الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفيها حضر الأمير سيف الدين أرغون. إلى الأبواب الشريفة بنيّة الزيارة والفوز بمشاهدة مولانا السلطان عزّ نصره، وذلك فى عاشر جمادى الآخرة، وسافر متوجّها إلى حلب يوم الخميس سادس وعشرين الشهر المذكور.
وودّع مولانا السلطان عزّ نصره من القصر الأبلق، وأخلع عليه خلعة السفر، قباء محقّقا (5) بطرز شركس
وفيها توفّى الأمير سيف الدين بكتمر الحاجب والأمير شرف الدين حسين بن جندر بيك، رحمهما الله تعالى
ذكر [حوادث] سنة ثلاثين وسبع ماية
النيل المبارك فى هذه السنة: الماء القديم. مبلغ الزيادة سبعة عشر ذراعا وعشرة أصابع
ما لخص من الحوادث
الخليفة: الإمام المستكفى بالله أبو (12) الربيع سليمان أمير المؤمنين، ومولانا السلطان الأعظم الملك الناصر سلطان الإسلام، أبقاه الله كعبة الآملين، وعصمة الخايفين
والأبواب العالية بغير نايب، والمتحدّث فى الجيوش المنصورة وشكاوى الناس: الأمير سيف الدين ألماس أمير حاجب، وفى الأموال: ابن هلال الدولة حسبما ذكرناه
والنوّاب بالممالك الشأميّة: الأمير سيف الدين تنكز ملك الأمرا بالشأم المحروس، والأمير سيف الدين أرغون ملك الأمرا بحلب، والأمير سيف الدين طينال نايب أطرابلس، والأمير سيف الدين الحاجّ أرقطاى
(5) محققا: محقق--شركس: كذا فى الأصل، ربما المقصود زركش
(12)
أبو: ابى
نايب صفد، وحسام الدين لاجين بغزّة، والملوك بالأقطار حسبما ذكرناه فى السنة الخالية
وفيها وصل الملك عماد الدين صاحب حماة إلى الأبواب العالية، وتوجّه فى خدمة الركاب الشريف إلى الصيد المبارك بالوجه القبلىّ. ولمّا عاد توجّه إلى محلّ ملكه من إنعام مولانا السلطان عليه
وفيها حصل للمقام الشريف ما حصل من التوعّك بسبب يده الشريفة، وقاها الله المحذورات، وبسطها وإن كانت لم تزل مبسوطة بالخيرات. وكان التوعّك بهذا السبب مدّة سبعة وثلاثين يوما. ولقد بلغ العبد أنّ المجبّر الذى جبر الله الإسلام بصناعته يقال له ابن أبى ستّة، وكان حاله قد تضعضع.
فكان أكثر أوقاته يقول فى دعايه: يا الله، كسرة بجبرة! -فلمّا جبر الله تعالى الإسلام، بعافية يد سيّد ملوك الأنام، حصل له من البرّ والإحسان والإنعام، ما جبر به كسره العامّ. فلمّا كان يوم الأحد رابع شهر جمادى الآخر جلس مولانا السلطان بالإيوان، وقد منّ الله تعالى على المسلمين بنعمه الوافية، وجمع له بين الأجر والعافية. لا زال فى كلّ حين من بهجة سلطانه ميسم، ولكلّ ثغر من نضارة زمانه مبسم، وأيّامه مصقولة الحواشى والأطراف، وأياديه بادية بالإسعاد والإسعاف. ثمّ إنّ صدقاته العميمة عمّت فى ذلك النهار الخاصّ والعامّ، وفرّق الإقطاعات على أولاد الأجناد الأيتام، وكان يوما مشهودا، والملايكة بما فعله من الصدقات فيه شهودا (18)
وفيها كانت الفتنة بمكّة شرّفها الله تعالى. وقتل الأمير سيف الدين آلدمر أمير جاندار وولده وابن التاجىّ، وجماعة من المماليك الذين كانوا مع
(18) شهودا: شهود
آلدمر. وكانت فتنة كبيرة أشرف الحاجّ فيها على التلاف والنهب. ثمّ سلّم الله تعالى الركب، وخرجوا سالمين بعد ما نهب بعضهم
وفيها أفرج الله تعالى عن الأمير سيف الدين بهادر المعزّىّ، وذلك فى العشر الأخير من جمادى الآخرة، وأنعم عليه بإقطاع الأمير علم الدين سنجر الجمقدار ماية فارس، بحكم انتقال الأمير علم الدين إلى الشأم المحروس
وفيها تولّى القاهرة ناصر الدين محمد بن المحسنىّ، عوضا عن الأمير عزّ الدين أيدمر الجمقدار الزرّاق. وكان الأمير عزّ الدين قد وليها عوضا عن الأمير سيف الدين قدودار أستادار (8) برلغىّ كان. فلمّا توفّى قدودار وليها المشار إليه، فاستمرّ إلى هذا التأريخ وهو العشر الأوّل من ذى الحجّة.
