الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفيها خرج الأمير جمال الدين آقوش الأفرم نايب الشأم المحروس من دمشق المحروسة وتوجّه إلى جبل الكسروان، وتوجّه معه زردخاناه وحجّارين ونقّابين، وصحبته من الرجّالة ما يزيد عن خمسين ألف راجل، ولم يزل يحصرهم ويبيدهم حتى أخلى منهم، وأراح الله تعالى من فسادهم العباد
ذكر ما كان بين عسكر حلب وأهل سيس
لمّا كان فى شهر المحرّم أوّل هذه السنة دخل عسكر حلب إلى بلاد سيس غيارة عليهم. وكان المقدّم على الجيش الأمير سيف الدين قشتمر المنصورىّ المعروف بمملوك قراسنقر. وكان ابن قطلو شاه مقدّم التتار فى جماعة من المغل بأطراف الروم فى ثلاثة آلاف فارس. وكانوا قد تبعوا والدة الأمير سيف الدين سلاّر وإخوته. فلم يدركوهم فسيّر إليهم صاحب سيس يستنجد بهم. فلمّا حضروا إليه نفق فيهم وأعطى كلّ نفر سبع ماية درهم سلطانيّة. وكان عنده أيضا جماعة كبيرة متجمّعة من مرنده (13) وإفرنج وأرمن. فكان جمعهم تقدير ستّة آلاف فارس. وكانوا المسلمين فى نحو من عشرة آلاف فارس. فلمّا كان ليلة أوّل رأس هذه السنة بلغهم أنّ العدوّ طالبهم فى جمع كثير. فقال ابن جاجا لقشتمر: المصلحة أن نرحل بهذه الغنايم التى قد حصلت ونخرج قبل أن يدركنا العدوّ فى بلاده
(13) مرندة: كذا فى الأصل
وكان قشتمر رجلا شجاعا عفيّا (1)، وكان قوسه سبعين رطلا دمشقيّا. هذا أقوله بالمشاهدة، فإنّه كان جارنا فى حارة الباطليّة بالقاهرة المحروسة، وكان له ولد اسمه أمير عمر، ربّينا جميعا فى حارة واحدة. وكان قشتمر له حظّ (4) وافر من العفا والقوّة، وكان يجعل البطّيخة الخضرا فى بركة (5) الماء ويكمش بيده منها، فيخرج منها ملو كفّه. وكذلك كان يجعل السفرجلة على راحة كفّه ويطعنها بسبّابته يخرقها إلى الجانب الآخر. وله عدّة أشيا من مثل ذلك، لكن إذا أراد الله أمرا (7) بلغه. وكان عيبه أنّه ما كان يكاد يصحى مدمن خمر عفا الله عنه. قال الناقل: فقال قشتمر لما يظنّه من نفسه: أيش هم هؤلاء الخنازير؟ أنا وحدى ألتقيهم. -فقال له ابن جاجا: هذا قول الملوك المتوكّلين على الله، وأنت تحدّثنى (10) فى غير عقلك. -ثمّ ركب ابن جاجا من ساعته وصحبه أكثر من ثلث العسكر، وساق الليل كلّه وتعلّق فى الجبال فنجا هو ومن كان معه. فلمّا كان بكرة النهار أشرف العدوّ المخذول بالعدّة والعديد. فلمّا وقعت العين فى العين هربوا المسلمين من غير قتال، ولا نزال. فقتل منهم الأكثر، وأسروا الباقى. وأسر ستّة أمرا من أمرا حلب، من جملتهم فتح الدين بن صبرا، وقتل قشتمر رحمه الله وعفا عنه، وكان هذا وهنا عظيما (16) حصل، فلا حول ولا قوّة إلاّ بالله العلىّ العظيم
وفيها ظهر بمعدن الزمرّد الذى بصعيد مصر قطعة زمرّد مطاولة غشيم، زنتها مايتى خمسة وأربعين مثقالا محرّرا، وهذا شى ما عهد بمثله من قبل.
(1) رجلا شجاعا عفيا: رجل شجاع عفى
(4)
حظ: حض
(5)
بركة: البركة
(7)
أمرا: امر
(10)
تحدثنى: فتحدثنى
(16)
وهنا عظيما: وهن عظيم