الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من مكسورين، لطفا من الله عز وجل وتدبيرا (1) من الحكمة حتى عجّزهم الله عمّا كانوا عليه عازمين {وَرَدَّ اللهُ <الَّذِينَ> كَفَرُوا <بِغَيْظِهِمْ> لَمْ يَنالُوا خَيْراً وَكَفَى اللهُ <الْمُؤْمِنِينَ> الْقِتالَ} (3)
ووصل أخبار رجوعهم فى شهر جمادى الأولى (4). وكان قد أخليت دمشق بأسرها مع جميع بلاد الشأم من سكّانه وأهله وقطّانه إلاّ من عجز عن الحركة ضعفا. وكان قبل رحيل الركاب الشريف وعوده إلى الديار المصريّة قد جرّد الأمير سيف الدين بكتمر السلحدار والأمير بهاء الدين يعقوبا بألفى فارس إلى دمشق. فكان دخولهم إليها سابع شهر جمادى الأولى. ثمّ حضرت القصّاد وأخبروا برحيل غازان وعوده إلى بلاده، وقطع الفراة حادى عشر جمادى الأوّل، وصحّت الأخبار بذلك، والله أعلم
ذكر لباس النصارى واليهود الأزرق والأصفر
السبب فى ذلك وصول وزير صاحب الغرب يريد الحجّ (12) إلى بيت الله الحرام، فوجد النصارى واليهود بالشاشات البيض السلعانيّة واللبس الحرير والبقايير، ولا يفرّق بينهم وبين المسلمين إلاّ الزنّار، واليهودى (14) العلامة الصفرا فى عمامته
وقيل: كانت هذه الواقعة أنّه كان رأى الصاحب أمين الدين أمين الملك ابن العنّام (17)، وهو يوم ذاك نصرانىّ وعليه بقيار ولبس حرير. وكان يخدم
(1) تدبيرا: تدبير
(3)
السورة 33 الآية 25
(4)
الأولى: كان أصله «الاخره» ، مصحح بالهامش--أخليت: اخلت
(12)
الحج: الحاج
(14)
واليهودى: واليهود
(17)
العنام: يرد فى الأصل أحيانا «الغنام»
يومئذ مستوفى الصحبة الشريفة. ونظر الأمراء والناس من الكبار يبجّلونه ويقفون له قياما. فسأل عنه <فقيل:> إنّه نصرانى. فصعب عليه ولحقته الغيرة الإسلاميّة
فتحدّث مع الأمير سيف الدين سلاّر والأمير ركن الدين بيبرس الجاشنكير. وأحضر بين يدى المواقف الشريفة السلطانيّة أعزّ الله أنصارها.
واستحضر أحاديث صحيحة مرويّة عن النبىّ صلى الله عليه وسلم من «كتاب الوظايف» وعن أمير المؤمنين عمر بن الخطّاب رضى الله عنه، أنّ عهد ذمّتهم قد انقضت من سنة ستّ ماية هجريّة. فكان ممّا أورد قال: إنّ أوّل من وضع الديوان فى الإسلام الإمام عمر بن الخطاب رضى الله عنه حين أحضر له أبو هريرة رضى الله عنه مالا كثيرا من عمل البحرين. فقام إليه رجل من الأنصار وقال: رأيت الأعاجم تدوّن ديوانا فدوّن أنت أيضا ديوانا! -وقال خالد بن الوليد رضى الله عنه: قد كنت بالشأم ورأيت ملوكها دوّنوا ديوانا. فدوّن أنت ديوانا! -وإنّما سمّى الكتبة ديوانا لأنّ كسرى نوشروان رآهم يحسبون مع أنفسهم. فقال: هؤلاء ديوانه.
والديوان باللغة الفارسيّة هى أمّ الشياطين. فسمّى الكتّاب بذلك لحذقهم ووقوفهم على الجلىّ والخفىّ. ثمّ سمّى مكانهم باسمهم. فقيل ديوان.
