الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
، والشهرزوري نسبة إلى شهرزور: بلدة كبيرة من أعمال إربل، قيل: فيها مات الإسكندر ذو القرنين عند عوده من بلاد المشرق. وحكى الخطيب في تاريخ بغداد أن الإسكندر جعل مدائن كسرى دار إقامته، ولم يزل
بها إلى أن توفي، فحمل تابوته إلى الإسكندرية، لأن أمه كانت مقيمة هناك، فدفن عندها والله أعلم. قلت: يعني أن موضع إقامته كان في الموضع الذي خلقه فيه كسرى. وفي السنة المذكورة توفي الحافظ مفيد بغداد: محمد بن أحمد المعروف بابن الخاضبة. روى عن أبي بكر الخطيب وغيره، ورحل إلى الشام، وسمع من طائفة، وكان محبباً إلى الناس كلهم، لدينه وتواضعه، ومروءته، ومسارعته في قضاء حوائج الناس، مع الصدق والورع، والصيانة التامة وطيب القراءة قال ابن طاهر: ما كان في الدنيا أحد أحسن قراءة منه، وقال غيره: ما رأيت في المحدثين أقوم باللغة من ابن الخاضبة. وفيها توفي الإمام العلامة أبو المظفر السمعاني: منصور بن محمد التميمي المروزي الحنفي ثم الشافعي، شرع على والده منصور في المذهب، وسمع أبا غانم الكراعي وطائفة، وكان إمام عصره بلا مدافعة، أقر له بذلك الموافق والمخالف، وكان حنفي المذهب، متعيناً عند أئمتهم، فلما حج ظهر له بالحجاز ما اقتضى انتقاله إلى مذهب الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه فلما عاد إلى مرو، لقي بسبب انتقاله محناً وتعصباً عظيماً، فعبر على ذلك، فصار إماماً للشافعية بعد ذلك، يدرس ويفتي. وصنف في مذهب الشافعي وغيره من العلوم تصانيف كثيرة، منها منهاج أهل السنة والانتصار والرد على القدرية وغيرها، وصنف في الأصول والقواطع. وفي الخلاف والبرهان يشتمل على قريب من ألف مسألة خلافية. والأوسط والاصطلام رد فيه على أبي زيد الدبوسي، وأجابه من الأسرار التي جمعها، وله تفسير القرآن العزيز كتاب نفيس. وجمع في الحديث ألف حديث عن مائة شيخ، وتكلم عليها فأحسن، وله وعظ مشهور بالجودة. والسمعاني نسبة إلى سمعان بفتح السين المهملة وهو بطن من تميم، وقيل: يجوز بكسر السين أيضاً.
سنة تسعين واربع مائة
فيها قتل الأرسلان ابن السلطان وألب أرسلان السلجوقي. وفيها التقى الأخوان
دقاق ورضوان ابنا تتش بقنسرين، فانكسر دقاق، ونهب عسكره، ثم تصالحا على أن يقدم أخاه في الخطبة بدمشق. وفيها أقام رضوان بحلب دعوة العبيديين، وخطب للمستعلي الباطني، ثم بعد أشهر
أنكر عليه صاحب أنطاكية وغيره، فأعاد الخطبة العباسية. وفيها توفي أبو يعلى أحمد بن محمد البصري الفقيه المعروف بابن الصواف شيخ مالكية العراق، وله تسعون سنة، وكان علامة زاهداً مجداً في العبادة، عارفاً بالحديث. قال بعضهم: كان إماماً في عشرة أنواع من العلوم. توفي في رمضان. وفيها توفي أبو الفتح عبدوس بن عبد الله بن عبدوس، رئيس همدان ومحدثها. سمع من محمد بن أحمد بن حمدويه الطوسي، وروى عنه الإمام أبو زرعة. وفيها توفي الفقيه الإمام، العالي المقام، الصالح المشهور، مفتي الأنام، الفقيه الزاهد، الورع العابد، ذو المناقب العديدة، والسيرة الحميدة أبو الفتح شيخ الشافعية بالشام نصر بن ابراهيم المقدسي النابلسي، صاحب التصانيف، قال علماء التاريخ: كان إماماً علامة، مفتياً محدثاً، حافظاً زاهداً، متبتلاً ورعاً، كثير القدر عديم النظير. قال الحافظ أبو القاسم ابن عساكر: درس العلم ببيت المقدس، ثم انتقل إلى صور، فأقام بها عشر سنين ينشر العلم، مع كثرة المخالفين له من الرافضة، ثم انتقل منها إلى دمشق، فأقام بها سبع سنين يحدث، ويدرس، ويفتي على طريقة واحدة من الزهد في الدنيا والتنزه عن الدنايا، والجري على منهاج السلف من التقشف وتجنب السلاطين، ورفض الطمع، والاجتزاء باليسير، مما يصل إليه من غلة أرض كانت له، يأتيه منها ما يقتاته، فيخبز له كل ليلة قرصة بجانب الكانون، ولا يقبل من أحد شيئاً. قال وسمعت من يحكي أن تاج الدولة ابن ألب أرسلان زاره يوماً، فلم يقم له، وسأله عن أجل الأموال التي يتصرف بها السلطان، فقال: أجلها أموال الجزية، وخرج من عنده فأرسل إليه بمبلغ من المال، وقال: هذا من مال الجزية، ففرقه على الأصحاب، فلم يقبله، وقال: لا حاجة بنا إليه. فلما ذهب الرسول لامه بعض الفقهاء، وقال: قد علمت حاجتنا إليه، فلو كنت قبلته، وفرقته فينا، فقال له: لا تجزع من فوته، فسوف يأتيك من الدنيا ما