المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ما لخص من الحوادث - كنز الدرر وجامع الغرر - جـ ٩

[ابن الدواداري]

فهرس الكتاب

- ‌ذكر الوقعة التى كانت بين التتارودخول سلامش الديار المصريّة

- ‌ذكر [حوادث] سنة تسع وتسعين وستّ ماية

- ‌ما يخصّ من الحوادث

- ‌ذكر وقعة نوبة غازان بوادى الخزندار

- ‌ذكر ما جرى لدمشق من الأحوال الناكدة

- ‌ذكر رجوع غازان إلى الشرق

- ‌ذكر عودة جيوش الإسلامبالنصر إلى بلاد الشام

- ‌ذكر [حوادث] سنة سبع ماية هجريّة

- ‌ولنذكر الآن ما يخصّ حوادث الزمان:

- ‌ذكر عودة غازان خايب الآمال

- ‌ذكر لباس النصارى واليهود الأزرق والأصفر

- ‌ذكر ما جرى فى هذه السنة بين ملوك الهند

- ‌ذكر [حوادث] سنة إحدى وسبع ماية

- ‌ما يخصّ من الحوادث

- ‌ذكر ما جرى للمجيرى عند حضورهبين يدى غازان

- ‌ذكر [حوادث] سنة اثنتين وسبع ماية

- ‌ما يخصّ من الحوادث

- ‌ذكر نصرة الإسلام على التتار الليام

- ‌ذكر حدوث الزلزلة فى هذه السنة

- ‌ذكر ما جاء من القول فى حدوث الزلزلة

- ‌ومن كتاب عجايب المخلوقات وبدايع الموجودات

- ‌ذكر [حوادث] سنة ثلاث وسبع ماية

- ‌ما يخصّ من الحوادث

- ‌ذكر دخول العساكر الإسلاميّة سيس

- ‌ذكر وفاة غازان وتملك خدابنداه

- ‌ذكر [حوادث] سنة أربع وسبع ماية

- ‌ما يخصّ من الحوادث

- ‌[نسخة مكتوب السلطان الناصر إلى غازان خان بعد معركة شقحب]

- ‌تتمّة كلام المجيرىّ للوالد رحمهما الله تعالى جميعا

- ‌ذكر [حوادث] سنة خمس وسبع ماية

- ‌ما يخصّ من الحوادث

- ‌ذكر ما كان بين عسكر حلب وأهل سيس

- ‌ذكر واقعة الشيخ تقىّ الدين بن التيميّة رحمه الله

- ‌ذكر ما جرى للشيخ تقىّ الدين بمصر المحروسة

- ‌ذكر السبب الموجب لهذه الفتن المذكورة

- ‌ذكر [حوادث] سنة ستّ وسبع ماية

- ‌ما يخصّ من الحوادث

- ‌ذكر [حوادث] سنة سبع وسبع ماية

- ‌ما يخصّ من الحوادث

- ‌ذكر ما كان بين التتار وبين أهل كيلان

- ‌ذكر [حوادث] سنة ثمان وسبع ماية

- ‌ما يخصّ من الحوادث

- ‌ذكر تغلّب بيبرس الجاشنكير على الممالكحتى عاد بسوء تدبيره هالك

- ‌ذكر [حوادث] سنة تسع وسبع ماية

- ‌ما يخصّ من الحوادث

- ‌أشاير البشاير

- ‌ذكر عودة الركاب الشريف السلطانىّ المالكىّالناصرىّ إلى محلّ ملكه بالديار المصريّة وهى المملكة الثالثة