ومن شرط من ينصّب فى الديوان ان يكون مسلما أمينا ضابطا سؤسا شفوقا على الإسلام. قال الله تعالى {لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} (19) وقال تعالى {لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ} (20) وقال صلى الله عليه وسلم: لا تؤمّنوهم وقد خوّفهم الله ولا تقرّبوهم وقد أبعدهم الله
(19) السورة 3 الآية 28
(20)
السورة 5 الآية 51
وروى أنّ المتوكّل على الله أقصى اليهود والنصارى ولم يستعملهم وأذلّهم وخالف بين زيّهم وزىّ المسلمين، وجعل على أبوابهم علامات بالدهان مثل الشياطين
ولمّا استقدم عمر بن الخطّاب رضى الله عنه أبا موسى الأشعرىّ من البصرة-وكان عاملا عليها للحساب-دخل على عمر رضى الله عنه وهو فى المسجد. فاستأذن عليه لكاتبه وهو نصرانىّ. فقال له عمر رضى الله عنه: قاتلك الله! وضرب بيده على فخذه، ولّيت ذمّيّا على المسلمين.
أما سمعت قول الله تعالى: (8){يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ) (9)} مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ (10) ألاّ اتّخذت حنيفا. فقال: يا امير المؤمنين، لى كفايته وله دينه. فلا أكبرهم إذ أهانهم الله، ولا أعزّهم إذ أذلّهم الله، ولا أدنيهم إذ أقصاهم الله!
وقال عمران بن أسد: أتانا كتاب عمر بن عبد العزيز إلى محمد ابن المبشّر، وهو يقول فيه: أمّا بعد، فإنّه بلغنى أنّ فى عملك رجلا يقال له حسّان يروى على غير دين الإسلام، والله تعالى يقول (16){يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اِتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفّارَ أَوْلِياءَ وَاِتَّقُوا اللهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (19) فإذا أتاك كتابى هذا فادع حسّان إلى الإسلام! فإن أسلم فهو منّا ونحن منه، وإن أبى فلا تستعن
(8 - 10) السورة 5 الآية 51
(9)
ومن يتولهم: فمن يتوله
(16 - 19) السورة 5 الآية 57
به، ولا تأخذ من غير أهل الإسلام على شئ من عمل المسلمين.
فقرأ الكتاب على حسّان فأسلم وعلّمه الطهارة والصلاة
ولمّا خرج النبىّ صلى الله عليه وسلم إلى غزاة بدر تبعه رجل من المشركين، فلحقه عند الحرّة، فقال: إنّى أريد أن أتبعك وأصيب معك-. قال: تؤمن بالله ورسوله؟ -قال: لا. -قال: ارجع! فلن أستعين (5) بمشرك. -ثمّ لحقه عند الشجرة، ففرح به أصحاب النبىّ صلى الله عليه وسلم، وكانت له قوّة وجلد، فقال: جيت لأتبعك وأصيب معك. - قال: تؤمن بالله ورسوله؟ -قال: لا. -قال: ارجع! فلن أستعين (8) بمشرك. - قال: ثمّ لحقه على ظهر البيدا فقال له مثل ذلك. فقال تؤمن بالله ورسوله؟ -قال: نعم، -فخرج به. وهذا دليل عظيم فى أنّ الاستعان <بمشرك> لا يكون البتّة. هذا وقد خرج معه صلى الله عليه وسلم، يقاتل ويراق دمه. فكيف استعماله على رقاب المسلمين؟ وحكى عن علىّ بن حمزة الكسائىّ أنّه كان يقرئ بعض الخلفاء من وراء حجاب، فوصل إلى قوله تعالى {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ} (15) الآية، فدقّ الكسائىّ بيده على الأرض، وكانت عادته ألاّ يدقّ بيده إلاّ إذا غلط الخليفة. فأعاد الخليفة الآية صحيحة، فأعاد الكسائىّ الدقّ، كذلك ثلاث مرار، ففهم الخليفة. وكان عنده ذمّىّ قد ولاّه أمور الرعيّة. فقام الخليفة لوقته وأحضر رأس الذمّىّ وأخرجها للكسائىّ من تحت الستارة، وقرأ فلم يعاود الدقّ
(5) أستعين: استعن
(8)
أستعين: استعن
(15)
السورة 5 الآية 51
