الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بمدد الحياة الجديد، فيستعيدان وجودهما كأتم ما يكون الوجود. . هكذا أنت صائر بقدرة هذا الحكيم العليم بعد الوجود الأول إلى حياة جديدة أخرى، لا كحياة التراب والنبات التي لا وظيفة لها سوى تأمين الحاجات الضرورية للمخلوق؛ الذي سخر الكون المادي لخدمته، بل إلى حياة خاصة بهذا المخلوق الذي ميزه الخلاق الحكيم بالمسؤولية عن أعماله وأقواله، فكان بهذه المسؤولية جديرا بالخلود الذي لا ينقطع، والنعيم أو الجحيم الذي استحقه وفق ميزان العدالة التي لا يضيع عندها عمل عامل ولو مثقال ذرة من الخير أو الشر.
بين الحياة والموت
.
ويستغرقني موضوع البعث حتى ليلاحقني خياله فلا أجد مناصا من معالجته في هذه الخلوة التي أنفرد بها للكتابة، وتتداعى على ذهني الأفكار من هنا وهناك، وأتذكر ذلك المشهد المهيب الذي تعرضه سورة الروم في قول الحي القيوم {يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ} (1).
فأشخص إلى ذلك التداخل العجيب بين الحياة والموت. فهاهنا حي يخرج من ميت وهناك ميت يخرج من حي. . وهي عملية متجددة أبدا بدلالة الفعل المضارع، ويجب أن تكون مما وقع عليه الحس في وجودنا اليومي. . فأين يحدث هذا. . وكيف؟. .
وسرعان ما انتصبت في بصيرتي صورة الأظفار التي قلمتها آنفا، والشعر الذي قصصته عن رأسي بالجهاز الكهربي. . أليس كلاهما من الأشياء التي توصف بالموت. . أولم يكونا قبيل لحظات يتمتعان بخاصية النوم المستمدة من الكيان الحي الذي يشار به إلي؟. . فتلك هي إذن
(1) سورة الروم الآية 19