الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسألة:
إذا كان الحرام أو الشبهة في يد أبويه فليمتنع عن مؤاكلتهما، فإن كانا يسخطان فلا يوافقهما على الحرام المحض بل ينهاهما فلا طاعة لمخلوق في معصية الله تعالى، فإن كان شبهة وكان امتناعه للورع فهذا قد عارضه أن الورع طلب رضاهما، بل هو واجب فليتلطف في الامتناع فإن لم يقدر فليوافق؛ وليقلل الأكل بأن يصغر اللقمة ويطيل المضغ ولا يتوسع فإن ذلك عدوان. إلى أن قال:
مسألة:
سئل الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى فقال له قائل: مات أبي وترك مالا وكان يعامل من تكره معاملته فقال تدع من ماله بقدر ما ربح فقال: له دين وعليه دين فقال: تقضي وتقتضي، فقال: أفترى ذلك؟ فقال: أفتدعه محتبسا بدينه؟ وما ذكره صحيح وهو يدل على أنه رأى التحري بإخراج مقدار الحرام؛ إذ قال: يخرج قدر الربح، وأنه رأى أن أعيان أمواله ملك له بدلا عما بذله في المعاوضات الفاسدة بطريق التقابض والتقابل مهما كثر التصرف وعسر الرد وعول في قضاء دينه على أنه يقين فلا يترك بسبب الشبهة.
ويقول شمس الدين محمد بن مفلح في كتابه (الآداب الشرعية) ما نصه:
(فصل في الحلال والحرام والمشتبه فيه وحكم الكثير والقليل من الحرام)
هل تجب طاعة الوالدين في تناول المشتبه وهو ما بعضه حلال وبعضه
حرام؟ ينبني على مسألة تحريم تناوله وفيها أقوال في المذهب.
أحدها: التحريم مطلقا قطع به شرف الإسلام عبد الوهاب في كتابه المنتخب ذكره قبيل باب الصيد. وعلل القاضي وجوب الهجرة من دار الحرب بتحريم الكسب عليه هناك لاختلاط الأموال لأخذه من غير جهته ووضعه في غير حقه. قال الأزجي في نهايته: هو قياس المذهب كما قلنا في اشتباه الأواني الطاهرة بالنجسة، وقدمه أبو الخطاب في الانتصار في مسألة اشتباه الأواني. وقد قال أحمد: لا يعجبني أن يأكل منه. وقال المروذي: سألت أبا عبد الله عن الذي يتعامل بالربا يؤكل عنده قال لا؟ قد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله، وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالوقوف عند الشبهة، وفي الصحيحين عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام (1)» . وفي البخاري عن أنس بن مالك قال: (إذا دخلت على مسلم لا يتهم فكل من طعامه واشرب من شرابه) وعن الحسن بن علي مرفوعا: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك (2)» رواه أحمد والنسائي والترمذي وصححه.
والثاني: إن زاد الحرام على الثلث حرم الأكل وإلا فلا. قدمه في الرعاية لأن الثلث ضابط في مواضع.
والثالث: إن كان الأكثر الحرام حرم؛ وإلا فلا إقامة للأكثر مقام الكل لأن القليل تابع قطع به ابن الجوزي في المنهاج. وذكر الشيخ تقي الدين أنه أحد الوجهين، وقد نقل الأثرم وغير واحد عن الإمام أحمد فيمن ورث مالا ينبغي إن عرف شيئا بعينه أن يرده، وإلا كان الغالب في ماله الفساد تنزه عنه أو نحو هذا، ونقل عنه حرب في الرجل يخلف مالا إن
(1) صحيح البخاري الإيمان (52)، صحيح مسلم المساقاة (1599)، سنن الترمذي البيوع (1205)، سنن النسائي البيوع (4453)، سنن أبو داود البيوع (3329)، سنن ابن ماجه الفتن (3984)، مسند أحمد بن حنبل (4/ 270)، سنن الدارمي البيوع (2531).