- ‌ذكر دخول مولانا السلطان عزّ نصره دمشق المحروسة

- ‌ذكر توجّه الركاب الشريف إلى الديار المصريّة

- ‌ذكر سبب توجّه القاضى علاء الدينابن الأثير فى ركاب مولانا السلطان إلى الكرك

- ‌ذكر نزول بيبرس عن الملك وهروبه

- ‌ذكر ما اتّصل بنا من مدايح التهانى البديعات الألفاظ والمعانى

- ‌ذكر القبض على بيبرس من الطريقوعودته إلى الأبواب العالية

- ‌ذكر [حوادث] سنة عشر وسبع ماية

- ‌ما يخصّ من الحوادث

- ‌ذكر [حوادث] سنة إحدى عشرة وسبع ماية

- ‌ما يخصّ من الحوادث

- ‌ذكر سبب مسك بكتمر الجوكندار وكراىوبقيّة النوّاب

- ‌ذكر سبب تقفيز قراسنقر وآقوش الأفرمومن معهما ووصولهم إلى التتار

- ‌ذكر تعدية قراسنقر إلى التتار

- ‌ذكر [حوادث] سنة اثنتى عشرة وسبع ماية

- ‌ما يخصّ من الحوادث

- ‌ذكر توجّه الركاب الشريف عزّ نصرهإلى الشأم المحروس بنيّة الغزاة

- ‌ذكر سبب مأتى التتار إلى الرحبة والسببفى عودتهم خايبين

- ‌ذكر [حوادث] سنة ثلاث عشرة وسبع ماية

- ‌ما يخصّ من الحوادث

- ‌ذكر ما كان من أمر قراسنقر بالبلادوالواقعة بين خدابنداه وطقطاى فى هذه السنة

- ‌ذكر الواقعة التى كانت بين الملكين خدابنداه وطقطاى

- ‌ذكر ما جرى لعسكر طقطاى لمّا عادوا هاربين

- ‌ذكر [حوادث] سنة أربع عشرة وسبع ماية

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر أخذ ملطية وصفتها

- ‌ذكر الروك المبارك الناصرىّ

- ‌ذكر [حوادث] سنة خمس عشرة وسبع ماية

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر [حوادث] سنة ستّ عشرة وسبع ماية

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر [حوادث] سنة سبع عشرة وسبع ماية

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر [حوادث] سنة ثمان عشرة وسبع ماية

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر [حوادث] سنة تسع عشرة وسبع ماية

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر [حوادث] سنة عشرين وسبع ماية

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر تملّك الملك عماد الدين حماة وركوبه

- ‌ذكر [حوادث] سنة إحدى وعشرين وسبع ماية

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر [حوادث] سنة اثنتين وعشرين وسبع ماية

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر [حوادث] سنة ثلاث وعشرين وسبع ماية

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر [حوادث] سنة أربع وعشرين وسبع ماية

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر [حوادث] سنة خمس وعشرين وسبع ماية

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر [حوادث] سنة ستّ وعشرين وسبع ماية

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر [حوادث] سنة سبع وعشرين وسبع ماية

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر سبب دخول المأمون على بوران

- ‌ذكر [حوادث] سنة ثمان وعشرين وسبع ماية

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر [حوادث] سنة تسع وعشرين وسبع ماية

- ‌[ما لخص من الحوادث]

- ‌ذكر [حوادث] سنة ثلاثين وسبع ماية

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر [حوادث] سنة إحدى وثلاثين وسبع ماية

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر [حوادث] سنة اثنتين وثلاثين وسبع ماية

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر [حوادث] سنة ثلاث وثلاثين وسبع ماية

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر [حوادث] سنة أربع وثلاثين وسبع ماية

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر [حوادث] سنة خمس وثلاثين وسبع ماية

- ‌ما لخص من الحوادث

- ‌ذكر ما تجدّد فى هذه السنة المباركة

- ‌ذكر عدّة ما استجدّ من الجوامع المعمورة بذكر الله تعالىفى أيّام مولانا السلطان

- ‌[ذكر أنكاد الزمان:]

- ‌[أنكاد] القرن الأوّل

- ‌[أنكاد] القرن الثانى

- ‌[أنكاد] القرن الثالث

- ‌[أنكاد] القرن الرابع

- ‌[أنكاد] القرن الخامس

- ‌[أنكاد] القرن السادس

- ‌ذكر الجوامع المباركةالتى انتشت فى دولة مولانا السلطان عزّ نصره

- ‌ذكر المستجدّ أيضا من الجوامع المباركةبالممالك الشاميّة

- ‌والمستجدّ أيضا بدمشق المحروسة

- ‌والمستجد أيضا بطرابلس

- ‌ذكر تتمّة الحوادث

- ‌ذكر سبب دخول سيس

- ‌ذكر عمارة قلعة جعبر فى هذا الوقت

- ‌[خاتمة الكتاب]

- ‌استدراك

الفصل: ‌ما لخص من الحوادث

وعوّضهم الجنّة. وتوجّه إلى حلب الأمير علاء الدين ألطنبغا الحاجب على ما كان عليه من النيابة بها

وفيها توفّى شهاب الدين بن المهمندار، والمستقرّ عوضه عزّ الدين أيدمر دقماق فى نقابة الجيوش المنصورة حسبما تقدّم

وفيها زاد النيل المبارك فى يوم واحد ستّة وثلاثين إصبعا، وافى ستّة عشر ذراعا فى رابع وعشرين ذى القعدة موافقا للعشرين من شهر مسرى، وكسر فى ذلك النهار

