الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم أنشد بعد دلك:
كانت مساءلة إلىكبان تخبرني
…
عن جعفر بن فلاح أحسن الخبر
حتى التقينا فلا والله ما سمعتأذني بأحسن مما قد رأى بصري
فقال العلامة الزمخشري: روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه لما قدم إليه زيد الخيل قال له: " يا زيد، ما وصف لي أحد في ألفاهلية ولا في الإسلام إلا رأيته دون ما وصف لي غيرك ". قال ابن الأنباري: فخرجنا من عنده، ونحن نعجب كيف يستشهد الشريف بالشعر، والزمخشري بالحديث، وهو رجل أعجمي، هذا معنى كلام ابن الأنباري، وكان أبو السعادات المذكور نقيب ألفالبين بالكرخ نيابة عن ولده، وله شعر حسن، من ذلك قوله:
هذه السديرة والغدير ألفافح
…
فاحفظ فؤادك إنني لك ناصح
يا سدرة الوادي الذي إن ضله
…
ألفاري هداه نشرها المتفاوح
هل عايد قبل الممات لمغرم
…
عيش تقضى في ظلالك صالح
شط المنار به ونوئي منزلاً
…
بصميم قلبك فهو دان نازح
غصن تعطفه النسيم وفوقه
…
قمريحف به ظلام طايح
ولقد مررنا بالعقيق فشاقنا
…
فيه مراتع للمها ومسارح
ظللنا به نبكي، فكم من مضمر
…
وجداً أذاع هواه دمع سافح
قلت ضله ألفاري رأيته الصواب، وفي الأصل المنقول منه: الوادي، ثم وجدته في نسخه أخرى كما ذكرت من الصواب. وهذه أبيات من قصيدة له في مدح الوزير المظفر بن علي الملقب بنظام الدين.
سنة ثلاث واربعين وخمس مائة
في ربيع الأول منها نازل الفرنج دمشق في عشرة آلاف فارس وستين ألف راجل، فخرج المسلمون من دمشق، وكانوا مائة وثلاثين ألف راجل وعسكر البلد، فاستشهد نحو مائتين، ثم برزوا في اليوم الثاني، فاستشهد جماعة، وقتل من الفرنج عدد كثير. فلما كان في اليوم الشامس وصل غازي وأخوه نور الدين في عشرين ألفا إلى حماه. وكان أهل دمشق في الاستغاثة والتضرع إلى الله تعالى، وأخرجوا المصحف العثماني إلى صحن الجامع، وضج النساء والأطفال مكشفين إلىؤوس، وصدقوا الافتقار إلى الله عز وجل
فأغاثهم، وركب قسيس الفرنج، وفي عنقه صليب وفي يديه صليب، وقال: أنا قد وعدني المسيح أن آخذ دمشق، فاجتمعوا حوله، وحمل على البلد، فحمل عليه المسلمون فقتلوه - لعنة الله تعالى - وقتلوا حماره، وأحرقوا الصلمان، ووصلت النجدة، فانهزمت الفرنج، وأصيب منهم خلق. وفيها توفي أبو الحسن علي بن أبي الوفاء المعروف بابن مسهر الموصلي. كان شاعراً بارعاً رئيساً مقدماً، يمدح الخلفاء والملوك والأمراء. وله ديوان شعر في مجلدين، ومن شعره في صفة الخيل.