(2)
سنن الترمذي صفة القيامة والرقائق والورع (2518)، سنن النسائي الأشربة (5711)، مسند أحمد بن حنبل (1/ 200)، سنن الدارمي البيوع (2532).
كان غالبه نهبا أو ربا ينبغي لوارثه أن يتنزه عنه إلا أن يكون يسيرا لا يعرف، ونقل عنه أيضا هل للرجل أن يطلب من ورثة إنسان مالا مضاربة ينفعهم وينتفع؟ قال إن كان غالبه الحرام فلا.
والرابع: عدم التحريم مطلقا قل الحرام أو كثر وهو ظاهر ما قطع به وقدمه غير واحد لكن يكره، وتقوى الكراهة وتضعف بحسب كثرة الحرام وقلته. قدمه الأزجي وغيره وجزم به في المغني، وعن أبي هريرة مرفوعا:«إذا دخل أحدكم على أخيه المسلم فأطعمه طعاما فليأكل من طعامه ولا يسأله عنه. وإن سقاه شرابا من شرابه فليشرب من شرابه ولا يسأله عنه (1)» رواه أحمد، وروى جماعة من حديث سفيان الثوري عن سلمة بن كهيل عن ذر بن عبد الله عن ابن مسعود أن رجلا سأله فقال: لي جار يأكل الربا ولا يزال يدعوني؟ فقال مهنأة لك وإثمه عليه، قال الثوري إن عرفته بعينه فلا تأكله، ومراد ابن مسعود وكلامه لا يخالف هذا. وروى جماعة من حديث معمر أيضا عن أبي إسحاق عن الزبير بن الحارث عن سلمان قال إذا كان لك صديق عامل فدعاك إلى طعام فاقبله، فإنه مهنأة لك وإثمه عليه. قال معمر وكان عدي بن أرطاة عامل البصرة يبعث إلى الحسن كل يوم بجفان ثريد فيأكل منها ويعلم أصحابه. وبعث عدي إلى الشعبي وابن سرين والحسن فقبل الحسن والشعبي ورد ابن سيرين. قال: وسئل الحسن عن طعام الصيارفة فقال قد أخبركم الله عن اليهود والنصارى أنهم كانوا يأكلون الربا وأحل لكم طعامهم (2) وحول ما يتلف من المنكر ومذاهب العلماء فيه. يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في كتابه (الحسبة في
(1) مسند أحمد بن حنبل (2/ 399).
(2)
انظر كتاب الآداب الشرعية والمنح المرعية جزء (1)، من صفحة 496 إلى ص 502 فالكلام مستوفى هناك.
الإسلام) ما نصه:
مقدار ما يتلف من المنكر ومذاهب العلماء.
وكذلك الذي قام به المنكر في إتلافه. نهي عن العود إلى ذلك المنكر وليس إتلاف ذلك واجبا على الإطلاق، بل إذا لم يكن في المحل مفسد جاز إبقاؤه إما لله وإما أن يتصدق به، كما أفتى طائفة من العلماء على هذا الأصل أن الطعام المغشوش من الخبز والطبيخ والشواء كالخبز والطعام الذي لم ينضج، وكالطعام المغشوش وهو الذي خلط بالردئ وأظهر المشتري أنه جيد أو نحو ذلك يتصدق به على الفقراء فإن ذلك أولى من إتلافه.
وإذا كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه قد أتلف اللبن الذي شيب للبيع فلأن يجوز التصدق بذلك بطريق الأولى فإنه يحصل به عقوبة الغاش وزجره عن العود ويكون انتفاع الفقراء بذلك أنفع من إتلافه.
