الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الأول
عن المُغِيرَةَ بْنِ شُعْبَةَ رضي الله عنه، قالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم في سفَرٍ، فَأَهْوَيْتُ لِأَنْزِعَ خُفَّيْهِ، فقالَ:"دَعْهُمَا؛ فَإنِّي أَدْخَلْتُهُمَا طَاهِرَتَيْنِ"، فَمَسَحَ عَلَيْهمَا (1).
(1) * تَخْرِيج الحَدِيث:
رواه البخاري (203)، كتاب: الوضوء، باب: إذا أدخل رجليه وهما طاهرتان. ورواه أيضاً: (180)، كتاب: الوضوء، باب: الرجل يوضِّىء صاحبه، و (200)، باب: المسح على الخفين، و (356)، كتاب: الصلاة في الثياب، باب: الصلاة في الجبة الشامية، و (381)، باب: الصلاة في الخفاف، و (2761)، كتاب: الجهاد، باب: الجبة في السفر والحرب، و (4159)، كتاب: المغازي، باب: نزول النبي صلى الله عليه وسلم الحجر، و (5462)، كتاب: اللباس، باب: من لبس جبة ضيقة الكمين في السفر، و (5463)، باب: لبس جبة الصوف في الغزو. ورواه مسلم (274)، (1/ 228 - 230)، كتاب: الطهارة، باب: المسح على الخفين، وأبو داود (151)، كتاب: الطهارة، باب: المسح على الخفين، والنسائي (82)، كتاب: الطهارة، باب: صفة الوضوء، و (125)، باب: المسح على الخفين في السفر، والترمذي (100)، كتاب: الطهارة، باب: ما جاء في المسح على العمامة، وابن ماجه (545)، كتاب: الطهارة، باب: ما جاء في المسح على الخفين.
* مصَادر شرح الحَدِيث:
"معالم السنن" للخطابي (1/ 58)، و"عارضة الأحوذي" لابن العربي (1/ 150)، و"إكمال المعلم" للقاضي عياض (2/ 84)، و"المفهم" للقرطبي (1/ 529)، و"شرح مسلم" للنووي (3/ 170)، و"شرح =
(عن المغيرهْ) بضم الميم على الأشهر، وحكى ابنُ قتيبة والزمخشريُّ وغيرُهما كسرَها، والهاء فيه للمبالغة (بن شعبة) بنِ أبي عامر بن مسعود بن معتب، من ولد قيس عيلان -بالعين المهملة- ابنِ مضر بن نزار بنِ سعد بن عدنان، أبو عبد الله الثقفيُّ الكوفيُّ، الصحابيُّ الجليل رضي الله عنه أسلم عام الخندق، وقدم مهاجراً، وقيل: أول مشاهده الحُديبية، وكان رجلاً طُوالاً موصوفاً بالدهاء، قال الشعبي: دهاة العرب أربعة: معاويةُ بنُ أبي سفيان، وعمرُو بن العاص، والمغيرة بن شعبة، وزياد (1).
قال ابن الأثير: قيل: إن المغيرة أحصنَ ثلاثَ مئة امرأةٍ في الإسلام، وقيل: ألفاً، وكان ختنَ جرير بن عبد الله البجلى على ابنته.
قال الحافظ ابن الجوزي: وكان يلزم النبيَّ صلى الله عليه وسلم في مقامه وأسفاره، يحمل وضوءه معه، ورَمى خاتمَه في قبر النبي صلى الله عليه وسلم لما دفن، ثم نزل، دكان آخرَهم عهداً به صلى الله عليه وسلم فيما يقال، وولي من قبل عمر رضي الله عنهما الولايات، فولي له الكوفة بعد البصرة حتى قتل عمر، فأمَّره عثمانُ عليها، ثم عزله، وذهبت عينُه يومَ اليرموك، ثم ولَاّه معاويةُ على الكوفة، فمات بها سنة خمسين، أو إحدى وخمسين، وهو ابن سبعين سنة، روي له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مئةٌ وستة وثلاثون حديثاً، اتفقا منها على سبعة، وللبخاري حديث، ولمسلم حديثان (2).
= عمدة الأحكام" لابن دقيق (1/ 72)، و"النكت على العمدة" للزركشي (ص: 37)، و"فتح الباري" لابن حجر (1/ 307) ، و"عمدة القاري" للعيني (3/ 102)، و"سبل السلام" للصنعاني (1/ 75)، و"نيل الأوطار" للشوكاني (1/ 227).
(1)
رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق"(19/ 182).