‌ذكر [حوادث] سنة اثنتين وثلاثين وسبع ماية

النيل المبارك فى هذه السنة: الماء القديم. مبلغ الزيادة ثمانية عشر ذراعا وتسعة أصابع

‌ما لخص من الحوادث

الخليفة: الإمام المستكفى بالله أبو (12) الربيع سليمان أمير المؤمنين، ومولانا السلطان الأعظم: الملك الناصر سلطان الإسلام، زاد الله به ابتهاج الأيّام، كما غمر بإحسانه كافّة الأنام، والنوّاب بمصر والشام، حسبما تقدّم من الكلام

وفيها فى العشر الأوّل من شهر المحرّم توفّى الأمير علاء الدين الجمالىّ الوزير، والمستقلّ بالأمور ابن هلال الدولة. وقد غلب على جميع مناصب الدولة ما لا وصلت إليه الوزرا الكبار، وقد خلى له الوقت، لا نايب يخشاه، ولا وزير يتوقّاه، ولم يكن له تسلّط إلاّ على صعلوك (19)، يكون بيده سبب

(12) أبو: ابى

(19)

صعلوك: سعلوك

ص: 359

يسير يقوم به أوده، فلا يزال متسلّطا عليه حتى يسلبه ما معه. وأمّا الأغنيا من الناس فيوقّر جانبهم لثلاثة وجوه: إمّا أن يكون ذلك الغنىّ له جاه فلا يتعرّض له لجاهه، وإمّا يكون مطّلعا (3) على خيانته فيخشاه، وإمّا يصانعه بماله، فلا يتعرّض له ويساعده على أغراضه. وأمّا من لا يقدر على واحدة من الثلاث فلا يبرح يحطّ عليه إلى أن يتركه على الأرض البيضا، حتى أخذه الله تعالى أخذ عزيز مقتدر

وفيها ثانى صفر كتب كتاب النجل الشريف الطاهر السلطانىّ-وهو المقرّ الأشرف السيفىّ آنوك (8) بن مولانا السلطان، عضده الله به وبذرّيّته الطاهرة- على بنت المقرّ السيفىّ بكتمر الساقى. وكان ذلك بالقصر الأبلق بحضور الأربعة أيمّة. وفرّق السكريج على الموالى الأمرا. فلمّا كان نهار الاثنين ثالث وعشرين صفر ركب المقرّ السيفىّ آنوك (11) وخرج من باب السرّ من جهة القرافة، والأمرا والمقدّمين فى خدمته. ووصل إلى سوق الخيل إلى تحت الشباك ونزل وباس الأرض، وعليه خلعة أطلس أحمر بطرز زركش وشربوش مزركش. وطلع من باب السرّ الدى بالإصطبل المعمور، ونثر عليه الذهب والفضّة، وأنعم عليه بإمرة ماية فارس وتقدمة ألف. ولبس ذلك اليوم من الأمرا: الأمير سيف الدين ألماس الحاجب أطلس تمام بحياصة مجوهرة، الأحمدىّ أمير جاندار مثله، الأمير علاء الدين أيدغمش أمير آخور مثله. آقول طرد كامل، الأمير بدر الدين أمير مسعود مثله، عزّ الدين دقماق كذلك، جارباش أمير علم كذلك، شهاب الدين صاروجا ملوّن كامل

(3) مطلعا: مطلع

(8)

آنوك: انك

(11)

آنوك: انك

ص: 360

وفيها فى يوم السبت سادس ربيع الأوّل حضر رسول الملك أبى (1) سعيد، وهو الحاجّ أحمد وصحبته من الهدايا: بخاتىّ نياق ثمانى قطر، خيول عشرة، مماليك عشرة، جوارى مغانى اثنتين، دبابيس أربعة، بقج قماش عشر، طير ذهب، أنعم به مولانا السلطان على الحاجّ أحمد الرسول، وفى يوم الاثنين استحضره مولانا السلطان وأخلع عليه أطلس كامل وحياصة ذهب، وعلى رفيقه ملوّن (6)، وركّبه فحلا أحمر بسرج ذهب خرج، وعلى ولده كنجىّ كامل وحياصة ذهب، وبقيّتهم خلع ملوّنة. وفى يوم الاثنين سافر الحاجّ أحمد الرسول متوجّها إلى بلاده، وأعطى الفقرا والحرافيش ذهبا جيّدا (9) ودراهم

وفيها توفّى القاضى فخر الدين ناظر الجيوش المنصورة، رحمه الله تعالى.

