المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الحديث الثاني عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدِ - كشف اللثام شرح عمدة الأحكام - جـ ١

[السفاريني]

فهرس الكتاب

- ‌الفَصْلُ الأَوَّلُفي ترجمة الإمام أحمد

- ‌الفَصْلُ الثَّانيفي ترجمة مؤلّف "العمدة

- ‌[كتاب الطهارة]

- ‌الحديث الثالث

- ‌ باب:

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌باب الاستطابة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌باب السواك

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌باب المسح على الخفين

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌باب المزي وغيره

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌باب الجنابة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌باب التيمم

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌باب الحيض

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌كتاب الصلاة

- ‌باب المواقيت

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

الفصل: ‌ ‌الحديث الثاني عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدِ

‌الحديث الثاني

عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ المازِنيِّ، قَالَ: شُكِيَ إلى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الرَّجلُ يُخَيَّلُ إلَيْهِ أَنَّهُ يَجِدُ الشَّيءَ فِي الصَّلاةِ، قالَ:"لا يَنْصَرِفْ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتاً، أو يَجِدَ رِيحاً"(1).

* * *

(1) * تَخْرِيج الحَدِيث:

رواه البخاري (137)، كتاب: الوضوء، باب: لا يتوضأ من الشك حتى يستيقن، و (175)، كتاب: الوضوء، باب: من لم ير الوضوء إلا من المخرجين، و (1951)، كتاب ت البيوع، باب: من لم ير الوساوس ونحوها من المشبهات، ومسلم (361)، كتاب: الحيض، باب: الدليل على أن من تيقن الطهارة ثم شك في الحدث، فله أن يصلي بطهارته تلك، وأبو داود (176)، كتاب: الطهارة، باب: إذا شك في الحدث، والنسائي (160)، كتاب: الطهارة، باب: الوضوء من الريح، وابن ماجه (513)، كتاب: الطهارة، باب: لا وضوء إلا من حدث.

* مصَادر شرح الحَدِيث:

"معالم السنن" للخطابي (1/ 64)، و"إكمال المعلم" للقاضي عياض (2/ 257)، و"المفهم" للقرطبي (1/ 607)، و"شرح مسلم" للنووي (4/ 49)، و"شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (1/ 78)، و"النكت على العمدة" للزركشي (ص: 41)، و"الإعلام بفوائد عمدة الأحكام" لابن الملقن (1/ 660)، و"فتح الباري" لابن حجر (1/ 237)، و"عمدة القاري" للعيني (2/ 250)، و"نيل الأوطار" للشوكاني (1/ 255).

ص: 302

(عن عَبَّاد) -بفتح العين المهملة وتشديد الموحدة- (ابنِ تميمِ) بن زيد بن عاصمٍ المازنى؛ من مشاهير التابعين وثقاتهم، روى عن عمه عبدِ الله بن زيدٍ وغيرِه.

وقد وقع اضطراب في كونه صحابياً أو تابعياً، وذكره الذهبيُّ في "التجريد في الصحابة"؛ فإنه قال: لقي يوم الخندق في السنة الخامسة وكان في الخامسة (1).

واضطرب في نسبه أيضاً، وفي كون عبد الله بن زيد عمَّه من قِبَل أبيه، أو من قِبَلِ أمه، وفي صحبة أبيه (2)، (عن عبد الله بن زيد بن عاصمٍ) الأنصاريِّ (المازنيِّ)، وتقدمت ترجمته.

(قال: شُكي) -بالبناء للمجهول-.

وفي بعض طرق البخاري: أن عبد الله بن زيدٍ هو الشاكي، كما نبه عليه الحافظ عبد الحق في "الجمع بين الصحيحين"(3).

قال البخاري في كتاب الوضوء: عن عبد الله بن زيد: أنه شكا (4).

قال الحافظ ابن حجر: كذا في روايتنا: شكا -بألف-، ومقتضاه: أن الراوي هو الشاكي.

(1) انظر: "تجريد أسماء الصحابة" للذهبي (1/ 291).

(2)

وانظر ترجمته في: "الطبقات الكبرى" لابن سعد (5/ 81)، و"الثقات" لابن حبان (5/ 141)، و"تهذيب الأسماء واللغات" للنووي (1/ 243)، و"تهذيب الكمال" للمزي (14/ 108)، و"الإصابة في تمييز الصحابة" لابن حجر (3/ 612)، و"تهذيب التهذيب" له أيضاً (5/ 79).

(3)

انظر: "الجمع بين الصحيحين" للإشبيلي (1/ 258)، حديث رقم (489).

(4)

تقدم تخريجها في حديث الباب برقم (137) عنده.

ص: 303

وصرح بذلك ابن خزيمة، عن عبد الجبار بن العلاء، عن سفيان، ولفظه: عن عباد بن [تميم، عن](1) عمه عبد الله بن زيدٍ، قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم (2).