وعمر أتلفه؛ لأنه يغني الناس بالعطاء فكان الفقراء عنده في المدينة إما قليلا وأما معدومين، ولهذا جوز طائفة التصدق به وكرهوا إتلافه. ففي المدونة عن أنس بن مالك أن عمر بن الخطاب كان يطرح اللبن المغشوش في الأرض أو بالصاحبة، وكره ذلك مالك في رواية ابن القاسم ورأى أن يتصدق به وهل يتصدق باليسير؟ فيه قولان للعلماء وقد روى أشهب عن مالك منع العقوبات المالية وقال:(لا يحل ذنب من الذنوب مال إنسان وإن قتل نفسا) لكن الأول أشهر عنه. وقد استحسن أن يتصدق باللبن المغشوش، وفي ذلك عقوبة الغاش بإتلافه عليه ونفع المساكين بإعطائهم إياه ولا يهراق. قيل لمالك فالزعفران والمسك أتراه مثله؟ قال ما أشبهه بذلك إذا كان هو غشه فهو كاللبن، قال ابن القاسم: هذا في الشيء الخفيف منه، فأما إذا كثر منه فلا أرى ذلك وعلى صاحبه العقوبة لأنه يذهب في ذلك أموال عظام يريد في الصدقة بكثيره. قال
بعض الشيوخ وسواء على مذهب مالك كان ذلك يسيرا أو كثيرا؛ لأنه ساوى في ذلك بين الزعفران واللبن والمسك قليله وكثيره. وخالفه ابن القاسم فلم ير أن يتصدق من ذلك إلا بما كان يسيرا. وذلك إذا كان هو الذي غشه، وأما من وجد عنده شيء من ذلك مغشوش لم يغشه هو إنما اشتراه أو وهب له، أو ورثه فلا خلاف في أنه لا يتصدق بشيء من ذلك. وممن أفتى بجواز إتلاف المغشوش من الثياب ابن القطان قال في الملاحف الرديئة النسج تحرق بالنار، وأفتى ابن عتاب فيها بالتصدق، وقال تقطع خرقا وتعطى للمساكين إذا تقدم إلى مستعمليها فلم ينتهوا، وكذلك أفتى بإعطاء الخبز المغشوش للمساكين فأنكر عليه ابن القطان وقال لا يحل هذا في مال امرئ مسلم إلا بإذنه.
قال القاضي أبو الأصبغ: وهذا اضطراب في جوابه وتناقض في قوله لأن جوابه في الملاحف بإحراقها بالنار أشد من إعطاء هذا الخبز للمساكين، وابن عتاب أضبط في أصله ذلك، وأتبع لقوله.
وإذا لم ير ولي الأمر عقوبة الغاش بالصدقة أو الإتلاف فلا بد أن يمنع وصول الضرر إلى الناس بذلك الغش. إما بإزالة الغش، وإما ببيع المغشوش ممن يعلم أنه مغشوش ولا يغشه على غيره.
قال عبد الملك بن حبيب، قلت لمطرف وابن الماجشون لما نهينا عن التصدق بالمغشوش لرواية أشهب فما وجه الصواب عندكما فيمن غش أو نقص من الوزن؟
قالا: يعاقب بالضرب والحبس والإخراج من السوق، وما كثر من الخبز واللبن، أو غش من المسك والزعفران فلا يفرق ولا ينهب. قال عبد الملك بن حبيب: ولا يرده الإمام إليه وليؤمن ببيعه عليه من يأمن أن يغش به، ويكسر الخبز إذا كثر، ويسلمه لصاحبه، ويباع عليه
العسل، والسمن واللبن الذي يغشه ممن يأكله ويبين له غشه. هكذا العمل فيما غش من التجارات.
قال: وهو إيضاح من استوضحته ذلك من أصحاب مالك وغيرهم.
وقال القاضي أبو الحسين محمد بن أبي يعلى رحمه الله تعالى في كتابه طبقات الحنابلة في ترجمة عبد الله بن محمد بن المهاجر المعروف بفوزان قال عنه:
ومن جملة مسائله قال: سمعت أحمد يقول: إذا اختلط المال وكان فيه حلال وحرام. فالزهري ومكحول قالا إذا اختلط الحلال والحرام فكل هذا عندي من مال السلطان كما قال عليه رحمه الله تعالى (بيت المال يدخله الخبيث والطيب) فمال السلطان يدخله الحلال والحرام، فيوصل إلى الرجل فيأكل منه فأما إذا كان حلالا وحراما من ميراث، أو أفاد رجل مالا حراما وحلالا: فإنه يرد على أصحابه فإن لم يعرفهم ولم يقدر عليهم: تصدق به، فإن لم يعلم كم الحلال والحرام يتصدق بقدر ما يرى أن فيه من الحرام. وأكل الباقي (1).
