الطحاوي من الإجماع على عدم إجزاء المسح على الخفين إذا تخرَّقا حتى يبدو القدمان، فكذلك النعلان لا يُغيِّبان القدمين (1).
قال الحافظ ابن حجر: وهو استدلال صحيح، لكنه منازع في نقل الإجماع المذكور، انتهى (2).
وقد خالف في ذلك الشيعة، فجوزوا مسح القدمين.
قال ابن خزيمة: لو كان المسح مؤدياً للفرض، لما تَوَعد عليه بالنار. (3)
وقد تواترت الأخبار عن النبي المختار صلى الله عليه وسلم في صفة وضوئه؛ أنه غسل رجليه، كما ستقف عليه - إن شاء الله تعالى -، وهو المبيِّن لأمر الله، ولم يثبت عن أحد من الصحابة خلافُ ذلك، إلا عن علي، وابنِ عباسٍ، وأنسٍ رضي الله عنهم، وقد ثبت عنهمُ الرجوعُ عن ذلك.
فقد قال عبدُ الرحمن بنُ أبي ليلى: اجتمع أصحابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم على غسل القدمين، رواه سعيدُ بنُ منصور (4).
وأما احتجاجُهم بقراءة الجر في {وَأَرْجُلَكُمْ} [المائدة: 6] عطفاً على {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} [المائدة: 6]، فالجوابُ عن ذلك مع ما ذكر من قول النبي صلى الله عليه وسلم، وفعلِه المُعين الغَسْلَ من وجوه:
الأول: أنه قُرىء: {وَأَرْجُلَكُمْ} [المائدة: 6]-بالنصب- عطفاً على
(1) انظر: "شرح معاني الآثار" للطحاوي (1/ 97).
(2)
انظر: "فتح الباري" لابن حجر (1/ 268).
(3)
انظر: "صحيح ابن خزيمة"(1/ 83).
(4)
كما نسبه إليه ابن حجر في "فتح الباري"(1/ 266)، والسيوطي في "الدر المنثور"(3/ 29).
{وَأَيْدِيَكُمْ} [المائدة: 6]، وقيل: إنه معطوف على محل برؤوسكم؛ كقوله تعالى: {يَاجِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ} [سبأ: 10]-بالنصب-.
الثاني: أن المسح في الآية محمول على مشروعية المسح على الخفين، فحملوا قراءة الجر على مسح الخفين، وقراءة النصب على غسل الرجلين. وقد قرر ذلك أبو بكر بنُ العربي تقريراً حسناً، فقالَ ما ملخصُه:
ما ظاهرهُ التعارض إن أمكنَ العملُ بكلٍّ، وجبَ، وإلا، عُملَ بالقدر الممكن، ولا يتأتى الجمعُ بين الغَسْل والمسح في عضو واحد في حالة واحدة؛ لأنه يؤدي إلى تكرار المسح؛ لأن الغَسْلَ يتضمن المسح، والأمرُ المطلَقُ لا يقتضي التكرار، فبقي أن يُعمل بهما في حالين؛ توفيقاً بين القراءتين، وعملاً بالقدر الممكن، وقيل: إنما عطفت على الرؤوس الممسوحة؛ لأنها مَظِنَّةٌ لكثرة صبِّ الماء عليها، فلمنعِ الإسراف عُطفت، وليس المرادُ أنها تُمسح حقيقة، ويدل على هذا قولُه - تعالى -:{إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: 6]؛ لأن المسح رخصة، فلا يُقَيد بالغاية (1).
الثالث: أن المسح يطلَقُ على الغَسْل الخفيف، يُقال: مسح على أطرافه؛ لمن توضأ، ذكره أبو زيدٍ اللغوي، وابن قُتيبةَ، وغيرُهما، والله أعلم (2).
تنبيهان:
الأول: روى هذا الحديثَ من الصحابة جماعةٌ منهم - غير الذين ذكرهم المصنف -رحمه الله تعالى -: جابرٌ، رواه الإمام أحمدُ، وابنُ ماجه (3)،
(1) انظر: "أحكام القرآن " لابن العربي (2/ 74).