(إلى النبي صلى الله عليه وسلم) متعلقٌ بشكي (الرجلُ) -بالضم- على الحكاية، وهو وما بعده في موضع نصبٍ (3)(يُخَيَّل) -بضم أوله وفتح المعجمة وتشديد الياء مفتوحةً-، وأصله من الخيال، والمعنى: يظن، والظن هنا أعمُّ من تساوي الطرفين، أو ترجيح أحدهما على أصل اللغة من أن الظن خلاف اليقين (إليه) متعلقٌ بيخيل ([أنَّه] يجد الشيء)؛ أي: الحدث خارجاً منه، وصرح به الإسماعيلي، ولفظه: يخيل إليه في صلاته أنه خرج منه شيء (4).

وفيه: من مراعاة الأدب: العدولُ عن ذكر الشيء المستقذَر بخاصِّ اسمه إلا لضروةٍ.

(في الصلاة) متعلقٌ بيجد، تمسك بظاهره بعض المالكية، فحصوا الحكمَ بمن كان داخل الصلاة، وأوجبوا الوضوءَ على مَنْ كان خارجها، وفرقوا بالنهي عن إبطال العبادة، والنهيُ عن إبطال العبادة متوقفٌ على صحتها، فلا معنى للتفريق بذلك؛ لأن هذا التخيل إن كان ناقضاً خارجَ الصلاة، فينبغي أن يكون كذلك فيها كبقية النواقض.

(1) سقط من الأصل، والاستدراك من "صحيح ابن خزيمة".

(2)

رواه ابن خزيمة في "صحيحه"(25). وانظر: "فتح الباري" لابن حجر (1/ 237).

(3)

انظر: "فتح الباري" لابن حجر (1/ 237).

(4)

المرجع السابق، الموضع نفسه.

ص: 304

(قال) صلى الله عليه وسلم مجيباً للسائل: (لا ينصرفْ) - بالجزم - على النهي، ويجوز - الرفعُ - على أن "لا" نافية (1).

وفي رواية للبخاريْ: "لا ينفتلْ، أو لا ينصرفْ" بالشكِّ من الراوي (2).

قال الحافظ ابن حجر: وكأنه من علي؛ يعني: ابنَ عبد الله المدينيَّ العَلَمَ المشهور -، قال: لأن الرواة غيره رووه عن سفيان بلفظ: "لا ينصرف" من غير شكٍ (3)، يعني: بل يمضي في صلاته، ولا يلتفت إلى ما تخيل إليه.

(حتى)؛ أي: إلى أن (يسمعَ صوتاً)؛ أي: من مخرجه، (أو يجدَ ريحاً) "أو": للتنويع، وعبر بالوجدان دون الشم؛ ليشمل كما لو لمس المحل، ثم شم يده، ولا حجة فيه لمن استدل به على أن لمس الدبر لا ينقض؛ لحمل الصورة على لمسِ ما قاربَ حلقةَ الدبر، لا عينَها، والذي ينقض الطهارة لمسُ حلقة الدبر دونَ ما قاربها.

ودل هذا الحديث على صحة الصلاة ما لم يتيقن الحدث، وليس المراد تخصيص هذين الأمرين - أعني: سماعَ الصوتِ، ووِجْدانَ الريحِ باليقين -؛ لأن المعنى إذا كان أوسع من اللفظ، كان الحكم للمعنى، قاله الخطابي (4).

وقال النووي: هذا الحديث أصلٌ في حكم بقاء الأشياء على أصولها

(1) انظر: "النكت على العمدة" للزركشي (ص: 42).

(2)

تقدم تخريجه عنده برقم (137) في حديث الباب.

(3)

انظر: "فتح الباري" لابن حجر (1/ 238).

(4)

انظر: "معالم السنن" للخطابي (1/ 64).

ص: 305

حتى يُتيقن خلافُ ذلك، ولا يضر الشكُّ الطارىء عليها، وأخذَ بظاهره جمهورُ العلماء (1).

وروي عن الإمام مالك: النقضُ مطلقاً، وروي عنه: النقضُ خارج الصلاة دون داخلها (2).

قلت: وهذا مقتضى ما ذكره عنه الإمام ابن مفلح في "فروعه" حيث قال: ومن شكَّ في طهارةٍ أو حدثٍ، بنى على أصله، ولو في غير صلاة؛ خلافاً لمالك، كمن به وَسْواسٌ، وفاقاً (3).

فخصَّ النقض عنده بما إذا كان في غير صلاةٍ ما لم يكن به وسوسةٌ، فلا ينتقض الوضوء بالشك، وفاقاً لبقية الأئمة.

قال الحافظ ابن حجر في "شرح البخاري": ورُوي هذا التفصيل عن الحسن البصري.

قال البهاء البغدادي في "شرح الوجيز": إذا تيقن أنه توضأ، وشك هل أحدثَ أولا؟ بنى على أنه متطهر. وبهذا قال عامة أهل العلم.

وقال الحسن: إن شك وهو في الصلاة، مضى فيها، وإن كان قبل الدخول فيها، توضأ.