فسار فى الولاية أحسن سيرة، وكان كثير القلق (10) منها، متوجّها إلى الله عز وجل فى طلب الخلاص من فتنتها. فاطّلع الله تعالى على نيّته، فأحسن خلاصه بما هو أميز منها، وانتقل إلى أمير جانداريّة بين يدى المواقف الشريفة. وكان هذا محمد بن المحسنىّ قد توصّل حتى تولّى إقليم المنوفيّة.
ثمّ توصّل بماله ومال أبيه بدر الدين بلبك المحسنىّ حتى تولّى القاهرة فى هذا التأريخ. وهذا بلبك المحسنىّ من أنطاكية، كسب منها عند ما فتحها السلطان الملك الظاهر رحمه الله، كسبه بعض مماليك الطواشى محسن، فعرف بالمحسنىّ. ثمّ إنّه كان تولّى القاهرة فى دولة البرجيّة مرّتين، وهو كثير المكر والحيل. فانتقل بمكره إلى نيابة ثغر الإسكندريّة. فحصّل فى مباشراته أموالا (19) عظيمة. فلمّا مسك كريم الدين الكبير توجّه الأمير علاء الدين الجمالىّ ومسكه وأخذ منه بعض شى. ثمّ رسم باعتقاله، فتحيّل واشترى نفسه
(8) قدودار أستادار: قدوادار استادار
(10)
القلق: القلق
(19)
أموالا: اموال
بشى من المال، وتخلّص واستمرّ بطّالا (1). ثمّ تحيّل حتى أخذ إمرة عشرة، وتحيّل بماله لولده محمد هذا حتى تولّى القاهرة فى هذا التأريخ. ومشى فيها أيشم مشى. وتسلّط أخوه عمر المجنون على حريم المسلمين يأخذهنّ (3) بيده من بيوتهم اغتصابا (4)، وفعل فى القاهرة ما لا يمكن شرحه. وكذلك مماليك محمد نفسه فعلوا أقبح فعل. وله مملوك يسمّى بيدرا عامل الحراميّة على أموال الناس، وكان شخص حرامىّ يسمّى المصيطيلة، اصطنعه محمد ابن المحسنىّ، وجعله قدّامه صفة نوّاب (7). فكان عنده عدّة من الحراميّة يأخذون أموال الناس، وعليه مقرّر لذلك المملوك فى الظاهر والباطن لأستاذه سبع ماية درهم نقرة فى كلّ جمعة. وعادت أموال الناس تنهب وحريمهم تؤخذ وأولادهم تغصب. وفعلوا فى القاهرة ما لا لحقوه البحريّة فى أيّامهم. وعدمت فى تلك الأيّام عدّة عملات، منها لجماعة من الأمرا منهم: الأمير سيف الدين طرغاى الجاشنكير، والأمير سيف الدين أروس بغا، وجمال الدين بن كرامىّ أمير عشرة، وابن منصور المرحّل المعامل بالإصطبلات السلطانيّة. هؤلاء ممّن لهم صورة بين الناس وراحت أموالهم. ولا قدروا على خلاصها وجميعها تحمل للوالى فى الباطن.
وأمّا الرعيّة الضعفا الحال فشئ كثير جدّا، ولا يقدرون يتكلّمون، وإن تكلّموا قال لهم الوالى: أحضروا أولادكم ونساكم وجيرانكم! - فيرى صاحب الصنايع ترك ماله أرجى له، فيجعل الأجر على الله عز وجل. وأشيا جرت لو شرحتها لم يسعها أوراق
(1) بطالا: بطال
(3)
يأخذهن: ياخذهم
(4)
اغتصابا: اغتصاب
(7)
نواب: تواب