الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عألفا صألفا حلو المجالسة، شديد التعصب للأشعرية، صاحب حط على الحنابلة. قتل في سبيل الله في حصار الفرنج بدمشق، مقبلاً غير مدبر بالذيروز، وقبره يزار بمقبرة باب الصغير. وفيها قتل شاهنشاه ابن نجم الدين أيوب، في الوقعة التي اجتمع فيها الفرنج سبع مائة ألف ما بين فارس وراجل - على ما قيل - وتقدموا، إلى باب دمشق، وعزموا على أخذ بلاد المسلمين قاطبة، فنصر الله عليهم المسلمين - ولله الحمد -.
سنة أربع وأربعين وخمس مائة
فيها توفي القاضي أحمد بن محمد الأرجاني - بفتح آلهمنة وكسر إلىاء مع خلاف في تشديدها وتخفيفها وبعدها جيم - له شعر رائق، وكان قاضي تستر. وهو وإن كان في العجم ففي العرب محتدة. وكان فقيهاً شاعراً. وفي ذلك قوله:
أنا أشعر الفقهاء غير مدافع
…
في العصر أو أنا أفقه الشعراء
شعري إذا ما قلت دونه الورى
…
بالطبع لا بتكلف الالماء
كالصوت في قلل الجبال إذا عل
…
للسمع هاج تجاوب الأصداء
قلت: ليس في الأصل المنقول منه قلل، بل لفظ آخر معناه غير مفهوم. ومن شعره:
لوكنت أجهل ما علمت لسرني
…
جهلي كما قد ساءني ما أعلم
كالصعو يرتع في الرياض وإنما
…
حبس آلهزار لأنه يترنم
والصعوة بالصاد المهملة، وآلهزار بالزاي المعجمة: طائران. ومنه:
شاور سواك إذا نابتك نائبة
…
يوماً وإن كنت من أهل المشورات
فالعين تنظر منها ما دنا ونأى
…
ولا ترى نفسها إلا بمرآة
ومنه:
أنحو كم ويرد وجهي القهقرى
…
عنكم، فسيري مثل سير الكوكب
فالقصد نحو المشرق الأقصى لكم
…
والسير رؤي العين نحو المغرب
ومنه:
أحب المرء ظاهره جميللصاحبه وباطنه سليم
مودته تدوم لكل هول
…
وهل كل مودته تدوم؟
وهذا البيت الأخير يقرأ معكوساً، أعني: من آخره إلى أوله، ولا يتغير شيء من لفظه، ولا من معناه، وله ديوان شعر فيه كل معنى لطيف. وفيها توفي أبو المحاسن أسعد بن علي بن الموفق آلهروي الحنفي العبد الصالح، راوي الصحيح وألفارمي. وفيها توفي الحافظ لدين الله أبو الميمون عبد المجيد بن محمد العبيدي الرافضي صاحب مصر. وفيها توفي القاضي الإمام العلامة أبو الفضل عياض بن موسى بن عياض بن موسى ابن عياض اليحصبي، أحد الحفاظ الأعلام. سمع من أبي علي بن سكرة، وأبي محمد بن غياث وطبقتهما، وأجاز له أبو علي الغساني، وولي قضاء سبتة مدة ثم قضاء غرناطة، وصنف التصانيف الجليلة المفيده، منها: الإكمال في شرح صحيح مسلم، كمل به: المعلم في شرح مسلم للإمام ألفازري. ومنها: الشفا في تعريف حقوق المصطفى. ومشارق الأنوار في تفسير غريب الحديث. وكان إمام وقته في الحديث وعلومه والنحو واللغة، وكلام العرب وأيامهم وأنسابهم، وهو من أهل اليقين في العلوم والذكاء. وله شعر حسن: ومنه قوله:
الله أعلم أني منذ لم أركم
…
كطائر خانه ريش الجناحين
فلو قدرت ركبت البحر نحوكم
…
فإن بعدكم عني جني حيني
والحين بفتح الماء: آلهلاك، وبالكسر: الوقت. وفيها توفي الحافظ المقدسي أبو الحسن علي بن أبي المكارم الاسكندارني ألفالكي، كان فقيهاً فاضلاً، من أكابر الحفاظ المشاهير في الحديث وعلومه، صحب الحافظ أبا طاهر السلفي. وفيها توفي الحافظ زكي الدين عبد العظيم المنذري، ولازمه وانتفع به ابن خلكان. وأنشدني أبو الحسن المقدسي المذكور لنفسه:
أيا نفس بألفاثور عنخير مرسلوأصحابه وألفابعين تمسكي
عساك إذا بالغت في نشر دينه
…
بما طاب من نشر له أن تمسكي
وخافي غداً يوم الحساب جهنماً
…
إذا لفحت نيرانها أن تمسك
قلت: وبيان الجناس في هذه القوافي الثلاث واختلاف معانيها أن الأولى من التمسك، والثانية من التطيب بالمسك، والثالثة من: مسه يمسه. قال: وأنشدني أيضاً لنفسه رحمة الله تعالى عليه:
ولمياء تحيي من تحيي بريقها
…
كأن مناج إلىاح بالمسك فيها
وما ذقت فاهاً غير أني رويته
…
عن الثقة المسواك، وهو موافيها
هذا المعنى مستعمل، ومنه قول الآخر:
وأخبرني أترابها أن ريقهاعلى ما حكى عود الأراك لذيذ
وقول الآخر:
يا أطيب الناس ريقاً غير مختبر
…
إلا شهادة أطراف المساويك
وفيها توفي يوسف الدين غازي بن عماد الدين زنكي بن آقسنقر صاحب الموصل ملك غازي المذكور الموصل بعد أن كان مقطعاً شهرزو، من جهة السلطان محمود السلجوقي، وكذلك ما كان لأبيه من ديار ربيع، وترتيب أحوآله، وأخذ أخوه نور الدين محمود حلب وما والاها من بلاد الشام، ولم تكن دمشق يومئذ لهم، وكان غازي المذكور منطوياً على خير وصلاح، يحب العلم وأهله، وبنى بالموصل المدرسة المعروفة بالعتيقة، ولم تطل مدته في المملكة.
سنة خمس وأربعين وخمس مائة
فيها أخذت العربان ركب العراق، وأخذ للماتون - أخت السلطان مسعود - ما قيمته مائة ألف دينار، وتمنق الناس. ومات خلق جوعاً وعطشاً. وفيها نازل نور الدين دمشق وضايقها، ثم خرج إليه صاحبها مجير الدين، ووزيره ابن الصوفي، فخلع عليهما، ورد إلى حلب - ونفوس الناس قد أحبته لما رأوا من دينه -.