وشرح وزير المغرب من هذا التأكيد لعدم الاستعانة بالذمّة فى أمور المسلمين شيئا (2) كثيرا جدا بروايات صحيحة من عدّة وجوه فأثّر ذلك عند مولانا السلطان عزّ نصره وعند الأمرا، فأمر أن يلبسوهم الأزرق والأصفر والأحمر للسمرة من اليهود. وأسلم منهم فى تلك النوبة جماعة، منهم أمين الدين أمين الملك بن العنام. وكان لبسهم ذلك يوم الخميس العشرين من شهر رجب من هذه السنة
وفيها فى تاسع ذى القعدة وصل من الشأم المحروس أمير (7) يسمّى أنص، يخبر بحركة غازان وأنّه قد أرسل قدّامه رسولا (8)، وكان هذه عادتهم من قبل هذا الوقت الذى وضعت فيه هذا التأريخ: إذا أرسلوا رسولا يكونون خلفه. وإنّما فى هذا الوقت المبارك لما حصل من الصلح معهم لما دخل فى قلوبهم من الهيبة السلطانيّة الناصريّة عادت لا تكاد رسلهم (تنقطع، بل (12)) واصلين إلى الأبواب الشريفة بالتحف والهدايا الحسنة كما يأتى ذكر ذلك فى تأريخ سنيه إنشاء الله تعالى ولقد أذكر فى وقت. وكان قد وصلت رسل التتار، وكان الوالد سقى الله عهده فى ذلك التأريخ مهمندارا بدمشق المحروسة، وذلك فى سنة عشر وسبع ماية. وكان النايب بدمشق يومئذ الأمير سيف الدين كراى المنصورىّ رحمه الله. فحصل من الوالد فى حقّهم خدمة جيّدة فى وقت ورودهم وعند مصدرهم وعودهم من الأبواب الشريفة. وكان قد أعجبهم الوالد رحمه الله واستحسنوا شكله وفعله، فأوعدوه الإحسان عن عودتهم من الأبواب العالية. فعرّف الوالد للأمير سيف الدين كراى ملك الأمرا ذلك، حتى عاد فى كلّ
(2) شيئا كثيرا: شئ كثير
(7)
أمير: اميرا
(8)
رسولا: رسول
(12)
تنقطع بل: بالهامش
وقت يمازح الوالد ويقول له: يا جمال الدين، لا تأكل الهديّة وحدك وأشركنا فيما أوعدوك به. فلمّا عادوا وتلقّاهم الوالد من الكسوة وخدمهم أتمّ خدمة، وهم كثيرين الإعجاب به والثناء عليه، ولم يزل معهم إلى القابون يشيّعهم. فضربوا بينهم مشورا زمانا طويلا. ثمّ أخرجوا للوالد ثلاثة طوامير عظم وحلقتين طسما (5) وقالوا له: اشكر إحسان القآن إليك. -فلمّا عاد إلى ملك الأمرا أحضر إليه ذلك الإنعام العظيم.
فضحك كراى وقال: يا جمال الدين، والله لولا أنت عندهم تشبه تومان ما أعطوك هذا. -فقال: يا خوند، الهديّة لمن حضر. -فأخذهم منه وأخلع عليه خلعة كاملة مصمت (9). وإنّما ذكرت هذه الواقعة لما كانوا عليه التتار من كبر الأنفس فى ذلك الوقت ولما تهذّبوا فى أيّام مولانا السلطان وعادوا يحضرون بالأموال الجليلة، والجوارى الحسان الجميلة، حسبما نذكر من ذلك إنشاء الله تعالى
ثمّ وصل بعد أيّام البريد المنصور وأخبر أنّ رسول التتار دخل دمشق ليلة الثلثا الثالث والعشرين من ذى القعدة، وأنزلوهم بالقلعة وأنّهم فى دون العشرين نفر. فأقاموا بدمشق أيّاما وتركوا أثقالهم وغلمانهم بدمشق.
وأحضروا على البريد المنصور، وصحبتهم المعتمد وكانوا ثلاثة نفر وهم القاضى ضيا الدين بن بهاء الدين بن يونس الشافعىّ، خطيب الموصل.
وقاضيها، وصحبته آخر من المغل. ومعهما غلام لهم. فوصلوا القلعة المحروسة ليلة الاثنين خامس عشر ذى الحجّة (19)، فأقبل عليهم مولانا السلطان غاية الإقبال وأحسن نزلهم وأوفر (20) رواتبهم. فلمّا كان عصر
(5) طما: كذا فى الأصل
(9)
مصمت: كذا فى الأصل ولعل صوابه «مسمّطة»
(19)
ذى الحجة: ذى القعدة، مصحح بالهامش
(20)
وأوفر: واوفروا
يوم الثلثا لبسوا الأمراء والمقدّمين وأكابر الحلقة ومماليك مولانا السلطان أفخر الملابس، وأوقدت الشموع واستحضروا بعد عشا الآخرة. وحضر القاضى ضيا الدين وعلى رأسه طرحة. وقام وخطب خطبة بليغة، وذكر فى أثنايها آيات كثيرة من القرآن العظيم تتضمّن معانى الصلح واتّفاق الكلمة، وأردف ذلك بأحاديث صحيحة. ثمّ إنّه بسط يديه ودعا لمولانا السلطان الملك الناصر عزّ نصره، ثمّ لغازان من بعده، ثمّ للأمرا، ثمّ لكافّة المسلمين. ثمّ أدّى الرسالة، ومضمونها أنّ ما قصدهم إلاّ الصلح.
