الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مليك تسامى عدله وعطاؤه
…
وخاف لبأساه العدوّ المحارب
له سطوة كالليث إن همّ همّة
…
تراه بها يدنو لما هو طالب
وكالغيث يهمو منه مزن هباته
…
فتخجل من شحّ العطايا السحايب
قريب حجاب شامخ ذو مهابة
…
له العجم دانت خشية والأعارب
هو الناصر المنصور بالرعب إذ غدا
…
وقد فرّ من قد خانه وهو هارب
كذلك لمّا أن تجمّع جيشه
…
فكلّ غدا بالرعب نحوك طالب
فأنت الذى أضحيت حقّا مظفّرا
…
وجاك بما تهوى المنى والرغايب
وكنت السعيد الجدّ إذ عدت ظاهرا
…
وسدّت على الأعداء منك المذاهب
فإنك أمسيت المعزّ لديننا
…
بك الشرع يسطو حيث ما هو ذاهب
وأيّدت بالتوفيق والنصر منحة
…
من الله إذ ما زلت بالله غالب
ذكر سبب دخول سيس
السبب فى ذلك أنّه كان وفد إلى الأبواب الشريفة السلطانيّة، أعلاها الله تعالى، أحد أولاد قرمان ملوك الجبال بنيّة الحجّ. فحصل له من الصدقات العميمة السلطانيّة من الجبر والإقبال ما كان فوق أمله. وتوجّه إلى الحجاز الشريف وعاد، وأعرض عليه الإقامة بالأبواب العالية، وأن ينعم عليه بإمرة كبيرة فامتنع. وقال: يا خوند لا أطيق مفارقة الأهل والوطن، ونحن يا بنى قرمان حيث كنّا مماليك مولانا السلطان، ولا نعيش إلاّ فى نعمته وتحت ظلّ سيفه الشريف: -فكتب على يده مثال شريف إلى ساير النوّاب بالممالك الإسلاميّة الشاميّة بالوصيّة به. وكتب إلى نايب حلب المحروسة أن يجهّز فى خدمته من عسكر حلب من يوصّله إلى مأمنه من بلاده. فامتثل ذلك، وسيّر صحبته أربعة أمرا، منهم الأمير سيف الدين بشقاق رحمه الله، والشهابىّ،
وغيرهم فى عدّة مايتى فارس. فلمّا توسّطوا بلاد سيس لم يشعروا إلاّ بتقدير خمس ماية فارس من كبار الأرمن، تعرّضوا لهم بالطريق. وقالوا:
لا نمكّن عدوّنا هذا يدوس أرضنا ويتخطّى رقابنا، وإنّه ما هو مسلم مع المسلمين ولا تترىّ مع التتار، ولا أرمنىّ مع الأرمن. وهو فى كلّ وقت يتعرّض لأذيّتنا (5) ويدوس بلادنا، واتّفقنا معه عدّة طرق ويخلف وينكث. - فقالوا لهم الأمرا الحلبيّين: هذا حضر من الأبواب العالية، وهو تحت حرم السلطان الملك الناصر عزّ نصره. فلا تتعرّضوا له! يكون ذلك سببا لخراب بيوتكم. -وجرى كلام كثير آخره أنّهم استحلفوه أيمانا مغلّظة بما اختاروه منه. فحلف لهم من تحت القهر. ولولا اختشوا من السطوات الشريفة كان الأمر بخلاف ذلك
وكان جميع ذلك عن غير رضى التكفور صاحب سيس. وإنّما هؤلاء كبار الأرمن غلبوا على رأيه، حسبما ادّعى بعد ذلك. فلمّا وصّلوه إلى مأمنه من بلاده وعادوا الأمرا الحلبيّون، تلقّاهم التكفور بنفسه واعتذر لهم ممّا فعلوه أصحابه، وقدّم لهم تقادم حسنة. فلمّا بلغ المسامع الشريفة ذلك رسم بدخول العساكر الحلبيّة إلى سيس. فهذا كان السبب فى ذلك. ثمّ حضروا رسل الملك أبى (16) سعيد ونايبه علىّ شاه، وشفعوا فى صاحب سيس. فقبل مولانا السلطان شفاعتهم على عوايد إحسانه وعظيم امتنانه. ولولا ذلك لكان جعل ديارهم خراب، وسكّانها البوم والغراب
(5) لأذيتنا: لموديتا
(16)
أبى: ابو