الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال: ثم أخذ عن هؤلاء بعدهم الرسم في الحديث والتنقير عن الرجال والتفتيش عن الضعفاء والبحث عن أسباب النقل جماعة. ثم ذكر ابن المبارك ووكيع بن الجراح وعبد الرحمن بن مهدي ومحمد بن إدريس الشافعي وقال: إلا أن من أكثرهم تنقيرا عن شأن المحدثين وأتركهم للضعفاء والمتروكين- حتى جعلوا هذا الشأن صناعة لهم لم يتعدوها إلى غيرها مع لزوم الدين والورع الشديد والتفقه في السنن - رجلان يحيى بن سعيد القطان وعبد الرحمن بن مهدي (1).
فمن جرحاه لا يكاد يندمل جرحه، ومن وثقاه فهو المقبول ومن اختلفا فيه، وذلك قليل، اجتهد في أمره (2).
(1) كتاب المجروحين 1/ 52
(2)
فتح المغيث 2/ 319
5 -
نبذ عن الأئمة النقاد في عصر التابعين:
ومن المناسب ذكر نبذة عن كل من الذين مرت أسماؤهم حتى يتبين مدى دورهم ومكانتهم في نقد الحديث.
أ- أما مالك: فقد كان إماما في الحديث وقد جرح وعدل.
وقال أحمد بن حنبل: مالك أثبت في كل شيء. وقال يحيى بن سعيد القطان: سألت مالك بن أنس عن إبراهيم بن أبي يحيى كان ثقة؟ قال: لا، ولا ثقة في دينه (1) - وقال عبد الرحمن بن قاسم: سألت مالكا عن ابن سمعان فقال كذاب (2) - وقال ابن وهب: وذكر اختلاف الأحاديث والروايات فقال: لولا أني لقيت مالكا والليث لضللت (3).
وقد وضع رحمه الله منهاجا دقيقا لتعديل الرواة وجرحهم. فقد ذكر
(1) مقدمة الجرح 19
(2)
مقدمة الجرح / 21
(3)
مقدمة الجرح / 23
الرامهرمزي بسنده إليه يقول: لا يؤخذ العلم عن أربعة ويؤخذ ممن سوى ذلك
1 -
لا يؤخذ من صاحب هوى يدعو الناس إلى هواه.
2 -
ولا من سفيه معلن بالسفه يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
3 -
ولا من رجل يكذب في أحاديث الناس وإن كنت لا تتهمه أن يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
4 -
ولا من رجل له فضل وصلاح وعبادة إذا كان لا يعرف ما يحدث (1).
وقد روى الخطيب بسنده قال: كان مالك بن أنس يقول: لا تأخذ العلم عن أربعة، وخذ ممن سوى ذلك:
1 -
لا تأخذ العلم من سفيه معلن بالسفه وإن كان أروى الناس.
2 -
ولا تأخذ من كذاب يكذب في أحاديث الناس إذا جرب ذلك عليه وإن كان لا يتهم أن يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
3 -
ولا من صاحب هوى يدعو الناس إلى هواه.
4 -
ولا من شيخ له فضل وعبادة إذا كان لا يعرف ما يحدث.
ب- أما سفيان بن عيينة: فقد قال عبد الرحمن بن مهدي: كان سفيان بن عيينة من أعلم الناس بحديث الحجاز. وقال الشافعي: مالك وسفيان قرينان، وقال ابن حنبل: ما رأيت أحدا كان أعلم بالسنن من سفيان بن عيينة (2).
ج- وأما سفيان الثوري: فقد قال المبارك: لا أعلم على وجه الأرض أعلم من سفيان الثوري (3).
(1) المحدث الفاصل / 403
(2)
مقدمة الجرح / 32 - 33
(3)
مقدمة الجرح / 56
وقال شعبة: إذا خالفني سفيان في حديث فالحديث حديثه. وقال ابن عيينة: الرجال ثلاثة: ابن عباس في زمانه والشعبي في زمانه والثوري في زمانه (1). وقال محمد بن يحيى عن محمد بن يوسف قال: كان سفيان الثوري يقول: فلان ضعيف وفلان قوي وفلان لا تأخذوا عنه (2).
د- وأما شعبة: فقد أجمعوا على إمامته في الحديث وجلالته وتحريه وإتقانه واحتياطه. قال أحمد بن حنبل: كان شعبة أمة وحده في هذا الشأن يعني علم الحديث وأحوال الرواة (3).
وقال ابن مهدي: شعبة إمام في الحديث (4) وكان سفيان يقول: شعبة أمير المؤمنين في الحديث (5) وقال يحيى بن سعيد: كان شعبة أعلم الناس بالرجال. وقال عبد الرحمن: سمعت أبي يقول: إذا رأيت شعبة يحدث عن رجل فاعلم أنه ثقة إلا نفرا بأعيانهم. قيل لأبي: ألم يكن للثوري بصر بالحديث كبصر شعبة؟ قال: كان الثوري قد غلب عليه شهوة الحديث وحفظه، وكان شعبة أبصر بالحديث وبالرجال. وكان الثوري أحفظ وكان شعبة بصيرا بالحديث جدا فهما كأنه خلق لهذا الشأن (6). وقال المنهال بن بحر: سمعت شعبة يقول: انظروا عمن تكتبون، اكتبوا عن قرة بن خالد وسليمان بن المغيرة (7).
وقال عبد الرحمن بن مهدي: قيل لشعبة: متى يترك حديث الرجال؟ قال:
(1) تحذير الخواص / 115، 116.
(2)
تهذيب الأسماء جـ 1 / ق1 ص 333.
(3)
تحذير الخواص / 115، 116.
(4)
تهذيب الأسماء جـ1 / ق1 / ص245.
(5)
مقدمة الجرح / 126.
(6)
مقدمة الجرح / 129.
(7)
المحدث الفاصل / 407.
1 -
إذا روى عن المعروفين ما لا يعرفه المعروفون فأكثر.
2 -
وإذا أكثر الغلط.
3 -
وإذا اتهم بالكذب.
4 -
وإذا روى حديث غلط مجتمع عليه، فلم يتهم نفسه، طرح حديثه وما كان غيره ذلك فارو عنه (1).
هـ- وأما يحيى بن سعيد القطان: فقد اتفقوا على إمامته وجلالته ووفور حفظه وعلمه وصلاحه. قال أحمد بن حنبل: ما رأيت مثل يحيى بن القطان في كل أحواله.
وقال أيضا: يحيى القطان إليه المنتهى في التثبت بالبصرة وهو أثبت من وكيع وابن مهدي وأبي نعيم ويزيد بن هارون (2).
وقال عبد الرحمن بن مهدي: هو الذي مهد لأهل العراق رسم الحديث وأمعن في البحث عن الثقات وترك الضعفاء.
وقال أبو الوليد: ما رأيت أحدا كان أعلم بالحديث ولا بالرجال من يحيى بن سعيد (3).
وقال أبو بكر بن خلاد: قلت ليحيى بن سعيد القطان: أما تخشى أن يكون هؤلاء الذين تركت حديثهم خصماءك عند الله عز وجل؟ قال لأن يكون هؤلاء خصمائي أحب إلي من أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم خصمي، يقول لي: لم لم تذب الكذب عن حديثي (4).
(1) المحدث الفاصل / 410
(2)
تهذيب الأسماء جـ 1 / ق1 / ص 154.
(3)
كتاب المجروحين 1/ 52
(4)
تحذير الخواص / 115 - 116.