ثمّ دفع من يده كتابا مختوما (8) بخطّ مغلىّ بغير عنوان، قطع نصف البغدادىّ، فأخذ منه، ولم يقرأ فى تلك الليلة. وعاد الرسول إلى مكانه المهمانخاناه (10). فلمّا كان ليلة الخميس أحضر مولانا السلطان الموالى الأمرا من أرباب المشور، وقرئ الكتاب، فكان ما هذا نسخته:
بقوّة الله تعالى
وإهداء السلام إليكم! إنّ الله تعالى جعلنا وإيّاكم من أهل ملّة واحدة، وشرّفنا بالإسلام وأيّدنا بنصره لإقامة مناره وتكبير شعاره
وما كان بيننا وبينكم إلاّ بقضاء الله وقدره، وما ذاك إلاّ بما كسبت أيديكم {وَما رَبُّكَ بِظَلاّمٍ لِلْعَبِيدِ} (16) وسبب ذلك أنّ عساكركم غاروا على ماردين وبلادها فى شهر رمضان المعظّم الذى يعظّمه الأمم فى ساير الأقطار، ويغلّل فيه الشيطان وتغلّق فيه أبواب النار. فطرقوا البلاد {عَلى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِها} (19) وهتكوا محارم الله عز وجل سرعة بغير مهلة، وأكلوا الحرام، وركبوا الآثام، وفعلوا ما لا تفعله عبّاد الأصنام، فأتونا أهل
(8) كتابا مختوما: كتاب مختوم
(10)
المهمانخاناه: المهماخاناه
(16)
السورة 41 الآية 46
(19)
السورة 28 الآية 15
ماردين، وبلادها مستصرخين، مسارعين ملهوفين، بالأطفال والحريم. وقد استولى عليهم الشقا بعد النعيم، فوقفوا بأبوابنا، ولاذوا بجنابنا
فهزّتنا نخوة الكرام، وحرّكتنا حميّة الإسلام، فركبنا على الفور بمن كان معنا، ولم يسعنا أن نجمع بقية جيوشنا، وقدّمنا قدّامنا النيّة، وعاهدنا الله على ما يرضيه عند بلوغ الأمنيّة، وعلمنا أنّ الله لا يرضى لعباده أن يسعوا فى الأرض بالفساد. وأنّه ليغضب لهتك الحريم والأولاد، فما كان إلاّ أن لقيناكم بنيّة صادقة، وقلوب على حميّة الدين موافقة {وَمَزَّقْناهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ} (8) والذى ساقنا إليكم، هو الذى نصرنا عليكم، فما مثلكم إلاّ كمثل {قَرْيَةً كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً} (9) فولّيتم الأدبار، وركنتم إلى الفرار، واعتصمتم من سيوفنا بالفرار، فعفونا عنكم بعد الاقتدار، ورفعنا عنكم السيف البتّار، وتقدّمنا إلى جيوشنا أن لا يسعوا فى الأرض كما سعيتم، وأن ينشروا من العدل ما طويتم، ولو قدرتم ما عفيتم ولا عفّيتم، ولا نقلّدكم بذلك منّة، بل حكم الإسلام فى البغاة كذلك. وكان جميع ما جرى فى سابق القدم. ومن قبل كونه جرى به القلم
ثمّ لمّا أن رأينا (15) أنّ الرعيّة قد تضوّروا بمقامنا فى الشام. لكثرة جيوشنا لمشاركتهم فى الشراب والطعام. ولما حصل فى قلوب الرعيّة من الرعب، عند معاينة جيوشنا التى هى كطبقات السحب. فأردنا (17) أن نسكّن روعهم برحيلنا من أرضهم بالنصر والتأييد، والعلوّ والمزيد. وتركنا عندهم من جيشنا من يتونّس بهم، ويعود فى أمرها إليهم، ويحرسهم من التعدّى بعضهم على بعض، بحيث إنّكم {ضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ} (20)
(8) قارن السورة 34 الآية 19
(9)
السورة 16 الآية 112
(15)
رأينا: رينا
(17)
فأردنا: فادنا
(20)
السورة 9 الآية 25 - -عليكم: بكم
