المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر ما جرى فى هذه السنة بين ملوك الهند - كنز الدرر وجامع الغرر - جـ ٩

[ابن الدواداري]

فهرس الكتاب

- ‌ذكر الوقعة التى كانت بين التتارودخول سلامش الديار المصريّة

- ‌ذكر [حوادث] سنة تسع وتسعين وستّ ماية

- ‌ما يخصّ من الحوادث

- ‌ذكر وقعة نوبة غازان بوادى الخزندار

- ‌ذكر ما جرى لدمشق من الأحوال الناكدة

- ‌ذكر رجوع غازان إلى الشرق

- ‌ذكر عودة جيوش الإسلامبالنصر إلى بلاد الشام

- ‌ذكر [حوادث] سنة سبع ماية هجريّة

- ‌ولنذكر الآن ما يخصّ حوادث الزمان:

- ‌ذكر عودة غازان خايب الآمال

- ‌ذكر لباس النصارى واليهود الأزرق والأصفر

- ‌ذكر ما جرى فى هذه السنة بين ملوك الهند

- ‌ذكر [حوادث] سنة إحدى وسبع ماية

- ‌ما يخصّ من الحوادث

- ‌ذكر ما جرى للمجيرى عند حضورهبين يدى غازان

- ‌ذكر [حوادث] سنة اثنتين وسبع ماية

- ‌ما يخصّ من الحوادث

- ‌ذكر نصرة الإسلام على التتار الليام

- ‌ذكر حدوث الزلزلة فى هذه السنة

- ‌ذكر ما جاء من القول فى حدوث الزلزلة

- ‌ومن كتاب عجايب المخلوقات وبدايع الموجودات

- ‌ذكر [حوادث] سنة ثلاث وسبع ماية

- ‌ما يخصّ من الحوادث

- ‌ذكر دخول العساكر الإسلاميّة سيس

- ‌ذكر وفاة غازان وتملك خدابنداه

- ‌ذكر [حوادث] سنة أربع وسبع ماية

- ‌ما يخصّ من الحوادث

- ‌[نسخة مكتوب السلطان الناصر إلى غازان خان بعد معركة شقحب]

- ‌تتمّة كلام المجيرىّ للوالد رحمهما الله تعالى جميعا

- ‌ذكر [حوادث] سنة خمس وسبع ماية

- ‌ما يخصّ من الحوادث

- ‌ذكر ما كان بين عسكر حلب وأهل سيس

- ‌ذكر واقعة الشيخ تقىّ الدين بن التيميّة رحمه الله

- ‌ذكر ما جرى للشيخ تقىّ الدين بمصر المحروسة

- ‌ذكر السبب الموجب لهذه الفتن المذكورة

- ‌ذكر [حوادث] سنة ستّ وسبع ماية

- ‌ما يخصّ من الحوادث

- ‌ذكر [حوادث] سنة سبع وسبع ماية

- ‌ما يخصّ من الحوادث

- ‌ذكر ما كان بين التتار وبين أهل كيلان

- ‌ذكر [حوادث] سنة ثمان وسبع ماية

- ‌ما يخصّ من الحوادث

- ‌ذكر تغلّب بيبرس الجاشنكير على الممالكحتى عاد بسوء تدبيره هالك

- ‌ذكر [حوادث] سنة تسع وسبع ماية

- ‌ما يخصّ من الحوادث

- ‌أشاير البشاير

- ‌ذكر عودة الركاب الشريف السلطانىّ المالكىّالناصرىّ إلى محلّ ملكه بالديار المصريّة وهى المملكة الثالثة