ومما قاله ابن رجب رحمه الله تعالى في الذيل على الطبقات المذكورة ما نصه:
ومما نقلته من خط السيف بن المجد من فتاوى جده الشيخ موفق الدين وقد سئل عن معاملة من في ماله حرام فأجاب الورع: اجتناب معاملة من في ماله حرام فإن من اختلط الحرام في ماله: صار في ماله
(1) انظر كتاب طبقات الحنابلة للقاضي أبي الحسين محمد بن أبي يعلى، الجزء (الأول)، صفحة 196.
شبهة بقدر ما فيه من الحرام إن كثر الحرام كثرت الشبهة، وإن قل قلت، وذكر حديث «الحلال بين والحرام بين (1)» وأما في ظاهر الحكم: فإنه يباح معاملة من لم يتعين التحريم في الثمن الذي يؤخذ منه؛ لأن الأصل: أن ما في يد الإنسان ملكه. وقد قال بعض السلف بع الحلال ممن شئت يعني إذا كانت بضاعتك حلالا فلا حرج عليك في بيعها ممن شئت، ولكن الورع ترك معاملة من في ماله الشبهات، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:«دع ما يريبك إلى ما لا يريبك (2)»
وقال ابن نجيم - القاعدة الرابعة عشرة- ما حرم أخذه حرم إعطاؤه كالربا ومهر البغي وحلوان الكاهن والرشوة وأجرة النائحة والزامر إلا في مسائل الرشوة؛ لخوف على نفسه أو ماله أو ليسوي أمره عند سلطان أو أمير إلا للقاضي فإنه يحرم الأخذ والإعطاء كما بيناه في شرح الكنز من القضاء وفك الأسير، وإعطاء شيء لمن يخاف هجوه. ولو خاف الوصي أن يستولي غاصب على المال فله أداء شيء ليخلصه كما في الخلاصة. انتهى (3).
وقال الشيخ ملا علي القارئ في كلامه عن التوبة وأركانها: فإن كانت من مظالم الأموال فتتوقف صحة التوبة منها مع ما قدمناه في حقوق الله تعالى على الخروج عن عهدة الأموال وإرضاء الخصم في الحال والاستقبال بأن يتحلل منهم أو يردها إليهم أو إلى من يقوم مقامهم من وكيل أو وارث هذا، وفي القنية رجل عليه ديون لأناس لا يعرفهم من غصوب أو مظالم أو جنايات يتصدق بقدرها على الفقراء على عزيمة القضاء إن وجدهم مع التوبة إلى الله.
ولو صرف ذلك المال إلى الوالدين والمولودين أي الفقراء يصير معذورا
(1) صحيح البخاري الإيمان (52)، صحيح مسلم المساقاة (1599)، سنن الترمذي البيوع (1205)، سنن النسائي البيوع (4453)، سنن أبو داود البيوع (3329)، سنن ابن ماجه الفتن (3984)، مسند أحمد بن حنبل (4/ 270)، سنن الدارمي البيوع (2531).
(2)
انظر الذيل على طبقات الحنابلة لابن رجب، الجزء (الثاني)، صفحة 145.
(3)
انظر كتاب الأشباه والنظائر على مذهب أبي حنيفة، صفحة 158.
فيها أيضا عليه ديون لأناس شتى كزيادة في الأخذ ونقص في الدفع فلو تحرى في ذلك وتصدق بثوب قوم بذلك يخرج عن العهدة، قال: فعرف بهذا أن في هذا لا يشترط التصدق بجنس ما عليه. وفي فتاوى قاضيخان: رجل له حق على خصم فمات ولا وارث له تصدق عن صاحب الحق بقدر ما له عليه ليكون وديعة عند الله يوصلها إلى خصمائه يوم القيامة.
