الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أما قوله تعالى {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ} (1).
فقد قال بعض كبار المفسرين إن الصعق شيء غير الموت. وأقول: لعله ضرب من الصدمة الهائلة تضرب الخلق فتشتت وعيهم ثم يعودون إلى رشدهم بالنفخة الثانية. وفي الاستثناء ما ينبئ بأن ثمة من ينجو من ذلك الصعق بإذن الله، ولو كان الصعق هو الموت لكان موتة أخرى، وهو لا يتفق مع الخبر الإلهي {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى} (2) وهي التي حصلت بمفارقة الروح جسدها، إذ ليس الموت في حقيقته بالعدم المحض، بل هو مجرد انتقال من حال إلى حال.
(1) سورة الزمر الآية 68
(2)
سورة الدخان الآية 56
مناط الثواب والعقاب
.
ونتساءل الآن عن الصورة التي يتم بها البعث الموعود، وهو من الأسرار التي اختص بها الخالق العظيم ذاته، فلم يطلعنا على تفصيلاتها إلا قليلا في إشارات الكتاب المجيد، وفي ما أعلم به رسوله. . وكلها متفقة على أنه تعالى يعيد الإنسان كما فطره أول مرة كقوله سبحانه {كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ} (1)، {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ} (2).
وقد رأينا بدء الخلق على الصورة التي تجمع بين الروح والجسد، فكذلك الإعادة بشهادة الحكيم الخبير الذي يقول في سورة التكوير عن بعض ظواهر يوم القيامة {وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ} (3) وإنما هو الجمع بين روح الفرد والهيكل المادي، إذ كان الموت قد فصل بينهما فانفرد كل عن الآخر، فإذا جاء موعد الحشر زاوج الله بينهما من جديد.
(1) سورة الأعراف الآية 29
(2)
سورة الأنبياء الآية 104
(3)
سورة التكوير الآية 7