وكان فيه برّ وصدقة ومعروف، وإيثار للفقرا والمساكين من أرباب البيوت المستحقّين. ولقد حكى لى وكيله نجم الدين أن كان راتبه فى كل شهر صدقة أربعة آلاف درهم نقرة، خارجا عمّا يحدث وما يتصدّق به من يده، والذى اتّصل إليه القاضى فخر الدين من الحرمة والهيبة والنهضة (14) والكفاية ما اتّصل إليه أحد قبله ولا بعده. وكان له عند مولانا السلطان عزّ نصره المنزلة الرفيعة حتى لا كان يخرج عن رأيه لما رأى فيه من البركة. ولقد حجّ القاضى فخر الدين فى سنة تسع وعشرين. وحضرت إلى الأبواب الشريفة جماعة كبيرة من أمرا العربان من آل فضل وآل مرى وغيرهم فى غيبة القاضى فخر الدين، وعادوا يثقلوا على المواقف الشريفة فى كثرة السؤال ولجاجة الطلب حتى تبرّم منهم، وقال: لقد أتعبنا القاضى فخر الدين

(1) أبى: ابو

(6)

ملون: بالهامش--فحلا: فحل

(9)

ذهبا جيدا: ذهب جيد

(14)

والنهضة: والنهظة

ص: 361

بغيبته، وما كان لهؤلاء أحد مثله. فإنّه كان له سطوة عظيمة على ساير الناس. -وعلى الجملة إنّه ما عاد الزمان يخلفه، فالله تعالى يعوّضه الجنّة

ثمّ إنّ مولانا السلطان خلّد الله ملكه راعى خدمته فى ذرّيّته ولم يغيّر عليهما فى مناصبهما مغيّرا (4)، بل زادهما على ما كانا عليه فى حياة أبيهما.

واستقرّ بشمس الدين محمد بن عبد الله بن القاضى فخر الدين صاحب ديوان الجيوش المنصورة، وكاتب المماليك السلطانيّة (6) على ما كان عليه فى حياة جدّه. واستقرّ بشهاب الدين أحمد بن القاضى فخر الدين فى كتابة الجيوش المنصورة على ما كان عليه أيضا فى حياة أبيه. وعاد نصره الله يشفق عليهما ويلطف بهما كأبيهما وأعظم. وهذه عوايد صدقاته العميمة على ساير أيتام مماليكه وخدّامين أبوابه الشريفة. وهذا أمر لا يعهد من ملك غيره، أيّده الله وأدام أيّامه، ومكّن من رقاب أعداه مضارب حسامه بمحمد وآله. وخلّف القاضى فخر الدين من الأموال ما يضيق الحصر عن جملته، وأنعم بجميع ذلك على بنيه. وكانت وفاته رحمه الله يوم الأحد خامس عشر شهر رجب من هذه السنة. ولقد حرّرت مدّة خدمته بالأبواب الشريفة فى كتابة المماليك السلطانيّة وصحابة الديوان بالجيوش المنصورة واستقلاله بالنظر، إلى حين وفاته فى هذا التأريخ، فكان سبع وثلاثين سنة، منها استقلالا بالأمر اثنتين وعشرين سنة وثلاثة شهور وخمسة أيّام. وتولّى مكانه القاضى شمس الدين موسى بن القاضى تاج الدين إسحق، وكان مباشرا فى نظر الخاصّ الشريف مكان أبيه. استقلّ بذلك بعد وفاة أبيه القاضى تاج الدين رحمه الله

(4) مغيرا: مغير

(6)

وكاتب المماليك السلطانية: بالهامش

ص: 362

نكتة: قلت، وممّا أحكيه بالمشاهدة والسماع: لمّا كان القاضى تاج الدين إسحق مستوفيا (2) بالأبواب الشريفة كان القاضى علاء الدين بن الأثير صاحب ديوان الإنشا، وحصل له أيضا من صدقات مولانا السلطان ما كان يقارب به القاضى فخر الدين فى قرب المنزلة، أو ما يساويه. فطلبنى يوما (4) القاضى تاج الدين إسحق إلى ديوانه، وهو يومئذ مستوفى، وقال: أشتهى من إحسانك تتصدّق إلى عندى البيت، فلى ضرورة بالاجتماع بخدمتك. - فحضرت إلى خدمته بداره بمصر. فتفضّل وأحضر شيئا كثيرا (7). ثمّ قال:

المسئول من تفضّلك تخاطب القاضى علاء الدين أن يتصّدق على مملوكه موسى يكون فى خدمته فى ديوان الإنشا أسوة الجماعة. -وكان بالديوان فى ذلك الوقت أولاد الصاحب أمين الدين أمين الملك بن العنام، وكان من قبلهم أيضا ومعهم ابن (11) أبى شاكر بن التاج سعيد الدولة وغيره من أولاد القبط. فقلت: السمع والطاعة، القاضى علاء الدين ما يبخل على مولانا بذلك. -فقال للمملوك (13) ياسيف الدين انت رجل عاقل وأحدّثك بشى احفظه عنّى. -قلت: نعم، يا مولانا. -قال: هذا موسى فى طالعه أنّه إذا وصل اثنتين وعشرين سنة يكون له شأن من الشأن. -ثمّ يصل إلى ما لا وصل إليه أحد من أبناء جنسه، أعنى من أقاربه. ثمّ يقع فى شدّة عظيمة ويقيم مدة، ثمّ يخلص، -وبكى. ثمّ سكت ساعة، فقلت: يا مولانا، الله يقرّ عينك به ويعضّدك بحياته! -هذا سماعى منه، رحمه الله. ثمّ أحكيت ذلك للقاضى علاء الدين. فتبسّم وقال: هؤلاء القبط مربوطين على أحكام المواليد. -ثمّ كان من موسى ما كان، ووصل

(2) مستوفيا: مستوفى

(4)

يوما: يوم

(7)

شيئا كثيرا: شى كثير

(11)

بن: بن ابن

(13)

للمملوك: للملوك

ص: 363

إلى منزلة القاضى فخر الدين بنظر ديوان الجيوش المنصورة. فأقام شهرا واحدا (2)، وقبض عليه وعلى أخيه علم الدين ناظر الدولة يوم الخميس سابع عشر شعبان المكرّم، وتولّى عوضه القاضى مكين الدين بن قروينة.

وكان المذكور فى أوّل أمره كاتب الأمير ركن الدين بيبرس الباجىّ لمّا كان متولّى القاهرة أيّام البرجيّة. ثمّ خدم فى ديوان الاستيفا مستوفى الشرقيّة.

ثمّ تنقّلت به الأحوال حتى خدم ناظر الدولة. ثمّ عزل وصودر. ثمّ خدم مستوفى الصحبة الشريفة، فلم يزل حتى قبض على موسى بن تاج الدين إسحق، فاستقرّ بديوان الجيوش المنصورة ناظرا، وابن أخيه الشمس ناظر الدولة برفقة شهاب الدين بن الأقفاصىّ، واستقرّ الأمر كذلك

وأمّا أولاد التاج إسحق فإنّهما صودرا مصادرة صعبة وضربا وأسقيا الخلّ والجير. وحمل من جهتهما ما جملته ثلاثة وأربعين ألف دينار عين مصريّة حملا إلى بيت المال المعمور، خارجا عن التوابل وفرط المبيوع. وولى نظر الخاصّ الشريف القاضى شرف الدين النشو، وكان المذكور لمّا أعرض مولانا السلطان عزّ نصره الكتّاب جميعهم مستخدمين الأمرا وغيرهم، كان هذا يخدم فى ديوان الأمير علاء الدين أيدغمش أمير آخور. فلحظته السعادة السلطانيّة (16) التى لو لحظت الصخر لأينع وأزهر وأثمر، أو الليل الداجى أواخر الشهر لأقمر (17)، فاستخدم مستوفيا. ثمّ انتقل إلى نظر الخاصّ الشريف إلى آخر وقت

وفيها توفّى الملك عماد الدين إسمعيل صاحب حماة، رحمه الله تعالى.