وإذا غصب مسلم من ذمي مالا أو سرق منه فإنه يعاقب به يوم القيامة؛ لأن الذمي لا يرجى منه العفو فكانت خصومة الذمي أشد، ثم هل يكفيه أن يقول: لك علي دين فاجعلني في حل أم لا بد أن يعين مقداره، ففي النوازل رجل له على آخر دين وهو لا يعلم بجميع ذلك، فقال له المديون: أبرئني مما لك علي. فقال الدائن: أبرأتك فقال نصير رحمه الله لا يبرأ إلا عن مقدار ما يتوهم أي يظن أنه عليه، وقال محمد بن سلمة رحمه الله عن الكل قال الفقيه أبو الليث حكم القضاء ما قاله محمد بن سلمة وحكم الآخرة ما قاله نصير، وفي القنية من عليه حقوق فاستحل صاحبها ولم يفصلها فجعله في حل يعذر إن علم أنه لو فصله يجعله في حل وإلا فلا قال بعضهم: إنه حسن وإن روى أنه يصير في حل مطلقا. وفي الخلاصة رجل قال لآخر حللني من كل حق هو لك ففعل فأبرأه إن كان صاحب الحق عالما به برئ حكما بالإجماع، وأما ديانة فعند محمد رحمه الله لا يبرأ، وعند أبي يوسف يبرأ وعليه الفتوى- انتهى، وفيه أنه خلاف ما اختاره أبو الليث، ولعل قوله مبني على التقوى (1).
وقد سئل الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله تعالى هذا السؤال: إذا دخل عليه محرم لكسبه فما الحكم؟ فأجاب بما نصه:
ج: من دخل عليه محرم لكسبه، فلا يخلو من ثلاث حالات: إحداها: أن يكون عن منفعة محرمة استوفاها من انتقل منه المال
(1) كتاب الفقه الأكبر لأبي حنيفة وشرحه للشيخ ملا علي القارئ الحنفي، ص 44ا- 145.
فهنا لا يرد المال لصاحبه، لكن على من كان بيده التصدق به.
الثانية: أن يصل إليه لا عن وجه المعاوضة كالمغصوب فيلزم رده إلى مالكه أو ورثته.
الثالثة: أن يكون بيده مال لغير من يعلمه كالمغصوب والودائع التي جهل أربابها فله دفعها إلى الإمام أو نائبه وله التصدق بها عنهم؛ لعدم إيصال نفع مالهم إليهم إلا في هذه الصورة. فإذا وجد صاحبه أو ورثته بعد ما تصدق بها خيره بين إمضاء ذلك التصرف، أو يكون الأجر لصاحبها الأصيل، وبين أن يرد هذا التصدق، ويكون الأجر للذي تصدق به، ويضمن المال لصاحبه. أما المحرم لذاته كالميتة، فلا يجوز مطلقا (1) كما سئل رحمه الله تعالى هذا السؤال: إذا كان عندك مال مغصوب وتعذر معرفة صاحبه فما الحكم؟ وعلى أي قاعدة ينبني؟ فأجاب بما نصه:
ج: من تعذر عليه معرفة صاحب الشيء يتصدق به عن صاحبه بشرط الضمان، أو يسلمه إلى الحاكم ويبرأ من تبعته، وذلك مثل إذا كان عندك وديعة لإنسان أو مال مغصوب، وتعذر عليك معرفة صاحبه وأيست من ذلك فأنت بالخيار؛ إما أن تعطيها الحاكم؛ لأن الحاكم ينوب مناب الشخص المجهول ويجعلها في المصالح العامة، وإما أن تتصدق بها عن صاحبها وتنوي إذا وجدته خيرته بين أن تقدمها له ويكون لك أجر الصدقة بها أو يمضي ما تصدقت به. ويكون الأجر له (2)
(1) الفتاوى السعدية، الجزء (الأول)، صفحة 434.
(2)
الفتاوى السعدية، الجزء (الأول)، صفحة 430.