سود حوافيها بيض حجافلها
…
صبح تولد بين الصبح والغسق
من طول ما وطئت ظهر الدجى حنتاوطول ما كرعت من منهل الفلق
ومنها في صفة الفهد:
والشمس مذ لقبوها بالغزالة
…
أعطته إلىشا حسداً من لونها اليقق
ويعطيه حباً كي يسالمها
…
على المنايا نعاج إلىمل بالحدق
هذا ولم يبرزا مع سلم
…
جانبه يوماً لناظره إلا على فيق
وهذه الأبيات مع جودتها مأخوذة من أبيات الأمير المعروف بابن السراج الصوري. ولابن مسهر أيضاً في بعض الرؤساء:
ولما اشتكيت اشتكى كل ما
…
على الأرض واعتل شرق وغرب
لأنك قلب لجسم الزمان
…
وما صح جسم إذا اعتل قلب
ومن غريب الاتفاق ما حكى أبو الفتح بن أبي الغنائم أنه رأى في منامه منشداً ينشد:
وأعجب من صبر القلوص التي سرت
…
بهودجك المنموم أنى استقلت
وأطبق أحناء الضلوع على جوى
…
جميع وصبر مستحيل مشتت
قال أبو الفتح: فلما انتبهت مكثت مدة أسائل عن قائل هذين البيتين، فلم أجد عنه مخبراً، ثم اتفق بعد سنين نزول ابن مسهر المذكور في ضيافتي، فتجارينا في بعض اللمالي ذكر المنامات، فذكرت له المنام الذي رأيته والبيتين فقال: أقسم بالله أنهما من شعري، من جملة قصيدة منها:
إذا ما لمان الدمع نم على الهوى
…
فليس بشر ما الضلوع أحنت
فوالله ما أدري عشية ودعت
…
أناحت حمامات النوى أم تغنت؟
وأعجب من صبر القلوص التي سرتبهودجك المنموم أنى استقلت
أعاتب فيك اليعملات على النوى
…
وأسأل عنك الريح من حيث هبت
وألصق أحناء الضلوع على جوى
…
جميع وصبر مستحيل مشتت
قال: فلما أنشدنا هذه الأبيات إلىقاق عجبنا من هذا الاتفاق. وفيها توفي أبو إسحاق الغنوي ابراهيم بن محمد بن نبهان إلىقي الصوفي الفقيه الشافعي. تفقه على الإمام حجة الإسلام الغزالي وغيره، وسمع رزق الله التميمي، وكان ذا سمت وعبادة، وهو راوي خطيب ابن نباتة. وفيها توفي محدث بغداد ومفيدها المبارك بن كامل الخفاف، وكان فقيراً متعففاً. وفيها وقيل في التي تليها: توفي الفقيه الإمام الحافظ أبو بكر محمد بن عبد الله المعروف بابن العربي المعافيي الأندلسي الأشبيلي، رحل إلى المشرق، ودخل الشام، ولقي بها الإمام محمد بن الوليد الطرطوشي، وتفقه عنده، ودخل بغداد، وسمع بها من جماعة، ثم دخل الحجاز فحج، ثم عاد إلى بغداد، وصحب الإمام أبا حامد الغزالي والإمام أبا بكر ألفاشي وغيرهما من العلماء والأدباء، ثم صدر عنهم ولقي بمصر والاسكندرية جماعة من المحدثين، فكتب عنهم، واستفاد منهم. ثم عاد إلى الأندلس، ثم قدم إلى اشبيلية بعلم كثير، ولم يدخل أحد قبله إلى المشرق من علماء المغرب في إلىحلة للعلم، وكان من أهل اليقين في العلوم والاستخبار والجمع لها، عارفاً متكلماً في أنواعها باقدامها حريصاً على نشرها، ثاقب الذهن في تمييز الصواب منها، مع آداب وأخلاق وحسن معاشرة، وكرم نفس. واستقضي ببلده، فنفع الله تعالى به أهلها لإبرام أمره ونفوذ أحكامه، وكان له في الظالمين صولة مرهوبة، ثم صرف عن القضاء، وأقبل على نشر العلم. وله مصنفات منها كتاب عارضة الأحوذي في شرح الترمذي كذا هو في الأصل المنقول منه قال: وألفارضة: القدرة على الكلام، يقال فلان شديد ألفارضة إذا كان ذا قدرة على الكلام، والأحوذي: الخفيف في الشيء لحذقه، وقال الأصمعي: المستمر في الأمور القاهرة لها. وفيها توفي أبو الدر ياقوت إلىومي عتيق بن الخباري. حدث بدمشق ومصر وبغداد. وفيها توفي أبو الحجاج الفندلاوي يوسف بن دوناس المغربي ألفالكي. كان فقيهاً