وحضر ولده ناصر الدين محمد بن الملك عماد الدين، وحصل له من الجبر

(2) شهرا واحدا: شهر واحد

(16 - 17) التى. . . لأقمر: بالهامش

ص: 364

والصدقة ما هو فوق ما كان فى أمله. ثمّ شملته الصدقات الشريفة بتوليته مملكة حماة مكان أبيه وعلى جارى عادته ومستقرّ قاعدته. وركب من المدرسة المنصوريّة يوم الخميس ثانى شهر ربيع الآخر كعادة ما كان الملك عماد الدين. ولبس خلعة أطلس تمام وثلاث عصايب وفرش برقىّ وسنجق خليفتىّ، ومشى خلفه الجمداريّة العادة، وأخلع على الأمرا: الأمير سيف الدين ألماس أطلس تمام، والأمير ركن الدين الأحمدىّ مثله، والأمير علاء الدين أيدغمش مثله، الأمير سيف الدين طقجى أمير سلاح مثله، الأمير سيف الدين ألجاى الدوادار مثله، الأمير سيف الدين تمر الجمدار مثله، شجاع الدين عنبر المقدّم طرد كامل، آقول مثله، الأمير بدر الدين أمير مسعود كذلك (10)، شهاب الدين صاروجا كنجىّ، عز الدين أيدمر دقماق طرد كامل، جراباش أمير علم مثله، سنقر الخازن مثله، علاء الدين السعيدىّ أمير آخور كذلك، لاجين الناصرىّ مصمت (12) أزرق، بكتاش النقيب كنجىّ أزرق، قاشى النقيب قرضيّة: أزبك الفاخرىّ مثله، قيران السلاّرىّ كنجىّ، علىّ الدمشقى الجاويش بغلطاق، المهتار (14) عمر نقش، محمد بن عبّاس كنجىّ أحمر، الجمداريّة أربعة عشر طرد، جمداريّة البقج ثلاثة طرد. الوشاقىّ مصمت، السنجقدار مثله. وفى يوم السبت رابع ربيع الآخر عدّى مولانا السلطان عزّ نصره إلى برّ الجيزة بالأهرام، وصاحب حماة لابس الخلعة فى الخدمة. ورجع يوم الثلاثا سابع ربيع الآخر ونزل بدار الأمير سيف الدين طقزتمر على البركة، فإنّه فى الأصل مملوكهم. وقدم لمولانا السلطان فوصل بحسن عقله ودينه وخدمته إلى ما وصل، أحسن الله إليه فى الدنيا والآخرة، فإنّه مستحقّ لذلك. وسافر صاحب حماة الملك

(10) كذلك: كرلك

(12)

مصمت: كذا فى الأصل، ولعل صوابه «مسمط»

(14)

المهتار: المهتدار

ص: 365

ناصر الدين محمد بن الملك عماد الدين إسماعيل إلى بلاده، يوم الأربعا ثامن ربيع الآخر، ووصل إلى حماة ملكا مستقلاّ

وفيها توجّه الركاب الشريف السلطانىّ عزّ نصره إلى الحجاز الشريف وهى الحجّة الثالثة. وكان خروجه من الديار المصريّة يوم الخميس خامس عشر شهر شوّال وصحبته الآدر العالية. وفى ركابه الشريف من الموالى الأمرا من يذكر وهم: الأمير عزّ الدين أيدمر الخطيرىّ، الأمير بدر الدين جنكلى بن البابا، الأمير سيف الدين الملك الجوكندار، الأمير ركن الدين بيبرس الأحمدىّ أمير جاندار، الأمير سيف الدين بهادر المعزّىّ، الأمير علم الدين سنجر الجاولى، الأمير سيف الدين بكتمر الساقى، الأمير سيف الدين طقزدمر، الأمير علاء الدين أيدغمش أمير آخور، الأمير سيف الدين قوصون، الأمير سيف الدين صوصون، الأمير سيف الدين بشتاك، الأمير سيف الدين بهادر الناصرىّ، الأمير سيف الدين طايربغا، الأمير سيف الدين طغاى تمر، الأمير سيف الدين طغجى أمير سلاح، الأمير سيف الدين أروم بغا أمير جاندار، هؤلاء من المقدّمين الألوف الكبار. وأمّا الطبلخانات (15) فهم: شهاب الدين أحمد بن بكتمر الساقى، جركتمر بن بهادر، طيدمر الساقى، آقبغا الجاشنكير، طقتمر الخازن، طوغان الساقى، بيبرس الموسوىّ، بيدمر البدرىّ، طقبغا، أيتمش الساقى، أياز الساقى، أنص السلحدار، طيبغا المحمدىّ، طيبغا المجدىّ، جريك المهمندار، قطز أمير آخور (20)، بيدر الجمدار، أينبك، أيدمر العمرىّ، يحيى بن طايربغا، نوروز، كجك السيفىّ، ياياق السلحدار، أياق الجمدار، أرس بغا،

(15) الطبلخانات: الطبلخات

(20)