- ‌ذكر دخول مولانا السلطان عزّ نصره دمشق المحروسة

- ‌ذكر توجّه الركاب الشريف إلى الديار المصريّة

- ‌ذكر سبب توجّه القاضى علاء الدينابن الأثير فى ركاب مولانا السلطان إلى الكرك

- ‌ذكر نزول بيبرس عن الملك وهروبه

- ‌ذكر ما اتّصل بنا من مدايح التهانى البديعات الألفاظ والمعانى

- ‌ذكر القبض على بيبرس من الطريقوعودته إلى الأبواب العالية

- ‌ذكر [حوادث] سنة عشر وسبع ماية

- ‌ما يخصّ من الحوادث

- ‌ذكر [حوادث] سنة إحدى عشرة وسبع ماية

- ‌ما يخصّ من الحوادث

- ‌ذكر سبب مسك بكتمر الجوكندار وكراىوبقيّة النوّاب

- ‌ذكر سبب تقفيز قراسنقر وآقوش الأفرمومن معهما ووصولهم إلى التتار

- ‌ذكر تعدية قراسنقر إلى التتار

- ‌ذكر [حوادث] سنة اثنتى عشرة وسبع ماية

- ‌ما يخصّ من الحوادث

- ‌ذكر توجّه الركاب الشريف عزّ نصرهإلى الشأم المحروس بنيّة الغزاة

- ‌ذكر سبب مأتى التتار إلى الرحبة والسببفى عودتهم خايبين

- ‌ذكر [حوادث] سنة ثلاث عشرة وسبع ماية

- ‌ما يخصّ من الحوادث

- ‌ذكر ما كان من أمر قراسنقر بالبلادوالواقعة بين خدابنداه وطقطاى فى هذه السنة

- ‌ذكر الواقعة التى كانت بين الملكين خدابنداه وطقطاى

- ‌ذكر ما جرى لعسكر طقطاى لمّا عادوا هاربين

- ‌ذكر [حوادث] سنة أربع عشرة وسبع ماية

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر أخذ ملطية وصفتها

- ‌ذكر الروك المبارك الناصرىّ

- ‌ذكر [حوادث] سنة خمس عشرة وسبع ماية

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر [حوادث] سنة ستّ عشرة وسبع ماية

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر [حوادث] سنة سبع عشرة وسبع ماية

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر [حوادث] سنة ثمان عشرة وسبع ماية

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر [حوادث] سنة تسع عشرة وسبع ماية

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر [حوادث] سنة عشرين وسبع ماية

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر تملّك الملك عماد الدين حماة وركوبه

- ‌ذكر [حوادث] سنة إحدى وعشرين وسبع ماية

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر [حوادث] سنة اثنتين وعشرين وسبع ماية

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر [حوادث] سنة ثلاث وعشرين وسبع ماية

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر [حوادث] سنة أربع وعشرين وسبع ماية

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر [حوادث] سنة خمس وعشرين وسبع ماية

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر [حوادث] سنة ستّ وعشرين وسبع ماية

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر [حوادث] سنة سبع وعشرين وسبع ماية

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر سبب دخول المأمون على بوران

- ‌ذكر [حوادث] سنة ثمان وعشرين وسبع ماية

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر [حوادث] سنة تسع وعشرين وسبع ماية

- ‌[ما لخص من الحوادث]

- ‌ذكر [حوادث] سنة ثلاثين وسبع ماية

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر [حوادث] سنة إحدى وثلاثين وسبع ماية

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر [حوادث] سنة اثنتين وثلاثين وسبع ماية

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر [حوادث] سنة ثلاث وثلاثين وسبع ماية

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر [حوادث] سنة أربع وثلاثين وسبع ماية

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر [حوادث] سنة خمس وثلاثين وسبع ماية

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر ما تجدّد فى هذه السنة المباركة

- ‌ذكر عدّة ما استجدّ من الجوامع المعمورة بذكر الله تعالىفى أيّام مولانا السلطان

- ‌[ذكر أنكاد الزمان:]

- ‌[أنكاد] القرن الأوّل

- ‌[أنكاد] القرن الثانى

- ‌[أنكاد] القرن الثالث

- ‌[أنكاد] القرن الرابع

- ‌[أنكاد] القرن الخامس

- ‌[أنكاد] القرن السادس

- ‌ذكر الجوامع المباركةالتى انتشت فى دولة مولانا السلطان عزّ نصره

- ‌ذكر المستجدّ أيضا من الجوامع المباركةبالممالك الشاميّة

- ‌والمستجدّ أيضا بدمشق المحروسة

- ‌والمستجد أيضا بطرابلس

- ‌ذكر تتمّة الحوادث

- ‌ذكر سبب دخول سيس

- ‌ذكر عمارة قلعة جعبر فى هذا الوقت

- ‌[خاتمة الكتاب]

