الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحماسة وشرح ديوان المتنبي وشرح المعلقات السبع، وله تهذيب غريب الحديث وتهذيب إصلاح المنطق ومقدمات حسنة في النحو، وكتاب الكافي في علم العروض والقوافي، وشرح سقط الزند للمعري، وله الملخص في إعراب القرآن في أربع مجلدات، ودرس الأدب في حنش نظامية بغداد، ودخل مصر، فقرأ عليه ابن بابشاذ شيئاً من اللغة. وفيها توفي محمد بن عبد الكريم بن حشيش البغدادي رحمه الله تعالى.
سنة ثلاث وخمس مائة
في ذي الحجة منها أخذت الفرنج طرابلس بعد حصار سبع سنين، وكان المدد يأتيها من مصر في البحر. وفيها أخذوا بانياس. وفيها أخذ صاحب أنطاكية طرطوس وحصن الأكراد. وفيها توفي أبو بكر أحمد بن المظفر بن سوسن رحمه الله. وفيها توفي الحافظ أبو الفتيان عمر بن عبد الكريم الرواسي، طوف خراسان والعراق والشام ومصر، وكتب عن الصابوني وطبقته.
وفيها توفي أبو سعد المطرز بن محمد الأصبهاني في نيف وتسعين سنة، سمع الحسين ابن ابراهيم وأبا علي غلام محسن وغيرهما، وهو أكبر شيخ للحافظ أبي موسى المديني، سمع منه حضوراً.
سنة أربع وخمس مائة
فيها أخذت الفرنج بيروت بالسيف، ثم أخذوا صيدا بالأمان، وأخذ صاحب أنطاكية بعض الحصون، وعظم المصاب، وتوجه خلق كثير من المطوعة يستصرخون الدولة ببغداد على الجهاد، واستغاثوا، وكسروا منبر جامع السلطان، وكثر الضجيج، فشرع السلطان في أهبة الغزو.
وفيها توفي أبو الحسين الخشاب يحيى بن علي بن الفرج المصري، شيخ الإقراء با لروايات. وفيها توفي اسماعيل بن أبي الحسين عبد الغافر بن محمد الفارسي، ثم النيسابوري. وأبو يعلى حمزة بن محمد بن علي البغدادي أخو طراد الزينبي. وفيها توفي أبو الحسن علي بن محمد بن علي الطبري الفقيه الشافعي، المعروف بألكيا، بكسر الكاف وفتح المثناة من تحت والتخفيف وبعدها ألف، وهي في اللغة العجمية الكبير القدر المقدم بين الناس، كان من أهل طبرستان، فخرج إلى نيسابور، وتفقه على إمام الحرمين أبي المعالي الجويني مدة إلى أن برع، وكان حسن الوجه جهوري الصوت فصيح العبارة حلو الكلام، وخرج من نيسابور إلى بيهق، ودرس بها مدة، ثم خرج إلى العراق، وتولى التدريس بالنظامية ببغداد إلى أن توفي. ذكره الحافظ عبد الغافر بن اسماعيل الفارسي وقال: كان من درس معيداً إمام الحرمين في الدروس، وكان ثاني أبي حامد الغزالي، بل أرجح منه في الصوت والمنظر، ثم اتصل بخدمة الملك بركيا روق - بالموحدة قبل الراء والمثناة من تحت بين الكاف والراء مكررة قبل الكاف والواو ابن ملك شاه السلجوقي، وحظي عنده بالمال والجاه، وارتفع شأنه، وتولى القضاء بتلك الدولة، وكان يستعمل الأحاديث في ميادين الكفاح إذا طارت رؤوس المقاييس في مهاب الرياح. قال الحافظ أبو طاهر السلفي: استفتيت شيخنا أبا الحسن المعروف بالكيا، وقد جرى بيني وبين الفقهاء كلام في المدرسة النظامية - ما يقول الإمام - وفقه الله تعالى - في رجل أوصى بثلث ماله للعلماء والفقهاء، هل يدخل كتبة الحديث تحت هذه الوصية أم لا؟ فكتب الشيخ تحت السؤال: نعم، كيف لا؟ وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم " من حفظ على أمتي أربعين حديثاً من أمر دينها بعثه الله تعالى يوم القيامة فقيهاً عالماً " انتهى. قلت الظاهر - والله أعلم إنه محمول على ما إذا عرف معنى الحديث وأحكامه، وإلا فلا يدخل في الوصية، وقد وقفت بعد قولي هذا على ما يؤيده - والحمد لله تعالى - وهو ما نص عليه الإمام الرافعي، وقرره الإمام النووي في الروضة، قال: فيما إذا أوصي للعلماء لا يدخل فيهم الذين يسمعون الحديث، ولا علم لهم بطرقه، ولا بأسماء الرواة، ولا بالمتون، فإن السماع المجرد ليس بعلم. توفي رحمه الله تعالى يوم الخميس مستهل السنة المذكورة، ودفن في تربة الشيخ أبي إسحاق الشيرازي، وحضر دفنه الشريف أبو طالب الزينبي وقاضي القضاة أبو الحسن
الدامغاني، وكانا مقدمي الطائفة الحنفية، وكان بينه وبينهما مناقشة، فوقف أحدهما عند رأسه والآخر عند رجليه، فقال أبو الحسن الدامغاني متمثلا:
وما تغني النوادب والبواكي
…
وقد أصبحت مثل حديث أمس
وأنشد الزينبي متمثلاً:
عقم النساء فما يلدن شبيهه
…
إن النساء بمثله عقم
وكان في خدمته بالمدرسة النظامية ابراهيم بن عثمان الغزي الشاعر المشهور، فرثاه بأبيات منها قوله:
هي الحوادث لا تبقي ولا تذر
…
ما للبرية عن محتومها وزر
لو كان ينجي علو من بوائقها
…
لم تكسف الشمس، بل لم يخسف القمر
قل للجبان الذي أمسى على حنر
…
من الحمام متى رد الردى الحدر؟
بكى على شمسه الإسلام إذ أفلت
…
بأدمع قل في تشبيهها المطر
حبر عهدناه طلق الوجه مبتسماً
…
والبشر أحسن ما يلقى به البشر
لئن طوته المنايا تحت أخمصها
…
فعلمه الجم في الآفاق منتشر
أخا ابن إدريس كنت تورده
…
تحار في نظمه الأذهان والفكر
وكان قد سئل في حياته عن يزيد بن معاوية، فقدح فيه، وشطح، وكتب فصلاً طويلاً، ثم قلب الورقة، وكتب: لو مددت بياض لمددت العنان في مجازي هذا الرجل، وقال: هذا الإنسان، وكتب: فلان ابن فلان. قال ابن خلكان: وقد أفتى الإمام أبو حامد الغزالي رحمه الله تعالى في مثل هذه المسألة بخلاف ذلك، فإنه سئل عمن صرح بلعن يزيد، هل يحكم بفسقه، أم هل يكون ذلك مرخصاً فيه؟ وهل كان مريداً قتل الحسين رضي الله تعالى عنه أم كان قصده الدفع؟ وهل يسوغ الترحم عليه، أم السكوت أفضل أنعم بإزالة الاشتباه مثاباً؟ فأجاب: لا بجوز لعن مسلم أصلاً، ومن لعن مسلماً فهو الملعون، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:" المسلم ليس بلعان " لما وكيف يجوز لعن مسلم، ولا يجوز لعن البهائم؟ - وقد ورد النهي عن ذلك - وحرمة المسلم أعظم من حرمة الكعبة، بنص النبي صلى الله عليه وآله وسلم ويزيد صح إسلامه، وما صح قتله للحسين، ولا أمره به، وما لم يصح منه ذلك لا يجوز أن يظن ذلك به، فإن إساءة الظن بالمسلم حرام، وقد قال الله