الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقبل الشروع في ذلك علينا أولا أن نطرح على أنفسنا هذا السؤال: هذا الإنسان الذي نناقش موضوعه. . ما هو؟. . ومن هو؟. . ومن أين يستمد خصائصه الفاعلة؟. .
ليس سؤالنا هذا بالأمر اليسير الباعث على السخرية. . فقبلنا وقف أكابر المفكرين يعانون مثل حيرتنا ثم خرجوا من تساؤلهم إلى مثل هذا السؤال الآخر الذي لم يستطيعوا له جوابا:
أتزعم أنك جرم صغير
…
وفيك انطوى العالم الأكبر
موجود فوق المادة
.
كل ما علمه الإنسان عن عالمه الأكبر هذا هو أن لكل عضو ولكل جارحة ولكل خلية في جسمه وظيفة خاصة تؤديها في وعي يعجز الحاسبين والحاسبات، ولكن في تعاون شامل بين مجموع عناصره، يؤمن لكل جزيء حقه من الحياة. ولكن ثمة وظيفة أخرى هي الكبرى بالنسبة إلى هذا الكيان العجيب، وهي وظيفة الإشراف الضابط لعمل الكل، فقد يفقد الجسم أحد أعضائه أو جوارحه، كالعين واليد والقدم والبصر والسمع، ومع ذلك يظل ذلك الضابط حاضر العلم بذاته وما حوله، محتفظا بخاصية الإدراك والتذكر والتفكر، حتى تختتم مهمته قي الحياة الدنيا. . وبذلك يتوافر لنا اليقين بأن الأعضاء وسائر الأجزاء المادية من الجسم ليست هي الإنسان، بل هي الوعاء أو الأوعية التي يعمل عن طريقها، كشأن التيار الكهربي الذي ينطلق في الأسلاك فيكون هنا ضوءا وهناك حرارة وهناك حركة. . ويظل التيار هو القوة المؤثرة الأولى التي بانقطاعها يتوقف عمل الأجهزة كلها.
وإذن فالإنسان الذي عليه مدار النقاش لا بد أن يكون موجودا آخر