الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العذاب إنما هو معلق باسم الإيمان، وأما اسم الإسلام مجردا، فما علق به في القرآن دخول الجنة، لكنه فرضه وأخبر أنه دينه الذي لا يقبل من أحد سواه (1).
ويستخلص المتتبع لاستعمالات الإيمان والإسلام في القرآن الكريم والسنة النبوية " قاعدة استقرائية " وهي أنهما " إذا اجتمعا افترقا، وإذا افترقا اجتمعا ".
أما أنهما إذا اجتمعا افترقا، فمعناه أنهما إذا ذكرا لفظا في سياق واحد كان لفظ الإيمان باقيا على أصل اختصاصه بالاعتقاد والإسلام باقيا على اختصاصه بالعمل. وأما أنهما إن افترقا اجتمعا، فمعناه إذا ذكر أحد اللفظين في معرض المدح والثناء بدون الآخر، ولم تكن هناك قرينة دالة على اختصاص اللفظ بأصل معناه، كان المراد بالمذكور معناه ومعنى صاحبه الذي اقترن به (2).
(1) مجموع فتاوى شيخ الإسلام 7/ 259 - 260، وانظر: ص 375 - 376، شرع العقيدة الطحاوية 294 - 298.
(2)
المختار من كنوز السنة 91 - 95، فتح الباري: لابن حجر 1/ 115.
أصل معنى كلمة " الإسلام
":
وأصل كلمة " الإسلام " هو الاستسلام والخضوع، لأنه من:" استسلمت لأمره "، وهو الخضوع لأمره، وإنما سمي "المسلم" مسلما بخضوع جوارحه لطاعة ربه كما جاء عن الربيع وأبي العالية وسعيد بن جبير في قوله تعالى {بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ} (1) يقول: أخلص له العمل. وكما قال زيد بن عمرو بن نفيل:
وأسلمت وجهي لمن أسلمت
…
له المزن تحمل عذبا زلالا
(1) سورة البقرة الآية 112
يعني بذلك: استسلمت لطاعة من استسلم لطاعته المزن وانقادت له (1).
وجاء تفسير الآية بإخلاص العمل، عن ابن عباس رضي الله عنهما، وكذلك قال مقاتل: هي إخلاص العمل وإخلاص الدين والتوحيد، وقيل إخلاص القصد. وقيل: الخضوع والتواضع.
وقد أمر الله تعالى إبراهيم عليه السلام بالإخلاص له والاستسلام والانقياد، فأجاب إلى ذلك قدرا وشرعا {إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} (2)
وهذه المعاني كلها متقاربة ولا تنافي بينها، وما قد يظهر فيها من خلاف فهو اختلاف تنوع، لا اختلاف تضاد، واختلاف التنوع هذا على نوعين:
أحدهما: أن يعبر كل واحد منهم عن المراد بعبارة غير عبارة صاحبه، تدل على معنى في المسمى غير المعنى الآخر، مع اتحاد المسمى.
والثاني: أن يذكر كل منهم من الاسم العام بعض أنواعه على سبيل التمثيل وتنبيه المستمع على النوع.
(1) تفسير الطبري 2/ 510 - 511، تفسير ابن كثير 1/ 155.
(2)
سورة البقرة الآية 131