الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر ما جاء من القول فى حدوث الزلزلة
قيل: إنّما يعرض للأرض من الزلزلة والخسف ما ذكروه المتفلسفين من ذلك، (3) فزعموا أنّ الأبخرة والأدخنة الكثيرة إذا اجتمعت واحتبست تحت الأرض ولا يقاومها برودة حتى تصير ماء، وتكون مادّتها كثيرة لا تقبل التحليل بأدنى حرارة، ويكون وجه الأرض صلبا لا يكون فيه منفذ للبخار، فإذا قصدت الصعود لا تجد لها منفسا، فعند هيجانها تهتزّ منها الأرض التى احتبس تحتها، وتجمع تلك الأبخرة، فتضطرب الأرض، وترعد كما يرعد بدن المحموم عند شدّة الحمّى بسبب رطوبات عفنة احتبست فى خلل البدن، فتشتعل فيها الحرارة الغريزيّة، فتذيبها وتحلّلها وتصيّرها بخارا ودخانا، فتخرج من مسامّ جلد البدن، فيهتزّ من ذلك البدن ويرعد، ولا يزال كذلك إلا (11) أن تخرج تلك الموادّ. فإذا خرجت سكن، وعلى هذا القياس حركات بقاع الأرض بالزلازل. وربّما ينشقّ ظاهر الأرض ويخرج من ذلك الشقّ تلك الموادّ المحتبسة، والله عز وجل أعلم بحقائق الأمور
ومن كلامهم أيضا فى صيرورة السهل جبلا والجبل سهلا والبرّ بحرا والبحر برّا:
ذكرت أصحاب هذا العلم: أن إذا امتزج الماء بالطين وكان فى الطين لزوجة، وأثّر فيه حرارة الشمس مدّة طويلة صار حجرا، كما أنّ النار
(3) من هنا إلى ص 108 س 10 نقلا من كتاب «عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات» تأليف زكريا القزوينى. ويلاحظ أن مخطوطة مؤلفنا تختلف فى بعض الأماكن مع نشر وستنفلد (كوتنجن 1849) لهذا الكتاب. وقد غيّرنا بعض كلمات من المتن استصوبناها عند وستنفلد ورمزنا له بالحرفين زق
(11)
إلى: إلا
تؤثّر (1) فى الآجرّ وقد كان لبنا، فعاد بحرارة النار آجرّا، نوعا من الحجر إلاّ أنّه رخو (2). وكلّما كان تأثير النار فيه أكثر كان أصلب وأشبه بالحجر. ثمّ زعموا أنّ تولّد الجبال من اجتماع الماء والطين وتأثير الشمس. وأمّا سبب (3) ارتفاعها وشموخها فجاز أن يكون بسبب زلزلة فيها خسف، فيخفض بعض الأرض ويرتفع بعضها. ثمّ المرتفع يصير حجرا بالمثال الأوّل، ويجوز أن يكون بسبب الرياح: تنقل الرياح التراب من مكان إلى مكان، فتصير تلالا ووهادا (7)، ثمّ تتحجّر بالمثال المذكور أوّلا
وذكر صاحب علم المجسطى: أنّ فى كلّ ستّة وثلاثين ألف سنة تنتقل أوجات الكواكب وتدور فى البروح الاثنى عشر دورة واحدة، فإذا انقلبت من الشمال إلى الجنوب تختلف مسامتات (10) الكواكب ومطارح شعاعها على بقاع الأرض، فيختلف بها الليل والنهار والفصول الأربعة، وتتغيّر الأرض، فيصير الخراب من الأرض عمرانا، ويصير العمران منها خرابا، والبرارى بحارا والبحار برارى، والسهول جبالا والجبال سهولا.
وأمّا صيرورة الجبال سهولا: فإنّ الجبال من شدّة إشراق الشمس والقمر وساير الكواكب عليها بطول الأزمنة تنشف (15) رطوباتها، وتزداد يبسا وجفافا. وتتكسّر خاصة عند الصواعق، فتصير صخورا وحجارة ورمالا.
ثمّ إنّ السيول تحملها إلى بطون الأنهار والأودية المنخفضة (17) وإلى البحار
(1) تؤثر: تاثر--فى: مكرر فى الأصل
(2)
رخو: رخوا
(3)
سبب: مكرر فى الأصل
(7)
تلالا ووهادا: تلال ووهاد
(10)
مسامتات زق: مسافات
(15)
تنشف: تنشق، مصحح بالهامش
(17)
المنخفضة: المنخفظة
المجاورة، فتبسط فى قعرها سافا (1) بعد ساف بعضا على بعض، فيحصل فى قعور البحار جبال كما تتربّى الجزاير وكما يتلبّد (2) من هبوب الرياح أدعاص الرمل فى البرّ. وكذلك قد يوجد فى جوف الأحجار إذا كسرت صدفة وعظم (4) وغير ذلك، ممّا يكون فى أخلاط الطين الذى صار حجرا.
وقد يصير البحر يبسا واليبس بحرا، وذلك كلّما انضمّت (5) قطعة من البحار على الوجه المذكور. فالماء يرتفع ويطلب الاتّساع على سواحله ويغطّى بعض البرّ بالماء، ولا يزال كذلك حتى يصير بحرا، ويغطّى ذلك البرّ. ويعود البحر برّا بما تولّد فيه وتراكم من الأحجار الواردة من الجبال المتكسّرة مع السيول المنصبّة إلى البحار مع ما تجرّ معها من الطين والتراب. فينعقد فيها بالمثال المذكور حتى تساوى الأعلى من الأرض فيعود البحر برّا والبرّ بحرا. ثمّ يصير فيها الحشيش والعشب والأشجار، وتصير مسكنا للسباع والوحوش ويقصدهم الناس لطلب المنافع من الصيد ومن الحطب وغير ذلك. ثمّ يصير مسكنا وموضعا صالحا للزراعات والغروس، فتكون مدنا وقرى بعد أن كانت بحارا، فسبحان المدبّر الحكيم {خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} (14){وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (15)
(1) سافا زق: ساف--بعضا: بعض
(2)
يتلبد زق: يتبدل--أدعاص: دعاص
(4)
عظم: عظما--مما يكون: فما يكون ذلك
(5)
انضمت: انظمت
(14)
السورة 6 الآية 102 وفى سور أخر
(15)
السورة 64 الآية 1 والسورة 67 الآية 1.