المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذلك هو الإنسان - مجلة البحوث الإسلامية - جـ ١٦

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المحتويات

- ‌موضوع العددالحكورات

- ‌المسألة الثانية: الزيادة في الأجرة أثناء المدة:

- ‌ نقول عن بعض الفقهاء

- ‌الفتاوى

- ‌ احتشاش المرعى وبيعه واختصاص من يحش ويبيع فيه ضرر وتضييق على أرباب السوائم

- ‌ باع بقرة على رجل لا يعرفه ثم إن البقرة شردت من بيت مشتريها إلى بيته

- ‌ القيام عند القبر للاستغفار أو الدعاء للميت بعد دفنه

- ‌ الزكاة في حلي المرأة

- ‌ ترجمة القرآن

- ‌ لبس البدلة

- ‌ الأضحية عن الميت

- ‌الرضاع الذي يحصل به التحريم

- ‌ أفطر بالبلد ثم أقلعت به الطائرة فرأى الشمس

- ‌المرأة التي توفي عنها زوجها بعد العقد وقبل الدخول تلزمها العدة والإحداد

- ‌تخصيص يوم السابع ويوم الأربعين أو يوم آخر سواهما بذبيحة تذبح عن الميت

- ‌كمال هذا الدين:

- ‌سبيل المؤمنين:

- ‌الكتاب والسنة مصدر كل سعادة:

- ‌ذم التفرق وبيان أسبابه:

- ‌حفظ هذا الدين وبقاؤه:

- ‌وجوب الاعتصام بالكتاب والسنة:

- ‌المرجع عند التنازع:

- ‌حكم الإحداث في الدين:

- ‌حرص الصحابة على لزوم الكتاب والسنة والبعد عن البدع:

- ‌ من أقوال التابعين وغيرهم من السلف في الحث على اتباع السنة والتحذير من البدع

- ‌ الفارق والميزان الذي نميز به بين البدعة والسنة

- ‌أمثلة من البدع الشائعة بين المسلمين:

- ‌الانقطاع للعبادة وترك الكسب الحلال وإقامة المآتم وقراءة القرآن

- ‌ بدعة الاحتفال بعيد مولده صلى الله عليه وسلم

- ‌رحلاته:

- ‌حالة المسلمين عند ظهور دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب:

- ‌عقيدة الشيخ محمد بن عبد الوهاب

- ‌أصول دعوة الشيخ رحمه الله

- ‌المراحل التي مرت بها دعوة الشيخ محمد

- ‌المراجع التي يعتمد عليها الشيخ رحمه الله وعلماء الدعوة من بعده

- ‌ثمرات دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله وآثارها:

- ‌الشبه التي أثيرت حول دعوة الشيخ والرد عليها:

- ‌نشأة علم نقد الحديث

- ‌ الأسباب التي دعت إلى الاهتمام بنقد الحديث:

- ‌ صغار الصحابة يحتاطون في قبول الحديث:

- ‌ نقد الحديث في دور التابعين:

- ‌ النقد في عصر أتباع التابعين:

- ‌ نبذ عن الأئمة النقاد في عصر التابعين:

- ‌ ظهور التقعيدات العامة للنقد:

- ‌أقوال العلماءفي حكم من تاب من الكسب الحرامكالربا وأنواع المكاسبالمحرمة الأخرى

- ‌ماذا يفعل من تاب من الكسب الحرام كالرباوأنوع المكاسب المحرمة الأخرى

- ‌المقدمة

- ‌ الربا

- ‌ أنواع المكاسب المحرمةمن ربا وغيره

- ‌(فصل في الحلال والحرام والمشتبه فيه وحكم الكثير والقليل من الحرام)

- ‌ حكم المال المغلول

- ‌ مقتطفات من فتاوى اللجنة الدائمة للبحوثالعلمية والإفتاء في كيفية التخلص من المكاسب المحرمة

- ‌مصادر البحث

- ‌وصف المخطوط

- ‌نص الرسالة

- ‌قضية البعثفي ضوء الوحي والعقل

- ‌من المشهود إلى المحجوب

- ‌بين الحياة والموت

- ‌الرحلة الجديدة

- ‌شهادة كونية

- ‌ونسي خلقه

- ‌الأصل المفقود

- ‌بلى شهدنا

- ‌من المسؤول

- ‌موجود فوق المادة

- ‌ذلك هو الإنسان

- ‌ليس الموت بالعدم المحض

- ‌مناط الثواب والعقاب

- ‌الأحلام والرؤى

- ‌الله أنبتكم

- ‌صمام الأمن

- ‌الحاجة إلى الرسالة:

- ‌الإسلام بمعناه العام:

- ‌إعلان الوحدة الكبرى للدين:

- ‌قاعدة التصور الإسلامي وآثارها:

- ‌التوحيد قاعدة كل رسالة من عند الله:

- ‌التوحيد مفتاح دعوة الرسل:

- ‌حقيقة واحدة:

- ‌ثبات. . لا تطور

- ‌لا نفرق بين أحد من رسله:

