الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر [حوادث] سنة إحدى وعشرين وسبع ماية
النيل المبارك فى هذه السنة: الماء القديم. مبلغ الزيادة ستّة عشر ذراعا (2) واثنا عشر إصبعا
ما لخص من الحوادث
الخليفة: الإمام المستكفى بالله أبو (5) الربيع سليمان أمير المؤمنين، ومولانا السلطان الأعظم: الملك الناصر سلطان الإسلام، وأيّامه لذاذة كالأحلام، والنوّاب بمصر والشام، حسبما سقنا من الكلام، فيما تقدّم فى ذلك العام، وكذلك ساير الملوك، على هذا السلوك
فيها حجّت الآدر الشريفة طغاى، صان الله حجابها، وخرج فى خدمتها جماعة من الأمرا الكبار، فكانوا حجّابها، وهم: الأمير سيف الدين قجليس أمير سلاح من الديار المصريّة، والأمير سيف الدين تنكز نايب الشأم.
وتوجّه بين يديها الكوسات والعصايب السلطانيّة والسناجق. ورتّب القاضى كريم الدين الكبير فى خدمتها، وخرج فى ركاب محفّتها. وحمل الخضراوات مزروعة مباقل على الجمال، واهتمّ همّة ما رأى (14) الناس مثلها إلاّ إن كانت حجّة جميلة بنت ناصر الدولة، إحدى بنات ملوك بنى بويه الديالمة، وقد ذكرتها فى كتابى المسمّى «بحدايق الأحداق ودقايق الحذّاق» وإنّ من جملة ما فعلت أنّها أسقت الناس بالموسم فى جميع أيّام التشريق السويق بالسكّر الطبرزد، بالثلج مبرّد، وأنّها أخلعت على الجبل بعد لبس المخيط ألفا (19) وثمان ماية خلعة، وفرّقت من الذهب العين ثلاثين ألف دينار وأشيا ذكرها أبو منصور الثعالبىّ فى كتابه المسمّى «لطايف المعارف» وهى أوّل
(2) ذراعا: داعا
(5)
أبو: ابى
(14)
رأى: راء
(19)
ألفا: ألف
من استنّت محامل البقولات مزروعة على أظهر الجمال مع عدّة من أصناف الرياحين، وكذلك كانت حجّة الآدر الشريفة خوند طغاى فى أيّام مولانا وسيّدنا ومالك الرقبا (3) السلطان الأعظم الملك الناصر عزّ نصره
وفيها كان بدوّ الحريق العظيم بمصر والقاهرة. وكان من فعل النصارى، وسببه أن برز المرسوم الشريف بخراب كنيسة الكرج التى كانت تعرف بالحمرا. فشرع العامّة فى هدم عدّة من الكنايس وهم: كنيسة الزهرى، كنيسة أبى (7) متّى، كنيسة السبع سقايات، كنيسة الفهادين، كنيسة حارة برجوان، كنيسة رملة الحسينيّة، كنيسة بالقاهرة، الجملة سبع كنايس أخربوها العامّة ونهبوا منها (9) أشيا كثيرة. فشرعوا النصارى فى الحريق بمصر والقاهرة فى ساير الأماكن. ولقد بلغنى أنّهم تسمّوا بالمجاهدين، وهم الذين كانوا تجرّدوا لهذا الفعل. وكانوا يرمون الخرق المحشوّة بالزيت والكبريت ويؤرّثون فيها النار ويحذفونها فى أسطحة البيوت ويدفنونها تحت الأبواب الخشب. وعادت أيّام شنيعة، وكلّ أحد خايف وجل على نفسه وملكه وماله. وأحرقت عدّة دور حسنة لها صورة. وعادوا النصارى يزعمون أنّ النار تنزل من السما، ليوهموا أنّ ذلك لسبب خراب كنايسهم.
ثمّ إن النصارى طلبوا فاختفوا، ومسك منهم جماعة، وعوقبوا، فمنهم من أقرّ ومنهم من احتمل العقوبة ولم يقرّ
وفيها رجمت العامّة القاضى كريم الدين الكبير عند خروجه من الميدان ورجع هاربا، ومسك جماعة منهم الولاية وعوقبوا. ثمّ إنّ ذلك كان أوّل بدوّ خمول القاضى كريم الدين، فنعوذ بالله من الخمول الذى يؤول إلى زوال النعم
(3) الرقبا: رقبا
(7)
أبى: أبو
(9)
منها: منهم