(2)
انظر: "غريب الحديث" لابن قتيبة (1/ 154).
(3)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(3/ 316)، وابن ماجه (454)، كتاب: =
ومُعيقيبٌ، رواه الإمامُ أحمدُ أيضاً (1)، وخالدُ بنُ الوليدِ، ويزيدُ بنُ أبي سفيانَ، وشُرَحْبِيلُ بنُ حَسَنَةَ، وعَمْرو بنُ العاص، كلُّ هؤلاء رضي الله عنهم سمعوه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، رواه ابن ماجه (2)، وعبدُ الله بن الحارث، رواه الإمام أحمدُ، والدارقطني - كما تقدم -، والحاكم (3)، وعن ليث عن عبد الرحمن بن سابط، أو عن أخي أبي أمامة، قال: رأى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قوماً على أعقاب أحدِهم مثلُ موضعِ الدرهم، أو مثلُ موضع ظُفْرٍ لم يُصبه الماء، قال: فجعل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ويلٌ للأعقابِ منَ النار"، قال: وكان أحدُهم ينظر، فإذا رأى بعقبه موضعاً لم يُصبه الماء، أعادَ وضوءه، رواه البيهقي في "سننه"(4)، فالحديث متواترٌ كما أشار إليه الحافظ جلال الدين السيوطي - رحمه الله تعالى - (5).
= الطهارة، باب: غسل العراقيب.
(1)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(3/ 426)، والطبراني في "المعجم الكبير"(20/ 350).
(2)
رواه ابن ماجه (455)، كتاب: الطهارة، باب: غسل العراقيب، وابن خزيمة في "صحيحه"(665).
(3)
رواه الإمام أحمد في "المسند"(4/ 191)، والدارقطني في "سننه"(1/ 95)، والحاكم في "المستدرك" (580). ورواه أيضاً: ابن خزيمة في "صحيحه"(163)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(1/ 70).
(4)
رواه البيهقي في "السنن الكبرى"(1/ 84)، وقال: وهذا إن صحَّ، فشيء اختاروه لأنفسهم، وقد يحتمل أن يريد به إعادة وضوء ذلك الموضع فقط. ورواه أيضاً: الطبراني في "المعجم الكبير"(8112)، والدارقطني في "سننه"(1/ 108)، عن عبد الرحمن بن سابط، عن أبي أمامة، أو عن أخي أبي أمامة.
(5)
انظر: "الأزهار المتناثرة في الأحاديث المتواترة" للسيوطي (ص: 11)، حديث رقم (16).
الثاني: ظاهرُ صنيع المصنف - قدس الله روحه - أن الحديث مما اتفق عليه الشيخان من حديث كُل واحدٍ من عبد الله بن عمرو، وأبي هريرة، وعائشة الصديقة رضي الله عنهم، هو في جانب عبد الله بن عمرو وأبي هريرة حقٌّ، وأما حديثُ أم المؤمنين عائشةَ الصديقة، فلم يخرجه البخاري، وإنما أخرجه مسلمٌ، ولفظه: عن سالم مولى شدادٍ، قال: دخلتُ على عائشةَ زوجِ النبي صلى الله عليه وسلم يوم تُوفي سعدُ بنُ أبي وقاص، فدخلَ عبدُ الرحمن بنُ أبي بكر رضي الله عنهما، فتوضأ عندها، فقالت: يا عبدَ الرحمن! أسبغِ الوضوءَ؛ فإني سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ويلٌ للأعقابِ من النارِ"(1).
قال الحافظُ عبدُ الحق في "الجمع بينَ الصحيحين": ولم يخرجِ البخاري هذا الحديث عن عائشةَ، وأخرجه من حديثِ عبدِ الله بن عمرٍو رضي الله عنهم (2).
* * *
(1) تقدم تخريجه في حديث الباب.
(2)
انظر: "الجمع بين الصحيحين" للحافظ عبد الحق الإشبيلي (1/ 200 - 201).