(2)
وانظر ترجمته في: "الطبقات الكبرى" لابن سعد (4/ 285)، و"التاريخ الكبير" =
فمما اتفقا عليه ما أخرجا عنه، قال: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر من أسفاره، فقال:"يا مغيرة! خُذِ الإداوةَ"، فأخذتها، ثم خرجت معه، فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى توارى عني، فقضى حاجته، ثم جاء وعليه جُبَّة شامية ضيقةُ الكمين، فذهب يُخرج يدَه من كمِّها، فضاقت، فأخرج يده من أسفلها، فصببتُ عليه، فتوضأ وضوءه للصلاة، ثم مسح على خفيه، ثم صلى بنا، ولم يقل البخاري: بنا (1).
وفي لفظ: في هذا الخبر: (قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم) ذات ليلة (في سفر)، فقال لي:"أمعك ماء؟ "، قلت: نعم، فنزل عن راحلته، فمشى حتى توارى في سواد الليل، ثم جاء، فأفرغت عليه من الإداوة، فغسل وجهه، وعليه جبة من صوف، فلم يستطع أن يُخرج ذراعيه منها حتى أخرجهما من أسفل الجبة، فغسل ذراعيه، ومسح برأسه، (فأهويتُ)، وفي لفظ: ثم أهويت؛ أي: مِلْتُ إليه ومددت يدي (لأنزع)؛ أي: لأجذبَ وأقلع (خفيهِ) صلى الله عليه وسلم -تثنية خف- بالضم -: وهو المعروف الذي يُلبس في الرجلين.
(فقال) عليه الصلاة والسلام: (دَعْهما) في رجلَيَّ؛ أي: اتركهما فلا تنزِعْهما؛ (فإني أدخلتهما)؛ أي: أدخلت رجليَّ في الخفين حالَ كونهما (طاهرتين).
= (7/ 216)، و"الثقات" لابن حبان (3/ 372)، و"الاستيعاب" لابن عبد البر (4/ 1445)، و"تاريخ بغداد"(1/ 191)، و"تاريخ دمشق" لابن عساكر (60/ 13)، و"المنتظم" لابن الجوزي (5/ 237)، و"أسد الغابة" لابن الأثير (5/ 238)، و"تهذيب الكمال" للمزي (28/ 369)، و"سير أعلام النبلاء" للذهبي (3/ 21)، و"الإصابة في تمييز الصحابة" لابن حجر (6/ 197)، و"تهذيب التهذيب" له أيضاً (10/ 234).
(1)
وتقدم تخريجه في حديث الباب.
وإذا كانتا كذلك، فيجزىء المسحُ على الخفين عن غسلهما، ونقل الإمام إخراجهما، (فمسح) صلى الله عليه وسلم (عليهما)؛ أي: الخفين الساترين للكعبين من الرجلين.
وقد استدل بقوله: "فإني أدخلتُهما طاهرتين" على اشتراط لبسِهما بعد كمال الطهارة؛ لأنه عليه السلام علل عدمَ نزعهما بإدخالهما طاهرتين، ومفهومه: أن إدخالهما غير طاهرتين يقتضي النزع، وأصرَحُ من هذا - على اعتبار لبس الخفين بعد كمال الطهارة - حديثُ المغيرة بن شعبة رضي الله عنه، قال: قلت: يا رسول الله! أيمسح أحدنا على خفيه؟ قال: "نعم، إذا أدخلهما وهما طاهرتان" رواه الدارقطني (1).
فإن قوله: "أدخلتُهما" يقتضي كل واحدة منهما.
وقوله: "وهما طاهرتان" حالٌ من كل واحدة منهما، فيصير التقدير: إذا أُدخلت كلُّ واحدةٍ في حال طهارتها، فذلك إنما يكون في كمال الطهارة، فلو غسل إحدى رجليه، فأدخلهما الخفَّ، ثم غسل الأخرى، وأدخلها الخفَّ، لم يجز المسح؛ لأنه أدخل الرِّجلَ الأولى قبل كمال الطهارة.
فإن نزعها، ثم أدخلها الخف، جاز المسح؛ لأنه حينئذ يكون قد لبسهما بعد كمال الطهارة، وهذا وفاقاً للشافعي، وإسحاق، ونحوُه عن مالك.
وكذا حكمُ غير الخفِّ من كل ممسوح، فلو مسح رأسه، ولبس العمامة المحنكة، أو ذات الذؤابة، لم يَسُغْ له المسح عليها حتى ينزعها، فيلبَسها
(1) رواه الدارقطني في "سننه"(1/ 197)، والحميدي في "مسنده"(758). ورواه البيهقي في "السنن الكبرى"(1/ 282)، وابن عبد البر في "التمهيد"(11/ 129)، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه موقوفاً.
بعد كمال طهارته، ولأنه لا يصدُق على عضو من أعضاء الوضوء أنه طاهر إلا بعد كمال طهارة سائر الأعضاء، وأما قبل ذلك، فطهارته متوقفةٌ ومراعية بكمال طهارة بقية أعضاء الوضوء، حيث قلنا بالترتيب، وهو الصحيح المعتمد على ما تقدم.