وقال مالك: إذا شك في الحدث إن كان يلحقه كثيراً، فهو على وضوئه، وإن كان لا يلحقه كثيرأ، توضأ؛ لأنه لا يدخل في الصلاة مع الشك، انتهى.

(1) انظر: "شرح مسلم" للنووي (4/ 49).

(2)

انظر: "فتح الباري" لابن حجر (1/ 238).

(3)

انظر: "الفروع" لابن مفلح (1/ 153).

ص: 306

قال ابن دقيق العيد: على القول بطرح الشك إذا طرأ في داخل الصلاة خاصةً، هذا له وجهٌ حسنٌ، وهو أن القاعدة: أن مورد النص إذا وجد فيه معنى يمكن أن يكون معتبراً في الحكم، فالأصل يقتضي اعتباره وعدم اطراحه.

قال: وهذا الحديث دليل على اطراح الشك إذا وجد في الصلاة، وكونه موجوداً في الصلاة معنًى يمكن أن يكون معتبراً، فإن الدخول في الصلاة مانعٌ (1) من إبطالها على [ما اقتضاه] (2) استدلالهم في مثل هذا بقوله - تعالى -:{وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 33]، فصارت صحة الصلاة أصلاً سابقاً على حالة الشك مانعاً من الإبطال، ولا يلزم من إلغاء الشك مع وجود المانع من اعتباره إلغاؤه مع عدم المانع وصحة العمل ظاهراً معنى يناسب عدم الالتفات بالشك يمكن اعتباره، فلا يمكن إلغاؤه.

قال: ومن أصحاب مالكٍ من قيد هذا الحكم -أعني: اطراح هذا الشك بقيدٍ آخر-، وهو أن يكون الشك في سبب حاضرٍ؛ كما في الحديث، حتى لو شك في تقدم الحدث على وقته الحاضر، لم تبح له الصلاة (3). وأطال في تقرير ذلك، مع أنه لا طائل تحته.

وقد روى عن الإمام مالك ابنُ نافعٍ: لا وضوء عليه مطلقاً؛ كقول الجمهور.

وروى ابن وهب عنه: أَحَبُّ إلي أن يتوضأ.

(1) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (1/ 238).

(2)

في الأصل: "مقتضاه"، والتصويب من "شرح العمدة" لابن دقيق.

(3)

انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (1/ 78 - 79).

ص: 307

قال الحافظ ابن حجر: ورواية التفصيل لم تثبت عنه، وإنما هي لأصحابه (1).

قلت: هذا التفصيل لو لم ترد السنة باطراحه، كان يمكن التعلق به، فكيف وقد أخرج مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا وجدَ أحدُكم في بطنه شيئاً، فأشكلَ عليه أخرجَ منه شيءٌ أم لا؟ فلا يخرجن من المسجد حتى يسمعَ صوتاً، أو يجدَ ريحاً"(2).

قوله: "فلا يخرجن من المسجد"؛ أي: من الصلاة. وصرح بذلك أبو داود في روايته.

قال الحافظ ابن حجر: قال [العراقي](3): وما ذهب إليه مالكٌ راجحٌ؛ لأنه احتياطٌ للصلاة، وهي مقصِدٌ، وألغى الشك في السبب المبرىء، وغيرُه احتاط للطهارة، وهي وسيلةٌ، وألغى الشكَّ في الحدث الناقض لها، والاحتياط في المقاصد أولى من الاحتياط للوسائل.

وجوابه: أن ذلك من حيث النظر قوي، ولكنه مغايرٌ لمدلول الحديث؛ لأنه أَمَرَ بعدم الانصراف إلى أن يتحقق (4).

وفي "شرح الوجيز" عن علمائنا: الشيء إذا كان على حال، فانتقالُه عنها يفتقر إلى زوالها وحدوثِ غيرها، وبقائها، وبقاءُ الأولى

(1) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (1/ 238).

(2)

رواه أبو داود (177)، كتاب: الطهارة، باب: إذا شك في الحدث.

(3)

في الأصل: "القرافى".

(4)

انظر: "فتح الباري" لابن حجر (1/ 238).

ص: 308

لا يفتقر إلا إلى مجرد بقائها، فيكون أولى (1).

وقد ورد في حديثٍ: "إنَّ الشيطان ينفخُ بين أليتي الرجل (2) "، يدل على إلغاء الشك، والله أعلم.

* * *

(1) انظر: "شرح العمدة" لشيخ الإسلام ابن تيمية (1/ 83)، و"المبدع" لابن مفلح (1/ 61).

(2)

قال الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير"(1/ 128): حديث: "إن الشيطان ليأتي لأحدكم فينفخ بين ألييه ..... "، قال ابن الرفعة في "المطلب": لم أظفر به، وقد ذكره البيهقي في "الخلافيات" عن الربيع، عن الشافعي: أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكره بغير إسناد، وكذلك ذكره المزني في "المختصر" عن الشافعي، نحوه بغير إسناد أيضاً، وفي الباب: عن أبي سعيد الخدري، وابن عباس. ا. هـ مختصراً.

ص: 309