- ‌استدراك

الفصل: ‌ذكر ما جرى فى هذه السنة بين ملوك الهند

‌ذكر ما جرى فى هذه السنة بين ملوك الهند

وذلك أنّه لمّا كان فى أواخر شهر ذى القعدة من هذه السنة قدم التجّار الكارم من اليمن إلى الديار المصريّة، فأخبر العدل بهاء الدين محمد بن العدل تاج الدين المعروف بأبى سعد البغدادىّ، وهو ابن أخى (4) العدل شهاب الدين أحمد بن الكوّيك الكارمىّ التكريتىّ ممّا أخبرنا به نور الدين ابن أخيه أنّ صاحب إقليم دلّى-وهو يومئذ الملك المسعود ناصر الدين محمد بن علم الدين سنجر عتيق شمس الدين إيتامش وشمس الدين إيتامش عتيق السلطان شهاب الدين وأخوه السلطان غياث الدين الغورى المقدّم ذكرهما فى هذا التأريخ-كان قد سيّر جيوشه فى سنة تسع وتسعين وستّ ماية إلى نواحى إقليم كنبايت (10). فلمّا بلغ التتار الذين بجواره-وهم طايفة يقال لهم المنكدمريّة عرفوا باسم ملكهم منكوتمر-أنّه ليس ببلاد دلّى عساكر طمعوا فى أخذها، فجمعوا وحشدوا وتوجّهوا نحو مدينة دلّى وأغاروا على أطراف بلادها وأعمالها، فنهبوا وسبوا وأسروا وملكوا منها تقدير نصف أعمالها. ثمّ إنّهم قصدوا المدينة نفسها التى هى كرسىّ المملكة. ولم يكن عند الملك المسعود المذكور يومئذ سوى ثلاثين ألف فارس والتتار فى جمع كثير. فاستشار وزراه فى ما يفعل وكذلك كبار دولته.

فاتّفق رأيهم أن يأخذوا الأفيلة التى عندهم جميعها، وتركب عليها المقاتلة، ويركب الجيش من ورا الأفيلة. فإن ظهرت التتار على الأفيلة فسوف يشتغلون بها ويهرّب الملك المسعود وخاصّته إلى مكان عيّنوه بينهم بحيث أنّهم لا يحصرون فى قلعة ولا مدينة فيؤخذون. وكانت الأفيلة ثلاث ماية

(4) أخى: احمى

(10)

كنبايت زت: كبانت

ص: 57

فيل. وركب الملك مع خواصّه فى جيوشه ورا الأفيلة. فعند ما نظرت خيول التتار إلى الفيلة ولّت هاربة على أدبارها لا يلوون على شئ.

فركب جيوش الملك المسعود أقفيتهم قتلا وأسرا، وقتلوهم قتلا ذريعا، ونصرهم الله عليهم، ولم ينجوا منهم إلاّ كلّ طويل العمر. واتّبعوهم مسافة خمسة عشر يوما حتى أخرجوهم من ديارهم أنحس خروج

وأمّا ما كان من الجيش الذى سيّره الملك المسعود إلى إقليم كنبايت (6) فإنّهم ساروا والتقوا ملك ذلك الإقليم وكسروه كسرة صعبة شنيعة وأسروه. فلمّا أحضر بين يدى مقدّم جيوش الملك المسعود أحضر له قيدا حديدا (9) وأراد تصفيده بذلك القيد الحديد. فلمّا رآه ذلك الملك قال له: لمثلى تقيّد بقيد حديد، فأنا كنت صنعت لك لو ظفرت بك قيد ذهب. فأمر بإحضاره، فإذا قيد ذهب مرصّع بالجواهر. فقال له القايد: فأنا أقيّدك به، وأحمد الله تعالى الذى عافانى منه وابتلاك به.