- ‌الكفر بواحد من الرسل كفر بالجميع:

- ‌التصور الإسلامي لوحدة الرسالة والرسل:

- ‌ولله في هذا حكمة:

- ‌هذا الدين وهذه الأمة:

- ‌بين الإيمان والإسلام:

- ‌معنى الإيمان لغة:

- ‌معنى الإسلام لغة:

- ‌موازنة بين الإسلام والإيمان في اللغة:

- ‌الإيمان والإسلام في الاصطلاح الشرعي:

- ‌معنى الإيمان شرعا:

- ‌معنى الإسلام شرعا:

- ‌هل الإيمان والإسلام مترادفان أم متغايران

- ‌أصل معنى كلمة " الإسلام

- ‌الدين واحد والشرائع متعددة:

- ‌كل دين عقيدة ومنهج حياة:

- ‌هل اسم الإسلام خاص بهذه الأمة

- ‌لماذا سمي الدين بالإسلام

- ‌وهذه الأمة. . . الأمة المسلمة:

- ‌الأقليات الإسلامية.ظروفها وآمالها وآلامها

- ‌حديث شريف

الفصل: ‌ذلك هو الإنسان

فوق المادة، ومن خصائصه الأولى ألا يعتريه البلى الذي يعرض للجسد، بل ينفصل عنه بمجرد انحلال عناصره الحسية، ليواصل وجوده في كينونة أخرى مناسبة له. . وذلك هو السر الذي يطالعنا في مواطن كثيرة من كتاب الله ومن حديث رسوله الأمين صلوات الله وسلامه عليه.

ص: 288

‌ذلك هو الإنسان

.

1 -

ففي القرآن العظيم يقول ربنا تبارك اسمه {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} (1).

فهاهنا أنفس يتوفاها الله بالموت فيمسكها عن العودة إلى الحياة، وأخرى يسكب عليها غيبوبة النوم إلى حين، ثم يطلقها لمواصلة العيش، حتى تستوفي مدتها التي قدرها لها.

والتوفية في كلتا الحالتين إنما هي، والله أعلم، استيفاء المقدار الذي حدد للموت والنوم من قبل القادر الحكيم، الذي لا يعزب عن علمه مثقال ذرة في السماوات والأرض، لأن كل شيء عنده بمقداره ومثل هذا المدلول للتوفية هو المعني في رثاء طرفة على لسان أخته:

عددنا له ستا وعشرين حجة

فلما توفاها استوى سيدا ضخما

وفي هذا التعبير القرآني دلالة قاطعة على أن للنفس كيانا خاصا قد عين له نطاق محدود من الزمن يقضيه في صحبة الجسد، فإذا استوفاه أمسك بأمر ربه كما يشاء وحيث يشاء إلى حين يشاء.

2 -

ويقول ربنا جل جلاله عن نهاية العصاة الذين لم يمنعهم إيمانهم من المقام في مستنقعات الكفر، الذي يعرضهم وأبناءهم للانحراف عن

(1) سورة الزمر الآية 42

ص: 288

سبيل المؤمنين {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} (1).

هذا الحوار بين ملائكة الموت وأولئك الخاضعين لأحكام الطواغيت. . إنما يجري بين الفريقين بعد أو أثناء انفصال أرواح هؤلاء عن أبدانهم. ويستحيل أن يحدث ذلك لو كان الموت قد أصاب هذه الأرواح كما أصاب أجسامها، وهو حوار واع يؤكد أن لها كل خواص (الإنسان) الذي كانت تحتل صورته قبل الموت، ولا تفسير لذلك إلا أن هذا المتحدث إنما هو نفسه (الإنسان) الذي تفصل المنية بينه وبين أجزائه الترابية التي انتهت مهمتها.

3 -

وعن الشهداء الذين صدقوا الله ما وعدوه يرينا المولى تباركت أسماؤه هذه الصور السعيدة {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} (2){فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} (3).

فالشهداء أحياء عند ربهم مرزوقين فرحين مستبشرين. . وهذه أحوال لا يمكن تصورها إلا في أحياء يحتفظون بكل وعيهم الذي عاشوا به من قبل، وإن اختلف النوع بين الحياتين اختلاف العالمين اللذين تنقلوا بينهما. . وفي صحيح مسلم أن «أرواحهم في جوف طير خضر (4)» ، وفي أثر آخر أنها في حواصل طير خفر تأوي إلى قناديل معلقة بالعرش. وذلك من إكرام ربهم لهم، على حين تكون أرواح الكفرة والفسقة في مقارها المناسبة لها، كما هو الحال بالنسبة إلى آل فرعون الذين يصور لنا الله مصيرهم بقوله الحق {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} (5).

(1) سورة النساء الآية 97

(2)

سورة آل عمران الآية 169

(3)

سورة آل عمران الآية 170

(4)

صحيح مسلم الإمارة (1887)، سنن الترمذي تفسير القرآن (3011)، سنن ابن ماجه الجهاد (2801)، سنن الدارمي الجهاد (2410).

(5)

سورة غافر الآية 46

ص: 289