إلى أن يستقرّ جأشكم، وتبصروا أرشادكم، وتسيروا إلى الشأم تحفظونه من أعدايكم المتقدّمين، وأكرادكم المتمرّدين، فقدّمنا أمرنا إلى مقدّمى تومانين من جيوشنا، أنّهم متى سمعوا بقدوم أحد منكم أن يعودوا إلينا بسلام، ويلحقوا ركابنا بدار السلام، فعادوا إلينا بالنصر المبين، والحمد لله ربّ العالمين
والآن فإنّا وإيّاكم على كلمة الإسلام مجتمعين. وما كان بيننا ما يفرّق كلمتنا إلاّ من فعلكم فى ماردين. وقد أخذنا منكم بالقصاص، وهذا جزا كلّ عاص. فلنرجع الآن إلى إصلاح الرعايا، ونجتهد نحن وأنتم فى العدل فى ساير القضايا! فقه انضرّت بيننا وبينكم حال البلاد وسكّانها، ومنع الرعيّة الخوف القرار فى أوطانها، وتعذّر سفر التجّار، وتوقّف حال المعاش لانقطاع البضايع والأسفار، ونحن نعلم أنّا نسأل عن ذلك ونحاسب عليه، وأنّ الله لا يخفى شى فى الأرض ولا فى السماء عليه (12)، وأنّ كلّ ما كان وما يكون فى كتاب مبين {لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلاّ أَحْصاها} (14) وأنت تعلم أيّها الملك الجليل، أنّنى أنا وأنت مسئولون عن الكثير والقليل، وكذلك فإنّا مسئولون ومطالبون عمّا جناه، أقلّ من ولّيناه. وإنّ مصيرنا إلى الله، فإنّا معتقدون الإسلام سرّا وعلانية، عاملون بفروضه فى كلّ وصيّة
وقد حمّلنا قاضى القضاة حّجة الإسلام بقيّة السلف ضيا الدين أبا (19) عبد الله محمدا أعزّه الله تعالى شفاهة يعيدها على سمع الملك، والعمدة
(12) قارن السورة 14 الآية 38
(14)
السورة 18 الآية 49
(19)
أبا: ابى--محمدا: محمد
عليها. فإذا عاد من الملك الجواب، فليسيّر إلينا هدية الديار المصرّية كهدايا الأحباب، لنعلم أنّ بإرسال الهدّية، قد حصل منكم فى إجابتنا إلى للصلح نيّة، ونهدى من بلادنا ما يليق أن يهدى إليكم، والسلام الطيّب منّا عليكم إنشا الله تعالى!
ولمّا حصل الوقوف على هذا الكتاب استشار الموالى الأمرا فى الجواب.
فطلبوا قاضى القضاة ضيا الدين الرسول المذكور وقالوا له: أنت من كبار الأيمّة والعلماء ومن خيار المسلمين، وتعلم ما يجب عليك وعلى كلّ مسلم من النصح للإسلام ولهذا الدين، وتعلم أنّ نحن ما نتعاهد الحرب والقتال إلاّ لقيام دين الإسلام، فإنّ هذا الأمر قد فعلوه حيلة ودهاء.
فنحن نحلف لك بالله، الذى {لا إِلهَ إِلاّ هُوَ} (10) ما يطّلع أحد من خلق الله تعالى على نصحك للإسلام. ورغّبوه فيما فيه الرغبة. فحلف أيمانا مؤكّدة (12) أنّه ما يعلم من غازان وخواصّه غير الصلح وحقن الدماء ورواح التجّار ومجيهم وصلاح الرعيّة. ثمّ قال لهم فى أثناء كلامه: ومن المصلحة أنّكم تتقوّوا وتبقوا على ما أنتم عليه من الاحتراز والاهتمام لعدوّكم، وأنتم فلكم عادة فى كلّ سنة تخرجون الجيوش لحفظ أطراف بلادكم تجاريدا، فتكونون على عادتكم فى ذلك. فإن كان هذا الأمر صحيحا (16) أو خديعة ظهر لكم بعد ذلك. فلمّا سمعوا منه هذا الكلام تحقّقوا أنّه كلام ليس فيه غشّ ولا مكر منه. ثمّ شرعوا فى تجهيز رسول، وجواب غازان على يده، كما يأتى ذكر ذلك فى سنة إحدى وسبع ماية إنشا الله تعالى.
(10) السورة 9 الآية 129 - -أحد: احدا
(12)
مؤكدة: مأكده
(16)
صحيحا: صحيح