فقيّده به. ثمّ طلب منه الأموال، فدلّ بهم على طميرة فيها ذهب كثير، فأخذوها. ثم طلب منه أيضا المال فقال: أو ما كفاك الذى أخذت؟ -قال: لا. -فقال: وحقّ معبودى. لا أظهركم بعدها إلاّ على طميرة أخرى لا غيرها ولو متّ. -ثمّ دلّ بهم على طميرة أخرى، فأخذوا ما كان فيها بعد ما عاهده ألاّ يعود يطلب منه شيئا (17) آخر. فأقاموا ينقلون منها ثمانية عشر يوما، كلّ يوم خمسة عشر حملا. فلمّا فرغوا من ذلك السرب طلبه أيضا بالمال وقال: افدى نفسك وإلاّ قتلتك، وأخافه. فقال له: وأنا ممّن أخاف القتل؟ وحقّ ما أعبده، لا عدت أظهرتك على

(6) كنبايت زت: كبانت

(9)

قيدا حديدا: قيد حديد

(17)

شيئا: شئ

ص: 58

شئ آخر وافعل ما شيت أن تفعل. -فسيّر ذلك القايد يعرّف الملك المسعود بصورة الحال

ومن عجيب الاتّفاق أنّه كان قد حضر للسلطان علم الدين سنجر أبى (4) الملك المسعود سبى من هذه البلاد، فاتّخذ لنفسه من ذلك السبى جارية حسنا هنديّة فتسرّى بها، فحملت منه بهذا الملك المسعود. فلمّا وصل الخبر من قايد الجيش بما كان من أمر الملك المستأسر ويستأذنه فيما يفعل فى أمره، فاستشار والدته فيما يفعله فى أمر الملك. فبكت وقالت:

يا ولدى، أو ما تعرف من هو هذا الملك؟ -فقال: لا والله. -فقالت:

هو والله خالك وأنا أخته. -فلمّا ثبت ذلك عنده أمر أن يكتب إلى مقدّم عساكره أن يطلق الملك ويحسن إليه. وبعث إليه بخلع كثيرة، وكتب إليه بردّ بلاده عليه، وأن يكون نايبا له بها. فلمّا وصل إلى الملك ذلك علم الأمر الخفىّ فى ذلك، واطّلع على جليّة الخبر، وعلم أن الملك المسعود ابن أخته. ففرح فرحا شديدا. ثمّ إنّه توجّه إلى بعض بلاده وأظهر من مواضع خفيّة عدّة مطامير بها أموال عظيمة مكتنزة من عهد آبايه وجدوده. وأضاف إلى ذلك هدايا جليلة لا يعلم لها قيمة، وبعث بجميع ذلك للملك المسعود، وبعث يقول له: إنّ لك عندى عدّة مطامير من عهد آبايى وأجدادى ومهما اعتزت من الأموال والجواهر، أنا أمدّك به، فاستخدم الرجال وانتصر بهم على جميع أعداك وأنا خالك ونايبك ومملوكك. وعندى أربعين سربا أقلّها مثل الذى أخذه مقدّم جيشك والسلام