أمير آخور: بالهامش

ص: 366

قطلقتمر السلحدار، برلغىّ، بكجا، ساطلمش الجلالىّ، بغاتمر، محمد ابن جنكلى، علىّ بن أيدغمش، أولاجا، آقسنقر، قرا السيفىّ، تمربغا العقيلىّ، قمارى الحسنىّ، علىّ بن الخطيرى. ومن أرباب الوظايف (3) بالأبواب العالية: الحسنىّ أمير جاندار، أمير مسعود بن خطير الحاجب، وعزّ الدين دقماق أمير النقبا (5)، وصلاح الدين يوسف الدوادار، بحكم أنّه كان توفّى الأمير سيف الدين ألجاى الدوادار رحمه الله فى هذه السنة، قبل توجّه الركاب الشريف إلى الحجاز، واستقرّ عوضه صلاح الدين المذكور المعروف بدوادار قبجق، والذى توجّه صحبة الطلب السلطانىّ إلى الكرك المحروس طقتمر اليوسفىّ. وأمّا العشراوات المسافرون فى الركاب الشريف فهم: علىّ بن السعيدىّ أمير آخور، وشهاب الدين صاروجا النقيب، آقسنقر الرومىّ، أياجى الساقى، سنقر الخازن، قرلغ الساقى، أحمد بن جنكلى، أرغون العلايىّ، أرغون الإسماعيلىّ، بكا، طغنجق، محمد بن الخطيرىّ، أحمد ابن أيدغمش، طشبغا، قلنجى. ومن نقبا المماليك خمسة نفر وهم: مقبل أيبك الحكيمىّ، بكتوت الشيرازىّ، سنقر تازى (14)، خالد بن دقماق. ومن نقبا الحلقة المنصورة ثمانية نفر وهم: قيران السلاّرىّ، محمد أخو صاروجا، محمد القرشىّ، محمد المعظّمىّ، صلاح البشرىّ، كندغدى القجقارىّ، قطز بن ساطلمش، أرسلان. ومن الجاويشيّة نفرين وهما: علىّ الدمشقىّ، وفتح. ومن الطبرداريّة عشرة نفر

وأمّا الأمرا المقيمون بالديار المصريّة حسبما قرّر عليهم من البسط لقدوم الركاب الشريف وهم: الأمير جمال الدين آقوش الأشرفىّ نايب الكرك

(3) الوظايف: الوضايف

(5)

وعز الدين دقماق أمير النقبا: بالهامش

(14)

تازى: تازى

ص: 367

مايتى ذراع، الأمير سيف الدين ألماس الحاجب ماية سبعة وستّين ذراعا، طقطمر الساقى مثله، إيتمش المحمدىّ مثله، آقبغا عبد الواحد مثله. طرغاى الجاشنكير مثله. بهادر البدرىّ ماية ذراع، كوكاى أحد وسبعين ذراعا، بيبرس الأوحدىّ أربعة وستّين ذراعا، طقصبا الظاهرىّ سبعة وسبعين ذراعا (5)، أزبك الجرمكىّ سبعة وستّين، خاص ترك ماية ذراع، بجاص سبعة وستّين، سنقر المرزوقىّ مثله، آقول الحاجب مثله، آقسنقر السلحدار أربعة وثمانين، قياتمر ستّة وسبعين، بيغنجار سبعة وستّين، أيدمر العمرىّ مثله. أروج أربعة وثمانين، سنجر الخازن مثله، علىّ بن النغايى مثله، آلبرس بن أمير جاندار مثله، أيدمر الكبكىّ مثله، أرلان مثله، أران أحد وسبعين، قطلوبغا الطويل مثله، أطوجى سبعة وستّين، منكلى الفخرىّ أربعة وثمانين، بلبان الحسنىّ سبعة وستّين، جركتمر الناصرىّ مثله، نوروز أربعة وثمانين، قراجا التركمانى سبعة وستّين، أياجى أربعة وثمانين، طقتمر الأحمدىّ مثله، طقتمر الصلاحيّ. سكدساس (13) مثله. أبو بكر بن النايب مثله، طيبغا الهاشمىّ أربعة وثمانين، باوور سبعة وستّين، عمر بن النايب مثله، لاجين أمير آخور مثله، أحمد الناصرىّ مثله، علبك مثله، بلبان السنانىّ أربعة وسبعين، ايدق والى القلعة سبعة وستّين (16)، الحاجّ قطز مثله، قرا أخو ألماس سبعة وستّين، طوغان أحد وسبعين، بيبرس الماردانىّ سبعة وستّين، محمد بن الأحمدىّ ستّة وستّين (18)، محمد بن جمق (19) مثله، علىّ بن سلاّر مثله، ألاكز مثله، جوهر بن الملك مثله، تكلان

(5) سبعة وسبعين ذراعا: بالهامش

(13)

سكدساس: كذا فى الأصل

(16)

سبعة وستين: بالهامش

(18)

محمد بن الأحمدى ستة وستين: بالهامش

(19)

