الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هو ذلك الدر الذي أودعته
…
في مسمعي أجريته من مدمعي
ومما أنشده لغيره في كتابه الكشاف عند تفسير قوله تعالى في سورة البقرة " إن الله لا يستحي أن يضرب مثلاً ما بعوضة فما فوقها " - البقرة 26 -، فإنه قال: أنشدت لبعضهم:
يا من يرى مد البعوض جناحها
…
في ظلمة الليل البهيم الأليل
ويرى عروق نياطها في نحوها
…
والمخ في تلك العظام النحل
اغفي لعبد تاب من فيطاته
…
ما كان منه في الزمان الأول
قال ابن خلكان: وكان بعض الفضلاء قد أنشدني هذه الأبيات بمدينة حلب، وقال: إن الزمخشري المذكور أوصى أن يكتب على لوح قبره:
آلهي؛ لقد أصبحت ضيفك في الثرى
…
وللضعيف حق عند كل كريم
فهب لي ذنوبي في قراي فإنها
…
عظام، ولا يقرى بغير عظيم
سنة تسع وثلاثين وخمس مائة
فيها أخذ زنكي إلىها من الفرنج. وتوفي تاشفين صاحب المغرب ولد علي بن يوسف بن تاشفين المصمودي البربري الملثم. كانت دولته في ضعف وسفال مع وجود عبد المؤمن، فتحصن، فصعد إليه أصحاب عبد المؤمن، فلما أيقن بآلهلكة ركض فرسه، فتردى إلى البحر، فتحطم وتلف، ولم يبق لعبد المؤمن منازع، فتوجه وأخذ تلمسان. وفيها توفي أبو منصور إلىزاز سعيد بن محمد البغدادي شيخ الشافعية، ومدرس النظامية، تفقه على الغزالي وأسعد الميهني والكيا وألفاشي والمتولي، وروى عن رزق الله التميمي. وفيها توفيت مسندة أصفهان أم البهاء، فاطمة بنت محمد البغدادية الواعظة، روت عن أبي الفضل إلىازي وجماعة. وفيها توفي أبو منصور محمد بن عبد الملك البغدادي المقرىء، مصنف المفتاح والموضع في القراءات العشرة.
وفيها توفي وقيل في التي بعدها توفي أبو منصور موهوب بن أبي طاهر الجواليقي البغدادي الأديب اللغوي. كان إماماً في فنون الأدب، وهو متدين ثقة غزير الفضل، وافي العقل، مليح الخط، كثير الضبط صنف التصانيف المفيدة، وانتشرت عنه مثل شرح أدب ألفاتب وثمة درة الغواص في أوهام الخواص للحريري صاحب المقامات، وسماه: التكملة فيما يلحن فيه الشامة، إلى غير ذلك، وله نوادر كثيرة. وكان إماماً للمقتفي بالله. وما زاده في أول دخوله عليه على قوله: السلام على أمير المؤمنين: ورحمة الله تعالى. فقال له اين التلميذ النصراني - وكان قائماً بين يدي المقتفي، وله ادلال الخدمة والصحبة: ما هكذا يسلم على أمير المؤمنين يا شيخ، فلم يلتفت إليه، وقال للمقتفي: يا أمير المؤمنين، سلامي هو ما جاءت به السنة النبوية، ثم قال: يا أمير المؤمنين؛ لو حلف حالف أن نصرانياً أو يهودياً لم يصل إلى قلبه نوع من أنواع العلم على الوجه، لما لزمته الكفارة، لأن الله تعالى يختم على قلوبهم، ولن يفك ختم الله تعالى إلا الإيمان. فقال: صدقت وأحسنت فيما فعلت. فكأنما ألجم ابن التلميذ بحجر مع فضله وغزارة أدبه. سمع ابن الجواليقي من شيوخ زمانه، وأخذ عنه الناس علماً جما، وينسب إليه قليل من الشعر، من ذلك هذان البيتان، وقال بعض المطلعين: وجدتهما من جملة أبيات لابن الخشاب، وهما:
ورد الورى سلمال جوادك فارتووا
…
ووقفت خلف الورد وقفة حائم
حيران أطلب غفلة من وارد
…
والورد لا يزداد غير تزاحم
قلت: لقد أبدع قائلهما في معناهما، وأجاد وبالغ في مدحه بما تضمنه هذا الإنشاد. وحكى اسماعيل بن الجواليقي المذكور قال: كنت في حلقة والدي يوم الجمعة بعد الصلاة بجامع القصر - والناس يقرؤون عليه - فوقف عليه شاب وقال: يا سيدي؛ قد سمعت ببيتين من الشعر، ولم أفهم معناهما، وأريد أن تسمعهما مني، وتعرفني معناهما. فقال: قل، فأنشد.
وصل الحبيب جنان الخلد أسكنها
…
وهجرة الناس تصليني بها النارا
فالشمس بالقوس أمست وهي نازلة
…
إن لم يزرني وبالجوزاء إن زارا
فلما سمعهما والدي قال: يا بني؛ هذا شيء من معرفة علم النجوم، وتسييرها لأمر صنعه أهل الأدب، قال: فانصرف ألفاب من غير حصول فائدة، فاستحي والدي من أن