(4) أبى: أبو--سبى: سبيا

ص: 59

وذكر أيضا نور الدين المذكور بحضور الصدر جمال الدين بن سعادة الكارمىّ، وكان قدومه من اليمن وصدّقه على جميع ذلك، وقال: إنّ فى سنة ثمان وتسعين وستّ ماية قام شخص يقال له الشيخ محمد ويكنى أبا عبد الله بأرض الحبشة، واجتمعوا إليه عالم عظيم. وقال لهم: إنّ الملايكة تكلّمه وأنّهم قد أمروه بفتح بلاد الحبشة. -فاجتمع عليه مايتى ألف رجل. فعند ذلك جمع الأمحرا ملك الحبشة جميع جيوشه، فكانوا نحو من أربع ماية ألف فارس وراجل. وخرج لملتقى الشيخ محمد المذكور. وشرع ملك الحبشة فى الباطن يراسل أصحاب الشيخ محمد ويفسدهم بالمال، فجاءوا إليه كبار جموعه وقالوا له: نريد منك برهانا (9) عمّا تدّعيه من كراماتك حتى تطيب قلوبنا ونقاتل معك وبين يديك بقلوب طيّبة، فقال لهم: أنا أدع الملايكة تكلّمكم من البير الفلانىّ. فلمّا انفضّوا من عنده على ذلك أمر بعض الخصيصين به أن يصنع له فى تلك البير مكانا فى جانبها ويختفى فيه، ويجاوب الشيخ بما أوصاه به. فلمّا تهيّأ أمره نفذ الشيخ إلى أعيان القوم المطالبين له بالبرهان فى جمع كثير من جماعته. فلمّا وصلوا إلى تلك البير تقدّم الشيخ إلى عندها وقال: يا ملايكة ربّى، أو قال: يا جبريل، ما أنا على الحقّ؟ -فجاوبه ذلك الرجل الذى رتّبه فى أسفل البير: نعم، أنت على الحقّ المبين، والويل كلّ الويل لمن خالفك أو ناوأك. -ثمّ أمره ونهاه بما قررّ معه من الكلام ساعة زمانيّة والناس يسمعون. فلّما علم أنّهم طابت نفوسهم وصفت قلوبهم له قال لهم: ما تقولون؟ -قالوا: يا سيّدنا، ظهر لنا صدقك، ونحن نستغفر الله من تعرّضنا عليك بما طلبناه منك. -فقال:

(9) برهانا: برهان

ص: 60

أتعلموا ما أقول لكم وآمركم به؟ -قالوا: نعم. -قال: تعلنوا أصواتكم بالتكبير، وتردموا هذه البير، فى هذه الساعة! -وكان قصده بإعلانهم بالتكبير حتى لا يسمع لذلك الرجل الذى فى البير عياط (3) ولا يجيبوا له تداء إذا رأى ما حلّ به. فلم يكن بأسرع أن طمّوا تلك البير على ذلك الرجل، وتساوت مع الأرض. وكان لذلك الرجل الذى هلك فى البير وطمّ عليه أخ، فطال عليه غيبته، فأتى إلى الشيخ وسأله عنه، فنكر علمه به. وكان قد سأل قبل ذلك من جماعة من خواصّ الشيخ قبل اجتماعه به. فقالوا له: قد سيّره الشيخ فى مهمّ له. فلمّا سأل الشيخ ونكره استراب الرجل، ولم يزل يبحث عن أمره حتى استصحّ الخبر. فتوجّه مع جماعة كبيرة إلى البير ونبشوها وأخرجوا ذلك الرجل ميّتا. فعند ذلك توقّفوا عن متابعة الشيخ وتفرّقوا عنه بعد أن كاد يظهر على الأمحرا ملك الحبشة. وكان له مصافّ (11) لملك الحبشة على شاطى النيل ستّة أشهر. فلمّا رأى أمره انحلّ وبرمه انتقض، راسل لملك الحبشة وطلب الصلح. وأعطاه الأمحرا أرضا تزرع له ولخاصّته المرتبطين عليه، وأقطعها لهم إقطاعا وألاّ يكلّفوا شيئا.

وأن يعطيهم ملك الحبشة فى كلّ سنة مالا غير تلك الأرض، ويكونون تحت طاعته واتّفق أمرهم على ذلك والله أعلم

وذكر أيضا أنّ الملك المؤيد هزبر الدين داود صاحب اليمن وقع الخلف فى سنة تسع وتسعين وستّ ماية بينه وبين الزيديّة، وأنّهم تحوّلوا عن طاعته وقالوا: هذا الذى تعطينا ولنا مقرّر (19) لا يكفينا. -وكان لهم فى كلّ سنة مقرّر عشرين ألف دينار عين مصريّة. على أنّهم يحموا الطرقات

(3) عياط: عياطا

(11)

مصاف: مصافف

(19)

مقرر: مقررا

ص: 61

ويخفروا المسافرين من التجّار وغيرهم، وألاّ يؤذوا أحدا وأن يكونون تحت الطاعة له، متى طلبوا لحرب حضروا. فلمّا كان فى سنة تسع وتسعين وستّ ماية سيّروا يقولون له: لا عدنا نوافقك حتى تقرّر لنا ماية ألف دينار فى كلّ عام. فإنّ نحن عمارة البلاد، وبنا الصلاح والفساد. -ثمّ اجتمعوا فى عدد كثير وعزموا على قتاله، وجمع هو أيضا عساكره وقصدهم. ولم يبق غير الملتقى، فعند ذلك دخلوا مشايخ بلاد اليمن والمتطوّعة والفقها والعلماء وأصلحوا بينهم، وانفصلوا على غير قتال كان بينهم