جمق (السلوك ج 2 ص 309): حمق

ص: 368

مثله، يوسف الجاكىّ مثله، عنبر المقدّم مثله، ما جار مثله، قشتمر والى الغربيّة خمسين، خليل أخو طقصبا أربعة وثمانين، محمد بن المحسنىّ والى القاهرة سبعة وستّين، قيغلى والى البهنسا خمسين، بهادر بن قرمان سبعة وستّين، أيدمر السيفىّ خمسين، عمر بن طقصوا ستّة وستّين، أياز الدوادارىّ خمسين، أيدمر العلايى خمسين، مبارك والى البحيرة خمسين، خضر الكمالىّ والى أسيوط خمسين

أمّا سبب ذكر هؤلاء الأمرا وهذا البسط فله فوايد، الواحدة حفظ أسما هؤلاء الموالى فى هذه الدولة القاهرة فى هذا التأريخ، والأخرى حفظ ما على كلّ إقطاع من إقطاعاتهم من مقرّر البسط ليحتاج إليه فى وقت آخر إنشا الله تعالى، لطول حياة مولانا السلطان، ودوام أيّامه ومعاودته إلى الحجاز الشريف عدّة أخر غير هؤلاء الثلاث الماضين.

فإنّ هذا البسط قرّر على العبر. فإذا احتيج إليه كشف من هذا التأريخ، وكلّ من ينقل من الموالى الأمرا على هذه الإقطاعات عرف ما كان عليه فى هذا التأريخ. فلذلك أثبتناه هاهنا، ولله الحمد والمنّة

وكان هذا المهمّ الشريف ما يعجز الناقل أن يصف بعض بعض ما كان فيه، وقد ذكر أرباب التواريخ رحمة الله عليهم فى تواريخهم من اهتمّ فى حججه من الملوك السالفة، فنقلوا أشيا شتّى. ولو أدركوا والله هذه الدولة القاهرة، وشاهدوا هذه السنّة المباركة وما اهتمّ فيها مولانا السلطان، لصغر عندهم ما استكبروه، وهزل فى أعينهم ما استسمنوه. ولو شرعت أذكر بعض محاسن ما اقترح فى هذه السفرة المباركة من آلات الحجّ المبرور، وما عمل من آلات السفر مثل الأكوار المقترحة التى

ص: 369

ما رأى (1) الراءون وما شاهدت العيون بأحسن من اقتراحات الموالى الأمرا لذلك.

وأمّا ما استصحبوا من الهجن الطيّارة والبخاتىّ الحسان والجمال العباديّة، عليها المحامل بالأغشية التى يحار البصر فى معاينتهم (3) لما فيهم من الحلىّ والحلل والذهب والفضّة {وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعامِ} (4) والعربات المقترحة والشقادف اليمنيّة، وما على جميع ذلك من الحلىّ المرصّع بالجواهر الثمينة والفصوص القليلات المثال، لكان شرح يطول اختصاره، ولا نصل إلى بعض بعض مقداره. وكذلك لو ذكرت بعض إنعامات مولانا السلطان عزّ نصره على جميع ما ذكرنا من الموالى الأمرا المتوجّهين (8) فى ركابه الشريف، وما فرّق عليهم من الهجن والجمال والأكوار المزركشة والسلاسل الذهب والفضّة، ومن جميع ما يحتاجون إليه فى الطرقات والمفاوز، لكنت خرجت عن شرط الاختصار، ولو أطلت فى ذلك لكان غايتى إلى (11) الاقتصار.

هذا ما ظهر لمثلى وأمثالى من الناس، خارجا عمّا لا نصل إلى (12) علم حقيقته.

وهذا ملك قد خصّه الله تعالى بالنصر والتأييد، وبلّغه جميع ما يقصد ويريد.

لا زالت كتايب الرشد منصورة بعلوّ سعده، ومقانب السعد ظافرة بسموّ مجده

وفى هذه الحجّة المباركة لعب الشيطان بعقول بعض مماليك مولانا السلطان.

فلمّا كفروا هذه النعمة، تبرّأ منهم حتى أوردهم موارد النقمة، فهرب منهم جماعة، ثمّ مسكوا وأحضروا ونفذ فيهم القضا، ولم يغنيهم تسحّبهم فى فسيح الفضا

وفى عودة الركاب الشريف توفّى الأمير سيف الدين بكتمر الساقى وولده أمير أحمد، رحمهما الله تعالى

(1) رأى: رات

(3)

معاينتهم: معاينهم

(4)

السورة 3 الآية 14

(8)

المتوجهين: المتوجهون

(11)

إلى: الا

(12)

إلى: الا

ص: 370