وحكى الشيخ الصالح سيف الدين أبو الحسن علىّ الآملى، قال:

كنت مع الملك المؤيّد صاحب اليمن لمّا أراد الزيديّة، فكنت فيمن مشى بينهم فى الصلح. وزادهم الملك المؤيّد عشرة آلاف دينار فى كلّ سنة على معلومهم، ووقع الصلح بينهم، وانعقدت الأيمان على ذلك. ثمّ توجّهت إلى الحجاز بعد ذلك. وقال أيضا: إنّ جملة الأمر أن كان فى سنة سبع وتسعين وستّه ماية الخلف واقعا (14) بين ساير ملوك الدنيا شرقا وغربا

وكذلك ذكر الحاجّ إبراهيم بن محمد المسعودىّ التاجر السفّار والحاجّ معتوق الماردانىّ والشمس محمد السنجارىّ، أجمعوا جميعهم وذكروا بالقاهرة فى سنة سبع ماية أنّ الملك أنغاى وهو ابن أخى بركة المقدّم ذكر فعله فى سوداق اتّفق (18) مع الملك بختاى وكان بينهما وقعة عظيمة. وأنّ أنغاى انتصر على بختاى واستولى على مملكته ببلاد القفجاق.

وهذا بختاى لم يبلغ فى ذلك الوقت من العمر ثلاثين سنة، وكان قد صالح

(14) واقعا: واقع

(18)

اتفق: ابقع

ص: 62

غازان وهو مجاور (1) لبلاده. والمتّفق عليه أنّ ساير الملوك الذين اتّصل بنا أخبارهم الواردة رسلهم وتجّارهم إلى الديار المصريّة، كانوا فى ذلك التأريخ جميعهم شبابا (3) لم يلحقوا فى السنّ ثلاثين سنة، والله أعلم

وفيها توفّى عزّ الدين ملك الأمرا الذى كان نايبا بدمشق فى الأيّام الظاهريّة. وكذلك الأمير سيف الدين بلبان الطبّاخىّ، وجمال الدين آقوش الشريفىّ، والأمير سيف الدين كرجىّ رحمهم الله تعالى وساير أموات المسلمين

وفيها توجّه الأمير سيف الدين سلاّر نايب السلطنة المعظّمة بجماعة كبيرة من الأمرا والمقدّمين ورءوس المدارج من الحلقة المنصورة، وطلع أرض الصعيد بالديار المصريّة بسبب العربان ونفاقهم. وكان قد تسلّطوا تسلّطا عظيما حتى منعوا الجند والأمرا إقطاعاتهم وخراجاتهم بجميع الصعيد. فطلع إليهم الأمير سيف الدين سلاّر بهذه العدّة، فنهبوا وسبوا وقتلوا وقطعوا عالما كثيرا (13) حتى كان إذا أمسك منهم جماعة استنطقهم، فمن عقد فى كلامه القاف أتلفه ومن قالها مستقيما أطلقه.

والذى أحضر إلى الأبواب الشريفة من المواشى والنّعم، خارجا عمّا ذبح ونهبوه الجيش وذبحوه فى مدّة إقامتهم بالصعيد. ما جملة عدّته ماية ألف رأس وسبعة وعشرين ألف رأس ومايتى رأس، تفصيله: المحضر إلى الإصطبلات المعمورة: خيول أربعة آلاف فرس، والمحضر إلى المناخات المعمورة: جمال اثنا عشر ألف وستّ ماية جمل، والمحضر إلى المطابخ المعمورة: أغنام ماية ألف وعشرة ألف ومايتى رأس. وقطع أيدى وأرجل

(1) مجاور: مجاورا

(3)

شبابا: شباب

(13)

عالما كثيرا: عالم كثير--إذا: إذ

ص: 63